حصار خانق.. "تكية جباليا" عاجزة عن دفع المجاعة شمال غزة (تقرير)
ـ خلال الأيام الماضية قلصت التكية عملها نتيجة شح المواد الغذائية وتبعها دقيق القمح الذي خلت منه الأسواق ـ التكية كانت تقدم طعاما لآلاف الأشخاص يوميا لكنها باتت تعد وجبات تكفي لعشرات الأشخاص فقط

Gazze
غزة / الأناضول
تبدو مظاهر الجوع الشديد واضحة في ملامح ووجوه وأجساد النازحين الذين يتزاحمون أمام تكية مخيم جباليا شمالي قطاع غزة، للحصول على وجبات طعام ساخنة مجانا.
كل فرد من النازحين الذين اصطفوا أمام التكية يحمل طبقاً بلاستيكيًا أو معدنيًا بانتظار دوره في الحصول على طعام من قدور الأرز الساخنة لسد رمق عائلاتهم التي أنهكها الجوع.
وخلال الأيام الماضية قلصت التكية عملها نتيجة شح المواد الغذائية وتبعها دقيق القمح الذي خلت منه الأسواق ليتجه الفلسطينيون إلى طحن حبوب الذرة والشعير المخصصة لصناعة أعلاف الحيوانات.
وكانت التكية تقدم كميات من الأرز أو العدس تكفي لآلاف الأشخاص يومياً لكنها باتت تعد وجبات تكفي لعشرات الأشخاص فقط، ما يفاقم كارثة الجوع في شمالي القطاع.
** الأطفال جوعى
وكان التعب والإرهاق يبدوان على النازحة سوسن النجار (35 عامًا)، وهي تحاول الحصول على الطعام من التكية لأطفالها الجوعى.
وتقول النجار لمراسل الأناضول: "لا يتوفر لدينا دقيق أو طعام ونلجأ إلى طحن العلف لعجنه وخبزه، وإطعام أطفالنا. لم تعد هذه الحياة سهلة".
وتكمل حديثها بالإشارة إلى أوضاع سكان شمالي القطاع: "كنا نأكل الأرز، وبقينا على ذلك فترة طويلة، والآن سعر الأرز ارتفع 5 أضعاف ولم نعد قادرين على شرائه، ودقيق القمح مفقود ودقيق الذرة والشعير مرتفع الثمن بشكل كبير وطعمه سيئ".
وتضيف والدمع في عينها: "لم أجد شيئا لأطعم أطفالي، وأصبحوا ينامون جوعى، ومن ثم لجأنا إلى التكية للحصول على أي وجبات تسد جوعهم".
وتشير إلى أن التكية لم تعد تقدم وجبات كافية يومياً كما كانت سابقا وقد تغلق أبوابها في أي وقت.
ويكلف شراء كيلوغرامين من الدقيق في حال توفره 60 شيكلا (نحو 16 دولارا)، وهو ما لا تستطيع النجار توفيره في ظل استمرار العدوان وعدم توفر أي دخل للعائلة التي قُتل معيلها في غارة إسرائيلية استهدفت منزلهم في بداية الحرب.
** حصار خانق
ويحاول النازح إلى مخيم جباليا وسام أبو عودة (43 عاما) وهو من سكان بيت حانون شمالي قطاع غزة، الحصول على وجبة طعام من التكية المقامة في أحد مدارس المخيم.
وبدت مظاهر الإعياء واضحة على ملامح وجه أبو عودة المصاب بمرض السرطان، أثناء وقوفه بين جموع النازحين في مخيم جباليا.
ويقول لمراسل الأناضول: "نحن نتواجد في مدارس وكالة أونروا في مخيم جباليا، النازحون منهكون جدًا من الجوع، فقد مضت 3 أشهر ولا يوجد طعام أو مياه أو كهرباء أو اتصالات أو أي من مقومات الحياة الأساسية".
وبينما كان يتحدث عن ظروف الحصار الخانق على شمال القطاع وتأثيراته على الواقع الإنساني، أشار إلى أن طفله البالغ من العمر عامين ونصف عام يرقد على سرير المرض في مستشفى كمال عدوان في بيت لاهيا من قلة التغذية ونقص الطعام.
ويضيف: "لا يوجد أي مقومات للحياة شمال قطاع غزة في ظل استمرار هذه الحرب المدمرة، والنازحون يعانون من أوضاع إنسانية صعبة بسبب قلة الطعام والشراب".
ويتابع حديثه بحرقة: "لم تصلنا أي مساعدات إغاثية منذ الهدنة الإنسانية الماضية بفعل الحصار الذي يفرضه الجيش الإسرائيلي على غزة والشمال".
ويستهجن المريض أبو عودة عدم توفر العلاجات اللازمة في مستشفيات غزة والشمال، جراء قطع إسرائيل للإمدادات الطبية ومنع وصول الأدوية والمعدات اللازمة واستهداف المشافي بشكل متعمد.
ويطالب النازح الفلسطيني العالم بفك الحصار الظالم عن غزة والشمال والضغط على جميع الأطراف لوقف إطلاق النار وإغاثة السكان والنازحين بشكل عاجل.
** لا نجد رغيف الخبز
ويسجل الصحفي حسام شبات شهادته بشأن المجاعة الضاربة في شمال قطاع غزة، في مدونته الشخصية.
ويقول شبات: "الوضع الكارثي الذي لا يوصف هنا، صحيح أنني أصوّر الأحداث، ولكن ألم الجوع الذي يلمّ بالأطفال، وقرقرة البطن وشكواه من الجوع لا يمكن لأي كاميرا التقاطها".
ويضيف: "تراجع تصعيد الجيش وعدوانه وخفت حدّته على شمال قطاع غزة ولكنه لم ينتهِ بالكامل فالقصف مستمر، والمعاناة تتجدد بعد القصف، والجانب الأبرز لها الجوع الذي يعم المنطقة".
ويتابع: "بتنا لا نجد رغيفا أو طحينا للمواطنين، والماء غير موجود، الطواقم الطبية قتلت واعتقلت أو نزحت، وتوقفت الخدمات الطبية تقريبًا".
ولمواجهة أجواء المجاعة التي يمر بها شمال القطاع، ذكر المكتب الإعلامي الحكومي في غزة أن محافظتي غزة والشمال بحاجة إلى ألف و300 شاحنة غذاء يوميا للخروج من حالة الجوع، بواقع 600 شاحنة للشمال و700 لغزة، فيما تمنع إسرائيل وصول أي من هذه المساعدات إلى المدينتين.
الأخبار المنشورة على الصفحة الرسمية لوكالة الأناضول، هي اختصار لجزء من الأخبار التي تُعرض للمشتركين عبر نظام تدفق الأخبار (HAS). من أجل الاشتراك لدى الوكالة يُرجى الاتصال بالرابط التالي.