بعد إصابته بغزة.. طبيب فلسطيني يعالج في تركيا ويحلم بالعودة لمهنته (تقرير)
الطبيب الفلسطيني على النويري فقد عائلته وقدرته على المشي جراء قصف إسرائيلي استهدف منزلهه..

Ankara
أنقرة/ أيلول آشقن أقجاي/ الأناضول
** الطبيب الفلسطيني على النويري فقد عائلته وقدرته على المشي جراء قصف إسرائيلي استهدف منزلهه..** النويري للأناضول:
- أود العودة إلى بلدي فلسطين عندما تصبح الظروف مناسبة لكن حتى يحين ذلك، أرغب بالعمل في تركيا
- عدد الشهداء في غزة يفوق بكثير ما يُنشر في الإحصائيات الرسمية
- أمنيتي الكبرى هي أن أتمكن من الوقوف مجددًا وارتداء اللباس الطبي لمد يد العون لكل من هو بحاجة للمساعدة
بعد أن فقد القدرة على المشي إثر إصابته في قصف إسرائيلي استهدف منزله بقطاع غزة، يتطلع اختصاصي جراحة العظام والكسور الفلسطيني على النويري الذي يتلقى العلاج الطبيعي في تركيا، إلى العودة إلى بلده ومهنته حين تسمح الظروف.
النويري، الذي كان يعمل في مستشفى شهداء الأقصى في غزة، فقد عددًا كبيرًا من أفراد عائلته في قصف استهدف منزله فجر يوم 29 أكتوبر/ تشرين الأول 2023، من بينهم زوجته الحامل، وطفله البالغ من العمر 3 أعوام، ووالداه، وأشقاؤه، واثنان من أبناء أشقائه، كما أصيب بجروح بالغة نتيجة القصف.
وتسببت الإصابة التي تعرض لها النويري، بأضرار بالغة في عموده الفقري جعلته غير قادر على المشي. وبعد مجموعة من العمليات الجراحية في غزة، جرى نقله إلى تركيا لتلقي العلاج الطبيعي.
وفي حديثه مع الأناضول في العاصمة التركية أنقرة، تحدّث النويري (34 عامًا) عن تفاصيل الحادثة التي قلبت حياته رأسًا على عقب، مؤكّدًا تصميمه على الشفاء واستعادة قدرته على مزاولة مهنته الإنسانية.
- ذكرياتي في غزة
ينتمي النويري إلى عائلة تعمل في مجال الطب، فزوجته كانت تعمل طبيبة في قسم الطوارئ، وشقيقته ممرضة، وزوج شقيقته طبيب أسنان. وسبق له العمل في المستشفى الأوروبي بغزة قبل انتقاله إلى مستشفى شهداء الأقصى.
وحول تفاصيل ما حدث لعائلته، يقول النويري: "غادرت المستشفى فجرًا، واتصلت بزوجتي في الطريق وسألتها إن كانت بحاجة إلى شيء من البقالة. طلبت بعض الحلوى والشوكولاتة لابننا، لكنني لم أجد ما طلبَت فاشتريت رقائق البطاطا بدلًا منها".
وأضاف: "عدت إلى المنزل، تحدثت قليلًا مع الأقارب، ثم نمت. عندما استيقظت، كنت تحت الركام ولا أستطيع التنفس. سمعت أقاربي يصرخون (هذا الرجل ما زال حيًا!)، فأخرجوني من تحت الأنقاض".
وتابع: "سألت عن زوجتي وابني، لكن لم يجبني أحد. ثم نُقلت إلى مستشفى العودة، وبعدها إلى مستشفى شهداء الأقصى. ولأنهم لم يتمكنوا من إجراء العملية هناك، تم نقلي إلى مستشفى غزة الأوروبي حيث خضعت لعملية جراحية. أخبرني الأطباء بعدها أنني لن أتمكن من المشي مجددًا."
- العودة للوطن
وبعد نحو شهر ونصف من الإصابة، وصل النويري إلى تركيا لتلقي العلاج الطبيعي، وبعد 3 أشهر من العلاج في أنقرة، بدأ يحرك ساقه اليمنى بشكل محدود، في حين تطوّر وضع ساقه اليسرى من شلل تام إلى قدرة حركية وصلت إلى 60 بالمئة.
وفي هذا السياق قال النويري: "عندما وصلت إلى هنا، لم أكن قادرًا على تحريك ساقي اليسرى إطلاقًا. الأطباء قالوا إنني سأظل معتمدًا على العكازات والأجهزة، لكنني بدأت أشعر بحركة خفيفة في ركبتي. والآن أصبحت ساقي اليسرى تعمل بنسبة 60 بالمئة. آمل أن تتحسن أكثر وأتمكن من المشي مجددًا".
وأعرب النويري عن إعجابه الشديد بالمستشفيات التركية قائلاً: "أول ما لفت انتباهي هنا هو النظافة. كما أن الأطباء يتمتعون بكفاءة عالية وتعليم جيد."
وأشار إلى أن العمل كطبيب في تركيا يتطلب معادلة الشهادة الجامعية، "وهي عملية ليست سهلة"، لكنه أكد أن إيمانه بالعودة إلى مهنته يزداد كلما تحسنت حالته الصحية.
وأضاف: "أود العودة إلى بلدي فلسطين عندما تصبح الظروف مناسبة. هناك استشهدت عائلتي، وهناك ذكرياتي. لكن حتى يحين ذلك، أرغب بالعمل في تركيا".
- عدد الشهداء أكبر من المعلن
وأكد النويري أن "عدد الشهداء في غزة يفوق بكثير ما يُنشر في الإحصائيات الرسمية".
وقال: "الكثير من الأشخاص ما زالوا تحت الأنقاض، وبعضهم لم يُعثر عليهم. كما أن من ماتوا بسبب نقص الأدوية لا يُحتسبون ضمن الشهداء".
وأردف: "حتى من توفوا بعد شهور من الإصابة لا يُسجلون كشهداء. لهذا، فإن العدد الحقيقي للشهداء أكبر بكثير من المُعلن".
وشدد النويري على مواصلته التمسك بالأمل والإصرار، رغم فداحة الخسارة.
وختم حديثه قائلا: "مهنتي هي مساعدة الناس ومداواة الجراح. أمنيتي الكبرى هي أن أتمكن من الوقوف مجددًا وارتداء اللباس الطبي لمد يد العون لكل من هو بحاجة للمساعدة".
ومنذ 7 أكتوبر 2023 ترتكب إسرائيل، بدعم أمريكي، إبادة جماعية بغزة، تشمل قتلا وتجويعا وتدميرا وتهجيرا، متجاهلة النداءات الدولية وأوامر لمحكمة العدل الدولية بوقفها.
وخلفت هذه الحرب أكثر من 193 ألف فلسطيني بين قتيل وجريح، معظمهم أطفال ونساء، وما يزيد على 10 آلاف مفقود، إضافة إلى مئات آلاف النازحين ومجاعة أزهقت أرواح كثيرين بينهم عشرات الأطفال.