الدول العربية, التقارير

بائعات الشاي بالسودان.. هربن من الحرب من أجل لقمة العيش (تقرير)

تنتشر في الخرطوم ظاهرة بائعات الشاي وتجمع أعداد كبيرة من المواطنين حولهن طوال ساعات اليوم، ويشتهر محيط شارع النيل، في مساحة لا تزيد عن رصيف بطول الكيلومتر الواحد بكثرة البائعات خصوصا في الفترة المسائية

13.04.2021 - محدث : 13.04.2021
بائعات الشاي بالسودان.. هربن من الحرب من أجل لقمة العيش (تقرير)

Sudan

الخرطوم / طلال اسماعيل/ الأناضول

- الأزمة الاقتصادية تزيد من معاناة بائعات الشاي في الشوارع
- ازدادت معدلات عمل السودانيات في بيع الشاي والقهوة نتيجة للظروف الاقتصادية والنزوح
- تحولت العلاقة بين البائعات والزبائن من تجارة إلى علاقات اجتماعية تكافلية
- يتجمع السودانيون حول أكواب الشاي والقهوة في الشوارع بالخرطوم وسط إقبال كبير على شارع النيل

لأكثر من 12 ساعة متواصلة منذ الصباح، تعمل بائعة الشاي السودانية أميرة آدم محمد، في شارع النيل الرئيسي أمام مقر وزارة التربية والتعليم بالعاصمة الخرطوم، لتلبية الاحتياجات اليومية لأطفالها الخمسة.

أميرة واحدة من آلاف بائعات الشاي اللائي يعانين من أزمات متجددة في الخبز والطحين والوقود وغاز الطهي، وارتفاع أسعار السلع الاستهلاكية، ويكابدن من أجل لقمة العيش.

تقول أميرة للأناضول وهي تعمل تحت شجرة ظليلة على ضفة النيل: "أعمل في بيع الشاي والمشروبات الساخنة الأخرى للحصول على رزق اليوم، لأنه ليس هناك أحد مسؤول عني بعد وفاة والدي وانفصالي عن زوجي منذ عام 2011".

وتتابع بينما تعد أكواب الشاي لزبائنها: "ليس لدي بيت، أضطر إلى المبيت هنا في مكان العمل مع ولدي يومين أو ثلاثة أيام حسب الظروف، وبقية أطفالي يعيشون مع بقية أفراد عائلتي ومن ضمنهم أخي الذي يعمل خفيرا (حارسا) لإحدى العمارات السكنية".

وتحصل أميرة على إيراد يومي من بيع الشاي والقهوة والمشروبات الساخنة الأخرى يقدر بـ5 ألف جنيه يومي (13 دولار، الدولار = 380 جنيه سوداني بالسوق الموازي).

وتستدرك بالقول: "لكن هذا الإيراد يذهب في شراء المواد الأساسية لصناعة الشاي والقهوة وتناول الوجبات اليومية".

وتطمح أميرة في أن يتوسع محل بيعها الذي يجذب المارة وطلاب الجامعات في شارع النيل كمتنفس لهم من ضغوط العمل والدراسة.

** انتشار بائعات الشاي

تنتشر في الخرطوم ظاهرة بائعات الشاي وتجمع أعداد كبيرة من المواطنين حولهن طوال ساعات اليوم، ويشتهر محيط شارع النيل، في مساحة لا تزيد عن رصيف بطول الكيلومتر الواحد بكثرة البائعات خصوصا في الفترة المسائية.

واضطرت كثير من النساء بسبب الحروب، والنزوح والفقر في مناطق النزاعات، التوجه إلى الخرطوم، لبيع الشاي لإعالة أسرهن.

ومعظم البائعات جئن من مناطق النزاعات وخاصة إقليم دارفور (غرب)، الذي يشهد نزاعًا مسلحًا بين القوات الحكومية وحركات متمردة منذ عام 2003، أودى بحياة نحو 300 ألف شخص، وشرد نحو 2.5 مليون آخرين، وفق الأمم المتحدة.

كما تشهد ولايتي جنوب كردفان (جنوب) والنيل الأزرق (جنوب شرق)، المتاخمتين لدولة جنوب السودان، قتالا بين القوات الحكومية وحركات متمردة منذ العام 2011، أضر بقرابة 1.2 مليون شخص، وفقا لذات المصدر.

ويقول مساعد رئيس تحرير صحيفة السوداني الدولية عبدالعزيز النقر، للأناضول، إن بائعات الشاي مسألة اجتماعية موجودة منذ زمن، ولكنها كانت منظمة حتى على مستوى الأسواق الشعبية.

ويضيف: "المجتمع السوداني مجتمع محافظ وخروج المرأة للعمل الهامشي هو نادر إلا إذا اضطرت المرأة أن تعمل، نسبة لظروف الحرب والنزوح، فأصبحت المرأة السودانية تمتهن هذه المهنة بشكل كبير جدا وانتشرت على مستوى المدن".

بدورها تدعو بائعة الشاي ابتسام أبو دقن، التي فقدت منزلها جراء فيضان النيل في العام الماضي، الحكومة إلى تفقد أوضاعهن.

وتقول للأناضول: "عندي 8 من الأبناء، وزوجي مريض خدم بالجيش السوداني واعتمد على معاشه والعمل في بيع الشاي والقهوة".

وتابعت: "لم أستطع تعليم أبنائي بعضهم خرج من المدرسة ويعملون، ولكن كل هذا لا يكفي لمواجهة ظروف الحياة".

وتضيف: "العمل ليس عيبا لتربية الأبناء، أدعو رئيس مجلس السيادة عبدالفتاح البرهان ورئيس الوزراء عبدالله حمدوك إلى زيارة بائعات الشاي والاستماع إليهن".

** ارتفاع الأسعار

ورغم ارتفاع أسعار أكواب الشاي والقهوة إلا أن العلاقة بين البائعات وزبائنهن ظلت تحمل قيم المجتمع السوداني في التكافل والتعاضد دون وضع اعتبار كبير لحسابات الربح والخسارة في التجارة.

بائعة الشاي أميرة تبري، التي تعمل وسط مقرات الصحف والبنوك في الخرطوم، امتدحت زبائنها من مختلف المؤسسات الحكومية والقطاع الخاص.

وتقول للأناضول بينما يلتف حولها موظفون وصحفيون: "هؤلاء الزبائن يتناولون القهوة ويتجاذبون أطراف الحديث معي، ارتفع سعر كوب الشاي من 25 جنيه سوداني إلى 50 جنيه سوداني وكوب القهوة الى مائة جنيه والأسعار زادت بسبب ارتفاع سعر الصرف للدولار".

وفي 15 فبراير/ شباط الماضي أظهرت بيانات سودانية رسمية، ارتفاع معدل التضخم السنوي بالبلاد إلى 304.33 بالمئة في يناير/كانون الثاني الماضي، من 269.33 بالمئة في ديسمبر/كانون الأول السابق له.

وترى الصحفية السودانية اشتياق عبدالله، أن العلاقة مع بائعة الشاي تحولت إلى علاقة اجتماعية تراعي قيم المجتمع السوداني.

وتقول للأناضول: "تجد يوميا ذات الوجوه تتكرر عند بائعة الشاي التي تعرف زبائنها وأحوالهم الاجتماعية والاقتصادية".

وتستطرد: "بائعة الشاي هي أمك وخالتك وحبوبتك (جدتك) التي تحترمها، تعرف نفسية الزبون وتقلباته في الحزن والفرح، هنالك علاقة عشرة نشأت من كثرة الجلوس مع بائعة الشاي".

ويؤكد المصور الصحفي سفيان البشرى، أن بعض بائعات الشاي يحافظن على زبائنهن بالبيع من دون زيادة في الأسعار.

ويردف خلال حديثه للأناضول: "الأسعار تختلف من كل بائعة شاي إلى أخرى بعضهن تبيع لزبائنها بسعر ثابت من دون زيادة حتى لا تفقدهم".

ويشير أنه يجلس 3 مرات يوميا مع بائعات الشاي لمقابلة زملائه واكتساب معارف جديدة.

الأخبار المنشورة على الصفحة الرسمية لوكالة الأناضول، هي اختصار لجزء من الأخبار التي تُعرض للمشتركين عبر نظام تدفق الأخبار (HAS). من أجل الاشتراك لدى الوكالة يُرجى الاتصال بالرابط التالي.
المواضيع ذات الصلة
Bu haberi paylaşın