"أفعى فلسطين"...رمز وطني يُخشى منه وعليه! (تقرير)
تُثير "أفعى فلسطين"، تخوفات كبيرة، لدى الفلسطينيين

Ramallah
رام الله/ أيسر العيس/ الأناضول-
-مختصون بيئيون يقللون من خطورتها ويحذرون من انقراضها كونها "رمز وطني"
-إسرائيل تحاول "السطو" الثقافي، على هذه الأفعى، التي تحمل اسم "فلسطين"
تُثير "أفعى فلسطين"، تخوفات كبيرة، لدى الفلسطينيين، خلال هذه الفترة من العام، بسبب لدغاتها القاتلة، الأمر الذي دفع الحكومة لتخصيص حوالي 282 ألف دولار أمريكي، لشراء لقاحات، ضد سمومها.
لكنّ مدافعين عن البيئة، يقللون من خطر هذه الأفعى، ويحذرون من قتلها، وانقراضها، كونها "رمز وطني".
كما أشاروا إلى أن إسرائيل، تحاول "السطو" الثقافي، على هذه الأفعى، التي تحمل اسم "فلسطين"، حيث سبق أن أعلنتها "أفعى وطنية للدولة"، تحت مسمى "أفعى أرض إسرائيل".
ويتميز هذا النوع من الأفاعي، بسمّيته العالية، التي قد تؤدي إلى الوفاة.
ودعت الإدارة العامة للصيدلة في وزارة الصحة الفلسطينية، المواطنين، إلى "أخذ الحيطة والحذر، بسبب انتشار أفعى فلسطين السامة بشكل كبير في مختلف المناطق."
ويرجع مختصون بيئيون، انتشار الأفعى في هذه الفترة، إلى ارتفاع درجات الحرارة، مؤكدين أن انتشارها "مؤقت"، وأنها غير عدوانية.
ولا توجد إحصائيات رسمية، لعامي 2018 و2019، حول عدد الذين تعرضوا للدغ من هذه الأفعى، إلا أن هناك تخوفات كبيرة من خطورتها.
وتشير إحصائيات وزارة الصحة الفلسطينية، إلى أن 60 فلسطينيا تعرضوا للدغ تلك الأفعى في فلسطين عام 2017.
ونشر العديد من السكان، عبر مواقع التواصل الاجتماعي، قصصا حول العديد من الأشخاص الذين تعرضوا للدغات "أفعى فلسطين"، وتم نقلهم للعلاج في المشافي، ودخل بعضهم أقسام "العناية الفائقة"، وهو ما أثار القلق بين العامة.
وتقول وزارة الصحة، إن المصل المخصص لعلاج شخص تعرض للدغة أفعى فلسطين مكلف جدا، وقد يصل نحو 20 ألف دولار أمريكي، وعادة ما يتم شراؤه من إسرائيل.
وذكرت الوزارة في بيانات سابقة، إنه في كل عام، يتم صرف من 800 الى 1000 إبرة في المستشفيات الحكومية في الضفة الغربية، علاجا للدغات الأفاعي، بخاصة أفعى فلسطين.
ووجهت الوزارة دعوات للمواطنين الى أخذ الحيطة والحذر لتفادي لدغات الأفاعي، بخاصة خلال ارتفاع درجات الحرارة، وبدء موسم الرحلات.
لكن مدافعين عن البيئة والتنوع الحيوي، يقللون من خطر "أفعى فلسطين"، ويحذرون من التعرض لها، كونها غير عدوانية، إلا إن حاول الشخص إمساكها أو قتلها.
وأطلقت جمعية الحياة البرية في فلسطين، حملة تحت شعار "أنقذوا الأفعى الفلسطينية، كونها رمزا وطنيا متوارثا"، بحسب بيان الجمعية (مقرها بيت لحم).
وقال عماد الأطرش، مدير الجمعية، في حوار خاص لوكالة الأناضول، إن "الأفعى الفلسطينية تدخل مرحلة الخطر وفي الضوء الأحمر لانقراضها من فلسطين، نتيجة قتلها اليومي بأعداد هائلة، ونتيجة الحرائق".
ودعا للحفاظ عليها كونها جزءا من التوازن البيئي في فلسطين والسلسلة الغذائية.
كما حثّ الأطرش على محاسبة كل من يقوم بقتلها والتشهير بقتلها، ومن يستعرض بها أو يقوم بتربيتها، وكل من يحاول نشر الرعب بين الأهالي.
وبيّن، أنه على عكس السائد، فإن أفعى فلسطين هي التي تتعرض للخطر، كونها مهددة بالانقراض، وبالسرقة من جانب إسرائيل.
ومطلع نوفمبر/ تشرين الثاني 2018، أعلنت سلطة الطبيعة الإسرائيلية رسميا اعتماد أفعى فلسطين، كأفعى وطنية للدولة، لكنها غيرت اسمها العلمي "العالمي"، وأطلقت عليه اسم "أفعى أرض إسرائيل".
وجاء الإعلان الاسرائيلي بعد قيام جمعية حماية الطبيعة في إسرائيل، بإجراء تصويت الكتروني مفتوح لاختيار رمز بيئي يُعتمَد كتراث اسرائيلي، حيث حصل الاسم على 39% من الأصوات التي تجاوز عددها 9400 صوت.
وشدد الأطرش على أن اختيار إسرائيل لرموز فلسطينية، مثل أفاعٍ وطيور ونباتات البرية، يعتبر سرقة وطمسا للهوية الفلسطينية.
واعتبر الأطرش وجود الأفعى جزءا من التوازن البيئي، رافضا الممارسات التي تؤدي إلى قتلها أو إيذائها.
وأردف بالقول:" وجود الأفاعي عموما جزء من السلسلة الغذائية، وانقراضها قد يهدد بانتشار الجرذان وغيرها التي كانت تمثل مصدر غذاء للأفاعي".
بدوره، اتفق جمال عمواسي، الخبير في شؤون الأفاعي، والحيوانات البرية، مع حديث الأطرش بأن أفعى فلسطين "غير عدوانية".
وقال إن محاولات "التحرش" بها وإمساكها، هي التي تعرض الأشخاص للخطر.
واعتبر العمواسي في حوار مع وكالة الأناضول، أن هناك "مبالغة في إثارة المخاوف لدى العموم، بشأن لدغات أفعى فلسطين".
وبين عمواسي أنه ومنذ أواسط مارس/ آذار الماضي، اضطر للتعامل مع عشرات الحالات التي تعرضت للدغ في محافظات الضفة الغربية، ونجح في تقديم المصل اللازم لتحصل على الشفاء التام.
ولفت إلى أن معظم تلك الإصابات، تمت بعد محاولة أصحابها، قتل الأفعى أو التقاطها، أو حتى "التباهي" بها والتصور معها.
وأوضح عمواسي (46 عاما) ويقيم في رام الله، أن نشاط الأفاعي في فلسطين يبدأ في منتصف شهر فبراير/شباط في بداية الربيع، ثم يبدأ نشاطها بالتراجع، لتنشط من جديد في مايو/أيار، خاصة أفعى فلسطين وخلال فترة الصيف.
**عن الأفعى
أفعى فلسطين، هي نوع من الزواحف الشديدة السمية المتواجدة في بلاد الشام، وتنتشر في كل أنحاء فلسطين الطبيعية، وتتراوح طولها بين 70-120 سم، ويميل لونها إلى الأصفر مع خطوط ملتوية ذات لون غامق من ذنبها حتى رأسها ذات الشكل المثلث، بحسب وكالة الأنباء الفلسطينية الرسمية "وفا".
وتم تصنيف هذه الأفعى، عام 1938، (قبل تأسيس إسرائيل) من قبل علماء الطبيعة، تحت الاسم العلمي اللاتيني "Daboia palaestinae"، وهي معروفة بالإنجليزية باسم Palestine Viper، وما زالت تحمل هذا الاسم، على مستوى العالم.
وتتغذى "أفعى فلسطين"، بشكل رئيسي على القوارض، وحيوانات صغيرة أخرى، وتستطيع تسلق أماكن عالية أيضاً، الأمر الذي يمكنها من التغذي على العصافير.
وتسبب عضة هذه الأفعى إلى بتر العضو المصاب أو إلى الوفاة، في حال التأخر بتقديم العلاج، والمصل.