"نفق أم قيس" بالأردن.. شهادة التاريخ على إتقان هندسة النظم المائية (تقرير)
يبلغ طول النفق المائي داخل موقع أم قيس الأثري حوالي 420 مترا، ويصنف على أنه "الأطول في العالم القديم"..

Jordan
أم قيس (الأردن)/ ليث الجنيدي/ الأناضول
يعتبر النفق المائي الذي يمر داخل مدينة "أم قيس" الأثرية الأردنية، والمصنف بـ"الأطول في العالم القديم"، من أبزر الشواهد التاريخية على إتقان هندسة "النظم المائية".
مدينة "أم قيس" تقع على بعد 28 كيلو مترا من محافظة إربد شمالي الأردن، وتحمل اسم قرية اعتمدتها منظمة السياحة العالمية، العام الماضي، كواحدة من أفضل 136 قرية حول العالم.
وتعود جذورها التاريخية للحقبة اليونانية باعتبارها من مدن الحلف الروماني (ضم 10 مدن في بدايته)، فيما لقبت "أم قيس" بمدينة الحكماء والفلاسفة كما اشتهرت في ذلك الزمن بالعديد من الشعراء.
الموقع الجغرافي المميز لهذه المدينة أعطاها أهمية كبيرة، إذ أنها تطل على نهر اليرموك وهضبة الجولان وبحيرة طبريا، وهو ما ينم أيضا عن الفكر المتطور لمؤسسيها.
ويبلغ مساحة الموقع الأثري لمدينة "أم قيس" نحو 550 دونما (الدونم يعادل 1000 متر مربع)، فيما تتنوع آثارها بين المباني اليونانية والرومانية والبيزنطية والإسلامية.
ويقدّر حجم المكتشف من المدينة الأثرية بأنه لا يتجاوز الـ20 بالمئة، ما يعني استمرار ظهور الجديد من معالمها بشكل دوري، وهو ما ثبت مع اكتشاف مرور أطول نفق مائي أثري في العالم القديم بداخلها، وافتتاحه بعد تأهليه أمام الزوار عام 2023.
**النفق المائي
خلال زيارة للمدينة الأثرية، اطلع مراسل الأناضول على واقع النفق المائي الذي يتيح فهم النظام المائي للمدينة في العصور الهلنستية والرومانية القديمة.
وفي حديثه للأناضول، قال موسى ملكاوي مدير أثار بني كنانة التي تتبع لها أم قيس: "طول النفق المائي داخل موقع أم قيس الأثري هو 420 مترا، وهو جزء من نفق الديكابوليس (الحلف الروماني) أو اليرموك".
وأضاف: "يمتد النفق من قرية داعل في محافظة درعا بالجنوب السوري، وصولا إلى مدن الديكابوليس داخل الأراضي الأردنية، وهي 8 من أصل 10، فيما تقول بعض الأبحاث بأن عددها الإجمالي هو 13".
وأردف: "امتازت المدن الرومانية وخاصة أم قيس بأنظمة مائية عديدة، ما ساهم بالاستقرار البشري في المنطقة وتطورها، حتى عرفت بأنها من أكثر المدن تطوراً؛ وذلك لتوفر مصادر المياه فيها".
واستكمل قائلا: "مصادر المياه جزء رئيسي من النفق، بدلالة احتواء الموقع على أنابيب فخارية ورصاصية استمرت حتى العصر الإسلامي".
وبدأ النشر العلمي حول هذا النفق المعروف لدى أبناء المجتمع المحلي في "أم قيس"، بحسب ملكاوي، عام 1989، حيث بدأت منذ ذلك الوقت "عمليات إعادة تأهيله من قبل دائرة الآثار العامة (حكومية)، وتحديدا عام 2016 - 2018، ليفتتح رسميا مطلع عام 2019".
وذكر أن النفق أُحيل لـ"الاستثمار من وزارة السياحة فيما تديره حاليا الشركة الأردنية لإحياء التراث، وهي أحد أذرع صندوق الملك عبد الله الثاني للتنمية، وتهدف إلى تشغيل المتقاعدين العسكريين من أبناء المجتمع المحلي".
وفي أبريل/ نيسان الماضي تم افتتاح النفق أمام الحركة السياحية، وفق ملكاوي، حيث يدفع الزائر الأردني مبلغ دينار واحد فقط (1.4 دولار)، فيما يدفع السياح 7 دنانير (9.8 دولارات) ثمنا للتذكرة، كما قال.
وعن المقاسات الخاصة بالنفق، فقد قال ملكاوي بأن "ارتفاعات النفق متفاوتة تتراوح بين 1.65 - 4 أمتار، وتصل لأكثر من ذلك في بعض النقاط، أما مدخله الرئيسي فينخفض عن سطح الأرض بمسافة تتراوح بين 10 و 15 مترا".
أما عن تجهيزاته الداخلية، فقد تم تثبيت حماية خاصة مصنوعة من شبك حديدي منعاً لتساقط الحجارة الصغيرة بالإضافة إلى تزويده بالإضاءة وأجراس إنذار فضلا عن إعادة تأهيل مهارب موجودة فيه منذ تأسيسه، وفق ملكاوي.
ومدينة أم "قيس" أو كما يسميها أهل المنطقة بالعامية "أم كيس"، عرفت في قديم الزمان باسم "جدارا" وهي إحدى المدن اليونانية - الرومانية العشر (حلف المدن العشر).
أما تسميتها المحلية "أم قيس"، فقد أُطلق عليها منذ فترة لا تتعدى عشرات السنين، وقد تم اشتقاقه من الكلمة العثمانية "مكوس"، والتي تعني الضرائب.
ويضم الأردن وفق إحصائيات رسمية نحو 100 ألف موقع أثري وسياحي، تتوزع في مختلف محافظات المملكة ومدنها.
الأخبار المنشورة على الصفحة الرسمية لوكالة الأناضول، هي اختصار لجزء من الأخبار التي تُعرض للمشتركين عبر نظام تدفق الأخبار (HAS). من أجل الاشتراك لدى الوكالة يُرجى الاتصال بالرابط التالي.