اقتصاد, التقارير

تصدير الإسمنت.. الجزائر تتخطى أولى التحديات نحو تنويع اقتصادها

أزمة انخفاض أسعار النفط دفعت الحكومة للبحث عن مصادر بديلة لجلب النقد الأجنبي

12.12.2017 - محدث : 13.12.2017
تصدير الإسمنت.. الجزائر تتخطى أولى التحديات نحو تنويع اقتصادها

Turkey

إسطنبول / مصطفى دالع / الأناضول

"رب ضارة نافعة"، قد ينطبق المثل على قطاع الإسمنت في الجزائر، الذي استفاد من الأزمة الاقتصادية التي خلفها تراجع أسعار النفط.

ودخلت البلاد لأول مرة قائمة مصدري الإسمنت، بعد أن تجاوزت فاتورة استيراد هذه المادة من قبل مئات الملايين من الدولارات.

والسبت الماضي، أعلن وزير التجارة الجزائري محمد بن مرادي، انطلاق أول عملية تصدير للإسمنت، من ميناء أرزيو بمحافظة وهران الساحلية غربي البلاد اليوم الثلاثاء.

ويعاني اقتصاد الجزائر من تبعية مفرطة للنفط والغاز، اللذين يشكلان معا نحو 94 بالمئة من دخل البلاد من النقد الأجنبي.

بينما تسعى السلطات جاهدة منذ سنوات، لرفع الصادرات خارج المحروقات، ويمثل قطاع الإسمنت أحد هذه الخيارات.

وتقول السلطات إن البلاد فقدت أكثر من نصف مداخيل النقد الأجنبي؛ بسبب تدهور أسعار النفط، من 60 مليار دولار في 2014، إلى 27.5 مليار دولار نهاية 2016.

ويمثل قطاع الإسمنت أولوية بالنسبة للحكومة الجزائرية، بالنظر إلى البرامج الضخمة لقطاع السكن (نحو 2.6 مليون وحدة سكنية) والتوسع في بناء المدارس والجامعات والبنى التحتية.

ويعتبر قطاع البناء والأشغال العمومية والري، المحرك الحقيقي للنمو في الجزائر خارج قطاع النفط؛ إذ سجل معدل نمو الاقتصاد غير النفطي 8.3 بالمئة في 2016، حسب الديوان الوطني للإحصائيات (حكومي).

وتسجل نسب نمو قطاع البناء في الجزائر، الأعلى في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا.

ودفع ذلك العديد من الشركات الأجنبية، للاستثمار في هذا القطاع داخل الجزائر، خاصة في مجالات الإسمنت والحديد والمقاولات.

أرقام رسمية لوزارة الصناعة، أشارت إلى أن البلاد تستهلك أكثر من 25 مليون طن سنويا من الإسمنت، بنسبة نمو تتراوح ما بين 5 إلى 7 بالمئة سنويا، بينما يتوقع أن يصل الإنتاج في البلاد نهاية 2017 إلى 30 مليون طن.

في 2014، قال تقرير صادر عن معهد الدراسات الجيولوجية بالولايات المتحدة، إن الجزائر ضمن أكبر 20 دولة منتجة للأسمنت في العالم، بإنتاج بلغ 21 مليون طن في 2013.

وتتوقع الحكومة الجزائرية أن يصل إنتاج الإسمنت 39 مليون طن بحلول 2020، و44 مليون طن في 2022، بفضل مشاريع إنجاز مصانع جديدة محلية ووافدة، وتوسعة المصانع القديمة لزيادة إنتاجها.

كذلك، صادقت الحكومة عن طريق المجلس الوطني للاستثمار (حكومي)، على منح رخص بناء ثلاثة مصانع أخرى بالشراكة بين مستثمرين جزائريين وشركة أجنبية بطاقة إنتاج تبلغ 10 ملايين طن سنويا.

في هذا السياق، نجحت الشركة الفرنسية- السويسرية "لافارج-هولسيم"، في إنتاج 9 ملايين طن من الإسمنت سنويا، صدرت منه 13 ألف طن إلى غامبيا، اليوم الثلاثاء، بعد تشبع السوق المحلية.

وارتفع إنتاج الجزائر من الإسمنت في 2003 من 8.2 ملايين طن، إلى 11.6 مليون طن في 2007 سنويا، وقفز إلى 20 مليون طن في 2015، ومن المتوقع أن يصل نهاية 2017 إلى 30 مليون طن، مع دخول عدة مصانع جديدة مرحلة الإنتاج.

ويبلغ عدد مصانع إنتاج الإسمنت حاليا 17 مصنعا، منها ما تم افتتاحه في 2017، على غرار أول مصنع في ولاية أدرار، على بعد 1400 كلم جنوب غرب الجزائر العاصمة، بشراكة مع الصين.

وبلغت قيمة واردات الجزائر من الإسمنت في 2016، أكثر من 306 ملايين دولار (4.8 ملايين طن)، متراجعة عن 474 مليون دولار (6.6 مليون طن) في 2015، حسب الموقع الرسمي لوزارة التجارة.

** تحديات بيئية

على الرغم من الأهمية الاستراتيجية لصناعة الإسمنت في الجزائر، بتقليص الواردات وزيادة الدخل من النقد الأجنبي وتنويع صادرات البلاد، إلا أن جمعيات بيئية بالجزائر تحذر من المخاطر البيئية العديدة لمصانع الإسمنت خاصة على صحة الإنسان.

وتشير جمعية أصدقاء البيئة بـ "حمام الضلعة" بولاية المسيلة (وسط)، على صفحتها الرسمية بموقع "فيسبوك"، أن من بين أسباب انتشار مصانع الأسمنت في الدول العربية بالشكل الحالي، ترجع إلى تشديد قوانين البيئة في الدول الأوروبية، ونقل هذه الصناعات الضارة بالبيئة إلى الدول النامية.

وتشير هذه الجمعية، الناشطة في المنطقة التي يوجد بها مصنع إسمنت للشركة العالمية "لافارج"، أن "غبار مصانع الإسمنت يحتوي على تراكيب مثل الكربون، والهيدروجين، والجزيئات العالقة، والفسفور، والأتربة، والدخان، والضباب، وغيرها".

وزادت: "هذه العناصر لها تأثيرات خطرة، أهمها التأثير على الجهاز العصبي والجهاز التنفسي، وصعوبة التنفس، والتأثير على الأغشية المخاطية، والتهاب القصبات، وتهيج البلعوم، وغيرها".

ورغم إلزام وزارة البيئة لمصانع الإسمنت بوضع مصافي لتنقية الدخان المنبعث، ومحطات لتصفية المياه المستعملة، إلا أن ذلك لم يمنع جمعيات بيئية من التشكيك في مدى التزام هذه المصانع بالمعايير الدولية.

الأخبار المنشورة على الصفحة الرسمية لوكالة الأناضول، هي اختصار لجزء من الأخبار التي تُعرض للمشتركين عبر نظام تدفق الأخبار (HAS). من أجل الاشتراك لدى الوكالة يُرجى الاتصال بالرابط التالي.
المواضيع ذات الصلة
Bu haberi paylaşın