الدول العربية, التقارير, فلسطين, إسرائيل

محمد المطوق.. طفل فلسطيني فضحت صوره التجويع الإسرائيلي في العالم (تقرير)

ـ ابن العام والنصف يعاني سوء تغذية حادا ومضاعفات صحية خطيرة تهدد حياته وسط نفاد المكملات الغذائية والحليب

Nour Mahd Ali Abuaisha  | 29.07.2025 - محدث : 29.07.2025
محمد المطوق.. طفل فلسطيني فضحت صوره التجويع الإسرائيلي في العالم (تقرير)

Gazze

غزة / الأناضول

ـ ابن العام والنصف يعاني سوء تغذية حادا ومضاعفات صحية خطيرة تهدد حياته وسط نفاد المكملات الغذائية والحليب
ـ والدة الطفل هداية المطوق: بعد إصابته بسوء تغذية حاد تعرض لانتكاسة صحية وضمور في العضلات ومشكلات في الدماغ.. أحاول إسكات جوعه بـ"الماء"
ـ مختصة التغذية العلاجية سوزان معروف: الطفل أصيب بسوء تغذية حاد بعد انقطاعه عن المكملات الغذائية التي تمنع إسرائيل دخولها للقطاع.. ما قد يسبب مضاعفات صحية خطيرة تؤدي إلى الوفاة

في خيمة نزوح تفتقر إلى أدنى مقومات الحياة الآدمية والصحية غربي مدينة غزة، يستلقي الطفل محمد المطوق ابن العام والنصف، على فراش مهترئ بجسد هزيل لا يقوى على الحركة فيما تشهد أضلاعه البارزة على سياسة تجويع إسرائيلية لم ترحم طفولته.

الطفل المطوق، الذي يعاني سوء تغذية حادا تسببت بنزول وزنه من 9 إلى 6 كيلوغرامات، يبكي بصوت واهن جراء الجوع الشديد الذي امتد لأيام، فيما تحاول والدته جاهدة إسكاته برضعة "ماء".

بعينيه الغائرتين، يستجدي الطفل والدته للحصول على قليل من الحليب ليسد رمق جوعه لكن كافة المحاولات البريئة لم تفلح بعد أن نفدت كافة أشكال الغذاء ولم يعد متوفرا لديها إلا الماء.

وفي محاولاته لإسكات جوعه، يعض الطفل على يده وأصابعه بين الفينة والأخرى، وقد انتفخ بطنه وبرز عموده الفقري من جسده وكأنه يوشك على اختراق الجلد.

ويعيش الطفل الذي انتشرت صوره في العالم فاضحة سياسة التجويع الإسرائيلية، ظروفا صحية ومعيشية متردية تهدد حياته بعدما بدأ الجوع مع انعدام توفر المكملات الغذائية بسبب تشديد إسرائيل حصارها على القطاع، يفتكان بجسده الصغير.

والأسبوع الماضي، حذر برنامج الأغذية العالمي من أن ثلث فلسطينيي غزة لم يأكلوا منذ عدة أيام بسبب الحصار الإسرائيلي المستمر على القطاع.

وقال مدير الاستعداد للطوارئ والاستجابة في البرنامج الأممي روس سميث، في بيان: "وصلت أزمة الجوع في غزة إلى مستويات غير مسبوقة من اليأس، حيث لا يأكل ثلث السكان لعدة أيام متتالية".

وحسب أحدث معطيات وزارة الصحة بغزة، فقد بلغ عدد وفيات المجاعة وسوء التغذية حتى الاثنين نحو 147 فلسطينيا، بينهم 88 طفلا، منذ 7 أكتوبر/ تشرين الأول 2023.

** انتكاسة صحية

الوالدة هداية المطوق، قالت للأناضول، إن طفلها محمد فقد نحو 3 كليوغرامات من وزنه خلال الفترة الماضية جراء إصابته بسوء التغذية الناجمة عن المجاعة.

وأوضحت أن محمد بعد 3 شهور من ولادته، كان يعاني ارتخاء في العضلات ومشكلات في الدماغ.

لكنه ومع المداومة لأشهر على العلاج الطبيعي وتناول الحليب والمكملات الغذائية والطعام الصحي لاحقا، نجح في استعادة عافيته والوقوف على أقدامه، وفق قولها.

إلا أن انتكاسة صحية أصابته بعدما تعرض لسوء تغذية حاد، ما أسفر عن ارتخاء وضمور في العضلات ومشكلات صحية أُخرى فضلا عن نحول جسده، ما أفقده القدرة على الوقوف والحركة، وفق والدته.

** إغلاق المعابر الأصعب

تشير الوالدة إلى أن إغلاق إسرائيل للمعابر كان من أصعب الإجراءات والجرائم منذ بدء الإبادة الجماعية، حيث أدخل معظم الفلسطينيين في جوع شديد.

وأضافت، وهي سيدة أرملة فقدت زوجها خلال حرب الإبادة: "منذ إغلاق المعابر، لا نحصل على مساعدات، ولا يوجد لدينا إمكانيات لدعم أجساد أطفالنا".

وأوضحت أنها كانت تعتمد منذ إغلاق المعابر على الطعام الذي تحصل عليه من التكايا الخيرية، والتي أغلقت أبوابها هي الأخرى مع نفاد المواد الغذائية من الأسواق.

وتابعت أن طفلها محمد كان يعتمد هو أيضا على ما يحصلون عليه من تلك التكايا من عدس ومعكرونة وغيرهما، ورغم أنه غذاء غير صحي لطفل بعمره، لكنه كان الصنف الوحيد المتوفر والمنقذ لحياته.

أما اليوم، فتمضي عائلة المطوق أياما بلا طعام بعد إغلاق إسرائيل لكافة سبل نجاة الفلسطينيين من هذه المجاعة الفتاكة منذ قرابة 5 شهور.

وهذا الأمر ينطبق أيضا على الطفل محمد الذي عانى هو الآخر جراء نفاد الحليب أولا ومن ثم المكملات الغذائية.

ولفتت المطوق إلى أن إسرائيل تحارب العائلات الفلسطينية في قطاع غزة بـ"أطفالها"، حينما تتركهم يموتون أمام أعينهم وسط عجزهم عن إنقاذهم.

وأشارت إلى أن طفلها محمد واحد من أكثر من مليون طفل بغزة يعانون جراء انعدام توفر الطعام والحليب.

ومنذ 2 مارس/ آذار الماضي، تواصل إسرائيل إغلاق معابر القطاع أمام دخول المساعدات الإنسانية والإغاثية والطبية ما تسبب بتدهور في القطاع الصحي، وتفشي المجاعة حيث وصلت مؤشراتها إلى مستويات "كارثية".

ورغم سماح إسرائيل، منذ الأحد، بدخول عشرات الشاحنات الإنسانية إلى قطاع غزة الذي يحتاج إلى أكثر من 500 شاحنة يوما كحد أدنى منقذ للحياة، فإنها سهلت عمليات سرقتها ووفرت الحماية لذلك، وفق بيان للمكتب الإعلامي الحكومي.

وقال المكتب الحكومي مساء الاثنين، "ما دخل اليوم إلى قطاع غزة لا يتعدى 87 شاحنة مساعدات، وقد تعرضت غالبيتها للنهب والسرقة بفعل الفوضى التي يُكرّسها الاحتلال الإسرائيلي عمداً".

** سوء تغذية حاد

بدورها، تقول سوزان معروف، مختصة التغذية العلاجية في مستشفى "جمعية أصدقاء المريض الخيرية" بمدينة غزة، إن المطوق أصيب بسوء تغذية حاد بعدما انقطع عن تناول المكملات الغذائية التي تمنع إسرائيل دخولها للقطاع.

وهذا عكس ما قالته الخارجية الإسرائيلية في انتقادها للصور المنتشرة للطفل بوسائل الإعلام الدولية، إذ زعمت أن حالته لا تتعلق بالمجاعة المتفشية بغزة.

وأضافت الطبيبة معروف في حديث للأناضول بعدما انتهت من معاينة الطفل المطوق، أنه يعاني "سوء تغذية حادا ومشكلات صحية أخرى في الدماغ وارتخاء وضمورا في العضلات".

وأوضحت أن الطفل المطوق كان يعاني في يناير/ كانون الثاني 2025 سوء تغذية متوسطا، لكن أوضاعه الصحية كانت مستقرة آنذاك مع تناوله للمكملات الغذائية.

وقالت بهذا الصدد: "في تلك الفترة، كنا نساعد وفق الإمكانيات الموجودة، بإعطاء مكملات غذائية للأطفال، لكن مع إغلاق المعابر أصبح هناك نقص فيها، ونفدت بعض الأصناف".

وأكدت أن صحة الطفل المطوق بدأت بالتدهور بالتزامن مع نفاد المكملات الغذائية حيث أصيب بسوء تغذية حاد تسبب بمضاعفات صحية.

وفي ظل هذه الظروف القاسية، شددت معروف على أن الوضع الصحي للطفل المطوق لا يشهد حاليا أي تحسن.

وحذرت من أن هذه المرحلة من سوء التغذية قد تسبب مضاعفات صحية خطيرة تؤدي إلى وفاة الطفل.

ووفقًا لتقديرات برنامج الأغذية العالمي، يواجه ربع الفلسطينيين في غزة ظروفا أشبه بالمجاعة، حيث يعاني 100 ألف سيدة وطفل سوء التغذية الحاد.

** الأطفال الضحية الأكبر

وعن "سوء التغذية"، قالت معروف إن هذا المصطلح انتشر مع بداية العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة، وخاصة مع انتشار المجاعة منذ مطلع 2024.

وأوضحت أن الاحتلال الإسرائيلي يتبع سياسة تجويع ضد أطفال غزة حيث بات معظمهم يعانون "سوء تغذية".

وذكرت أن المستشفى حاول بداية مساعدة الأطفال المصابين بسوء التغذية عبر إمدادهم بمكملات غذائية، لكن مع منع دخول هذا الصنف الدوائي إلى القطاع بات الوضع أكثر صعوبة.

وتابعت عن ذلك: "انتشر سوء التغذية بشكل أكبر، وظهرت مؤشراته بشكل وحشي أكثر عند الأطفال".

وأشارت إلى أن مستشفى "جمعية أصدقاء المريض الخيرية" يعاني نقصا في المكملات الغذائية وحليب الأطفال، فضلا عن نقص حاد في أسرّة المرضى.

والأحد، ومع سماح إسرائيل بإخال مساعدات مزعومة، قال المدير العام لوزارة الصحة بغزة منير البرش، إن ما دخل من مساعدات ضئيل جدا ولا يشمل الأدوية أو المكملات الغذائية.

ولمرات عديدة، حذرت الوزارة من خطورة الشح الحاد في الأدوية والمستلزمات الطبية والمكملات الغذائية، مناشدة الجهات المعنية ضرورة إدخالها.

ومنذ 7 أكتوبر 2023، تشن إسرائيل حرب إبادة جماعية بغزة تشمل القتل والتجويع والتدمير والتهجير القسري، متجاهلة النداءات الدولية كافة وأوامر لمحكمة العدل الدولية بوقفها.

وخلفت الإبادة، بدعم أمريكي، أكثر من 205 آلاف فلسطيني بين قتيل وجريح، معظمهم أطفال ونساء، وما يزيد على 9 آلاف مفقود، إضافة إلى مئات آلاف النازحين ومجاعة أزهقت أرواح كثيرين.

الأخبار المنشورة على الصفحة الرسمية لوكالة الأناضول، هي اختصار لجزء من الأخبار التي تُعرض للمشتركين عبر نظام تدفق الأخبار (HAS). من أجل الاشتراك لدى الوكالة يُرجى الاتصال بالرابط التالي.