الدول العربية, التقارير, إسرائيل, قطاع غزة

قاوم المجاعة بالزراعة.. الإبادة الإسرائيلية تخطف "أبو ربيع" من شمال غزة (تقرير)

عرف أبو ربيع خلال حرب الإبادة الإسرائيلية في قطاع غزة منذ أكثر من عام بـ"منقذ الشمال من المجاعة" حيث أعاد زراعة أرضه مطلع العام الحالي وساهم بمساندة المزارعين لاستصلاح أراضيهم..

Mohammed Abudoun  | 24.10.2024 - محدث : 24.10.2024
قاوم المجاعة بالزراعة.. الإبادة الإسرائيلية تخطف "أبو ربيع" من شمال غزة (تقرير)

Gazze

شمال غزة/ محمد أبو دون/ الأناضول

عرف أبو ربيع خلال حرب الإبادة الإسرائيلية في قطاع غزة منذ أكثر من عام بـ"منقذ الشمال من المجاعة" حيث أعاد زراعة أرضه مطلع العام الحالي وساهم بمساندة المزارعين لاستصلاح أراضيهم..
** المزارع مرعب المسلمي للأناضول:
- كان أبو ربيع يقدم البذور والمعلومات للمزارعين لإعادة استصلاح أراضيهم
- كان حريصاً على زراعة الأرض وإنباتها من جديد للتغلب على المجاعة التي تفشت بين أهالي الشمال
** قبل مقتله، أبو ربيع قال في مقابلة مع الأناضول :
- عبر منصات التواصل شجعت مزارعين لإعادة استصلاح أراضيهم
- حاولت بكل الطرق جمع الأشتال وتقديمها للمزارعين لأجل تمكينهم من إحياء مزارعهم

تمسك بخيار البقاء بأرضه ومحاربة المجاعة، لكن صاروخا إسرائيليا أنهى حياة الشاب الفلسطيني يوسف أبو ربيع بينما كان يجلس قرب أرضه الزراعية في بلدة بيت لاهيا بمحافظة شمال قطاع غزة التي تعيش إبادة وتطهيرا عرقيا لليوم الـ20 على التوالي.

العشريني أبو ربيع، طالب الهندسة الزراعية، عُرف خلال حرب الإبادة الجماعية بـ"منقذ الشمال من المجاعة"، حيث لم يستسلم لواقع التدمير الذي فرضه الجيش الإسرائيلي على الأراضي الزراعية بمحافظة الشمال ضمن أعمال الإبادة.

وفي 17 نوفمبر/ تشرين الثاني الماضي، أعلنت "أونروا" أن فلسطينيي غزة والشمال أصبحوا "على حافة المجاعة" حيث لجأوا آنذاك إلى تناول أعلاف الحيوانات والحشائش، بسبب منع إسرائيل وصول المساعدات الإغاثية إلا بكميات شحيحة جدا.

هذه المجاعة بدأت تضرب من جديد محافظة شمال قطاع غزة الذي تفرض عليه إسرائيل حصارا مشددا تمنع عبره دخول إمدادات الطعام والمياه والأدوية وكذلك المساعدات إليها لإجبار السكان على الهجرة القسرية.

**مكافحة المجاعة

ومطلع عام 2024، شرع أبو ربيع بأقل الإمكانيات المتوفرة في إعادة استصلاح أرضه وزراعتها في إطار محاولاته لمكافحة المجاعة، وذلك رغم المخاطر الكبيرة باستهدافه من قبل الجيش الإسرائيلي الذي يراقب بطائرات مسيرة تحلق بكثافة على ارتفاعات منخفضة محافظة الشمال.

لم يكتف بذلك، إنما نشط في دعم المزارعين المتواجدين في محيط إقامته وقدم لهم البذور إلى جانب المعلومات الاستشارية كي يتمكنوا من إعادة إحياء أرضهم التي أكلتها نيران القذائف الإسرائيلية، بحسب قول المزارع مرعب المسلمي (42 عاما) للأناضول.

ونجح أبو ربيع، الذي عمل مزارعا إلى جانب والده لمدة سنوات، بالإشراف على زراعة مئات الدونمات بأصناف مثل "التوت الأرضي والباذنجان والفلفل" خلال الفترة السابقة، وفق المسلمي.

ومنذ اندلاع حرب الإبادة وما رافقها من تدمير للمحاصيل، كان أبو ربيع يحلم بإعادة زراعة بلدة "بيت لاهيا" التي كانت تعرف بمساحتها الخضراء الواسعة وإعادة الحياة إليها.

وقال المسلمي عن ذلك: "يوسف كان يحلم ويرقب انتهاء الحرب بفارغ الصبر لزراعة كل أراضي بيت لاهيا لتعود سلة غذائية لكل قطاع غزة كما كانت".

لكن إسرائيل قضت على هذه المساعي والأحلام بصاروخ أطلقته طائراتها مساء يوم الاثنين ( 21 أكتوبر/ تشرين الأول الجاري)، صوب أبو يوسف الذي كان يجلس قرب أرضه برفقة والده وعدد من أصدقائه، ما أسفر عن مقتله برفقة شاب آخر وإصابة المتبقين بجروح.

هذا الاستهداف جاء بعد نحو أسبوعين من تهديدات إسرائيلية طالبت أهالي بلدة بيت لاهيا بترك منازلهم ومراكز الإيواء والتوجه إلى جنوب القطاع، وبالتزامن مع تهجير قسري فرضه الجيش على نازحين تواجدوا في منطقة المشروع وسط البلدة.

وخلال الأيام الماضية، أجبر الجيش الإسرائيلي الفلسطينيين في منطقة المشروع على الهجرة القسرية من أماكن إيوائهم إلى خارج محافظة الشمال موجها أوامرا بالتوجه للجنوب، وهو ما رفضه الفلسطينيون حيث توجهوا بدلا من ذلك لمدينة غزة.

وسبق للجيش الإسرائيلي أن استهدف فلسطينيين عكفوا على إعادة الحياة إلى محافظتي غزة والشمال من خلال إنشاء مشاريع صغيرة لكنها حيوية تساهم في التخفيف من المعاناة التي تعمد خلقها لإجبار المواطنين على الهجرة القسرية تحت قسوة الظروف.

وفي 5 أكتوبر/ تشرين الأول الجاري، بدأ الجيش الإسرائيلي عمليات قصف غير مسبوق لمخيم وبلدة جباليا ومناطق واسعة في شمالي القطاع، قبل أن يعلن في اليوم التالي بدء اجتياحه لها بذريعة "منع حركة حماس من استعادة قوتها في المنطقة"، بينما يقول الفلسطينيون إن إسرائيل ترغب في احتلال المنطقة وتهجير سكانها.

وقال المسلمي عن أبو ربيع: "كرس حياته لدعم المزارعين بكل الأشكال خاصة في هذه الحرب، وكان حريصاً على زراعة الأرض وإنباتها من جديد للتغلب على المجاعة التي تفشت بين أهالي شمال قطاع غزة".

ووصف المسلمي مقتل أبو ربيع بـ"الخسارة الكبيرة بالنسبة لأهالي بلدة بيت لاهيا ومزارعيها".

**أحلام تطوير الزراعة

في مقابلة سابقة مع الأناضول، قبل مقتله، قال المزارع أبو ربيع إنه كان "أول الأشخاص العائدين إلى بلدة بيت لاهيا بعد الانسحاب منها في يناير/ كانون الثاني 2024 (فترة زمنية شهدت تقدما وتراجعا للآليات الإسرائيلية في المنطقة عدة مرات".

وأوضح أنه بادر آنذاك لتشجيع وتحفيز المزارعين من أجل إعادة استصلاح أراضيهم وفي سبيل ذلك حاول عبر منصات التواصل من خلال الترويج لعدد من المبادرات لجلب الدعم وتقديمه للمزارعين بعد الخسائر الفادحة التي تعرضوا لها.

وتابع: "حاولت بكل الطرق جمع الأشتال وتقديمها للمزارعين لأجل تمكينهم من إحياء مزارعهم وكان همي الكبير آنذاك هو التخفيف من وطأة المجاعة التي كنا نعاني منها في شمال قطاع غزة".

ولفت إلى أن عمله والمزارعين "محفوف بالمخاطر كون المناطق التي يعملون بها حدودية ومكشوفة للقوات الإسرائيلية التي تجري بين وقت وآخر أعمال تمشيط وتوغل ما يؤدي لخسائر أحياناً".

رغم ذلك كان أبو ربيع يبدي إصرارا كبيرا على العمل فيما كان يحث المزارعين على عدم التوقف أبداً لاعتقاده بأن "إحياء الأرض هو السبيل الوحيد للتغلب على المجاعة التي فرضها الاحتلال على أهالي شمال قطاع غزة"، على حد وصفه.

وقال: "صحيح أن ما ننتجه في بيت لاهيا ليس كافياً لسد حاجة السوق المحلية لكن محاولة النهوض من العدم تبقى نقطة ضوء في بحر العتمة الذي أدخلتنا إليه حرب الإبادة الإسرائيلية".

وعن أمنياته تحدث الشاب حينذاك عن حلمه بـ"إحياء كل أراضي بيت لاهيا لتعود باللون الأخضر، ونعود لتصدير التوت الأرضي) والخيار والفلفل والطماطم للخارج مثل ما كنا قبل الحرب".

وأضاف: "آمل أن تنتهي الحرب وأنهي دراستي الجامعية وأساهم في خدمة المزارعين بشكل أكبر".

**منصات التواصل تنعي

فور انتشار خبر مقتل الشاب أبو ربيع، بدأ ناشطون على منصات التواصل بنعيه واصفين إياه بـ"منقذ شمال قطاع غزة من المجاعة في لحظة ما".

الصحفي يوسف فارس كتب عبر حسابه على فيسبوك: "ابن الأرض الوفي يوسف أبو ربيع، ارتقى مخلصاً لمواقفه وأفكاره، زرع الأرض القحل، وأحيا الروح البور، حرث وبذر وسقى وثمّر وعمّر .. وحين جاء وقت الاختبار، خضّب بدمه خصيب الأرض التي لا تشيخ".

وأضاف: "سلاماً يا يوسف الجميل، يا كحيل العين وجميل القلب والمبسم، ستبقى في قلوبنا زهرة حنون لا تذبل".

وكتب الصحفي محمد قريقع عبر حسابه أيضا: "رحل (أبو ربيع) بعد أن كان مبعث إلهام لمئات الفلسطينيين في غزة".

وتابع: "استند الفلاح يوسف أبو ربيع على فأسه ومنجله، ورمى نفسه على أرضه التي حوّلها الاحتلال لبور بنيران باروده، لينجح أبو ربيع في تحويلها لقطعة خضراء ربيعية، بعد أن كانت رمادية من رائحة البارود ولونه".

وقال قريقع: "تغلب يوسف على المجاعة وشبحها الأسود، إلى أن جاء اليوم الذي خطفه فيه القدر من حضن أرضه، لتضمه بين جنباتها للأبد، وتبتسم له السماء، إلى مساحة خضراء مد البصر يا أبو ربيع".

وبدعم أمريكي، تشن إسرائيل منذ 7 أكتوبر 2023، حرب إبادة جماعية على غزة خلفت أكثر من 143 ألف قتيل وجريح فلسطينيين، معظمهم أطفال ونساء، وما يزيد على 10 آلاف مفقود، وسط دمار هائل ومجاعة قتلت عشرات الأطفال والمسنين، في إحدى أسوأ الكوارث الإنسانية بالعالم.

وتواصل تل أبيب هذه الحرب متجاهلة قرار مجلس الأمن الدولي بإنهائها فورا، وأوامر محكمة العدل الدولية باتخاذ تدابير لمنع أعمال الإبادة الجماعية وتحسين الوضع الإنساني الكارثي بغزة.

الأخبار المنشورة على الصفحة الرسمية لوكالة الأناضول، هي اختصار لجزء من الأخبار التي تُعرض للمشتركين عبر نظام تدفق الأخبار (HAS). من أجل الاشتراك لدى الوكالة يُرجى الاتصال بالرابط التالي.
المواضيع ذات الصلة
Bu haberi paylaşın