"خمس حجارة".. أبعاد أمنية وسياسية لعدوان إسرائيل الجديد شمال الضفة (تقرير)
* أطلق الجيش الإسرائيلي على العملية اسم "خمس حجارة" في إشارة إلى مدن طوباس وعقابا وطمون والفارعة وتياسير التي تشملها العملية
Ramallah
رام الله / قيس أبو سمرة/ الأناضول
* أطلق الجيش الإسرائيلي على العملية اسم "خمس حجارة" في إشارة إلى مدن طوباس وعقابا وطمون والفارعة وتياسير التي تشملها العملية** أستاذ العلوم السياسية في جامعة النجاح الوطنية، رائد نعيرات:
- ما يقوم به الجيش الإسرائيلي يمثل توسعا غير مسبوق جغرافيا وميدانيا وإعادة احتلال للضفة
- العملية مرتبطة بشكل مباشر بالمنظومة الاستيطانية في ظل تكامل عمل الجيش والمستوطنين
*** مدير مركز يبوس للدراسات الاستراتيجية، سليمان بشارات:
- العملية العسكرية جزء من مسار سياسي واستراتيجي طويل يتصل بخطط الضمّ وإعادة تشكيل جغرافية الضفة
- المستوى السياسي في إسرائيل لا يريد وجود جغرافيا متماسكة تُقام عليها دولة فلسطينية مستقبلية
- العمليات الواسعة تأتي ضمن تهيئة ظروف سياسية وميدانية وتجربة سيطرة الجيش الفعلية على المدن واختبار بنية المقاومة بعد عامين من العمليات المتواصلة بالضفة
في ظل تصعيد عسكري إسرائيلي واسع شمالي الضفة الغربية المحتلة، أطلق الجيش عدوانا جديدا تحت اسم "خمس حجارة"، شمل بلدات في طوباس ونابلس وقباطية وقلقيلية، وضم اقتحام منازل فلسطينية واعتقالات ميدانية وتخريبا في بنى تحتية.
ويرى محللان سياسيان فلسطينيان أن العملية العسكرية الإسرائيلية المتصاعدة شمالي الضفة، تحمل أبعادا سياسية عميقة تتجاوز الإطار الأمني، وتمثل وفق تقديرهما "محاولة لإعادة فرض السيطرة الإسرائيلية على الضفة وتهيئة واقع جديد يمنع قيام دولة فلسطينية مستقبلا".
وأطلق الجيش الإسرائيلي على العملية اسم "خمس حجارة"، في إشارة إلى المناطق الخمس التي تشملها العملية، وهي مدن طوباس وعقابا وطمون والفارعة وتياسير.
** "إعادة احتلال الضفة"
أستاذ العلوم السياسية في جامعة النجاح الوطنية، رائد نعيرات، قال للأناضول، إن الجيش الإسرائيلي "لم يتوقف أصلا عن تنفيذ عمليات عسكرية واسعة في الضفة، لكن ما يجري الآن يمثل توسعا غير مسبوق جغرافيا وميدانيا".
وأضاف: "لو أردنا عدّ القرى والمدن التي اقتحمها الجيش خلال الأيام الأخيرة، فلن تكفي هذه المقابلة لذكرها جميعا.. وكذلك البيوت التي فُجرت أو خُرّبت، إضافة إلى حالات التنكيل والاعتقال".
وتابع: "نحن أمام عملية إعادة احتلال الضفة".
وأضاف نعيرات أن ما يجري بالضفة "مرتبط بشكل مباشر بالمنظومة الاستيطانية"، موضحا أن "تكامل عمل الجيش والمستوطنين يهدف إلى خدمة مشروع سياسي واحد".
جدير بالذكر أن الجيش الإسرائيلي والمستوطنون يواصلون اعتداءاتهم وتصعيدهم في الضفة الغربية منذ بدء حرب الإبادة التي استمرت لعامين في قطاع غزة، ما أسفر عن مقتل ما لا يقل عن 1087 فلسطينيا وإصابة قرابة 11 ألفا، إضافة إلى اعتقال أكثر من 21 ألفا.
** مخطط لتقويض قيام دولة فلسطين
ووفق نعيرات، تتركز العملية في شمال الضفة لأنه "الأكثر استهدافا بخطط الضم"، مشيرا إلى تبني الحكومة الإسرائيلية ثلاثة مشاريع رئيسية في المنطقة؛ اقتصادي واستيطاني، ومشروع طرق التفافية تربط جنين بنابلس وطوباس.
وأوضح أن تلك المشاريع تعني "مصادرة مئات آلاف الدونمات وتغيير البنية الجغرافية والديمغرافية لشمال الضفة".
وأشار نعيرات إلى "تطور خطير" في المنطقة يتمثل في "إدارة عسكرية مباشرة للسكان"، مستشهدا بحادثة وقعت في نابلس الأسبوع الماضي حيث "وزّع الجيش الإسرائيلي بيانات على التجار والمواطنين تطلب منهم الاتصال به إذا تعرضوا لأذى".
وقال إن ذلك يعني "تجاوز الإدارة المدنية والتحول إلى إدارة حكم ذاتي عسكري".
وذكر الأكاديمي الفلسطيني أن "جنودا إسرائيليين يدخلون المقاهي ويشترون الطعام ويحاولون نسج علاقات طبيعية مع السكان، ومن يرفض يتعرض للعقاب بتدمير محله أو اعتقاله".
وأشار نعيرات إلى أن "نتنياهو يقول إنه يتعرض لضغوط صهيونية لتدمير السلطة الفلسطينية"، موضحا أن رئيس الوزراء الإسرائيلي "يقود مشروع احتلال استيطاني يهدف لإنهاء أي إمكانية لقيام دولة فلسطينية، سواء في الضفة أو غزة".
وحتى نوفمبر/ تشرين الثاني الماضي، أعلنت 159 دولة اعترافها بدولة فلسطين، من أصل 193 دولة عضو بالأمم المتحدة، وفقا للخارجية الفلسطينية.
** مسار استراتيجي للضم
سليمان بشارات، مدير مركز يبوس للدراسات الاستراتيجية، قال للأناضول إن العملية العسكرية الإسرائيلية الحالية "لا يمكن قراءتها بوصفها نشاطا أمنيا عابرا"، بل "جزءا من مسار سياسي واستراتيجي طويل يتصل بخطط الضمّ وإعادة تشكيل جغرافية الضفة".
ويرى أن ما يجري في شمال الضفة "ليس عملية أمنية، بل خطوة ضمن إعادة رسم حدود مستقبلية تريدها إسرائيل".
وقال بشارات: "الجيش يعمل على شريط جغرافي متكامل بين طوباس والأغوار إلى جنين ثم طولكرم وقلقيلية، وهذه المنطقة تمثل الحدود المستقبلية لمفهوم الدولة اليهودية".
وأوضح أن المستوى السياسي في إسرائيل "لا يريد وجود جغرافيا متماسكة تُقام عليها دولة فلسطينية مستقبلية"، وبالتالي فالمطلوب "إنهاء إمكانية إقامة الدولة".
وأشار بشارات إلى أن العمليات الإسرائيلية الواسعة تأتي ضمن "تهيئة ظروف سياسية وميدانية، وتجربة سيطرة الجيش الفعلية على المدن، واختبار بنية المقاومة بعد عامين من العمليات المتواصلة" في الضفة.
وزاد: "في العامين الماضيين، وتحديدا العام الأخير، نفذ الجيش عمليات ضخمة واعتقل مئات الفلسطينيين، ولم يعد هناك ذريعة أمنية حقيقية، وبالتالي ما يجري الآن سياسي بدرجة أولى، مرتبط بالحكومة اليمينية وبمشاريع السيطرة على الضفة".
وتمهيدا لضم الضفة الغربية المحتلة إليها، تكثف إسرائيل منذ أن بدأت حرب الإبادة بقطاع غزة قبل عامين جرائمها في الضفة، ولاسيما تهجير فلسطينيين من أراضيهم والتوسع في البناء الاستيطاني.
وفي 24 أكتوبر/ تشرين الأول 2025، صادق الكنيست الإسرائيلي بالقراءة التمهيدية، على "مشروعي قانون"، أحدهما يقضي بضم الضفة، والآخر بضم مستوطنة معاليه أدوميم المقامة على أراض فلسطينية شرق القدس المحتلة.
وينبغي التصويت على كلا "مشروعي القانونين" بثلاث قراءات إضافية، قبل أن يصبحا قانونين نافذين، إلا أن ذلك لقي رفضا من الرئيس الأمريكي دونالد ترامب ودول عربية وإسلامية.
وتؤكد الأمم المتحدة أن الاستيطان في الأراضي الفلسطينية المحتلة "غير قانوني"، ويقوض إمكانية تنفيذ مبدأ حل الدولتين (فلسطينية وإسرائيلية)، وتدعو إلى وقفه منذ عقود، ولكن دون جدوى.
الأخبار المنشورة على الصفحة الرسمية لوكالة الأناضول، هي اختصار لجزء من الأخبار التي تُعرض للمشتركين عبر نظام تدفق الأخبار (HAS). من أجل الاشتراك لدى الوكالة يُرجى الاتصال بالرابط التالي.
