
Gazze
غزة/ حسني نديم/ الأناضول
- الفلسطيني خالد بركات للأناضول: شح توفر المكونات والغلاء يحول دون توفير كميات كبيرة من الوجبات-الطفلة نوال بربخ: حصولنا على كميات قليلة من الطعام أفضل من الجوع
-الطفلة ديما عبد الرحمن: نلجأ للتكية للحصول على وجبات جاهزة وسط انعدام قدرتنا على توفير الأغذية
-روحية أبو طعيمة: أوضاع النازحين المعيشية كارثية فهم بلا طعام ولا شراب ولا ملابس
يجد الفلسطيني خالد بركات صاحب تكية "الشابورة" بمدينة رفح جنوبي قطاع غزة، صعوبة في توفير المكونات الغذائية الأساسية اللازمة لإعداد الوجبات الساخنة التي يوزعها على المحتاجين والجياع الأكثر تضررا من الحرب الإسرائيلية المستمرة منذ 7 أكتوبر/ تشرين الأول الماضي.
وقال بركات، وهو ينظر إلى الأعداد الكبيرة التي تتزاحم أمام التكية المتواضعة التي افتتحها بمبادرة فردية تطوعية منه: "هذه الكمية المحدودة من الطعام لا تكفي لسد حاجات كل هؤلاء من المحتاجين والجياع".
وأضاف في حديثه للأناضول: "مكونات إعداد وطهي الطعام برفح شحيحة وإن توفرت تكون بأسعار مضاعفة، لذا لا نتمكن من إعداد كميات كبيرة من الوجبات".
ومنذ بداية الحرب، تواصل إسرائيل إغلاق معبر كرم أبو سالم التجاري المخصص لإدخال البضائع، ما تسبب في شح توفر المواد الغذائية، باستثناء ما تقدمه المساعدات الإغاثية الشحيحة الواصلة للقطاع.
وبحسب وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين "أونروا"، فإن ما يصل إلى القطاع من مساعدات إغاثية لا يلبي 7-8 بالمئة من احتياجات السكان.
وينشغل بركات بتوزيع "العدس الساخن" داخل أوان يمدها الفلسطينيون من بينهم نازحون وأطفال، يتهافتون للحصول على أطباق وحصص من الطعام والحساء الساخن الذي يزودهم بالطاقة ويقوي المناعة.
هؤلاء الفلسطينيون بالعادة يعجزون عن تلبية حاجات عائلاتهم من الغذاء لعدة أسباب أوجزوها في حوارات منفصلة مع الأناضول، قائلين إن السبب الأول يتمثل بشح توفرها في الأسواق، وأما الثاني يرجع لعدم توفر السيولة النقدية لديهم والتي تمكنهم من دفع مبالغ كبيرة للحصول على كميات شحيحة من الطعام.
فيما يتمثل الثالث بعدم توفر غاز ومستلزمات الطهي، خاصة للنازحين ومن دمرت منازلهم خلال الحرب، فضلا عن ارتفاع أسعار الحطب والخشب الذي بات يستخدم كبديل عن الغاز لإشعال النيران، وفق قولهم.
ومنذ بداية الحرب، نزح حوالي مليون ونصف من الفلسطينيين من المحافظات الخمس، وتوزعوا في مساحة تقدر بنحو 20 بالمئة فقط من مساحة قطاع غزة (حوالي 60 كيلو مترا)، بحسب آخر بيانات اللجنة الدولية للصليب الأحمر.
مدينة رفح، أقصى جنوب القطاع، استقبلت لوحدها ما يزيد عن مليون نازح منذ بداية الحرب، ما رفع عدد سكانها إلى مليون و300 ألف نسمة، بحسب تصريح سابق لرئيس بلدية رفح أحمد الصوفي.
ويعيش النازحون أوضاعا معيشية وصحية متردية للغاية، وسط تخوفات مؤسسات حقوقية ودولية من انتشار كبير للأمراض والأوبئة في أوساطهم -والتي بدأت بالفعل- جراء نقص الأغذية، وقلة مستويات النظافة.
**كمية قليلة أفضل من الجوع
تقف الطفلة نوال بربخ (9 أعوام)، التي نزحت من مدينة خانيونس إلى مركز لإيواء النازحين برفح، أمام تكية "الشابورة" لحجز دورها للحصول على وجبة بالكاد تكفي أفراد عائلتها.
وتقول للأناضول إن عائلتها نزحت إلى رفح بعد "محاصرة الجيش الإسرائيلي للمنازل بخانيونس، وهربت دون أن تأخذ معها أي شيء من الطعام أو الشراب أو الملابس".
وبينما تقف لساعات متحملة برودة الجو، إلا أنها تتعرض في بعض الأوقات للمزاحمة والدفع من الأشخاص الأكبر منها سنا خلال فترة انتظارها للوجبة، لكنها تقول: "مضطرة لتحمل ذلك للحصول على الطعام الذي يسد جوع عائلتي".
وتضيف: "نضطر للانتظار والوقوف لساعات طويلة جدا للحصول على هذه الوجبات".
وتشير إلى أنه رغم قلة ومحدودية كميات الطعام التي تحصل عليها من هذه التكية، إلا أنها تبقى "أفضل من الجوع".
وتستكمل قائلة: "لولا التكية، لما أكلنا شيئاً، ورغم الكمية القليلة يبقى أفضل من لا شيء".
**خشية من الحرمان
الطفلة ديما عبد الرحمن (11 عاما)، تقف بجسدها النحيف في هذا المكان المزدحم منتظرة دورها للحصول على وجبة طعام، منذ ساعات باكرة.
تنظر الطفلة حولها بترقب وحذر، خشية أن يفوتها الدور وتنفد الأقدار المليئة بالطعام، قبل حصولها على وجبة تسد جوع أفراد أسرتها، كما حصل معها الخميس.
وتقول للأناضول بنبرة حزينة: "شعرت بالحزن والقهر الخميس لأنني لم أستلم وجبة من هنا، لذا قررت أن أخرج باكرا وأن أزاحم للحصول على الطعام لعائلتي".
وتضيف: "لا يوجد لدينا غاز أو حطب حتى نتمكن من طهي الطعام، لذلك نلجأ إلى التكية للحصول على وجبة جاهزة".
ويواجه سكان قطاع غزة، خطر الجوع بحسب تقارير أممية ترصد مستويات الجوع في العالم، بفعل إجراءات الجيش الإسرائيلي.
**الوضع المعيشي كارثي
الفلسطينية روحية أبو طعيمة، النازحة من المناطق الشرقية بخانيونس لرفح، تقف هي الأخرى منتظرة دورها للحصول على وجبة طعام، في موقف لم تتخيل أن تعيشه يوما.
وتقول أبو طعيمة، للأناضول، إن الوضع المعيشي في مكان نزوح عائلتها كارثي جراء نقصان مستلزمات الحياة الأساسية من الطعام والشراب والملابس.
وتصف هذه الأيام التي تمر بها بـ"القاسية جدا"، حيث حولت الحرب كل تفاصيل الحياة إلى "معاناة ومشقة".
وتشير إلى أنها وعائلتها نزحوا من خانيونس حفاة الأقدام، ودون اصطحاب أي شيء معهم، مضيفة: "لا نمتلك أي ملابس أو أغطية، ولم نحصل على خيمة وأوضاعنا كارثية".
ويصنف الجيش الإسرائيلي محافظة خانيونس بمنطقة قتال وتشهد أعمالا عسكرية عنيفة، فيما تندلع فيها معارك ضارية بين الجيش ومقاتلي الفصائل الفلسطينية المسلحة.
وختمت قائلة: "تم تجريف المنزل بالجرافات فوق رأس نجلي وابنته وبنات أشقائي، وحدث ذلك أمام عيني، ودفنوهم بالجرافات والآليات العسكرية تحت ركام المنزل".
ومنذ 7 أكتوبر/ تشرين الأول 2023، يشن الجيش الإسرائيلي حربا مدمرة على قطاع غزة، خلفت حتى الجمعة "26 ألفا و83 شهيدا، و64 ألفا و487 مصابا، معظمهم أطفال ونساء"، وفق السلطات الفلسطينية، وتسببت في "دمار هائل وكارثة إنسانية غير مسبوقة"، بحسب الأمم المتحدة.
الأخبار المنشورة على الصفحة الرسمية لوكالة الأناضول، هي اختصار لجزء من الأخبار التي تُعرض للمشتركين عبر نظام تدفق الأخبار (HAS). من أجل الاشتراك لدى الوكالة يُرجى الاتصال بالرابط التالي.