أفريقيا, التقارير

2018.. عام المصالحات والإصلاحات وتمكين المرأة في إثيوبيا (حصاد العام)

شهدت إثيوبيا تحولات جذرية منذ وصول "آبي أحمد" إلى السلطة، فيما حضر سد النهضة بصورة مختلفة عن السنوات الماضية.

22.12.2018 - محدث : 22.12.2018
2018.. عام المصالحات والإصلاحات وتمكين المرأة في إثيوبيا (حصاد العام)

Addis Abeba

أديس آبابا / إبراهيم صالح / الأناضول

شهدت إثيوبيا عام 2018 أحداثا هامة على مختلف الأصعدة، كان أبرزها صعود قومية الأورومو إلى سدة الحكم، وبزوغ نجم المرأة، في إطار إصلاحات سياسية واقتصادية ومصالحات وسلام شامل.

وتمخض عام الإصلاحات عن إسقاط التهم عن جماعات وحركات مسلحة، وعودة قيادات وجماعات من المنفى.

فيما تمثلت أبرز الأحداث الخارجية التي شهدتها إثيوبيا في تحقيق السلام، وعودة العلاقات مع الجارة الشمالية إريتريا بعد قطيعة عقدين، فيما كان سد النهضة الإثيوبي حاضرا لكن بصورة مختلفة هذا العام.

** "الأورومو" في دائرة الضوء

ظل إقليم "أوروميا " (جنوب وسط) في قلب الأحداث السياسية بإثيوبيا منذ 2015، بعدما شهد احتجاجات استمرت حتى مطلع 2018، لكن حضوره هذا العام شكل تحولا في الخارطة السياسية بالبلاد، بعد وصول شخصية من قومية "أورومو" إلى رئاسة وزراء إثيوبيا لأول مرة في تاريخها.

على إثر الاحتجاجات المتواصلة بالإقليم الذي ضيق الخناق على العاصمة أديس آبابا للمطالبة بالإفراج عن المعتقلين، وأسفرت عن 7 قتلى، اضطر رئيس الوزراء الإثيوبي السابق هيلي ماريام ديسالين في 15 فبراير، إلى تقديم استقالته من رئاسة الوزراء والائتلاف الحاكم، وجرى إعلان حالة الطوارئ بالبلاد.

فتح هذان القراران الطريق أمام صعود قومية الأورومو، عندما تم اختيار "آبي أحمد علي" رئيسا للوزراء ورئيسا للائتلاف الحاكم الذي يتكون من أربعة أحزاب بينهم حزب الأورومو.

و"الأورومو" أكبر قومية في إثيوبيا، تراوح نسبتهم وفق تقديرات بين 50 و80 % من إجمالي السكان، البالغ عددهم أكثر من 100 مليون نسمة، وأغلب "الأورومو" مسلمون.

ويتمتع إقليم "أوروميا" بحكم شبه ذاتي، ويتبع الكونفدرالية الإثيوبية المكونة من 9 أقاليم.

** سجل حافل

لعب سجل "آبي أحمد" (42 عاما) المنحدر (من أب مسلم وأم مسيحية)، دورا كبيرا في تشكيل شخصيته، إذ تدرج بالجيش الإثيوبي، ووصل رتبة عقيد عام 2007.

حصل "آبي أحمد" على بكالوريوس هندسة حاسوب، ودراسات عليا في تطبيقات التشفير، والماجستير في إدارة التغيير والتحول، وأخرى في إدارة الأعمال، والدكتوراه بالتخصص نفسه من معهد دراسات السلام والأمن بجامعة أديس آبابا.

سياسيا، تدرج الرجل عبر حزبه "أورومو" وأصبح عضوا في اللجنة التنفيذية للائتلاف الحاكم، لينتخب عضوا بالبرلمان الإثيوبي عن "أغارو" بمنطقة جيما في إقليم "الأورومو" لدورتين، ووزيرا للعلوم والتكنولوجيا بالحكومة الفيدرالية.

** خارطة طريق للإصلاحات

رسمت كلمات "آبي أحمد" في أول خطاب له أمام مجلس النواب، خارطة طريق لإصلاحات طال انتظارها، حيث تعهد آنذاك بإطلاق الحريات السياسية، ومحاربة الفساد، وتطوير الاقتصاد، ومواصلة النمو، مؤكدا أن إقامة العدل والمساواة، وتحقيق الوحدة والسلام بين مكونات الشعب، أساس حل المشاكل التي تواجه بلاده.

في 8 أبريل، دعا "آبي أحمد" إلى حل عاجل لنزاع حدودي بين إقليمي أوروميا (جنوب) والصومال (جنوب شرق) الإثيوبيين، ما تمخض لاحقا عن إنهاء أزمة حدودية بينهما، ظلت ملتهبة منذ سبتمبر 2017، تسببت في سقوط قتلى ونزوح المئات من أوروميا إلى إقليم هرر المجاور، وفق الحكومة الفيدرالية.

ويتمتع الإقليمان بحكم شبه ذاتي، ويتبعان الكونفدرالية الإثيوبية.

وفي 19 من أبريل، منح البرلمان الثقة للحكومة الجديدة برئاسة "آبي أحمد علي"، وتمثلت أبرز ملامح التشكيل الوزاري الجديد المؤلف من 29 وزيرا (بينهم 3 نساء)، في الإبقاء على 13 وزيرا من الحكومة السابقة، وتغيير مواقع ستة وزراء، إضافة إلى تعيين عشرة وزراء جدد.

** إصلاحات ومصالحات داخلية

في 6 مايو صوّت البرلمان بالأغلبية لمصلحة رفع حالة الطوارئ المفروضة في البلاد في 16 فبراير الماضي.

في الـ 7 من يونيو الماضي، أجرى "آبي أحمد" أول تغيير لرئيس الأركان ومدير جهاز الأمن والمخابرات الوطنية، في تعديلات هي الأولى من نوعها منذ 17 عاما.

وفي 22 من ذات الشهر، أعلنت المعارضة الإثيوبية في إريتريا التخلي عن المقاومة المسلحة، وتعليق أنشطتها العسكرية.

وقالت إن هذه الخطوة تأتي في إطار "الخطوات المشجعة"، التي اتخذها رئيس الوزراء الإثيوبي، و"التطورات الإيجابية الكبيرة" التي أحدثها في البلاد.

وكان "آبي أحمد" قد اصطحب مطلع يونيو الماضي في رحلة عودته من القاهرة اثنين من كبار قادة "جبهة تحرير أورومو الديمقراطية" المعارضة، التي تتخذ من إريتريا مقرا لها.

وفي 5 يوليو، رفع البرلمان الإثيوبي حركات المعارضة المسلحة ـ "قنوب سبات" و"جبهة تحرير أورومو" و"جبهة تحرير أوغادين" ـ من لائحة المجموعات الإرهابية في البلاد، التي أعلنتها الحكومة في يونيو 2011.

كما أقر البرلمان في جلسة استثنائية عقدت في 20 يوليو الماضي، قانون العفو العام للأفراد والجماعات قيد التحقيق، أو المدانين بتهمة الخيانة وتقويض النظام الدستوري والمقاومة المسلحة.

في 9 سبتمبر عاد إلى إثيوبيا برهانو نيقا، رئيس حركة "قنبوت سبات" المعارضة، قادما من الولايات المتحدة وبصحبته أكثر من 250 من قيادات وأعضاء الحركة، بعد نحو 13 عاما قضاها في قتال حكومة أديس آبابا انطلاقا من الأراضي الإريترية.

وقبل ذلك التاريخ بأسبوع، عاد مقاتلون من ائتلاف المعارضة الإثيوبية، المكون من حركة "قنبوت سبات" و"الجبهة الوطنية الإثيوبية".

** إصلاحات اقتصادية

في 6 يونيو، أعلنت اللجنة التنفيذية للائتلاف الحاكم إصلاحات للاقتصاد، شملت خصخصة الشركات الحكومية، وفي الـ 28 من الشهر ذاته، بدأت إثيوبيا رسميا أول تجربة لاستخراج النفط من منطقة أوغادين بإقليم الصومال الإثيوبي (شرق / ضمته إثيوبيا عام 1954 وتقطن فيه قبائل صومالية).

** بزوغ نجم المرأة الإثيوبية

ينظر الكثيرون إلى 2018 على أنه عام المرأة الإثيوبية بلا منازع، وصلت خلاله الأخيرة إلى مناصب تنفيذية وتشريعية رفيعة، بدأت في فبراير، عندما تولت السفيرة ساميا زكريا رئاسة المجلس الوطني للانتخابات (جهة مشرفة)، لأول مرة في تاريخ البلاد.

وفي أبريل، انتخب مجلس نواب الشعب السيدة "مفريات كامل" رئيسة له، باعتبارها أول امرأة تتولى المنصب في البلاد، خلفا لرئيسه السابق "أبا دولا جمدا"، وتم إسناد رئاسة المجلس الفيدرالي (الغرفة الثانية) إلى "خيرية إبراهيم".

ومنتصف أكتوبر، وفي ثاني تشكيل وزاري لـ "آبي أحمد"، نالت المرأة نصف التشكيلة الحكومية بـ 10 حقائب من أصل 20، بينها الدفاع التي تولتها عائشة محمد موسى.

كما تقلدت رئيسة البرلمان بعد استقالتها من منصبها وزارة السلام التي تم استحداثها، وستتولى أيضا الإشراف على الاستخبارات وجهاز الأمن، بما في ذلك لجنة الشرطة الاتحادية.

وبعد أقل من أسبوعين على إعلان التشكيل الوزاري، انتخب البرلمان السفيرة "سهلي ورق زودي" رئيسة لإثيوبيا لأول مرة.

** السلام والمصالحات الخارجية

في أول كلمة له بعد تصديق البرلمان على توليه الحكم، أعلن "آبي أحمد" رغبته في إنهاء الخلاف مع إريتريا، وفتح بذلك بابا أغلق لعقدين من الزمان، واستعصى على المنظمات الإقليمية والدولية (الاتحاد الإفريقي والأمم المتحدة ) فتحه.

في 6 يونيو، أعلنت اللجنة التنفيذية للائتلاف الحاكم في إثيوبيا (الجبهة الثورية الديمقراطية لشعوب إثيوبيا)، موافقتها على التنفيذ الكامل لـ "اتفاقية الجزائر" للسلام الموقعة عام 2000، فضلا عن قرارات لجنة ترسيم الحدود مع إريتريا.

وفي 20 من ذات الشهر، أعلن الرئيس الإريتري أسياس أفورقي خلال كلمة بـ "يوم الشهيد"، رغبته في إرسال وفد إلى أديس آبابا لإجراء محادثات سلام مع إثيوبيا حول تنفيذ "اتفاقية الجزائر"، وترسيم الحدود بين البلدين.

واستقلت إريتريا عن إثيوبيا عام 1993، ويشغل أسياس أفورقي منصب رئيس البلاد منذ ذلك الوقت.

وفي 8 يوليو، زار "آبي أحمد" إريتريا على رأس وفد رفيع المستوى، وشهدت الزيارة الرسمية التي استمرت يومين العديد من الاتفاقات بين البلدين.

وفي اليوم التالي، وقعت إثيوبيا وإريتريا اتفاق سلام تاريخيا، أنهت الدولتان بموجبه عداء استمر 20 عاما منذ اندلاع الحرب بينهما على حدود متنازع عليها في 1998.

بعد ذلك بأيام قليلة، وفي 14 يوليو، زار أفورقي إثيوبيا، الأولى من نوعها منذ عقدين، افتتح خلالها سفارة بلاده لدى أديس آبابا.

وفي السادس من سبتمبر، سجل "آبي أحمد" مع الرئيس الصومالي محمد عبد الله فرماجو زيارة ثانية لإريتريا، افتتح خلالها الأول سفارة بلاده بالعاصمة الإريترية، بعد نحو 20 عاما من الإغلاق.

وبالتزامن، استقبل ميناء "مصوع" الإريتري أول سفينة إثيوبية.

إلا أن اهتمام "آبي أحمد" بالسلام لم يقتصر على إريتريا فحسب، وانما طال دول منطقة القرن الإفريقي، كجيبوتي التي وصل إليها في 28 من أبريل، في أول زيارة خارجية له بعد تقلده منصبه.

وفي 5 سبتمبر، عُقدت قمة جمعت الرئيسين الإريتري والصومالي ورئيس الوزراء الإثيوبي في أسمرة، لبحث فرص التعاون، والمستجدات الإقليمية في المنطقة، وتأتي الخطوة عقب تحولات وعودة في العلاقات بين البلدان الثلاثة، التي شهدت اضطرابات على مدار عقود.

وتبنت القمة مبادرة لإنهاء التوترات في المنطقة، وتعزيز التنمية والسلام في القرن الإفريقي.

ولعب "آبي أحمد" دور الوساطة بين جيبوتي وإريتريا، وأعلنت الأولى في سبتمبر قبول وساطته لإعادة العلاقات مع أسمرة، لينجح في نزع فتيل النزاع الحدودي والذي يعود إلى ما قبل استقلالهما (استقلت إريتريا 1993 وجيبوتي 1977).

وفي 10 نوفمبر، استضافت إثيوبيا قمة ثلاثية جمعت آبي أحمد ورئيسي إريتريا أسياس أفورقي، والصومال محمد فرماجو.

وصدر في ختام المباحثات بيان مشترك، أوضح أن الزعماء ناقشوا التطورات في منطقة القرن الإفريقي، وسبل تعزيز التعاون.

** سد النهضة حضور مختلف

في 2018، برزت بشكل مختلف قضية "سد النهضة" المثير للجدل والذي بدأت الحكومة الإثيوبية إنشاءه في 2011.

وأواخر يوليو، عُثر على جثة مدير مشروع سد النهضة "سمنجاو بقلي (53 عاما) في سيارته وسط أديس آبابا، وأعلنت الشرطة لاحقا أنه انتحر بمسدس خاص كان موضوعا داخل سيارته.

في 25 أغسطس، أقر "آبي أحمد" خلال مؤتمر صحفي في أديس آبابا بتأخر أعمال بناء سد "النهضة"، التي كان مقررا أن تنتهي في 2017، بسبب إخفاقات شركة "ميتك" الإثيوبية المنفذة للمشروع (تابعة للجيش)، معلنا نقل العقد إلى شركة "ساليني إمبريجيلو" الإيطالية.

وفي 13 الجاري، كشف مدير مشروع سد النهضة "كيفلي هورو"، أنه سيتم الانتهاء من عمليات بناء المشروع الذي يقام على أحد الروافد المائية الرئيسية لنهر النيل عام 2022.

وتتخوف القاهرة من تأثير سلبي محتمل للسد الإثيوبي على تدفق حصتها السنوية من مياه النيل (55 مليار متر مكعب).

فيما يقول الجانب الإثيوبي إن السد سيمثل نفعا له، خاصة في مجال توليد الطاقة، ولن يمثل ضررا على دولتي مصب النيل، السودان ومصر.

الأخبار المنشورة على الصفحة الرسمية لوكالة الأناضول، هي اختصار لجزء من الأخبار التي تُعرض للمشتركين عبر نظام تدفق الأخبار (HAS). من أجل الاشتراك لدى الوكالة يُرجى الاتصال بالرابط التالي.