الثقافة والفن, أفريقيا, التقارير

معهد تعليم العربية لغير الناطقين بها.. جسر الوحدة الوطنية في موريتانيا

تتواجد في موريتانيا شرائح اجتماعية تتحدث بلغة أخرى

 | 05.07.2017 - محدث : 05.07.2017
معهد تعليم العربية لغير الناطقين بها.. جسر الوحدة الوطنية في موريتانيا

Mauritania

نواكشوط / محمد البكاي / الأناضول

معهد تعليم اللغة العربية لغير الناطقين بها يعتبر قلعة من قلاع العلم في موريتانيا، بحسب القائمين عليه والذين يطمحون إلى نشر اللغة وإعادة التألق العلمي الكبير لهذا البلد، باعتباره مركز إشعاع لغة الضاد في إفريقيا.

يشكل المعهد غير الحكومي واحدا من أكبر المراكز العلمية المهتمة بتعليم اللغة العربية لغير الناطقين بها، إذ كان له دور هام في حماية وتثمين التراث الإسلامي في مناطق غير الناطقين بهذه اللغة في موريتانيا، التي تتواجد فيها شرائح اجتماعية تتحدث بلغة أخرى.

يقول القائمون على المعهد، إن من بين أهدافه البارزة "ترسيخ الوحدة واللحمة الوطنية بين مكونات الشعب الموريتاني من عرب وزنوج، من خلال كسر حاجز اللغة الذي يعيق التواصل بين مكونات المجتمع".

ومنذ 20 عاما استقبل المعهد على مقاعده الدراسية آلاف الطلاب من مختلف الأعمار، الذين ارتشفوا من معين القرآن الكريم وتعلموا لغته "تحقيقا للانتماء للوطن الواحد والشعب والأمة الواحدة ذات الدين الواحد".

لملمة النسيج الاجتماعي:

يقول مدير المعهد أحمد سالم ألمين فال، إن "المعهد تأسس انطلاقا من الظرف الذي تسببت فيه أحداث عام 1989 العرقية، وذلك بعد أن رأت مجموعة من المعلمين والأساتذة أن النسيج الاجتماعي قد تعرض لإصابات بالغة حينما تساقى أبناء الوطن الواحد الدم، وتمايزوا من خلال ألسنتهم وألوانهم".

ولفت في حديث للأناضول إلى أن "المعهد تأسس منطلقا من أن الشعب الموريتاني مجتمع تحت لواء الإسلام، الذي يعتبر جامعه المانع من الأزمات".

وشدد أن "لغة القرآن، أصيلة بين كل الشرائح الموريتانية عربها وزنوجها".

ولفت إلى أن "العربية كانت لغة التعليم والتأليف عند كل علماء وطلاب البلاد، لكن الاستعمار الفرنسي ركز أساسا على الزنوج بتشريد واضطهاد علمائهم وحرق المكتبات العربية في حواضرهم، ثم بعد ذلك تخريج نخبة من مختلف الشرائح الموريتانية تنتقص من اللغة العربية وتقف في وجه ترسيخها".

وأوضح مدير المعهد أن "المعهد أسهم في مناطق ضفة النهر (جنوب) حيث ينتشر الزنوج الموريتانيون، في تقديم خطاب وحدوي جديد تختفي معه نوازع العنصرية والمفردات الفئوية".

البداية بستة طلاب:

وفي سياق حديثه، أشار ألمين فال إلى أن "المعهد بدأ بـ 6 طلاب قبل 20 عاما، واليوم يضم أكثر من 3 آلاف طالب وطالبة، فضلا عن وجود 3 فروع له تنظم مراحل التعليم".

وأكد أن "المعهد يتبع برنامجا تعليميا متميزا يشرف عليه مجلس تربوي من خيرة الأساتذة والمفتشين في موريتانيا، وطاقم تدريسي من المشهود لهم بالكفاءة".

وخلال الأعوام الستة الأخيرة خرّج المعهد أكثر من 200 طالب تعلموا اللغة العربية، فضلا عن أكثر من 70 حافظا للقرآن الكريم بينهم 25 فتاة.

وتوقع القائمون على المعهد أن يرتفع هذا العدد خلال العام الجاري إلى نحو 100 حافظ للقرآن الكريم من مختلف شرائح المجتمع.

ويبدأ نظام التدريس بالمعهد من المرحلة التمهيدية إلى الثانوية العامة يتخرج فيه الطالب حافظا للقرآن الكريم مؤهلا بمستوى الثانوية العامة.

وأوضح ألمين فال أن "النساء الريفيات هن أكثر من يستفيد من خدمات المعهد الذي لديه أيضا مراكز خاصة لمحو الأمية ونشر معارف الشريعة".

قوافل تجوب الأرياف والبوادي

ينظم المعهد بين الحين والآخر قوافل تعليم خاصة تستهدف قرى ضفة النهر، حيث يقيم المدرس شهرا كاملا في قرية ما يقدم خلالها برنامجا علميا لتحفيظ سور من القرآن الكريم، وكذا تعليم أساسيات الفقه والسيرة النبوية والحديث الشريف.

وتغطي القوافل الدعوية ما بين 40 و60 قرية سنويا، مستهدفة بذلك أكثر من ستة آلاف شخص سنويا.

وفي إطار تطوير خطته التعليمية، أسس المعهد وحدة أكاديمية مخصصة للطلاب الأجانب معنية بتعليم اللغة العربية، من مرحلة التهجي وحتى الإتقان والدراسة الأكاديمية.

وعن مصادر التمويل، أوضح ألمين فال أن "المعهد قام على فكرة تطوعية أساسا، ومع توسعه بدأ يواجه مشكل الكلفة التشغيلية ورواتب المدرسين وتكاليف العمل، ما دفع عددا من المحسنين الموريتانيين إلى تقديم الدعم له ومواكبته في مسيرته التعليمية التربوية".

وحول المشكلات التي تواجه هذه المؤسسة التربوية، لفت ألمين فال إلى أن "المعهد يواجه أزمة استيعاب، ففصوله وفروعه لا تكفي لاستيعاب الإقبال المتزايد عليه، فضلا عن الكلفة التشغيلية للعمل ورواتب المدرسين".

وختم أن "هذا الحال يجعلنا نطرح أسئلة كبيرة تتعلق بعمل المعهد واستمراريته (...) لكن الثقة بالله تعالى تدفعنا إلى الإصرار والعمل".

الأخبار المنشورة على الصفحة الرسمية لوكالة الأناضول، هي اختصار لجزء من الأخبار التي تُعرض للمشتركين عبر نظام تدفق الأخبار (HAS). من أجل الاشتراك لدى الوكالة يُرجى الاتصال بالرابط التالي.
المواضيع ذات الصلة
Bu haberi paylaşın