السياسة, الدول العربية, أخبار تحليلية

تخريب عملية السلام في ليبيا (تحليل)

14.11.2018 - محدث : 16.11.2018
تخريب عملية السلام في ليبيا (تحليل)

Istanbul

إسطنبول / فرقان بولاط / الأناضول

اجتمعت الأطراف المحلية والدولية الفاعلة في الأزمة الليبية، بمدينة باليرمو الإيطالية، الإثنين والثلاثاء الماضيين، من أجل إيجاد حل سلمي للأزمة الليبية.

نائب الرئيس التركي فؤاد أوكتاي، الذي مثل تركيا في الاجتماع الخاص بليبيا أعلن، الثلاثاء، انسحاب بلاده من الاجتماع.

العبارة التي ذكرها أوكتاي، خلال الإعلان جلبت معها العديد من الأسئلة حول المباحثات من جهة والأزمة الليبية من جهة أخرى، والتي قال فيها "الاجتماع غير الرسمي الذي عقد بين بعض الأطراف هذا الصباح (الثلاثاء) وعرض هذه الأطراف كفاعلين رئيسيين في منطقة البحر المتوسط، هو نهج مضلل للغاية ومضر، ونعارضه بشدة".

انطلاقا من هذه العبارة فإنه ينبغي الإجابة على الأسئلة التالية: من هي الأطراف التي أكد عليها نائب الرئيس أوكتاي؟ وما الذي يمكن لتركيا فعله في إطار الوضع الحالي للأزمة الليبية؟.

غسان سلامة، الذي عين في 2017، ممثلا خاصا للأمم المتحدة بشأن ليبيا، أعلن في سبتمبر/ أيلول 2017، عن البدء بخطة عمل مؤلفة من 4 مراحل. هذه الخطة تدعو لتعديل حكومة الوفاق الوطني في طرابلس، بحيث تتوافق مع طلبات الأطراف، وعقد مفاوضات وطنية شاملة بحيث تشمل جميع الأطراف المحلية، وإعادة صياغة الدستور وعرضه لاستفتاء شعبي، وإجراء انتخابات عامة بالبلاد.

قبل الإجابة على هذه الأسئلة ينبغي التطرق باختصار إلى مؤتمر باليرمو حول ليبيا. المؤتمر هو استمرار للقاءات الجارية من أجل إيجاد حل سلمي للأزمة الليبية.

اللاعبون المحليون والدوليون، الذين هم طرف في الأزمة، اجتمعوا في إطار الخطة باستضافة فرنسا في مايو/ أيار 2018.

النتيجة التي تمخضت عن اجتماع باريس حينها، هي: إدارة العملية بشكل متزامن، وإجراء الانتخابات في ديسمبر/ كانون الأول 2018.

لكن الاشتباكات التي استمرت بين الأطراف (الليبية) طوال العام، والخلافات في الرؤى بين الأطراف السياسية أحبطت قرارات إعلان باريس.

** موقف تركيا الحازم

إيطاليا التي تعد من البلدان الأكثر تأثرا من الهجرة غير القانونية بسبب حالة عدم الاستقرار في ليبيا، أخذت زمام المبادرة واستضافت قمة جديدة بغية تجاوز المعضلة المذكورة.

شارك في القمة إلى جانب الدول الجوار لليبيا، ممثلو العديد من الدول بينها تركيا وقطر وفرنسا وروسيا والإمارات العربية المتحدة، بالإضافة إلى الأطراف المحليين، بينهم رئيس حكومة الوفاق الوطني فائز السراج، ورئيس مجلس النواب في طبرق (شرق) عقيلة صالح، ورئيس المجلس الأعلى للدولة خالد المشري.

الموضوع الأكثر إثارة للاهتمام قبيل القمة كان حول مشاركة قائد القوات المسيطرة على معظم الشرق الليبي خليفة حفتر من عدمها في القمة، والذي يسيطر على القسم الأهم من ليبيا من خلال الدعم الذي يتلقاه من مصر والإمارات العربية المتحدة والسعودية وفرنسا.

حفتر الذي أدلى بخطابات متضاربة بشأن المشاركة في القمة، توجه بقرار مفاجئ إلى إيطاليا مساء الإثنين، وقال إن هدف زيارته لإيطاليا ليس المشاركة في القمة وإنما لإجراء مجموعة من اللقاءات في باليرمو، حول المسائل الأمنية مع الدول المجاورة لليبيا.

عقب هذه التصريحات بدأت المسيرة التي انتهت بانسحاب تركيا من المؤتمر الخاص بليبيا.

خلال ساعات صباح الثلاثاء، وبدعوة من حفتر، أجريت قمة أمنية بمشاركة رئيس حكومة الوفاق الوطني فائز السراج، والرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، ورئيس الوزراء الإيطالي جوزيبي كونتي، ووزير الخارجي الفرنسي جان إيف لودريان، ورئيس الوزراء الروسي مدفيديف، وممثلي الدول الأخرى المجاورة لليبيا.

الموضوع اللافت في القمة هو عدم مشاركة الأطراف المحلية المعارضة لحفتر فيها، وإقصاء دول يمكن أن تلعب دورا محوريا في حل الأزمة، مثل تركيا وقطر، من الاجتماع.

** الدعم المقدم لحفتر سيعمّق الأزمة أكثر

اللقاء الذي تناول المسألة الأمنية في ليبيا، له هدفان أساسيان؛ أولهما، إضفاء الشرعية على المكانة الحالية لحفتر، والذي حقق مكاسب كبيرة بفعل الدعم العسكري المقدم له من قبل فرنسا والإمارات العربية المتحدة ومصر والسعودية منذ 2014 إلى الوقت الراهن.

قبيل قمة باليرمو، تم الاتفاق خلال لقاءات عقدت بقيادة مصر في العاصمة القاهرة، بهدف جمع الوحدات الأمنية (والعسكرية) بليبيا تحت سقف واحد، وتشكيل جيش وطني بقيادة حفتر. هذا القرار نال مصادقة الأطراف الدولية ضمنيا، بفعل مخاطبة حفتر، بشكل مباشر خلال تلك اللقاءات.

الهدف الثاني هو دعم السبل التي يطرحها حفتر، حول وضع حد لعدم الاستقرار في ليبيا، وأعلن حفتر، في العديد من تصريحاته بأنه لا يمكن تحقيق الاستقرار في ليبيا بدون "الجيش الوطني" (قوات حفتر)، وأنه سيواصل الكفاح العسكري حتى يتم القضاء على جميع العناصر المعارضة في البلاد.

عند الوضع بعين الاعتبار المدن المهمة التي لا تزال غير خاضعة لسيطرة حفتر مثل طرابس والزنتان ومصراتة (غرب)، فإنه لا مفر من تعمق الأزمة الليبية في حال تم شن أي عملية عسكرية على هذه المدن.

مواقف حفتر والأطراف الدولية الداعمة له، خلال قمة باليرمو، هي انعكاس لما اكتسبوه على الأرض.

وفي هذا الوضع فإن لدى تركيا خيارين؛ الأول هو القبول بموقف حفتر الحالي.

وإسقاطاته بشأن مستتقبل ليبيا، وهذا الخيار سيعني إهدار جميع الجهود التي بذلتها تركيا في سياستها حول المنطقة، والثاني هو جمع المعارضة العاملة على الأرض وتقديم الدعم العسكري والسياسي لها، وإعادة إنشاء توازن للقوى من جديد في ليبيا.

على الرغم من أن المكاسب التي حققها حفتر خلال الأعوام الأخيرة، والتي زادت من أهميته في حل الأزمة الليبية، فإنه يمكننا الحديث عن معارضة كبيرة ضده.

لكن الصراع بين عناصر المعارضة هذه، يعيق ظهور قوة توازن فعالة. التواصل مع هذه المجموعات وتشكيل ائتلاف موازن عبر تنظيمها، سيحول تركيا إلى إحدى أكثر الأطراف الفاعلة فيما يخص حل الأزمة الليبية.

[فرقان بولاط، باحث في مكتب ليبيا بمعهد الشرق الأوسط (ORMER) في جامعة صقاريا التركية] .

أعده للنشرة العربية: سنان متيش

الأخبار المنشورة على الصفحة الرسمية لوكالة الأناضول، هي اختصار لجزء من الأخبار التي تُعرض للمشتركين عبر نظام تدفق الأخبار (HAS). من أجل الاشتراك لدى الوكالة يُرجى الاتصال بالرابط التالي.