بخيام بالية وسط غزة.. مساع لاستعادة تعليم ضيعته إسرائيل (تقرير)
في محاولة تدريجية لاستعادة المسيرة التعليمية، وفي مخيم البريج وسط قطاع غزة يجلس عشرات الطلبة الفلسطينيين بعضهم على مقاعد وآخرون على حجارة داخل خيام مهترئة تحولت إلى غرف صفية بديلة عن التي دمرتها إسرائيل في حرب الإبادة.
Gazze
غزة / الأناضول
- 8 خيام على قطعة أرض لا تتجاوز ألف متر، حلت بديلا عن 4 مدارس للثانوية في مخيم البريج- الخيام الثمانية تخدم فقط ألف و500 طالب وطالبة فيما يحرم آلاف من طلبة المخيم من الالتحاق
- إبراهيم محمود، مشرف ملف التعليم في البريج: الخيام مهترئة، والطلاب يجلسون على حجارة
- عبد الرحيم القريناوي، مدير مدرسة: نقص القرطاسية يحول دون قدرة الطلبة على تدوين الدروس
- الطالب محمد الخطيب: مصممون على العودة للدراسة ونطالب بإدخال القرطاسية ومستلزمات التعليم
في محاولة تدريجية لاستعادة المسيرة التعليمية، وفي مخيم البريج وسط قطاع غزة يجلس عشرات الطلبة الفلسطينيين بعضهم على مقاعد وآخرون على حجارة داخل خيام مهترئة تحولت إلى غرف صفية بديلة عن التي دمرتها إسرائيل في حرب الإبادة.
ثماني خيام على قطعة أرض لا تتجاوز ألف متر، هكذا تحاول وزارة التربية والتعليم إيجاد بديل عن 4 مدارس للثانوية العامة، كانت بمخيم البريج للاجئين.
الخيام نصبت إلى جانب بعضها البعض على قطعة أرض رملية لتوفير الحد الأدنى من الظروف التعليمية للطلبة الذي يسعون إلى العودة لدراساتهم.
ويقضي المعلم الواحد 4 ساعات متواصلة واقفا على أقدامه بسبب النقص الحاد في توفر المستلزمات التعليمية ومن بينها المقاعد.
بينما لا تتوفر القرطاسية لغالبية الطلبة الذين يعانون من ظروف اقتصادية صعبة جراء الإبادة الإسرائيلية التي استمرت لعامين.
ووفق معطيات سابقة للبنك الدولي، فإن الإبادة حولت غالبية فلسطينيي القطاع فقراء، إذ يعتمدون في حياتهم على المساعدات الإنسانية.
وفي 8 أكتوبر/ تشرين الأول 2023 ارتكبت إسرائيل حرب إبادة جماعية استمرت لعامين، وخلفت أكثر من 69 ألف قتيل، وما يزيد عن 170 ألف جريح، ودمارا هائلا طال 90 بالمئة من البنى التحتية المدنية.
وألحقت الإبادة أضرارا طالت 95 بالمئة من مدارس القطاع، وتعرض 668 مبنى مدرسي للقصف المباشر، أي ما يعادل 80 بالمئة من إجمالي المدارس، وفق المكتب الحكومي.
وانتهت هذه الحرب، باتفاق وقف إطلاق نار دخل حيز التنفيذ في 10 أكتوبر الفائت، وتخرقه إسرائيل بشكل يومي ما أسفر عن مقتل وإصابة مئات المدنيين.
** 8 خيام تعليمية
إبراهيم محمود، مشرف ملف التعليم بمخيم البريج، يقول للأناضول، إن الوزارة تمكنت في إطار جهودها لإعادة العملية التعليمية، من الحصول على قطعة أرض بديلة لتعويض 4 مدارس دمرتها إسرائيل.
ويضيف: "المدارس الحكومية تهدمت بشكل كامل، والطلاب باتوا بلا مدارس، لذا حصلنا على قطعة أرض، وأقمنا فيها 8 خيام تعليمية".
ويوضح أن الخيام الثمانية لا تكفي لاستيعاب كافة طلبة المخيم، ما يحرم الآلاف من الالتحاق بالتعليم، مشيرا إلى وجود طلبة خارج أسوار الخيام "غير قادرين على استيعابهم".
ويلفت محمود إلى أن الخيام مهترئة، وتعاني من نقص كبير في المستلزمات التعليمية، خاصة المقاعد، ما يتسبب بجلوس عدد من الطلبة على الحجارة.
ويناشد المؤسسات الأممية والإنسانية بالحفاظ على استمرار المسيرة التعليمية وحماية جيل الطلاب، عبر اعتماد مدارس أو مقرات تعليمية بديلة في القطاع بعد أن دمرت إسرائيل الغالبية العظمى منها، فيما بات ما تبقى منها مراكز إيواء.
** 1500 طالب فقط
بدوره، يقول عبد الرحيم القريناوي، مدير مدرسة فتحي البلعاوي الثانوية التي دمرها الجيش الإسرائيلي بالكامل خلال الإبادة: "نمر بظروف صعبة جدا إثر الاعتداء الوحشي على المدرسة خلال الحرب وهدمها بالكامل".
ويوضح أن إدارة المدرسة اضطرت لتدريس الطلبة داخل خيام "لا تقي حر الصيف ولا برد الشتاء"، حفاظا على استمرارية العملية التربوية والتعليمية.
ويذكر أن هذه الخيام تخدم فقط ألف و500 طالب وطالبة من مخيم البريج، فيما يجلس غالبية الطلبة على الأرض والحجارة لنقص المقاعد، وفق قوله.
أما بشأن أبرز التحديات، فيشير القريناوي إلى نقص المستلزمات التعليمية من مقاعد وقرطاسية، ما يحول دون قدرة الطلبة على تدوين الدروس والعودة إليها في المنزل.
ويردف قائلا: "القرطاسية من أقلام ودفاتر غالية الثمن، ولا يتمكن الطلبة من شرائها. أحيانا يضطر الطالب للكتابة على قدمه أو قصاصات الورق لعدم توفر المستلزمات".
ويبيّن أن ضيق المكان يشكل عبئا آخرا، إذ تضم الخيمة الواحدة التي لا تزيد مساحتها عن 24 مترا نحو 50 طالبا، إلى جانب افتقار المكان لدورات المياه الكافية ومياه الشرب، قائلا: "خزان مياه فارغ منذ أسبوع".
ورغم عدم صلاحية البيئة التعليمية، إلا أن المعلمين يبذلون جهودا كبيرة لتعويض الطلبة عن الفاقد التعليمي الذي امتد لعامين كاملين.
ويدعو القريناوي المجتمع الدولي والمؤسسات التعليمية والإنسانية إلى توفير بيئة مدرسية مناسبة للطلاب، وتلبية احتياجات التعليم الأساسية وتوفير اللوجستيات من قرطاسية ووجبة غذاء صحية؛ في ظل الفقر الذي يتفشى في المخيم، وفق قوله.
وخلال عامي الإبادة، أفادت معطيات البنك الدولي أن الحرب حولت جميع الفلسطينيين في قطاع غزة إلى فقراء، إذ يعتمدون في توفير قوت يومهم على المساعدات الإنسانية.
** آمال رغم الظروف
من جانبه، يشدد الطالب محمد الخطيب، الذي يتلقى تعليمه الثانوي داخل الخيام، على تصميمه على العودة لدراسته رغم الظروف القاهرة التي مر بها خلال الإبادة.
ويقول إنه يطمح لأن يكون طالبا مجتهدا رغم تدمير إسرائيل منازلهم وتشريدهم منها، وقصف مدارسهم.
وعلى الرغم من غياب الحد الأدنى من الأجواء المناسبة للتعلم، فإن المعلمين يحاولون تهيئة بيئة دراسية ممكنة للطلبة داخل الخيام، فضلا عن مساعدتهم على متابعة دروسهم والتقدم فيها، وفق قوله.
ويعرب الخطيب عن آماله في سماح إسرائيل بدخول القرطاسية ومستلزمات التعليم للنهوض مجددا بالعملية التعليمية، والعودة إلى المدارس كما كان الوضع قبل اندلاع الإبادة.
ورسميا، لم تنطلق العملية التعليمية في قطاع غزة بعد، فيما ساهمت الوزارة ومؤسسات بافتتاح خيام ونقاط تعليمية لتعويض آلاف الطلبة عما فقدوه من دروس خلال عامين من الإبادة.
والسبت، قال وزير التربية والتعليم العالي أمجد برهم، في رام الله، إن وزارته تقود جهودا حثيثة لإعادة الإعمار التربوي في قطاع غزة وتعزيز صمود الطلبة والمعلمين والأكاديميين.
وأشار إلى أن الوزارة أطلقت مدارس افتراضية لتعليم الطلبة خلال فترة الحرب، ضمن خطوات رامية إلى تعافي التعليم وإسعافه.
