تركيا, الحياة

"جنازتنا".. قصص الأموات ليست "مرعبة" دائمًا (مقابلة)

بعد سنوات طويلة من العمل في قسم الجنازات والمدافن ببلدية إسطنبول، وثّق "علي سيد توران" في كتاب العديد من القصص الغريبة والمشوقة التي وقف عليها في مسيرته

03.07.2019 - محدث : 03.07.2019
"جنازتنا".. قصص الأموات ليست "مرعبة" دائمًا (مقابلة)

İstanbul

إسطنبول/ محمد شيخ يوسف/ الأناضول

بعد سنوات طويلة من العمل في قسم الجنازات والمدافن ببلدية إسطنبول، وثّق "علي سيد توران" العديد من القصص الغريبة والمشوقة، التي وقف عليها في مسيرته، وذلك في كتاب أطلق عليه اسم "جنازتنا".

الكتاب، الذي صدرت مؤخرًا طبعته الثانية؛ يوثّق لشهادات استمع لها "توران" من سائقين لعربات الجنائز، ومغسلين للموتى، وحفاري القبور، تتضمن روايات طريفة وغريبة.

وُلد "توران" بولاية مالاطيا (وسط) عام 1964، وانتقل مبكرًا إلى إسطنبول، حيث تنقل بين وظائف رسمية وشبه رسمية، وصولًا إلى قسم الجنازات والمقابر في بلدية إسطنبول الكبرى، حيث عمل 8 سنوات، وتقاعد بعدها؛ ليتناول قلمه ويؤلف كتابه المثير.

وفي حديث للأناضول، قال الكاتب: "كانت تأتينا يوميًا حالات كثيرة، كنا نشارك فيها الآلام مع ذوي المتوفين، وكل ألم له قصة وحكاية مختلفة، فرأيت أن أتناول كل ذلك في كتاب".

وأضاف: "اعتمدت خطة واضحة في تأليف الكتاب، حيث قررت وضعه بناءً على الحديث مع 10 مغسلين، و10 حفارين، ومثلهم من السائقين".

وتابع: "كلنا معرضون للموت في يوم ما، والناس بعيدون عن ذلك بمشاغلهم اليومية، وهذا الكتاب يمكن أن يكون مقررا للطلاب لمعرفة ما يحصل في الجنازات، فموضوع الوفاة يغيب عن الناس وأحاول تسليط الضوء على هذا الجانب الحتمي في حياة كلٍ منا".

وحرص توران على جذب القراء عبر اعتماد قصص حقيقية، كما يؤكد، مشيرًا كمثال على ذلك أن شخصًا جاء أراد إحضار جنازة، ولدى قدومه سألوه عن مكانها فأشار إلى كيس صغير بحوزته.

وتبين لاحقًا أن الكيس يحوي رماد جثة دبلوماسي توفي في بريطانيا، وكان قد طلب حرق جثته ودفن رمادها في أحد مقابر إسطنبول.

ويضيف توران أن من الطرائف الموثقة في الكتاب مطالب ذوي المتوفين ووصياتهم، كأن يوصي أحدهم بأن يقوم على جنازته إمام يدعو بالتركية فقط، فضلًا عن قصص من صدرت بحقهم شهادات وفاة في المستشفيات وتبين لاحقًا أنهم ما يزالون على قيد الحياة.

وأضاف: "صدم رجل يومًا بسيارته دراجة نارية، فسقط قائدها ولقي مصرعه، وعندما أراد مرتكب الحادث الاتصال بابن أخيه الشغوف بالدراجات، ليطلب منه المساعدة دق هاتف الضحية الماثل أمامه، ليتبين أنه هو من صدمه".

وتابع أن ما جرى تسبب بصدمة لمرتكب الحادث، وأحزنت جميع من شهدوا الواقعة.

الكاتب التركي روى قصة غريبة أيضًا كشفت عن جريمة تتعلق بالميراث، وهي من القصص الشائعة، حيث أقدم شخص مع أخته على تسميم والدهما، وحصلوا على تقرير مزور من أحد الأطباء.

وقال: "وُضع الجثمان في براد المستشفى، وبعد وقت جاء السائق لنقل الجثمان فوجد فيه أثار الحياة، إذ لاحظ تحرك قدمه، حيث ساهمت البروده بعلاج الجسم من السم، وعاد الرجل إلى قيد الحياة بالفعل، وشكر السائق على انتباهه وإنقاذه قبل أن يُدفن، وتم اعتقال المتورطين في القضية".

وأضاف: "من المواضيع التي تثار دائمًا هو خلاف الأبناء على الميراث، فخلال إحدى الجنازات تعارك أخان، ما أزعج السائق الذي أنزلهما من السيارة، واعتبر أن الجنازة لا صاحب لها".

وتابع: "إحدى السيدات طلبت بوضع مصباح يدوي في قبر زوجها، الذي كان يخاف من العتمة، وقبل إغلاق القبر طلبت تشغيل المصباح، فيما أحدهم طالب بوضع هاتف مع الميت للتواصل معه!".

وحول رودو الأفعال على الكتاب، قال توران إنها جيدة، وقد تم إدخال تعديلات على الطبعة الثانية، وسط طلب كبير من المكتبات، مشيرًا إلى ضرورة أن يوثق كل من يعمل في مؤسسة رسمية أو حيوية مسيرته، وأن ينقل تجاربه وتجارب رفاقه.

وأشار أن بعض ردود الأفعال كانت جميلة تعبر عن سعادة الناس بما وجدوا في الكتاب، سيما لمزجه بين المزاح والقصص الواقعية.

ولفت إلى أن المجانية الكاملة لجميع الخدمات المتعلقة بالوفاة في تركيا، أتاحت لمختلف الشرائح الإقبال عليها ومن مختلف أنحاء البلاد، ما أكسب العاملين في هذا المجال تجارب واسعة.

وعن أهمية الكتاب كوثيقة للتاريخ، قال إنه "يوثق للأجيال المقبلة، حيث ستكون الجنازات مختلفة، وتتطور تقنيات الدفن، وفي النهاية الجميع سيعود للتراب".

توران تطرق أيضا إلى كتابه السابق "الأعوام العاصفة"، والذي وثق فيه مرحلة اضطرابات شهدتها تركيا بين اليمين واليسار، وسط أوضاع اقتصادية متقلبة، وقلة في الموارد.

وأضاف: "هذه المرحلة توثق انطلاق الزعيم التركي الراحل نجم الدين اربكان، وصولا للرئيس رجب طيب أردوغان، والصراع السياسي في تلك المرحلة، وكيف وصل الحزب الحاكم الحالي إلى سدة الحكم.. حيث تتوجب معرفة الماضي من أجل إضاءة المستقبل".

الأخبار المنشورة على الصفحة الرسمية لوكالة الأناضول، هي اختصار لجزء من الأخبار التي تُعرض للمشتركين عبر نظام تدفق الأخبار (HAS). من أجل الاشتراك لدى الوكالة يُرجى الاتصال بالرابط التالي.
المواضيع ذات الصلة
Bu haberi paylaşın