الدول العربية, التقارير

القمبري.. ملكة آلات موسيقى الصحراء بالجزائر (تقرير)

- "القُمبري" ملكة آلات موسيقى الصحراء وعمودها الفقري مصنوعة من الخشب، وجلد الإبل أو الماعز، وتأتي على شكل مستطيل وفي بعض الأحيان دائري أو مربع

29.03.2021 - محدث : 29.03.2021
القمبري.. ملكة آلات موسيقى الصحراء بالجزائر (تقرير)

Algeria

الجزائر/ حسام الدين إسلام/ الأناضول 

- "القُمبري" ملكة آلات موسيقى الصحراء وعمودها الفقري مصنوعة من الخشب، وجلد الإبل أو الماعز، وتأتي على شكل مستطيل وفي بعض الأحيان دائري أو مربع
- يتشكل "القُمبري" من مقبض خشبي وثلاثة أوتار أحدها قصير واثنين طويلين، وصندوق خشبي رنان، مغلف بجلد مجفف من وبر الإبل أو الماعز
- القمبري من بين الآلات التقليدية الجزائرية، تنتمي إلى عائلة الوتريات وتتواجد بجميع أنحاء جنوب المغرب العربي وفي بلدان الساحل الإفريقي
- يرجح باحثون أنّ عمر هذه الآلة في الجزائر بين 3 أو 4 قرون

عندما تسافر إلى جنوب الجزائر، لا تسحرك فقط المواقع الأثرية مثل رسومات الطاسيلي أو قصور جانت أو قمة الأسكرام بجبال الهقار، ولكن تأسرك أيضا الموسيقى التي تقوم على آلة عمرها نحو 4 قرون، إنّها "القُمبري" ملكة آلات موسيقى الصحراء وعمودها الفقري.

والقمبري أو الكمبري آلة موسيقية وترية عريقة، مصنوعة من الخشب، وجلد الإبل أو الماعز، وتأتي على شكل مستطيل وفي بعض الأحيان دائري أو مربع.

- أصل القُمبري

يعود أصل "القمبري" إلى الطوارق (أقصى جنوب الجزائر)، وهم مجموعة من القبائل أمازيغية الأصل، استوطنت الصحراء الكبرى وأزواد شمالي مالي والأهقار جنوب شرقي الجزائر، وشمال النيجر وجنوب غرب ليبيا وشمال بوركينا فاسو، وفق باحثين.

ويعتبر القمبري ذو الإيقاع الوتري المخفض، العنصر الأهم في الآلات الموسيقية المستعملة في موسيقى الديوان أو "القناوى" التي تشتهر بها تاغيت وبشار (جنوب غربي الجزائر) ومحافظات أخرى مثل تمنراست وورقلة (جنوب).

ووسط تضارب الآراء حول تاريخها، وصلت موسيقى الديوان إلى الجزائر ودول المغرب العربي (تونس، عبر قوافل التجار القادمة من السنغال وغينيا، في حين تقول روايات أنّ مالي كانت موطنها الأصلي، ويعود تاريخها إلى القرنين الـ16 والـ17 ميلادي، حسب باحثين.

وتختلف تسمية هذا اللون الموسيقي في دول المغرب العربي، حيث يسمى في الجزائر "الديوان" وفي المغرب "القناوى" أو (تاقناويت) و"اسطمبالي" في تونس.

ويتشكل القُمبري من مقبض خشبي وثلاثة أوتار أحدها قصير واثنين طويلين، وصندوق خشبي رنان (جزء محفور من جذع الأشجار)، مغلف بجلد مجفف من وبر الإبل أو الماعز، ما يعطي عند الضرب عليه تزامنا مع العزف على الأوتار نوتات موسيقية رائعة.

ويبلغ طول الصندوق الخشبي 30 سم، وعرضه نحو 15 سم، أمّا المقبض الخشبي فمصنوع من شجر الجوز والصفصاف وطوله يصل إلى متر واحد. كما تصنع عادة أوتار القمبري الثلاثة من أمعاء ذكر الماعز، لاحتوائها على الكثير من الدهون.

ويُزين القمبري بـ"جلاجل" معدنية من النحاس، في نهاية المقبض، من أجل إصدار صوت عند تحريك الآلة الموسيقية أو العزف على الأوتار، أو عند الضرب على الصندوق الخشبي، فيما يعمد بعض صنّاعه إلى تزيين جلده بالحنّاء وبمختلف الألوان لمنحه شكلا جميلا وعصريا.

- ما وراء أوتار القمبري؟

وقال الدكتور سليم دادة، مؤلف موسيقي جزائري إنّه "في الجزائر تستعمل آلة القمبري في عديد من التعابير الموسيقية التقليدية وبالأخص في الجنوب الغربي والصحراء".

وأضاف دادة لـ"الأناضول": "الأنواع الموسيقية الأهم في توظيف القمبري هي موسيقى الديوان، موسيقى الزاوية البلالية والعيساوة والتيجانية، الحضرة (طرق صوفية) والقرقابو (آلة يد بها أقراص معدنية محدبة في الوسط تصنع موسيقى)".

واعتبر الباحث في العلوم الموسيقية أنّ "القمبري من بين الآلات التقليدية الجزائرية، تنتمي إلى عائلة الوتريات وتتواجد بجميع أنحاء جنوب المغرب العربي وفي بلدان الساحل الإفريقي (من بينها السنغال، مالي، النيجر..)".

وفي وصفه للقمبري قال: "عبارة عن عود إفريقي قديم ذو عنق واحد وطويل، به ثلاث أوتار مصنوعة من أمعاء الحيوانات، وكذا صندوق صوت مربع أو مستطيل الشكل، مغطى برق سميك وجاف مصنوع من جلد الجمل".

وأشار أنّه "يمكن العثور على القمبري بأشكال وأحجام مختلفة ولكن العزف عليها يتم دائمًا عن طريق جس الأوتار بإبهام وسبابة اليد اليمنى مع النقر على الجلد المشدود مما يجعلها آلة لحنية وإيقاعية في آن".

- متى ظهر القمبري؟

ويرى العازف والباحث معلّم حمّو واسمه الحقيقي محمد زيدي أنّ "أصل آلة القمبري يبقى ثابت لكونها خلقت من أجل موسيقى وفن الديوان".

وقال حمّو في حديث لـ"الأناضول" إنّ "تاريخ ظهور القمبري غير معلوم، لكن يرجح باحثون أنّ عمر هذه الآلة في الجزائر بين 3 أو 4 قرون".

وأضاف حمّو ابن محافظة بشار (جنوب غرب) المشهورة بموسيقى الديوان أنّ "القمبري ظهر بعد الطبل (الدف)، وهو آلة وترية مصنوعة من مواد أولية كالخشب وجلد والمصران (الأمعاء)".

واستطرد قائلا: "كما أنّه آلة روحانية لا يشبه الآلات الموسيقية الأخرى، لأنه يسكن الروح وتقوم عليه موسيقى الديوان الروحية".

ووفق الباحث معلّم حمو "موسيقى القمبري تستعمل لعلاج الأمراض النفسية، وهناك سر في نغمة القمبري التي تسكن الروح والوجدان".

وأشار المتحدث إلى أنّه في السنوات الأخيرة دخلت تغيرات على القمبري مواكبة للتطور في مجال الموسيقى".

ولفت أنّ "هذه الآلة التقليدية بدأت تستعمل مع آلات أخرى مثل القيتارة والبيانو والكمان والموندولين وغيرها".

وحول تاريخ القمبري، يعتقد صانع الآلات الموسيقية محمد بوسعيد أنّ "القمبري آلة وترية ضاربة في القدم، وجزء لا يتجزأ من موسيقى الديوان الشهيرة في الجزائر".

وقال بوسعيد لـ"الأناضول" إنّ "القمبري آلة ابتكرها طوارق شمال إفريقيا ومن بينهم الطوارق في الجزائر".

وأردف بوسعيد: "أصل كمبري أو (القمبري) يعود للطوارق ومعناه أنّه يحكي قصة الآلة التي صنعها العبيد من غينيا في شمال إفريقيا قديما".

وأوضح المتحدث أنّ "القمبري واحدة من أقدم الآلات الموسيقية في الجزائر، ولا يعرف معناها أو يفهم لحنها إلّا من سمعها وارتاح قلب المستمع إليها".

ويتراوح سعر القمبري بين 70 إلى 200 دولار حسب جودة العمل وصوت الأوتار وطريقة تزيينه" وفق بوسعيد.

الأخبار المنشورة على الصفحة الرسمية لوكالة الأناضول، هي اختصار لجزء من الأخبار التي تُعرض للمشتركين عبر نظام تدفق الأخبار (HAS). من أجل الاشتراك لدى الوكالة يُرجى الاتصال بالرابط التالي.