اقتصادي مغربي: مشروع الغاز مع نيجيريا استراتيجي وتحدياته كبرى (مقابلة)
الوزير السابق نجيب بوليف للأناضول: مشروع أنبوب الغاز المغربي النيجيري مبادرة استراتيجية تربط 13 دولة إفريقية بأوروبا

Rabat
الرباط / الأناضول
** الوزير السابق نجيب بوليف للأناضول:- مشروع أنبوب الغاز المغربي النيجيري مبادرة استراتيجية تربط 13 دولة إفريقية بأوروبا
- عدم الاستقرار السياسي في بعض الدول الإفريقية يهدد استمرارية المشروع
- العالم يتجه نحو الطاقات المتجددة ما يضعف اهتمام أوروبا بمشاريع الغاز
- نيجيريا قد تفضل تصدير الغاز مباشرة لأوروبا بدل المرور عبر الأنبوب وتقاسم العائدات
في ظل مساعي المغرب لتأمين احتياجاته الطاقية وتعزيز موقعه محورا استراتيجيا بين إفريقيا وأوروبا، يعود مشروع أنبوب الغاز مع نيجيريا إلى واجهة الجدل، خصوصا بعد إعلان الرباط أن تنفيذ مشاريع الربط الطاقي الإقليمي يتطلب استثمارات تفوق 25 مليار دولار، وشراكة واسعة بين القطاعين العام والخاص.
وفي مقابلة مع الأناضول، قال الاقتصادي المغربي نجيب بوليف إن مشروع أنبوب الغاز المغربي النيجيري يعد مبادرة استراتيجية كبرى على المستوى القاري، لكنه يواجه تحديات أمنية وسياسية واقتصادية قد تعرقل تنفيذه، في ظل تحوّلات الطاقة العالمية وعدم وضوح مصادر تمويله.
وأوضح بوليف، الذي تسلم سابقا وزارتي النقل، والشؤون العامة والحكامة، أن المشروع الذي تم الإعلان عنه أول مرة في 2016 خلال زيارة ملك المغرب محمد السادس إلى نيجيريا، يسعى لربط 13 دولة إفريقية بأوروبا، على امتداد 5660 كيلومترا.
وأضاف أن أنبوب الغاز هذا يمثل إحدى أبرز مبادرات الربط الطاقي بين القارتين الإفريقية والأوروبية، غير أن تنفيذه على أرض الواقع يتطلب توافر عدد من الشروط السياسية والمؤسساتية والتقنية والبيئية، إلى جانب التمويل والحوكمة.
** تحديات التمويل والأمن
وحذر بوليف من أن المشروع لا يزال في مراحله التمهيدية، وأن الجانب المتعلق بالحكامة وتدبيره بين الدول المعنية غير واضح حتى الآن، خاصة على مستوى الشركات المغربية والنيجيرية المنخرطة فيه.
ولفت إلى أن "عدم الاستقرار السياسي في بعض الأنظمة الإفريقية، فضلا عن الحركية التي تعرفها دول الساحل الثلاث، بوركينا فاسو والنيجر ومالي، والتي ارتأت أن تخرج فرنسا عسكريا من بلدانها ومن الساحل، وأنشأت تحالفا خاصا بها"، مؤكدا أن "أي قرار من دولة واحدة على مسار الأنبوب بوقف المشروع كفيل بتعطيله بالكامل".
كما شدد على أن التحدي الأمني لا يقل أهمية، مشيرا إلى أن "طول مسافة الأنبوب يفتح الباب أمام مخاطر تعرضه للتخريب من قبل جماعات مسلحة أو غير مسلحة، ما يستوجب ترتيبات أمنية دقيقة".
وفي ظل هذه المؤشرات، أعلنت النيجر ومالي وبوركينافاسو في يناير/ كانون الثاني 2025، استعدادها لنشر قوة مشتركة من 5 آلاف جندي لمحاربة الجريمة المنظمة والإرهاب، وفق وزير الدفاع في النيجر، ساليفو مودي.
ومن المقرر أن يمر الأنبوب عبر عدة دول غرب إفريقية، بينها كل من بنين، وتوغو، وغانا، وكوت ديفوار، وليبيريا، وسيراليون، وغينيا، وغينيا بيساو، وغامبيا، والسنغال، وموريتانيا، وصولا إلى الأراضي المغربية.
** التحول إلى الطاقات المتجددة
وأشار بوليف إلى أن العالم يتجه بشكل متسارع نحو الطاقات المتجددة، وهو ما يحد من اهتمام الدول الغربية بمشاريع الغاز والنفط على المدى الطويل.
وأضاف أن "التحدي الذي يواجه الدول الإفريقية في أوروبا هو إيجاد سوق يستوعب الغاز، خاصة في ظل التقلبات الجيوسياسية والاقتصادية، وبعد التحول الكبير الذي شهده سوق الغاز نتيجة الحرب الروسية الأوكرانية، واتجاه أوروبا لاستيراد الغاز المسال من الولايات المتحدة".
وتابع: "حتى نيجيريا نفسها قد تجد مصلحة في تصدير الغاز مباشرة إلى أوروبا عبر السفن، بدلا من تقاسم العائدات مع عدة دول تمر عبرها شبكة الأنبوب، ما قد يؤثر على الجدوى الاقتصادية للمشروع".
** تكاليف ضخمة
وفي يوليو/ تموز الجاري، قالت وزيرة الانتقال الطاقي والتنمية المستدامة المغربية ليلى بنعلي، إن مشاريع الربط الطاقي بين المغرب ودول غرب إفريقيا وأوروبا تحتاج إلى استثمارات تتجاوز 25 مليار دولار، مشددة على ضرورة التعاون بين القطاعين العام والخاص لتقليل المخاطر وضمان التمويل.
كما أشارت الوزيرة إلى أن المرحلة الأولى من مشروع الأنبوب، والتي ستربط بين مدينتي الناظور شمالا والداخلة جنوبا، ستكلف نحو 6 مليارات دولار، وتعد بمثابة الانطلاقة العملية للمشروع الأكبر.
وعن هذه المرحلة، قال بوليف إنها لا تزال في بداياتها من حيث الدراسات والتصميم، مضيفا أن المشروع بالمجمل يتطلب سنوات طويلة من العمل، نظرا لحجمه وتعقيداته.
وأكد أن أنبوب الغاز المغربي النيجيري، رغم كونه مشروعا استراتيجيا سيشكل قفزة نوعية في حجمه على مستوى الربط الطاقي بين إفريقيا وأوروبا، فإن تمويله لا يزال غير واضح.
وتابع: "التحديات تبقى كبيرة والتغلب عليها ليس بالأمر السهل، وتحتاج إلى حنكة سياسية ودبلوماسية ومؤسساتية ومالية وتقنية وبيئية لكي يكون مشروعا ناجحا".
** مشاريع موازية
في السياق، تطرق بوليف إلى مشروع الربط الكهربائي بين الرباط ولندن، الذي كانت تشرف عليه شركة "إكسلينكس" البريطانية، لنقل الكهرباء المنتجة من الطاقات المتجددة في جنوب المغرب عبر كابلات بحرية إلى المملكة المتحدة، لمسافة 4700 كيلومتر.
وأوضح أن المشروع عرف تقدما خلال السنوات الخمس الماضية، لكن قرار الحكومة البريطانية، مؤخرا، بعدم الالتزام بشراء الكهرباء بسعر محدد مسبقا، أدى إلى تعطيله، في ظل توجه لندن نحو تعزيز الإنتاج المحلي للطاقة.
وسبق للحكومة البريطانية إلغاء دعمها مشروع "إكسلينكس" رغم أن شركات دولية من الولايات المتحدة والإمارات وألمانيا أعلنت في أبريل/ نيسان 2024 تخصيص تمويل قدره 24 مليار جنيه إسترليني (33 مليار دولار) لدعم المشروع.
ويهدف المشروع إلى تزويد نحو 7 ملايين منزل بريطاني بالكهرباء، أي ما يمثل حوالي 8 بالمئة من احتياجات المملكة المتحدة، حسب بيانات الشركة، إلا أن تقييم مسؤولي الحكومة وصف المشروع بكونه ذا "مستوى عال من المخاطر الكامنة والتراكمية".
بدوره، اعتبر وكيل وزارة الطاقة لشؤون أمن الطاقة والانبعاثات الصفرية مايكل شانكس، أن المشروع "لا يتوافق استراتيجيا بشكل واضح مع مهمة الحكومة في بناء طاقة محلية هنا في المملكة المتحدة".
** سباق الطاقة والهيدروجين الأخضر
ويسارع المغرب الخطى لتأمين احتياجاته من الطاقة، خاصة أنه يستورد 90 بالمئة منها، بالتزامن مع تقلبات أسعار السوق الدولي منذ اندلاع الحرب الروسية الأوكرانية في فبراير/ شباط 2022، وسط نمو استهلاك الطاقة بنحو 5 بالمئة سنويا منذ 2004، بالإضافة إلى إنتاجه الضعيف من النفط والغاز.
وفي هذا الإطار، أعلن المغرب في مارس/ آذار الماضي اختيار شركات من الولايات المتحدة وألمانيا وإسبانيا والإمارات والسعودية والصين، لتنفيذ مشاريع هيدروجين أخضر بميزانية تقارب 32 مليار دولار.
كما تسعى دول إفريقية أخرى، مثل مصر وناميبيا وكينيا وجنوب إفريقيا، لاستقطاب استثمارات دولية مماثلة في هذا القطاع الناشئ.
الأخبار المنشورة على الصفحة الرسمية لوكالة الأناضول، هي اختصار لجزء من الأخبار التي تُعرض للمشتركين عبر نظام تدفق الأخبار (HAS). من أجل الاشتراك لدى الوكالة يُرجى الاتصال بالرابط التالي.