دولي, الدول العربية, التقارير, فلسطين, إسرائيل, قطاع غزة

انتظرا طفلا 23 عاما.. زوجان يتبنيان رضيعة قتلت إسرائيل عائلتها (تقرير)

في بيت متواضع بمدينة غزة، يجلس الفلسطيني رامي عروقي وزوجته إيمان وهما يحتضنان الطفلة "جنة"، التي تبنياها بعد فقدانها أسرتها جراء الإبادة الإسرائيلية، لتبدد بضحكتها الصغيرة وجع انتظار دام أكثر من عقدين.

Jomaa Younis  | 16.07.2025 - محدث : 16.07.2025
انتظرا طفلا 23 عاما.. زوجان يتبنيان رضيعة قتلت إسرائيل عائلتها (تقرير)

Gazze

غزة / جمعة يونس / الأناضول

** رامي عروقي في حديث للأناضول:
- انتظرنا طفلاً 23 عامًا، حتى تبنينا "جنة" التي فقدت أسرتها جراء الإبادة الإسرائيلية
- جعلتنا جنة ننسى كل آلام الحرب والموت والجوع والعطش ونريد أن نكون لها سندا
- نريد أن نعوضها حنان الأب والأم وكثيرون تواصلوا معي وأخبروني برغبتهم بالتبني

في بيت متواضع بمدينة غزة، يجلس الفلسطيني رامي عروقي وزوجته إيمان وهما يحتضنان الطفلة "جنة"، التي تبنياها بعد فقدانها أسرتها جراء الإبادة الإسرائيلية، لتبدد بضحكتها الصغيرة وجع انتظار دام أكثر من عقدين.

يردد عروقي كلمة "بابا" لنفسه ولها مرارًا، كأنه يدرب قلبه على الدور الجديد الذي طالما حلم به.

يقول والفرحة تضيء ملامحه رغم تعب السنين: "لقد جعلتنا جنة ننسى حقًا كل آلام الحرب والموت والجوع والعطش"، مضيفا: "بعد 23 عاما من الانتظار، وهبنا الله هذه النعمة".

** تفاصيل الحلم

يروي عروقي للأناضول كيف ظل موضوع التبني يراوده هو وزوجته خلال السنوات الـ23 الماضية التي حرموا خلالها من الإنجاب، دون أن يتحول إلى قرار جدي.

ويضيف: "كان يمر في أذهاننا كخاطر عابر، لكن مع الإبادة الإسرائيلية، حين صرنا نرى عائلات تُباد بالكامل ويبقى منها ناجٍ وحيد، حيث أثار ذلك فينا الفكرة مجددًا، وصرنا نفكر فيها بجدية، خاصة عندما شاهدنا معاناة الأطفال الذين لا ذنب لهم في هذه الحرب".

ويضيف: "كنت أتابع عبر وسائل التواصل والصحافة أخبار الأطفال الذين نجوا وحدهم بعد فقدان كل عائلاتهم. أحيانًا يكون الطفل رضيعًا أو في بداية عمره، ويُقال إنه نُقل إلى المستشفى بعد أن أُبيدت أسرته كلها".

ويتابع: "في كل مرة أسمع فيها عن حالة كهذه، كنت أسرع وأسأل عنها، حتى لو لمجرد احتضان لهذا الطفل لأيام حتى تظهر عائلته. لكن العائلة كانت تتمسك بمن تبقى من أبنائها في كل مرة".

ويواصل وقد بدا صوته ممتزجًا بين الإنسانية والواجب الوطني: "هذا لم يكن بدافع إنساني فقط، بل وطني أيضًا. كثيرون تواصلوا معي بعد تجربة التبني، وأخبروني أن لديهم نفس الرغبة".

** أرقام قاسية

وتشير تقديرات جهاز الإحصاء المركزي الفلسطيني إلى أن أكثر من 39 ألف طفل في قطاع غزة فقدوا أحد والديهم أو كليهما خلال حرب الإبادة، بينهم نحو 17 ألفًا حرموا من كلا الوالدين، ليجدوا أنفسهم في مواجهة الحياة دون سند، وسط ظروف مأساوية.

وفي مواجهة هذه الكارثة، يبرز التضامن المجتمعي كأحد أوجه الصمود، إذ فتحت مئات العائلات الفلسطينية في غزة بيوتها لاستقبال أطفال فقدوا أسرهم بالكامل، في مشهد يعكس كيف يعيد الفلسطينيون ترميم نسيجهم الاجتماعي رغم الموت والدمار.

ويروي عروقي اللحظة التي غيّرت حياته بقوله: "ظل الموضوع متداولًا بين الأصدقاء والمعارف، حتى جاءنا في يوم اتصال من طبيبة صديقة للعائلة تعمل في أحد المستشفيات".

ويضيف: "أخبرتنا أن هناك طفلة رضيعة وصلت إلى المستشفى، ولم يُعرف أحد من ذويها. قد يبدو هذا غريبًا وغير مألوف عند شعبنا، لكنه صار طبيعيًا في ظل ما نعيشه".

ويكمل بابتسامة امتنان: "حين تلقينا الاتصال، فكرنا قليلًا فقط. لم يكن يهمنا جنس الطفل أو لونه أو عمره. أردنا فقط أن نكون له سندًا، ونعطيه حنان الأب والأم، حتى لو أكثر من طفل لم يكن عندنا مانع".

** اللقاء الأول.. وبداية العائلة

ثم يصف لحظة اللقاء قائلًا: "ذهبنا لرؤية الطفلة في المستشفى، كانت وليدة أيام، خمسة أيام أو أقل. وهناك بدأ التحول الحقيقي في حياتنا".

ولكي يكتمل الاحتضان شرعًا، اشترطت وزارة التنمية وجود مرضعة من القرابة، فيقول: "كانت ابنة عمي أول من أرضعتها، وهكذا صار لها إخوة بالرضاعة، وكان ناهض عزايزة أول إخوتها".

وفي 24 مايو/ أيار الماضي أوضحت وزيرة التنمية الاجتماعية الفلسطينية سماح حمد للأناضول أن "نظام التبني يمنح الأولوية عادةً لأفراد من العائلة، لكن بعض الأطفال لم يُعثر لهم على أقارب بسبب الإبادة التي طالت العائلة الممتدة بالكامل"، مضيفة أن "المعاناة في غزة بلغت حدًا يفوق الوصف".

ويبتسم رامي وهو يتذكر أول مشوار لهم بسيارته مع جنة: "كان يومًا سعيدًا لا يوصف. أول مرة نشعر أننا أسرة حقيقية"، وفي بيته المتواضع، يحتضنها ويردد كلمة "بابا" وكأنه لا يصدق وقعها على قلبه.

وفي 16 مارس/ آذار الماضي، حذرت منظمة الأمم المتحدة للطفولة "يونيسف"، من أن الأطفال في فلسطين يعيشون أوضاعًا "مقلقة للغاية، ويغرقون في "الخوف والقلق"، ويعانون آثار حرمانهم من المساعدة والحماية".

أما في 24 يناير/ كانون الثاني الذي قبله، قال وكيل الأمين العام للأمم المتحدة للشؤون الإنسانية، توم فليتشر أمام مجلس الأمن، إن "مليون طفل بقطاع غزة يحتاجون إلى دعم نفسي واجتماعي بسبب الاكتئاب والقلق وأفكار الانتحار"، مشيرًا إلى أنهم "قُتلوا، تُركوا للجوع، وماتوا من البرد".

وبدعم أمريكي مطلق، تواصل إسرائيل منذ 7 أكتوبر/ تشرين الأول 2023 إبادة جماعية بغزة، خلّفت أكثر من 197 ألف قتيل وجريح من الفلسطينيين، معظمهم أطفال ونساء، إلى جانب ما يزيد على 11 ألف مفقود، ومئات آلاف النازحين، وأطفال يحتاجون لمعجزة كي يعود لهم الأمن والدفء.

الأخبار المنشورة على الصفحة الرسمية لوكالة الأناضول، هي اختصار لجزء من الأخبار التي تُعرض للمشتركين عبر نظام تدفق الأخبار (HAS). من أجل الاشتراك لدى الوكالة يُرجى الاتصال بالرابط التالي.
المواضيع ذات الصلة
Bu haberi paylaşın