اقتصاد, أفريقيا, التقارير

رواندا.. اقتصاد ناهض بعد عقدين من الإبادة الجماعية

أدت إلى مقتل قرابة مليون شخص

Khadija Al Zogami  | 16.05.2017 - محدث : 16.05.2017
رواندا.. اقتصاد ناهض بعد عقدين من الإبادة الجماعية

Kigali

كيغالي/ بيرم ألطوغ/ الأناضول

جذبت رواندا اهتمام العالم خلال السنوات الماضية بفعل أداء حكومتها الناجحة، واقتصادها المتنامي، بعد نحو عقدين فقط من الإبادة الجماعية التي شهدتها البلاد ضد عرقية "التوتسي" وأدت إلى مقتل قرابة مليون شخص.

رواندا هي إحدى دول القارة الإفريقية التي لا تتمتع بواجهة بحرية، وتحدها من الشرق تنزانيا، ومن الشمال أوغندا، ومن الجنوب بوروندي، ومن الغرب جمهورية الكونغو الديمقراطية.

أصبح يطلق على رواندا في الآونة الأخيرة لقب "سنغافورة إفريقيا" نظراً لنموها الاقتصادي المضطرد، وسعيها لأن تصبح مركزًا تجاريًا إقليميًا في منطقة شرق إفريقيا.

- كثافة سكانية عالية

يبلغ عدد سكان رواندا 11.6 ملايين نسمة، بينهم 85% من عرقية الهوتو، و14% من التوتسي، و1% من جماعات التوا، وتبلغ مساحتها نحو 26.3 ألف كم مربع، وبذلك تعد أكثر دول إفريقيا كثافة سكانية، حيث تبلغ الكثافة بها 440 شخصا لكل كيلومترمربع، ويعيش حوالي مليون و300 ألف شخص، في العاصمة كيغالي.

كانت رواندا تحكم من قبل مملكة مركزية قبل الاستعمار، ويعتقد أن تاريخ تلك المملكة يرجع إلى القرن العاشر الميلادي، ودخلت تحت الاستعمار الألماني عام 1885.

خلال فترة الاستعمار الألماني اعتنق قسم كبير من الروانديين الكاثوليكية، وبعد هزيمة ألمانيا في الحرب العالمية الأولى، وضعت رواندا تحت الانتداب البلجيكي بداية من عام 1922، وحصلت على استقلالها في الأول من يوليو/ تموز 1962.

وبسبب طبيعتها الجغرافية الوعرة يطلق عليها "دولة التلال الألف"، كما عرفت لفترة بـ "سويسرا إفريقيا".

- الإبادة الجماعية

أدرج البلجيكيون في بطاقات الهوية التي استخرجوها لسكان رواندا، خانة لتحديد عرقية السكان لتحديد ما إذا كانوا من الهوتو أم من التوتسي، وكان التوتسي مسيطرين على حكم البلاد حتى حصولها على الاستقلال.

ومع انتقال السلطة إلى الهوتو عام 1963، بدأت النزاعات العرقية في البلاد، واضطر مئات الآلاف من التوتسي للهرب للدول المجاورة.

في 6 إبريل/ نيسان 1994، سقطت طائرة الرئيس الرواندي جوفينال هابياريمانا، ما أدى إلى مصرعه، واتهم الهوتو التوتسي بالوقوف وراء الحادث، وهو ما أدى إلى بدء عملية إبادة جماعية ضد التوتسي في 7 إبريل/ نيسان 1994، استمرت لمائة يوم.

ووفقا لإحصاءات حكومة رواندا قُتل حوالي مليون شخص من التوتسي في الإبادة الجماعية، ووفقا لإحصائية الأمم المتحدة بلغ عدد القتلى 800 ألف.

وتوقفت الإبادة في 18 يوليو/ تموز بعد نجاح "الجبهة الوطنية الرواندية" التي يتكون معظمها من التوتسي، من الدخول إلى العاصمة كيغالي، والسيطرة عليها.

- الإسلام الدين الأسرع نموا في رواندا

وفقا للمراجع التاريخية، فتح مسلمو رواندا - استجابة لفتوى أصدرها مفتي البلاد في ذلك الحين - منازلهم ومساجدهم للتوتسي الهاربين من الإبادة الجماعية، وقاموا بحمايتهم في أحيائهم، وبذلوا جهدهم من أجل وقف الإبادة.

ونتيجة لذلك الموقف اكتسب المسلمون احترام المسيحيين في البلاد، وتضاعف عدد المسلمين في رواندا ثلاث مرات على الأٌقل مقارنة بالفترة السابقة للإبادة.

ووفقا لدار الإفتاء في رواندا يمثل المسلمون أكثر من 10% من سكان البلاد، ويعتقد أن عددهم يصل إلى مليون ونصف المليون شخص، ويوجد في رواندا أكثر من 500 مسجد.

- 4 لغات رسمية لرواندا

كانت اللغات الرسمية لرواندا هي: كينيارواندا (اللغة الرئيسية)، واللغتين الإنجليزية والفرنسية الباقيتان من عهد الاستعمار، وفي فبراير/ شباط الماضي أقر البرلمان ضم السواحلية للغات الرسمية، لتصبح لرواندا 4 لغات رسمية.

يتحدث باللغة السواحلية أقل من 5% من سكان البلاد، إلا أن قرار جعلها لغة رسمية جاء لتسهيل التعامل مع رواندا مع جاراتها كينيا وأوغندا وتنزانيا.

يتحدث معظم الشباب في رواندا الإنجليزية، ولا يفضّل الروانديون التحدث بالفرنسية، بسبب "الدور الذي لعبته فرنسا في الإبادة الجماعية 1994".

- القهوة والشاي العمود الفقري للبلاد

أصبحت رواندا صاحبة أحد أسرع الاقتصادات نموا في القارة السمراء منذ تولي الرئيس بول كاغامه السلطة عام 2000، ويعتمد اقتصاد البلاد على الزراعة وتربية الحيوانات والتعدين والسياحة.

ووفقا لإحصاءات المعهد الوطني للإحصاء في رواندا، حقق الاقتصاد الرواندي نموا بنسبة 5.9% عام 2016، وبلغ الناتج المحلي الإجمالي 9 مليارات دولار.

ووصل حجم التجارة إلى 603.44 مليون دولار، فيما بلغت قيمة واردات البلاد في ذلك العام 439.30 مليون دولار، وقيمة الصادرات 164.14 مليون دولار، وتبلغ نسبة التجارة مع تركيا 10% من إجمالي تجارة رواندا الخارجية.

وتصدّر القهوة والشاي على قائمة الصادرات الرواندية خلال العام 2016، وجاء الذهب في المركز الثالث بين صادرات البلاد.

وجذبت الإصلاحات التجارية التي طبقتها الحكوم ة الرواندية خلال السنوات الـ 15 الماضية اهتمام العالم، كما اكتسبت إشادة البنك الدولي وغيره من المؤسسات الدولية.

وأصبح "مركز كيغالي للمؤتمرات" والفندق المجاور له بمثابة رمز لرواندا، وأنشأت شركة "صونما جروب" التركية للبناء، المركز الذي بلغت تكلفته حوالي 300 مليون دولار، ونجحت في إنهائه خلال عام واحد.

- طبيعة غنية

تضم رواندا 3 من أشهر المنتزهات الوطنية في العالم هي، منتزه أكاغيرا الوطني، ومنتزه غابات نيونغوي المطيرة، ومنتزه البراكين الوطني، الذي يعد من أهم منتزهات إفريقيا ووهو موطن الغوريلا الجبلية.

ورواندا غنية بالمسطحات المائية من أنهار وبحيرات ومن أشهر أنهارها "كاجيرا" و"أكانيارو" و"روزيزي"، كما تضم 23 بحيرة، بالنظر إلى كونها تقع في منطقة البحيرات العظمى بشرق إفريقيا.

- محاولة محو آثار الإبادة الجماعية

تتكون رواندا من 5 مناطق إدارية، وتجري انتخابات رئاسة الجمهورية مرة كل 7 سنوات، ويعين الرئيس رئيس الوزراء وأعضاء الحكومة.

يتولى رئاسة رواندا حاليا الرئيس بول كاغامه الذي اختاره البرلمان عام 2000 رئيسًا للبلاد، وتم انتخابه عام 2003، ثم أعيد انتخابه 2010.

شهدت فترة كاغامه الممتدة على مدار 17 عامًا العديد من الإصلاحات، بينها إجراء تغييرات جذرية على علم البلاد ونشيدها الوطني وهيكلها الإداري، من أجل محو آثار الإبادة الجماعية.

وضمت الإصلاحات إلغاء تصنيف السكان إلى هوتو وتوتسي في البطاقات الشخصية، والاكتفاء بكلمة رواندي.

وهكذا تخطو رواندا حكومة وشعبا بخطوات واثقة في طريق الازدهار الاقتصادي، عبر تحقيق السلام الاجتماعي، مخلفة وراءها التمييز العنصري الذي أشعله الاستعمار، وتسبب في الإبادة الجماعية التي شهدتها البلاد قبل 23 عامًا.

وشهدت رواندا أعمال عنف واسعة النطاق خلال العام 1994 بدأت في 6 أبريل/نيسان واستمرت حتى منتصف يوليو/تموز من العام ذاته؛ حيث شن القادة المتطرفون في قبيلة الهوتو التي تمثل الأغلبية في رواندا حملة إبادة ضد الأقلية من قبيلة التوتسي.


الأخبار المنشورة على الصفحة الرسمية لوكالة الأناضول، هي اختصار لجزء من الأخبار التي تُعرض للمشتركين عبر نظام تدفق الأخبار (HAS). من أجل الاشتراك لدى الوكالة يُرجى الاتصال بالرابط التالي.
المواضيع ذات الصلة
Bu haberi paylaşın