archive, الدول العربية

مساجد "جوبا".. ضاقت بمصليها

يشكو مسلمو "جوبا"، عاصمة جنوب السودان، من قلة عدد مساجدها التي لا تتعدى ثمانية، في وقت يقترب فيه عدد المسلمين من ثلث مجموع سكان المدينة البالغ مليون نسمة.

18.03.2013 - محدث : 18.03.2013
مساجد "جوبا".. ضاقت بمصليها

حمدي الحسيني
جوبا (جنوب السودان)

يشكو مسلمو "جوبا"، عاصمة جنوب السودان، من قلة عدد مساجدها التي لا تتعدى ثمانية، في وقت يقترب فيه عدد المسلمين من ثلث مجموع سكان المدينة البالغ مليون نسمة.

ولا يشعر الكثير من مسلمي المدينة بالتفاؤل إزاء إمكانية زيادة عدد المساجد في المستقبل القريب؛ فيما تقول الحكومة إنها لا تمنع بناء المساجد، لكنها لن تتحمل التكلفة كما هو الحال مع الكنائس.

"لا ننتظر بناء مساجد جديدة بجوبا في ظل سلطة الجيش الشعبي، الذي أعلنها صراحة بأنه نظام علماني".. هكذا تحدث إسماعيل دنق، أحد أبناء قبيلة الدينكا، لمراسل الأناضول، قبل أن يغادر مسجد "كونجو- كونجو" الذي يعد واحدًا من أقدم ثمانية مساجد بالمدينة.

وفي المقابل، يرفض "برنابه بنجامين"، وزير الإعلام والمتحدث باسم الحكومة، تلك الاتهامات ويقول لـ"الأناضول": إن "حكومته ليس لديها مشكلة في بناء المساجد، بل ومستعدة للتبرع بالأرض وتقديم التسهيلات اللازمة".

غير أن بنجامين يلخص المشكلة في "تمويل بناء المساجد لأن الحكومة غير قادرة على بناء دور العبادة سواء للمسلمين أو المسيحيين على حد سواء".

كذلك كرر رئيس جنوب السودان سلفاكير ميارديت، هو مسيحي كاثوليكي، في أكثر من تصريح على أن بلاده "دولة تقوم على احترام حرية العقيدة".

اللافت أن أغلب مساجد جوبا تم بناؤها في قلب أسواق المدينة، بعضها حمل اسم السوق المقامة فيه، مثل مسجد "كونجو- كونجو" الذي يتوسط السوق الذي يحمل الاسم نفسه بقلب جوبا ويعني "كل شىء" بحسب لغة قبيلة "الباريا" التي يعتبر أبناؤها أنفسهم السكان الأصليين للمدينة.

المسجد كان مجرد مصلى صغير يتردد عليه تجار السوق المسلمين، وبوصول الرئيس إبراهيم عبود إلي السلطة أواخر خمسينيات القرن الماضي، في انقلاب عسكري قام به الجيش السوداني، عقب استقلال البلاد عام 1956 تغير حال الزاوية الصغيرة لتصبح مسجدًا ضخمًا.

ولدى وصوله إلى السلطة تعهّد بـ"نشر العروبة والإسلام"، في جنوب السودان، بعد أن جعل منها الاحتلال البريطاني على مدى عقود مناطق مغلقة بعيدة عن العرب في الشمال، فقام عبود في عام 1964 بوضع حجر الأساس لمسجد "كونجو- كونجو" بموقعه الحالي.

بيد أن مسجد "الكويت"، يبقى الأكبر حيث يستوعب مئات المصلين، كما يحرص الدبلوماسيون المسلمون الممثلون لبلادهم بجوبا على أداء صلاة الجمعة به؛ نظرًا لموقعه القريب من الحي التجاري، وأيضاً وجود مرآب للسيارات به.

وكانت الحكومة الكويتية قد شيّدت المسجد على نفقتها في ثمانينيات القرن الماضي، عقب زيارة أحد أمراء الأسرة الحاكمة إلى جوبا في رحلة صيد، وشكا له بعض المسلمين من عدم استيعاب مساجد المدينة أعداد المصلين، فتعهد ببناء هذا المسجد على نفقة بلاده ومنذ ذلك الوقت وهو يعرف بين السكان باسم مسجد "الكويت".

وفي سوق "كاستوم"، وهو من أشهر أسواق جوبا أيضًا، يقع مسجد آخر يحمل اسم السوق، غير أنه لا يتسع سوى لعشرات المصليين فقط، ثم تأتي مساجد أخرى تتباين الأعداد التي تستوعبها لكنها لا تتعد عشرات المصلين ومنها مساجد "سوق جميل" و"المستشفي الطبي"، و" ملكية"، فضلاً عن عدد محدود من الزوايا المتناثرة في أنحاء جوبا المتباعدة.

ولا يوجد إحصاء رسمي واضح لعدد المسلمين في جوبا باعتبارها عاصمة دولة وليدة، ليس لديها مراكز للإحصاء الدقيق، فضلاً عن أن الكثير من السكان يقيمون على أطراف المدينة وفي الغابات، وهم غير مسجلين ويصعب حصرهم.

لكن تقديرات، غير رسمية، تشير إلى أن عدد المسلمين يصل إلى نحو ثلث سكان المدينة البالغ مليون نسمة. ويبلغ سكان جنوب السودان إجمالا 8 ملايين نسمة.

دخول الإسلام إلى جوبا، بحسب جمعة سعيد أحد الدعاة بمسجد "كونجو- كونجو"، يعود إلى القرن التاسع عشر عندما بدأت جيوش مصر، إبان فترة حكم محمد علي  ومن بعده الخديوي إسماعيل (حيث كانت جزءًا من الخلافة العثمانية)، في الوصول إلى تلك المناطق.

وأضاف "كان لهم الفضل في وصول الإسلام إلي هذه البقاع، ولولاهم لما عرف أغلب سكان جوبا أن هناك دينًا اسمه الإسلام".

وأشار إلى أن عدد مسلمي جوبا في تزايد مستمر، مضيفًا في الوقت نفسه "لا يوجد حصر دقيق بتعدادهم؛ لأن القبيلة الواحدة - بل والأسرة الواحدة - تجد الأب مسيحيًّا والأبناء مسلمين أو العكس".

ويقسم "سعيد" مسلمي جنوب السودان إلى ثلاث فئات: الأولى تضم أبناء المدينة من القبائل الجنوبية، والفئة الثانية أبناء الشمال الذين يقيمون منذ عشرات السنين وتمسكوا بالبقاء بعد الانفصال عن الشمال.

أما الفئة الثالثة فتضم مسلمي أوغندا والصومال وكينيا وإثيوبيا المجاورة لحدود جنوب السودان، حيث تمتد القبائل المسلمة من تلك الدول إلى داخل أراضي جنوب السودان.

وأسست دولة جنوب السودان عندما صوت أغلبية سكانها لصالح الانفصال عن الشمال في استفتاء شعبي أعلنت عن نتائجه النهائية في فبراير/شابط 2011، وتم الإعلان عن تأسيس الدولة رسميًّا في 9 يوليو/تموز 2011.

الأخبار المنشورة على الصفحة الرسمية لوكالة الأناضول، هي اختصار لجزء من الأخبار التي تُعرض للمشتركين عبر نظام تدفق الأخبار (HAS). من أجل الاشتراك لدى الوكالة يُرجى الاتصال بالرابط التالي.
المواضيع ذات الصلة
Bu haberi paylaşın