مخيم "أطمة" السوري... مأساة إنسانية شاهد على إجرام الأسد
يتواصل تدفق سكان المناطق المعرضة للقصف من قبل النظام السوري، على المنطقة الحدودية بين سوريا وتركيا، على أمل التمكن من الدخول الى المخيمات التي تقيمها الحكومة التركية داخل أراضيها، للإستفادة من الخدمات المقدمة فيها.

وشهد مخيم "أطمة" الحدودي، قبل أيام، نزوحاً لآلاف من العائلات السورية، التي فرّت من قصف قوات النظام السوري، حيث وصل عدد اللاجئين في المخيم ما يقرب من 10 آلاف لاجئ، توزعوا على نحو 1300 خيمة، تتسع كل خيمة لخمس أو سبع أشخاص، لكن معدل من يعيش في الخيمة الواحدة حالياً 12 شخصاً.
ويضم مخيم "أطمة" أعداداً كبيرة من اللاجئين، يحتل القسم الأكبر منهم، السوريين القادمين من ريف "إدلب"، وذلك بسبب الأحداث الأخيرة التي تشهدها المنطقة هناك حيث يعيش الريف، لا سيما "معرة النعمان"، مواجهات كبيرة يذهب ضحيتها عدد كبير من الأهالي المدنيين.
أما القسم الثاني من اللاجئين في المخيم، فهم من حماة ومناطق أخرى، كانوا يقيمون مختبئين في ريف ادلب، بعد تهجيرهم من مناطقهم، بسبب تعرض النظام لهم، أو انشقاق أقرباء لهم عن مؤسسة النظام، ويُنظر إلى هؤلاء، بأنهم أسوأ حالاً من القسم الأول، لأنهم هُجروا مرتين أو ثلاث مرات من مناطقهم الى ادلب، ومن ادلب الى هذا مخيم "أطمة".
والقسم الثالث، نازحون من مناطق غير ادلب، مثل "ريف حلب" و"حماة" ومناطق أخرى، كانوا قد نزحوا من مناطقهم باتجاه المخيمات التركية، وفي الوقت الذي لم يجدوا لهم متسعاً في تلك المخيمات،اضطروا للمجئ لهذا المخيم، بعد أن بات بعضهم في العراء يوماً أو أكثر، بانتظار أن يجد مكانا ينام فيه وعائلته.
ومع ازدياد أعداد الوافدين للمخيم، يبرز غياب أي مظهر تنظيمي، فالمخيم يفتقر لأي قوائم بأسماء وأعمار الوافدين، في الوقت الذي لا يوجد فيه أي وسيلة نقل من وإلى المخيم، ناهيك عن عدم وجود حمامات أو مرافق عامة، إضافة إلى تمديدات الماء غير المتوفرة، حيث يتم توصيل الماء عبر صهريج صغير لا يسد الحاجة، خاصة في ظل الطوابير الطويلة التي تقف انتظاراً.
أما بالنسبة للطعام، فهناك وجبتين، الأولى تصل مع ساعات الظهر، وهي عبارة عن خبز "صمون" وحبة واحدة من الطماطم، والوجبة الثانية، تصل إلى المخيم مع ساعات المساء، وهي عبارة عن طبق من الـشوربة، الأمر الذي أدى إلى إزدياد شكاوى اللاجئين، ازاء قلة الطعام المقدم إليهم.
وعلى الصعيد الصحي، في المخيم، ينتشر عدد من الأمراض، كأمراض الصدرية، والجلد، وأوجاع البطن، خاصة وأن معظم الخيم الموجودة في المخيم، مصنوعة من النايلون الخفيف الذي لا يقي البرد، مع افتقار المخيم لوسائل التدفئة، بحكم أنه لا يتوفر فيه الكهرباء او الوقود، إضافة إلى العدد القليل من "البطانيات".
وشهد المخيم خلال الايام الماضية، اقتلاعاً لخيمة ممرض كان يقيم في المخيم،إلى جانب خيماً أخرى، وذلك نتيجة هبوب عاصفة مطرية، حيث أسفر الحادث، عن إصابته بجروح بالغة، جراء تساقط القضبان الحديدية للخيمة عليه، نقل على إثرها الى أحد المستشفيات التركية لتلقي العلاج، ويفتقر المخيم حالياً لأي رعاية طبية، في حين يبعد أقرب مركز صحي عن المخيم حوالي 5 كيلو مترات، مع وجود نقص حاد في المواصلات العامة،وعدم امتلاك الأهالي لأي أموال للتنقل من وإلى المخيم، الأمر الذي يضطرهم إلى السير مشياً على الأقدام.
ويقول الأهالي في مخيم "أطمة" أن أكثر مشاكل المخيم سوءً، هي تلك المتعلقة، بغياب جهة محددة يمكن التواصل معها، حول تحسين أوضاع المخيم أو تحميلها مسؤولية ما يجري.
ومع غياب السلطة المسؤولة بدأ اللاجئون فيما بينهم حالياً بترتيب الأمور من خلال تعيين مندوبين لهم يقومون بالسهر على خدمة الآخرين والعمل على تأمين احتياجاتهم.
أما بخصوص الوضع الأمني، فقد بادرت كتيبة من الجيش الحر قوامها 15 شخصاً، التواجد هناك والعمل على ضبط الأمن، وحل الخلافات والنزاعات التي قد تنشأ بين الناس، حيث شكا أعضاء هذه الكتيبة بدورهم من قلة الموارد بل وانعدامها ومن سوء التنظيم وغياب الرقابة الطبية، وطالبوا بإيصال صوتهم للعالم للتدخل للتخفيف هذه المأساة.
وعلى جانب آخر تبرز في مخيم "أطمة" معاناة أطفاله، الذين يصا تعدادهم 5 آلاف طفل، جميعهم يعيشون ظروفاً لا تمت للطفولة بصلة، فهم بلا مدارس، وبلا أماكن تخصص لرعايتهم،إجتماعياً أو ثقافياً، ولا مراكز للعناية بهم، أو وسائل تسلية تمكنهم قضاء أوقاتهم فيها، فالاطفال يتحدث قسم منهم عن المآسي التي مروا بها أو عن المناظر التي شاهدوها، والبعض الآخر يتحدث عن المنطقة التي نزح منها، ورغبته بالعودة اليها بينما يتحدث اخرون عن بيوتهم التي تهدمت وأقاربهم الذين قتلوا على يد قوات النظام.
الأخبار المنشورة على الصفحة الرسمية لوكالة الأناضول، هي اختصار لجزء من الأخبار التي تُعرض للمشتركين عبر نظام تدفق الأخبار (HAS). من أجل الاشتراك لدى الوكالة يُرجى الاتصال بالرابط التالي.