"لاجئات لا سبايا"..حملة سورية لمناهضة "زواج النخاسة"
الحملة تقوم بتوعية الأهل للتعريف بخطورة زواج اللاجئات السوريات من أثرياء عرب، وتطالب بصندوق مالي لتيسير الزواج بين السوريين والسوريات.

كوثر الخولي
القاهرة- الأناضول
تحت شعار "لا للنخاسة المقنّعة" أطلق نشطاء سوريون حملة عبر مواقع التواصل الاجتماعي من أجل حماية النازحات السوريات من قبول عروض الزواج من أثرياء عرب بحجة السترة والمساعدة، معتبرين أن تلك العروض أشبه بـ "سوق النخاسة الجديدة".
وقال "مؤيد اسكيف"، مؤسس الحملة في تصريح لمراسلة وكالة "الأناضول" للأنباء عبر الهاتف من العاصمة القطرية: "نحن شباب سوريون مستقلون من الجنسين من أبناء الثورة السورية لا ننتمي إلى أي جهة أو تيار سياسي ونمثل مختلف مكونات المجتمع السوري وأطيافه".
ونفى "اسكيف" أن يكون الهدف من الحملة شنّ هجوم على دول أو مجتمعات أو أطراف بعينها، مشيرًا إلى أن غرضها الوقوف بجانب اللاجئات السوريات ومحاولة إخراجهن من تلك المحنة التي تُستغل بأبشع الطرق من أطراف عدة.
وأضاف: جاءت هذه الحملة لنصرة الفتيات السوريات اللواتي تتربص بهن الضباع بعد أن هربن مع عائلاتهن من الداخل السوري نتيجة ما قامت به الذئاب البشرية المتمثلة بعصابات الأسد المسلحة، مهاجمًا بعض الفتاوى التي تدعو للزواج من سوريات على سبيل الشفقة والمساعدة.
وانطلقت الحملة عبر فيس بوك، الجمعة الماضي، ووصل عدد زوارها خلال 72 ساعة أكثر من 6 آلاف مشترك.وحول الآليات التي تستخدمها الحملة لتحقيق أهدافها، يقول اسكيف: التوعية هي أولى تلك الآليات، مشيرًا إلى أن الحملة هدفها توعية بعض أهالي الفتيات بمخاطر هذا الزواج المغلف بعناوين دينية وشرعية وقيم اجتماعية.
وأضاف: لم نتمكن من الحصول سوى على عدد محدود جدًا من الحالات، ولم نتمكن من التواصل معها كلها بشكل مباشر لأسباب اجتماعية.
وأشار إلى أن من ضمن الآليات المستخدمة توجيه رسالة لبعض الشباب الخليجي والعربي ممن يعتقدون أن الزواج من سوريات طريقة معقولة للمساعدة فضلا عن أن بعضهم قد يكون صادقًا فعلاً في نيته، ولكن لا يمكنه تحمل تبعات ذلك الزواج لفترة طويلة، لذا لابد من وصم أو "تعييب" هذا النوع من الزواج اجتماعيًا، والتأكيد على أن كل مَنْ يسعى لذلك فقد خان دينه والقيم الإنسانية السامية.
كما تقوم الحملة، بحسب اسكيف، بالتواصل مع مختلف اللجان الحقوقية والمنظمات الخاصة بشؤون المرأة في كل بلدان اللجوء فضلا عن دول الخليج والجزائر ومصر إضافة لبعض رجال الأعمال لحثهم على القيام بدورهم الإنساني وواجبهم الأخلاقي ومسؤولياتهم الاجتماعية وللعمل على تأسيس صندوق مالي يدعم مشاريع الزواج بين السوريين والسوريات سواء من اللاجئين أو من شباب الداخل.
"إنه الجهاد بالزواج".. هكذا علقت سارة إحدى السوريات التي عرض عليها هذا النوع من الزواج وكتبت على صفحة الحملة على فيس بوك.
وأردفت قائلة: "لا تستغرب فليست هي المرة الاولي التي يحدث معنا هذا، ولن تكون الأخيرة فقد فُعل ذلك سابقا في البوسنة والهرسك وفي الشيشان ولكن اليوم من يراد الجهاد بهن، والدعوة والتداعي إلي الستر عليهن هن عربيات أصيلات.. إنهم بنات الشام".
واستنكر مؤسسو الحملة، عبر صفحتهم على تويتر، أن تلك العروض تستدعي ما حدث أواسط تسعينيات القرن الماضي، حين اندلعت الحرب في البوسنة، وظهرت دعوات للزواج من البوسنويات للمساهمة في "التخفيف من حزنهن" عن طريق الزواج منهن.
وتساءلوا: "لماذا لم يهب أهل النخوة من هؤلاء إلى ستر الصوماليات أو السودانيات من أهل دارفور؟" في إشارة إلى أن البوسنويات والسوريات يتميزن بالبشرة البيضاء والملامح الأوروبية وهو ما قد يستهوي الرجل العربي.
وعلقت الخبيرة الاجتماعية د.نعمت عوض الله على هذه النوعية من عروض الزواجات بقولها: هذا النوع من الزواج القائم على القهر ليس زواجًا، معتبرة أن "ما أؤخذ بسيف الحياء فهو حرام".
وأضافت لمراسلة "الأناضول" للأنباء: "لقد لمست هذا النوع من الزواج عن القرب، فوجدت أن الأسر أجبرت على ترك وطنها وبيتها وأموالها هربًا من ويلات الحرب الدائرة في سوريا، ويأتي من يملك المال يلوح لهذه الأسرة برغبته في الزواج من إحدى بناتها، فتجد الأسرة نفسها ليس لها الخيار غير القبول للتخلص من أزمتها الراهنة، وتكون الضحية هي الفتاة "المقهورة".
وأشارت عوض الله إلى أن البعض يبرر عرضه للزواج هذه بأنه يريد مساعدة الأسرة ماديًا، وهذا نوع من أنواع إلباس الحق بالباطل، حيث يمكن لهذا الشخص، لو كان كريمًا حقًا، أن يقوم بمساعدة هذه الأسرة ماديًا دون انتظار المقابل، أي الزواج، فهؤلاء اللاجئون هم أبناء سبيل تجوز عليهم الصدقة لوجه الله، لهذا لا ضرر من أن يساعدهم ماديًا في معيشتهم وتعليميًا بدلاً من ذلك العرض المخزي".
وأكدت د. نعمت أن الفتيات اللاتي يتزوجن وفق هذه الظروف القاهرة، لا يتمكنّ من رعاية أسرة بالشكل الصحيح، ولن يستطعن تربية أبناء أسوياء، لأنهن ببساطة مقهورات، فالحر فقط هو من يستطيع الاختيار، ومن ثم بناء حياة سوية.
يذكر أن شبابًا سوريين نظّموا وقفة يوم السبت الماضي في القاهرة، حاملين شعارات "حرائر سوريا..لاجئات لا سبايا.. نحن لسن للبيع"، خلال احتفالية " الفن ميدان" بالقرب من قصر عابدين الرئاسي، وهي تلك الاحتفالية التي ينظمها شباب بشكل شهري منذ اندلاع ثورة 25 يناير، ويتم فيها تداول فنون تدعم الثورة المصرية.
الأخبار المنشورة على الصفحة الرسمية لوكالة الأناضول، هي اختصار لجزء من الأخبار التي تُعرض للمشتركين عبر نظام تدفق الأخبار (HAS). من أجل الاشتراك لدى الوكالة يُرجى الاتصال بالرابط التالي.