archive, archive, الدول العربية

في "نادي السيارات".. روائي مصري يستشرف المستقبل في ظلال الماضي

رغم مرور أقل من أسبوعين على صدورها احتلت رواية " نادي السيارات" ركن الروايات الأكثر مبيعا في المكتبات المصرية الكبرى.

22.04.2013 - محدث : 22.04.2013
في "نادي السيارات".. روائي مصري يستشرف المستقبل في ظلال الماضي

أسامة صفار
القاهرة- الأناضول
رغم مرور أقل من أسبوعين على صدورها احتلت رواية " نادي السيارات" ركن الروايات الأكثر مبيعا في المكتبات المصرية الكبرى.

و"نادي السيارات" هي العمل الروائي الرابع للكاتب والطبيب المصري "علاء الأسواني"، بعد رواياته؛ "أوراق عصام عبد العاطي" (1990)، و"عمارة يعقوبيان" (2002)، و"شيكاغو" (2007).

وأعلنت "دار الشروق" المصرية، الناشر للرواية، في بيان لها وصل وكالة الأناضول نسخة منه أن رواية نادي السيارات للروائي المصري علاء الأسواني حققت أكثر الكتب مبيعاً بجميع مكتبات دار الشروق، وذلك منذ صدروها في 4 إبريل/ نيسان الجاري. غير أن البيان لم يعط أرقاما محددة.

كما قالت الدار في بيانها أن: الطبعة الثانية للرواية صدرت يوم الجمعة الماضية، نظرا لنفاذ نسخ الطبعة الأولى للرواية في الأيام الأولى لنشرها في الأسواق.

واكتسب الأسواني شهرته من روايته الثانية "عمارة يعقوبيان"، حيث لم تحظ روايته الأولى "أوراق عصام عبد العاطي" باهتمام يماثل "عمارة يعقوبيان"، التي تحولت إلي فيلم عام 2006 حمل نفس الاسم وأثار جدلا واسعا لما حمله من أحداث ومشاهد وصفها البعض بـ "الجريئة" واعتبرها آخرون "تتعارض مع قيم وأخلاق المجتمع"، ثم إلى مسلسل عام 2007.

ويعود في 2013 الأسواني في روايته "نادي السيارات" ليعلن تحديا إبداعيا بالغ الصعوبة، فبينما عاش الكاتب جزءا من تلك المرحلة بل والبيئة التي كتب عنها في "عمارة يعقوبيان"، وبالتالي كان من الطبيعي أن يصدر عنه ما ينبيء بهذه الخبرة العميقة بنفوس من أحاطوا به في مختلف مراحل حياته، إلا أنه في "نادي السيارات" يعود إلي ما قبل منتصف القرن الماضي مقتحما زمانا لم يعشه، ومكانا لم يكتب له ولغالبية المصريين رؤيته.

وينقل الأسواني عبر صفحات الرواية خبرة من عايش بالتفصيل خلجات النفوس المعذبة بالقهر والظلم والحرمان من جهة، وغطرسة النفوس التي لا تكف عن إهدار كرامة الآخرين من جهة أخرى.

وترجع نشأة نادى السيارات المصرى إلى ما قبل عام 1924 برعاية الخديوي عباس حلمي الثاني (آخر خديوي لمصر والسودان، حكمهما معا من يناير/كانون ثان 1892 إلى سبتمبر/ أيلول 1914)، مع بداية اهتمام المصريين بالسيارات، حيث ظهرت الحاجة لوجود كيان يتولى تنظيم ما يتعلق بها و تشجيع الناس على استخدامها، وكان لايرتاد هذا النادي سوى طبقة الأثرياء المقربين من العائلة المالكة في مصر والذين يمتلكون سيارات.

ويرصد الأسواني في الرواية ذلك الصراع الأبدي بين السادة والعبيد أو الأسياد والخدم، وهذا الصراع التاريخي على من يهيمنون علي الثروات والنفوذ من جهة وبين أصحابها الأصليين المحرومين منها من جهة أخرى، عبر الدخول الواعي إلى "نادي السيارات المصري" في الفترة بين عامي 1947 و 1949حيث المعقل الأبرز والأهم لسهرات ومتع أثرياء مصر وعلي رأسهم الملك السابق فاروق الأول (آخر ملوك مصر، حكمها من 1936 حتى ثورة يوليو/ تموز 1952).

وتقع رواية "نادي السيارات" في 644 صفحة، من القطع المتوسط، وصمم الغلاف الفنان المصري عمرو الكفراوي، وصدرت الرواية عن دار الشروق.

ورغم الثراء الروائي لحياة تلك الطبقة إلا أنه ينصرف عنها إلي العلاقة الشائكة بين كبير الخدم، الذي يسميه "الكوو"، وبين أتباعه من الخدم الصغار، مستعرضا مواقفهم من الظلم الواقع عليهم ما بين مستسلم بشكل كامل وبين محتج نصف متمرد يخشي انقطاع ذلك الفتات الذي يلقيه له السادة، فيعود به إلى أبنائه الذين ينهشهم الحرمان.

ويسبق الأسواني رصد الجدلية الأبدية الواردة في متن الرواية بمشاهد متتالية لقصة مخترع السيارة "كارل بنز" في مسقط رأسه بألمانيا، حيث يشعر باغتراب ناتج عن عقل مختلف ومع بدء نجاحه في اختراع السيارة يجابه بسخرية أحيانا واستنكار في أحيان أخري.

والنادي الذي تدور فيه أغلب أحداث الرواية هو نفسه في وعي الكاتب "مصر الوطن"، إذ يخرج الأسواني من حياة الأثرياء بالنادي، ليتوجه الي ألمانيا حيث حياة مخترع السيارة، ثم يصل إلي صعيد مصر في أقصي نقطة بالجنوب ليجلب معه أسرة مصرية عريقة ذو مكانة تعصف بها أزمة مالية تنتقل على إثرها إلى الاستقرار في العاصمة القاهرة.

وبدلا من وقوف المحتاجين علي أبواب رب الأسرة انتظارا لعطاياه وكرمه المعتاد، فإنه يعمل في خدمة طبقة الأثرياء والأجانب في نادي السيارات، ومن ثم يموت من وجع الإهانة القاسي، ليرث ولداه مهنته في النادي، بينما تنمو في قلب القهر الواقع علي الخدم بذور الثورة.

ويبحر الأسواني في سيكولوجية المجتمع المصري مستعرضا بنية الخوف الكامن في أرواح الفقراء، ومن ثم يبني ببراعة نموذجا تحليليا دقيقا لهذه البنية، وأسبابها، وطرائق وآليات عمل الخوف الكامن في المجموع والفرد على حد سواء، لكنه وفي الوقت ذاته يسير قدما نحو تفتيت هذه البنية ويلتمس وسط ظلمة القهر التي استمرأها المجتمع، ذلك الجوهر الصلب من التسامح وتلك الروح الحضارية الجاذبة للقاهرة، والتي تُوقع من يقترب منها في غرامها، سواء كان محتلا أو زائرا قرر قضاء عمره الباقي في العاصمة المصرية.

وتتشابه رواية "نادي السيارات" مع رواية الأسواني الثانية "عمارة يعقوبيان" في بطولة المكان للعمل الفني علي مستوى الشكل نوعا ما، لكنها تتشابه مع عمله الروائي الثالث "شيكاغو" في تركيبية السارد، حيث يتكئ على مشهد ينتمي للحظة الحالية، إذ ينطلق السرد من ذهاب الكاتب إلى منتزه الساحل الشمالي (شمال مصر)، وهناك يراجع روايته فيزوره بطلان من أبطالها ويقرران التعبير عن مشاعرهما بصوتيهما، فيأتي خطابهما السردي في النص الروائي بضمير المتكلم.

وقد سارت الخطوط الدرامية للنص الروائي في "نادي السيارات" بشكل متواز استخدم فيه "الأسواني" تقطيع درامي يشبه أسلوب "تجميد الزمن" في الأعمال الدرامية، حيث يتوقف في منتصف مشهد درامي وينتقل إلى خط درامي آخر ثم يعود إلى المشهد السابق متقاطعا مع غيره، وهو ما خلق نوعا من التشويق يجعل القاريء وراء الحدث لاهثا ومتوترا.

وشهدت رواية الأسواني التي تدور أحداثها في الماضي مقاربة استشرافية للمستقبل، عبر أسلوب الإسقاط الأدبي على واقع اللحظة السياسية والاجتماعية المصرية.

لهذا حرص الروائي المصري على وضع عبارة "هذه الرواية عمل أدبي، وعليه فإن الأسماء والشخصيات والأحداث جميعها من وحي خيال المؤلف، أو تم استخدامها في إطار خيالي، وأي تشابه مع أشخاص أو أحداث فعلية هو محض صدفة"، ليتفادى أي مشكلات قد تجلبها الإسقاطات التي حفلت بها الرواية.

ولكن العمل أيضا لا يخلو من حرفية تتجاوز رواياته السابقة، تجلت في تصوير دقيق لحالة المجتمع المصري المنقسم بطبقتيه الثرية والفقيرة وإبحار في نفوس أبطاله وبناء محكم لكل شخصية علي حدة بشكل يجعل كا منها يكاد يقفز من الصفحات إلى أرض الواقع متجسدا سواء بصوته أو صورته أو ملامحه المميزة.

الأخبار المنشورة على الصفحة الرسمية لوكالة الأناضول، هي اختصار لجزء من الأخبار التي تُعرض للمشتركين عبر نظام تدفق الأخبار (HAS). من أجل الاشتراك لدى الوكالة يُرجى الاتصال بالرابط التالي.
المواضيع ذات الصلة
Bu haberi paylaşın