archive, الدول العربية

في سماء غزة.. "زنانة " تحمل صواريخ الموت

كان التحليق المكثف لطائرات الاستطلاع الإسرائيلية في سماء مدينة غزة، وارتفاع أزيزها في ساعات الصباح الأولى من الثلاثاء الماضي.

02.05.2013 - محدث : 02.05.2013
في سماء غزة.. "زنانة " تحمل صواريخ الموت

علا عطا الله
غزة - الأناضول

كان التحليق المكثف لطائرات الاستطلاع الإسرائيلية في سماء مدينة غزة، وارتفاع أزيزها في ساعات الصباح الأولى من الثلاثاء الماضي، كافيا لأن تضع الشابة "سهى عامر" يدها على قلبها خوفاً من عاجل الأخبار وما ستحمله من عناوين الموت.
وفي الوقت الذي لم يتوقف فيه صوت "الزنانة" -وهو الاسم الذي يطلقه سكان قطاع غزة على طائرات الاستطلاع الإسرائيلية- كانت صديقات سهى في الجامعة يتناقلن الخبر العاجل، وهو: "مقتل شاب فلسطيني في قصف استهدف دراجته النارية بصاروخ أطلقته طائرات الاستطلاع".

وقضى "هيثم المسحال" 25 عاما نحبه أول أمس الثلاثاء في قصف إسرائيلي استهدف دراجته النارية غرب مدينة غزة.

وقالت مصادر طبية إن صاروخا واحدا على الأقل أدى إلى بتر قدميه وإصابته بشظايا بجميع أنحاء جسمه.

ومع تغطية هذه الطائرات الحربية سماء القطاع، فإن خفقات التوتر في قلوب الغزيين تزداد من الخطر المحدق برجال حركات "المقاومة" وبجميع من قد تنالهم صواريخ الموت وشظاياها.

وساهمت هذه الطائرات الساكنة أجواء غزة من جميع جهاتها إلى جانب الطائرات الحربية الأخرى في استهداف العشرات من قادة الفصائل الفلسطينية واغتيالهم.

وهذه الطائرات "بدون طيار" لم تعد مهمتها الاستطلاع ومد إسرائيل بمعلومات لتحديد ما تطلق عليه تل أبيب مسمى "بنك الأهداف"، وإنما باتت تشكل خطرا يخشاه الجميع.

فهي كما يصفها الحاج السبعيني "أبو نائل مهنا" بـ"القاتل الذي يحيل أجساد الفلسطينيين إلى أشلاء".

وفي حديثه لوكالة "الأناضول"، يقول إن "تحليق هذه الطائرات كنذير شؤم يدفعه للدعاء والابتهال بتجنيب غزة شرها، وشر ما تحمله" .

وأصبحت طائرات الاستطلاع بدون طيار هي كلمة السر في تنفيذ إسرائيل لعملياتها الحربية؛ إذ باتت من أوائل الوسائل التي تعتمدها في عمليات الاغتيال بعد أن كان دورها ينحصر في جمع المعلومات المخابراتية حول نشطاء الفصائل وتحركاتها، ومراقبة خطوط التماس بين إسرائيل والتجمعات السكانية في القطاع .

ويصف المقاومون هذه الطائرة بـ "الجاسوس الطائر"، إذ بمقدورها المكوث في الجو 24 ساعة متواصلة.

وتتسابق الإذاعات المحلية في تحذير الفصائل في غزة من انخفاض تحليقها وارتفاع صوتها الذي يشير غالبا إلى أنها تلاحق هدفا.

وتبث تلك الإذاعات رسالة موحدة مفادها "طائرات الاستطلاع تحوم بكثافة في المنطقة، على المعنيين أخـذ الحيطة والحذر"، وذلك في دعوة ضمنية لأفراد فصائل "المقاومة" بالتنبه والاستعداد.

ويولد التحليق المكثف لطائرات الاستطلاع شعـور الخوف من حرب جديدة قادمة لدى "أم نائل سعدي".

وبصوت لم تفلح في إخفاء نبراته المرتجفة، تقول الأم لسبعة صغار "ما إن نسمعها حتى يغيب الأمان عنا، وكلما اقتربت وزاد أزيزها ارتفع صراخ أطفالي : ماما.. ماما حرب".

وتعد طائرات الاستطلاع بدون طيار "غرفة عمليات كاملة"، فهي مزودة بأحدث أجهزة التجسس تقدمًا وتستخدمها إسرائيل لتصوير المناطق الجبلية والنائية والمدن والقرى.

وتبث صورها بشكل مباشر لأجهزة المخابرات الإسرائيلية عبر أجهزة رؤية ليلية وأجهزة استشعار حراري وأجهزة التقاط موجات الهواتف الجوالة، وتعطي كامل المعلومات اللازمة للمحتل كي ينقض على ضحيته.

وشهدت طائرات الاستطلاع الإسرائيلية تطورًا لافتًا، فبعد أن كان دورها مقتصرًا على التجسس والمراقبة وصلت لأحدث مرحلة وهي القدرة على البحث عن الهدف المطلوب وتوجيه الصواريخ إلكترونيًّا إليه باستخدام أشعة الليزر، مع إبقاء القرار للقاعدة الأرضية التي يتم المراقبة من خلالها في إصدار الأمر لضرب الهدف الذي تم رصده.

وتعتبر فصائل المقاومة الفلسطينية طائرات الاستطلاع الإسرائيلية بدون طيار عدوها الأول؛ إذ تسببت في استهداف قادتها والعشرات من عناصرها من خلال قصف سياراتهم أو مواقعهم، من أشهرهم في الشهور الأخيرة، أحمد الجعبري، نائب قائد "كتائب القسام"، الجناح العسكري لحركة حماس، نوفمبر/تشرين الماضي.

وبدأ استخدام هذه الطائرات في تنفيذ عمليات الاغتيال في النصف الثاني من عام 2004، بعد أن كانت إسرائيل تعتمد بشكل أساسي على المروحيات العسكرية من طراز "أباتشي"، أمريكية الصنع، في تنفيذ عمليات التصفية.

وبالنسبة لقادة سلاح الجو الإسرائيلي فإن هناك مزايا كبيرة لطائرات الاستطلاع في تنفيذ عمليات الاغتيال مقارنة بمروحيات "الأباتشي".

فبحسب تصريحات إعلامية سابقة لهؤلاء، فإن الضجيج الذي تحدثه "الأباتشي" عندما تحلق في سماء المنطقة، كان يدفع الكثيرين من نشطاء المقاومة الفلسطينية إلى الاختفاء.

كما أن عمليات التصفية التي تتم بواسطة طائرات الاستطلاع تستغرق وقتًا قصيرًا نسبيًّا مقارنة بمروحيات "الأباتشي"، حيث تقوم طائرات الاستطلاع بجمع المعلومات اللازمة لتنفيذ عمليات التصفية، وتقوم بعملية التصفية نفسها، وفق المصادر ذاتها.

وتستخدم إسرائيل أنواعًا متعددة من طائرات الاستطلاع، أحدها هو "سيرتشر".

وبحسب تصريحات إعلامية للمصادر العسكرية الإسرائيلية، فإن هذه الطائرات تنطلق من قاعدة لسلاح الجو تقع إلى الجنوب من مدينة تل أبيب، حيث يشرف على عمل هذه الطائرات ضابط في سلاح الجو برتبة عقيد.

وترتبط هذه القاعدة مباشرة بهيئة أركان الجيش وقيادة جهاز الأمن الداخلي (الشاباك)، وهو الجهاز المسئول عن ترشيح أهداف فلسطينية للتصفية الجسدية.

ووفقا للمصادر نفسها فإن المشرفين على هذه القاعدة هم الذين يصدرون التعليمات للطائرات بإطلاق صواريخها القاتلة على المرشحين للتصفية بعد تحديدهم بدقة.

وتحمل صواريخ هذه الطائرات شظايا خطيرة تبتر الأطراف وتشوه الجسد ولا تكتفي فقط باستهداف ضحيتها.

وبحسب تقارير إعلامية، فقد أصبحت إسرائيل من الدول المصدرة لهذا النوع من الطائرات، حيث طلبت منها الولايات المتحدة تجهيز 300 طائرة استطلاع قبل غزو العراق في مارس/ آذار 2003.

وإذا كانت هذه الطائرات تحمل في طياتها نذير الموت، فإنها تُشكل مصدر إزعاج من نوع آخر للمواطنين في قطاع غزة، حيث تشوش على المحطات الفضائية الملتقطة عبر الأقمار الصناعية الرقمية وتحرمهم من متابعة الأخبـار وآخر المستجدات.

وتحاول الفصائل الفلسطينية بث رسائل تحذيرية لعناصرها لتجنب خطر هذه الطائرات، عن طريق عدم اصطحاب الهواتف الجوالة خلال المهام العسكرية، لأنه يسهل على إسرائيل الوصول إليها من خلال عدة وسائل وطرق، منها تحديد بصمة الصوت، والمراقبة المسبقة لهذا الهاتف.

كما تطالب الفصائل عناصرها بعدم التجمع في نقاط واحدة وضرورة الانتشار، وعدم التواجد في أماكن مكشوفة.

الأخبار المنشورة على الصفحة الرسمية لوكالة الأناضول، هي اختصار لجزء من الأخبار التي تُعرض للمشتركين عبر نظام تدفق الأخبار (HAS). من أجل الاشتراك لدى الوكالة يُرجى الاتصال بالرابط التالي.
المواضيع ذات الصلة
Bu haberi paylaşın