archive, الدول العربية

فاس.. أول عاصمة للمغرب والثالثة بشمال إفريقيا

المدينة مَثَل حي على قصة تعايش فريدة بين مكونات حضارية شتى، أمازيغية وعربية وأندلسية ويهودية، جميعها تشكل الخارطة الثقافية للمغرب في مختلف الحقب التاريخية

07.01.2013 - محدث : 07.01.2013
فاس.. أول عاصمة للمغرب والثالثة بشمال إفريقيا

سارة آيت خرصة

فاس – الأناضول

على سفح جبل "زلاخ" وعلى مشارف هضبة "سايس" الفسيحة في الشمال الشرقي للمغرب، تظهر "العدوتان" (شطرا مدينة فاس)، تزينها الصوامع وقباب القصور وسطوح الأبراج العالية التي أقيمت خلال فترات تاريخية مختلفة حتى تحفظ أقدم "مدينة" في المغرب، وأول عاصمة سياسية في بلاد المغرب الأقصى وقطبه المعرفي والثقافي، فـلا يذكر المغرب إلا مقترنًا بمدينة "فاس"، بل إن المدينة أعارته اسمها وأضحى المغرب "فاسًا".

فاس التي يقسمها نهر يحمل الاسم نفسه وصنَّفتها منظمة الأمم المتحدة للتربية والثقافة والعلوم "اليونيسكو" عام 1981 باعتبارها تراثًا إنسانيًا، أسسها "المولى إدريس الأول" عام 789م والذي قدم من بغداد فارًا من العباسيين، وفيها بدأ في إقامة أول دولة موحدة في تاريخ المغرب "الدولة الإدريسية" والتي اتخذت من فاس عاصمة لها، لينتهي بذلك صراع بين القبائل الأمازيغية والدويلات التي كانت تظهر بين الحين والآخر على أرض المغرب.

واستكمل بناءها ابنه المولى إدريس الثاني، وفي عهده عرفت ازدهارًا اقتصاديًا وسياسيًا كبيرًا بسبب استقرار الدولة الجديدة وتوطين ركائزها.

المدينة كانت حلقة وصل بين حضارات وشعوب التقت في حاضرة فاس لأول مرة، فأهل المغرب الأمازيغ سيتعايشون فيها مع المسلمين العرب القادمين من بلاد الشام والعراق ومن مصر والقيروان، ليقيموا أولى عدوتي فاس "عدوة القيروان".

مع بداية تداعي الحكم الإسلامي في الأندلس استقبلت العدوة الثانية لفاس "أهل الأندلس" مع بداية سقوط إمارات ملوك الطوائف، وأطلق عليها "عدوة الأندلسيين"، كما اشتهرت فاس بملامح يهودية، أبدع فيها اليهود المغاربة في صناعات وحرف لا تزال مصدر شهرة للمدينة.

وأصبحت بذلك المدينة مثلاً حيًا على قصة تعايش فريدة بين مكونات حضارية شتى، أمازيغية وعربية وأندلسية ويهودية، جميعها تشكل الخارطة الثقافية للمغرب في مختلف الحقب التاريخية اللاحقة.

المدينة المطوقة بثلاثة عشر بابًا، أشهرها يعود لزمن الدولة الإدريسية كباب الفتوح وباب الجيزة وباب الصمارين، وتعد ثالث أقدم عاصمة في شمال إفريقيا بعد القاهرة في مصر والقيروان بتونس، لكن الوضع السياسي والعسكري في المنطقة برمتها كان محكومًا بالسيطرة على فاس وعلى مداخلها، فأغلب الإمبراطوريات التي تعاقبت على الشمال الإفريقي (المرابطين، الموحدين، المرينين) كانت بداية حكمها تنطلق بتسلم مفاتيح المدينة وبسط اليد على أبوابها.

وفي مدينة فاس استقر أشهر الفلاسفة والعلماء الذين عرفهم الغرب الإسلامي، وفي مدارسها العتيقة التي تستوطن كل حي وزقاق تلقوا تعليمهم، فبجوار أزقة العطارين تطالع الزائر أبواب "مدرسة العطارين" وفي نهاية "حي الشماعين" تستقر في زاوية ضيقة مدرسة الشماعين.

إلى جانب مدارس شهيرة أخرى كان يتوافد عليها طلاب العلم من الشرق الإسلامي وغربه، كجامعة القرويين والمدرسة "البوعنانية" وغيرهما من المكتبات القديمة التي تؤثث أحياء فاس العتيقة، المدينة نفسها تضم قبور شعراء وأدباء وملوك من زمن الأندلس، كالشاعر الأندلسي مالك بن المرحل والأديب والشاعر الأندلسي ابن خفاجة والوزير الغرناطي لسان الدين الخطيب وغيرهم.

الأخبار المنشورة على الصفحة الرسمية لوكالة الأناضول، هي اختصار لجزء من الأخبار التي تُعرض للمشتركين عبر نظام تدفق الأخبار (HAS). من أجل الاشتراك لدى الوكالة يُرجى الاتصال بالرابط التالي.
المواضيع ذات الصلة
Bu haberi paylaşın