archive, الدول العربية

"عمارات وسط القاهرة".. حلم الخديوي الذي لم يكتمل!

تواجه بنايات وسط القاهرة بعد ثورة 25 يناير/كانون الثاني التي أنشأت لتكون "باريس الشرق"، مشكلات كثيرة مثل الإهمال والتعدي غير القانوني من قبل الباعة الجائلين، أو استخدام مرافقها بشكل غير قانوني

20.12.2012 - محدث : 20.12.2012
"عمارات وسط القاهرة".. حلم الخديوي الذي لم يكتمل!

كوثر الخولي

تصوير: مصطفى أوزتورك

القاهرة- الأناضول

تحكي بنايات وسط القاهرة العريقة، قصص تاريخية عن أصحابها وسكانها والأحداث التاريخية التي مرت بها، والتي تجسد ثراء المدينة ليس فقط بصفتها كعاصمة للعالم الإسلامي- كما وصفتها اليونيسكو، بل أيضا بصفتها من روائع التجارب الإنسانية العمرانية على مر تاريخها.

المار في شوارع وسط القاهرة قد لا يلتفت إلى قيمة ما يمر بجواره، وقد لا يكلف نفسه عناء النظر لأعلى، وخاصة في ظل فوضى الانشاءات التي تعاني منها قاهرة المعز، والتي حلم الخديوي إسماعيل أن تصبح "باريس الشرق"، عندما تولى حكم مصر عام 1863، ولكنه حلم لم تستطع الأجيال التالية استكماله والحفاظ عليه.

وتواجه بنايات وسط القاهرة بعمارتها التاريخية، وخاصة بعد ثورة 25 يناير/كانون الثاني، مشكلات كثيرة مثل الإهمال والتعدي غير القانوني من قبل الباعة الجائلين، أو استخدام مرافقها بشكل غير قانوني، وافتقادها لعوامل الحماية التي توفر لها شروط الحماية.

وقامت منظمة اليونيسكو عام 1979 بإدراج القاهرة التاريخية ضمن مواقع التراث العالمي التي تشرف عليها المنظمة الدولية بهدف حمايتها وتوفير التمويل اللازم لصيانتها وترميمها.

تتميز بنايات وسط القاهرة بتعدد الطُرز المعمارية التي بنيت بها؛ مثل الطراز الفرنسي، والإنجليزي، واليوناني، والإيطالي.

ومن أبرز بنايات وسط القاهرة، التي تعد متاحف فنية يقطنها بشر: "عمارة الإيموبيليا"، و"عمارات ميدان طلعت حرب"، و"عمارة أسيكيورازيوني"، و"العمارات الخديوية".

وتقول "سهير حواس"، أستاذة الهندسة المعمارية بجامعة القاهرة، وصاحبة دراسة "القاهرة الخديوية": "عندما تولي الخديوي إسماعيل الحكم في مصر استطاع تحويل القاهرة القديمة إلى باريس الشرق، بفضل العمارة الخديوية التي شيدها بدءا من عام 1869 بعد افتتاح قناة السويس وأصبحت تحفة معمارية تنافس أجمل مدن العالم، ومتحفا فنيا مفتوحا يضم كافة المدارس المعمارية الأوروبية يلخص الحياة الاجتماعية والثقافية والفكرية التي سادت في مصر على مر 140 عاما".

وتقع "عمارة الإيموبيليا"، كنقطة التقاء شارعي شريف وقصر النيل، ويرجع تاريخ انشائها إلي أوائل القرن العشرين، تبلغ مساحتها 5 آلاف و444 متر مربع، ويصل عدد الشقق بها إلي ٣٧٠ شقة موزعة على طوابقها 13.

 شيدت "عمارة الإيموبيليا" علي الطراز الفرنسي عام 1940، وتجمع بين الشقق السكنية، والشركات ذات الطابع التجاري، وأشهر من سكن فيها الفنانين؛ محمود المليجي، نجيب الريحاني، أنور وجدي، ماجدة الصباحي وغيرهم.

وتعد "عمارة أسيكيورازيوني" من أبرز عمارات وسط القاهرة، حيث يرجع تاريخ إنشائها إلى عام 1911، على يد المعماري الإيطالي أنطونيو لاشياك، وهي تقع في شارع قصر النيل، وتعد من أجمل وأعرق عمارات وسط القاهرة، وشيدت على الطراز الكلاسيكي المستحدث، وهو طراز انتشر في تلك الفترة محاولاً أن يجد لغة معمارية جديدة تجمع بين عناصر العمارة المحلية وتظهر في التفاصيل المعمارية والفتحات وبين العمارة الأوروبية وتظهر في علاقة الكتل بعضها البعض.

وفي نفس العام شيد المعماري الإيطالي أنطونيو لاشياك، "العمارات الخديوية" والموجودة بشارع عماد الدين الشهير، وهي من أوائل العمارات المتعددة الأدوار لأغراض سكنية التي شيدت في وسط البلد، ويتبع طرازها "الأرت نوفو" وهي مجموعة مكونة من أربع عمارات على جانبي شارع عماد الدين، تمثل صرحًا معماريًا لا مثيل له في العمارة المصرية الحديثة، بحسب موقع ذاكرة مصر المعاصرة التابع لمكتبة الإسكندرية.

وكان لميدان طلعت حرب المجاور لميدان التحرير الشهير نصيب أن يحوي ٣ بنايات تتميز كل منها بجمال خاص مستوحى من الطراز المختلف الذي صمم به.

تجمع البناية رقم 8 بميدان طلعت حرب، مزيج من الطراز المعماري للقاهرة الفاطمية، مع الطراز الفرنسي، تم تشيد هذه البناية عام 1903، على يد المهندس "كاستامان وانتينو لاشياك".

وبالرغم من أن المبني لا يتعدى الأربعة طوابق، إلا أنه يشغل مساحة كبيرة جدا من الميدان كما تتناسب واجهته ذات الشكل الدائري مع حركة الميدان، وتتميز بزخارفها الرقيقة التي تركز معظمها في الشرفات.

وتتميز البناية رقم 22 والتي شيدت عام 1934  بتصميم المعماري الفرنسي " ليو نافيليان"، بأنها مزجت بين الطراز "الباروك" و طراز "الملكة  فيكتوريا"، واللذان يعتمدان على استخدام الحديد لعمل الزخارف، ويعلو البناية عدد من الأبراج مثل كثير من البنايات الفرنسية القديمة.

تقول المعمارية "إنجي واكد"، والمشاركة في إعداد تصور مشروع الإحياء العمراني للقاهرة التاريخية، التابع لليونيسكو: أن وسط القاهرة التاريخي يعتبر شاهدا ماديا مدهشا على الأهمية الدولية للمدينة في فترات تاريخية مختلفة، على المستوى السياسي والاستراتيجي، والثقافي والتجاري.

وأضافت: "قامت منظمة اليونيسكو بتسجيل موقع القاهرة الإسلامية، ضمن قائمة التراث العالمي، نظرا لأهميتها التاريخية، ولاحظنا أن تراث المدينة المعماري يفتقر إلى المعايير القانونية والادارية للحماية، كما أن نسيج المدينة وتراثها المعماري يعاني من مشكلات متراكمة، مثل الضغوط الاجتماعية والاقتصادية، وفقر البنى التحتية، ومشكلات المرور والمواصلات، بالإضافة إلى الاستغلال غير القانوني لتلك المرافق مثل الباعة الجائلين وغيرها.

وحول آليات مواجهة التعديات التي تواجه بنايات وسط القاهرة تقول سهير حواس: "القانون يحمي تلك المنشآت التاريخية، ولكن مع عدم الاستقرار الأمني عادة لا يستطيع أن يأخذ القانون مجراه".

وطالبت حواس بضرورة الحفاظ على عمارات وسط القاهرة، من بنايات ومرافق وقصور وعدم ترميم أي مبنى إلا بعد الاستعانة بالخبرات المتخصصة، وأن يتم ذلك تحت إشراف أجهزة الدولة المختصة بهذه الأمور، مشيرة إلى دور منظمات المجتمع المدني للحفاظ على تلك الكنوز التاريخية "لأنها ملك الأجيال القادمة قبل أن تكون ملك الماضي والحاضر".

الأخبار المنشورة على الصفحة الرسمية لوكالة الأناضول، هي اختصار لجزء من الأخبار التي تُعرض للمشتركين عبر نظام تدفق الأخبار (HAS). من أجل الاشتراك لدى الوكالة يُرجى الاتصال بالرابط التالي.
المواضيع ذات الصلة
Bu haberi paylaşın