"ساق البامبو".. رواية تناقش سؤال الهوية في المجتمع الكويتي (صورة)
تنكأ رواية "ساق البامبو" للكاتب الكويتي سعود السنعوسي جرحا غائرا في جسد المجتمع الكويتي خاصة، والمجتمع الخليجي عامة، وهي قضية "الهوية"، يلخصها السؤال الصعب لشخص ولد لأب كويتي وأم فلبينية.

أسامة صفار - الأناضول
تنكأ رواية "ساق البامبو" الفائزة بالجائزة العالمية للرواية العربية 2013 (البوكر العربية) للكاتب الكويتي سعود السنعوسي جرحا غائرا في جسد المجتمع الكويتي خاصة، والمجتمع الخليجي عامة، وهي قضية "الهوية" التي يلخصها السؤال الصعب لشخص ولد لأب كويتي وأم فلبينية.
الرواية تتناول ظاهرة العمالة الأجنبية في الخليج العربي، حيث يجد بطل الرواية نفسه في موقف صعب، ممزقاً بين الأواصر البيولوجية الطبيعية، التي تربطه بأسرة أبيه الكويتية من ناحية وبين عصبيات المجتمع العربي التقليدي، الذي لا يقبل فكرة زواج عربي من فلبينية، ولا يعترف بالذرية الناتجة عن هذا الزواج.
وتقع الرواية في 398 صفحة من القطع الكبير، وهي صادرة عن "الدار العربية للعلوم ناشرون" عام 2012.
وقد أعلنت لجنة تحكيم "البوكر العربية" الثلاثاء الماضي فوز رواية "ساق البامبو" بالجائزة، وقيمتها 50 ألف دولار أمريكي.
وقالت اللجنة في بيان لها إن هذه الرواية تم اختيارها باعتبارها الأفضل بين الأعمال الروائية المنشورة في الاثني عشر شهرا الماضية، وجرى اختيارها من بين 133 رواية تقدمت للتنافس على الجائزة من كل أنحاء العالم العربي.
و"ساق البامبو" هي الرواية الثانية لمؤلفها بعد "سجين المرايا"، والتي حصدت تقديرا كبيرا وجائزة على مستوى دولة الكويت. وقد دشنت "ساق البامبو" كاتبها الثلاثيني واحدا من كبار الروائيين العرب.
ولعل الشهادات العديدة التي يقدمها النص الروائي الفريد من نوعه تؤكد الكثير من حسن التقدير لدى لجنة تحكيم "البوكر العربية"، برئاسة المصري جلال أمين.
و"البامبو" هو نبات الخيزران، الذي يصنع منه الأثاث المنزلي وينبت في كل مكان بالعالم، باستثناء أوروبا والقارة القطبية الجنوبية، وأبرز ما يميزه ويربطه بالرواية وبطلها، هو قدرته علي النمو بدون جذور، فما إن يتم غرسه في مكان جديد حتي ينبت جذورا جديدة، وهو ما كاد ينطبق علي البطل الحائر بين هويتين "عيسي – هوزيه".
وبينما يعيش البطل الجزء الأول من الرواية في الفلبين تبدو الهوية الكويتية واضحة فيه، عبر السرد وتبدو الكويت للقاريء كما هي للسارد جنة لمن يعيش فيها.
وكأنما تعمد السنعوسي أن يصور الكويت على مستوى الحلم بالنسبة للولد ذي الأب الكويتي، الذي اضطرت والدته إلى العودة إلى الفلبين، بعد أن رفضها أهل زوجها ورضخ الزوج لقهر مجتمعي وعائلي مزدوج رغم كونه ذلك الأديب المتمرد ذو الوعي المغاير.
وحين يسافر الابن إلي حلمه الكويت، تقفز الفلبين بفعل القهر الذي وقع عليه في مجتمع والده والرفض الذي لاقاه من أهله.
ويراهن السنعوسي في روايته علي جيل جديد يستطيع برحابة صدر أن يقبل الكويتي ذي الملامح الفلبينية، لكن هذا الجيل لا يستطيع رغم جموحه أن يواجه تعقيدات طالما أورثتها الأجيال لبعضها البعض.
ولعل أبرزها ما يتعلق بالطبقية، وهي هنا طبقية اجتماعية لا تتعلق بالمستوى الاقتصادي، وإنما تستند علي روايات قد يقال أنها تنتمي للتاريخ ولكنها في واقع الأمر تنتمي للخيال الشعبي.
في "ساق البامبو" يقترب السنعوسي من المجتمع الفلبيني في أفقر طبقاته ليبدع شخصياته التي أغرق بعضها في الميلودراما، بينما طفا الكثيرون فوق سطح أرض لا تنبت الا الفقر والأمل.
واستعرض في سرد روائي متداخل تاريخ تحرر الفلبين بشكل فيه الكثير من التبجيل، حيث جعل البطل الفلبيني الملهم "خوسيه ريزال" ملهما أيضا لبطل الرواية ومحبوبته واستعرض ذلك التنوع الديني المدهش والمتسامح ولمس به جروح "عيسى – هوزيه"، فقد عمدته عائلته الفلبينية في الكنيسة، بينما رأت والدته أنه سيكون مسلما مثل والده.
ويقول السنعوسي في روايته على لسان البطل "أهملت والدتي تربيتي دينيا علي يقين أن الإسلام ينتظرني في بلاد أبي، ورغم أن أبي همس بنداء المسلمين في أذني فور ولادتي، فان ذلك لم يمنع والدتي من أن تحملني الي كنيسة الحي الصغيرة، ليتم تغطيسي في الماء المقدس في طقوس تعميدي مسيحيا كاثوليكيا". وصادف بعد ذلك شخصا بوذيا، ومن خلال الخبرة البسيطة بالإسلام والمسيحية والبوذية اكتشف قدرته علي الإيمان.
وللمرأة في "ساق البامبو" قوة مدهشة وقدرة غير عادية علي إدارة دفة الأحداث وتحريكها طبقا لإرادتها متجاوزة في ذلك إرادة الرجال وقسوة الظروف.
والمرأة الأولي في الرواية هي الفلبينية "أيدا" التي أجبرها والدها علي احتراف البغاء، فانصاعت، ثم ثارت عليه وعلي كل الرجال فلم يجرؤ علي الاقتراب منها بعد ذلك.
ثم "جوزافين" والدة عيسي أو هوزيه، التي احتملت كل شيء حتي يعود ابنها الي أرض أبيه.
و"ميرلا" التي قهرت والدتها وكل عائلتها وتركت منزلها لتبحث عن قدرها وتقرر مصيرها بنفسها وتغرق في مشاعرها الفلبينية رغم الأب المجهول ذي الملامح الأوروبية التي ورثتها عنه.
وفي الجانب الكويتي كانت الأم وزوجة الأب الثكلى التي رفضت الفلبينية وابنها في المرة الأولي، ولم تقبل الابن في المرة الثانية، ثم "هند" التي دفعتها قصة حب لم تكتمل لأحد "البدون" (لقب يطلق على من يعيشون في الكويت بلا جنسية) إلي العمل كناشطة في مجال حقوق الانسان، وأخيرا "خولة " أخت "عيسي – هوزيه "، التي جسد فيها المؤلف الأمل في غد مختلف.
الأخبار المنشورة على الصفحة الرسمية لوكالة الأناضول، هي اختصار لجزء من الأخبار التي تُعرض للمشتركين عبر نظام تدفق الأخبار (HAS). من أجل الاشتراك لدى الوكالة يُرجى الاتصال بالرابط التالي.