archive, archive, الدول العربية

دارفور.. تداويها الأعشاب وتحرسها التمائم‎

التمائم التي يصنعها أحمد ويعلقها الناس في رقابهم ولا ينزعونها ليست بالمهمة السهلة؛ فهو يقول عنها: "هذه مهنة لها أسرارها وأستخدم فيها عددًا من الأعشاب وجلود الحيوانات.

02.04.2013 - محدث : 02.04.2013
دارفور.. تداويها الأعشاب وتحرسها التمائم‎

محمد الخاتم
الخرطوم– الأناضول

في زاوية صغيرة لا تتجاوز مساحتها أربعة أمتار في سوق نيالا بإقليم "دارفور"، غرب السودان، جلس محمد أحمد محاطًا بحزمة من السلال المحشوة بالتمائم والأعشاب وأظافر حيوانات متوحشة بعد أن رتبها جيدًا حتى تكون ظاهرة لزبائنه الذين يقصدونه لعلاج الأمراض الروحية مثل السحر والعين والحسد منذ أكثر من 10 أعوام قضاها في هذه المهنة.

يقول أحمد لمراسل وكالة الأناضول: "ورثت هذه المهنة من والدي وكنت أتقن أسرارها منذ الصغر، لكنني لم أمارسها إلا قبل 10 أعوام تمكنت خلالها من جذب زبائن كثيرين؛ لأن التمائم التي أصنعها تحفظهم من العين والحسد".

التمائم التي يصنعها أحمد ويعلقها الناس في رقابهم ولا ينزعونها ليست بالمهمة السهلة؛ فهو يقول عنها: "هذه مهنة لها أسرارها وأستخدم فيها عددًا من الأعشاب وجلود الحيوانات مثل النمر والأسد بجانب سمكة البردة (نوع من الأسماك تحتفظ بشحنات كهربائية كبيرة بجسدها) التي يتم تجفيفها بطريقة معينة".

ويضيف أحمد أن "أي مرض لديه خلطة معينة يداويه، مثلا للعلاج من الحسد أنا أستخدم ظفر النمر بعد خلطه بأنواع محددة من الأعشاب، وأستخدم سمك البردة بخلطة محددة من الأعشاب للحماية من الأعداء.. كل من يريد أن يعتدي عليك تتجمد قدماه ولا يستطيع التحرك نحوك"، على حد قوله.

وتنشط في الإقليم الذي يشهد نزاعًا مسلحًا منذ 10 أعوام بين الجيش ومتمردين كثير من العصابات التي تعتدي وتنهب المواطنين.

ويحصل أحمد، حسب روايته، على الأعشاب والجلود من غابة وبحيرة "سنجو" غرب دارفور، حيث يجلبها تجار محددون من هناك بأسعار بعضها غالٍ وبعضها رخيص، ويقتصر استخدامه للجلود لقطع منتزعة من جبين الحيوان المعني سواء كان نمرًا أو أسدًا أو الدابي الأسود (نوع من الأفاعي).

وتأخذ التمائم أشكال دائرية ومربعة، ويتم تجليدها بجلد الماعز لحفظ العناصر المكونة لها وتشد إلى العنق بخيط قوي.

وعن نوعية الزبائن، يقول أحمد وهو في الأربعينيات من العمر إن "زبائني من كل الفئات لا يقتصرون على فئة محددة والناس يقصدونني من كل القرى لأنهم يثقون في علاجي وبعض مشايخ القرى يشترون مني أنواع من الأعشاب يستخدمونها في العلاج من السحر والعين والمس".

ومن الأعشاب التي يستخدمها "المراية، كافنجو، عرق الحجر، عرق النار".

ويشير أحمد إلى أن أخاه يعمل أيضا في مجال العلاج بالأعشاب لكنه لا يعالج الأمراض الروحية بل العضوية مثل الرطوبة في العظام وحمى البرد وألم البطن وتقرحات الجروح والأورام التي تسببها الأفاعي والعقارب السامة.

ويشتهر إقليم دارفور بالأعشاب والأدوية التقليدية لعلاج الأمراض الروحية والعضوية ويثق كثير من أهل الإقليم في نجاحها أكثر من ثقتهم في الأدوية الحديثة والأطباء، لكن آخرين يستخفون بها ويعدونها مجرد خرافات خصوصا المتمدنين من غير أهل القرى.

وتسود النزعة الصوفية في الإقليم حيث يدين حوالي 60 % منهم بالولاء إلى الطريقة التجانية لوحدها، بحسب إحصائيات غير رسمية.

ويقول أبكر إسحق، أحد المواطنين، لمراسل الأناضول، إنه يثق في "التمائم" لأنها بحسب قوله "بالأساس آيات قرآنية يكتبها الشيخ على التميمة بما له من أسرار"، مشيرًا إلى أن كثيرًا من أقربائه ومعارفه يعتقدون في التمائم و"هي بالفعل تحميهم من الأضرار التي لبسوا التمائم لدفعها عنهم".

زاوية أخرى ينظر بها الفاضل إبراهيم وهو موظف حكومي إلى الأمر قائلا لمراسل الأناضول: "أنا لا أؤمن بالتمائم لكن مع ذلك لا أسميها خرافات بل اعتقاد شعبي".

ويشير إلى أن أنها "ثقافة موجودة في كثير من نواحي العالم لكنها تتم بطرق مختلفة وتنتشر أيضا في أنحاء أخرى من السودان مثل جنوب كردفان والنيل الأزرق"، وهما ولايتان متاخمتان لدولة جنوب السودان.

ويتابع: "كثير من الناس هنا يؤمنون بالتمائم ويصرون على أنها تبعد عنهم الضرر، لكن بعضهم يستخدمونها لإلحاق الضرر بالآخرين، أنا أعرف كثيرين قالوا إن التمائم حمتهم من الرصاص، وبعضهم يؤكد أن السلاح لا ينطلق منه الرصاص وآخرين يقولون بدلا من أن تطلق الرصاصة فهي تقطر من فوهتها ماء".

وعن الطابع الشرعي للتمائم، يقول الفاضل إنه غير مؤهل للفتوى لكن ما يؤمن به أن النافع والضار هو الله وحده، مضيفا: "هم أصلا لا يتحدثون عن كونها حلالا أو حراما لأنهم يعتقدون أنها آيات قرآنية ولا يجدون غضاضة في استخدامها".

ورأى أن كثيرًا من أهل الإقليم يلجأون إلى التمائم والأعشاب لعلاج الأمراض بسبب عدم توفر الخدمات الصحية والمستشفيات في كل المناطق فبعضهم يثق في الطب الحديث لكنه غير متوفر بينما البعض الآخر لديه اعتقاد جازم بالمشايخ والتمائم والأعشاب ويعتبرونها طبًا بديلاً.

وحسب وزارة الصحة السودانية فإن 50 % من سكان ولاية جنوب دارفور يفتقدون للرعاية الصحية الأولية.

ويقول مواطن آخر، فضل حجب اسمه، إن مقاتلي الحركات المسلحة الذين يحاربون الحكومة في دارفور يعتقدون في التمائم وحمايتها لهم من الرصاص أثناء المعارك وكذلك الحال مع كثير من أفراد الجيش.

ومنذ عام 2003، يشهد إقليم دارفور نزاعًا مسلحًا بين الجيش السوداني وثلاث حركات مسلحة هي "العدل والمساواة"، و"تحرير السودان" بقيادة عبد الواحد نور، و"تحرير السودان"، بقيادة أركو مناوي.

الأخبار المنشورة على الصفحة الرسمية لوكالة الأناضول، هي اختصار لجزء من الأخبار التي تُعرض للمشتركين عبر نظام تدفق الأخبار (HAS). من أجل الاشتراك لدى الوكالة يُرجى الاتصال بالرابط التالي.
المواضيع ذات الصلة
Bu haberi paylaşın