archive, الدول العربية

الطربوش العثماني.. تاج علماء الشام

يلبس اليوم علماء بلاد الشام الطربوش العثماني الأحمر، مع إضافة العمة البيضاء عليه، وهو يعتبر رمزًا إسلاميًا مهمًا في هذه البلاد

04.11.2012 - محدث : 04.11.2012
الطربوش العثماني.. تاج علماء الشام

حمزة تكين

بيروت - الأناضول

معمل متواضع بأحد الشوارع العتيقة في العاصمة اللبنانية بيروت.. أسطوانة المكبس تواصل رحلتها صعوداً وهبوطاً على تلك الأشياء الحمراء.. فتستوي بعدها في شكل معروف منذ قرون بـ"الطربوش" العثماني.

المعمل الوحيد بأنحاء لبنان والذي يديره الحاج أبو أكرم يصدر منتجاته حتى اليوم من الطرابيش العثمانية إلى كافة بلاد الشام.

 فرغم توقف الناس عن ارتداء الطربوش منذ منتصف القرن الماضي تقريباً، يبقى طربوش الحاج أبو أكرم سلعة مطلوبة لرجال الدين المسلمين بالشام الذين يتوجون به رؤوسهم ويلفون شالاً أبيض حول قاعدته، لتصبح العمامة التي يتوسطها الطربوش رمزاً مميزاً لهم.

وفي مدينة صيدا اللبنانية كان الحاج عمر محمود من أشهر صانعي الطرابيش، لكن معمله توقف بعد وفاته عام 1988 دون أن يورث حرفته أحداً من أسرته.

مراسل "الأناضول" التقى الحاج أبو أكرم في معمله الذي شرح مراحل صنع الطربوش، وهو غطاء للرأس مخروط الشكل شبيه بالقبعة تتدلى من جهته الخلفية حزمة من الخيوط الحريرية السوداء.

ويقول أبو أكرم الذي يعمل في هذه المهنة منذ أكثر من 20 عاماً "أصنع الطربوش من أفخر أنواع القش المغربي، وأفخر أنواع القماش التشيكي ذات اللون الأحمر الغامق".

ويضيف "المرحلة الأولى تبدأ بتفصيل القماش اللازم حسب قياس قالب الطربوش الذي يتراوح بين 25 سم و80 سم، ثم يضاف القش وتركب (الشرابة) السوداء ويكبس على الستارة، ويخاط شريط من الجلد في داخله يدويًا كمانع للعرق".

ويشير أبو أكرم إلى أن "صنع الطربوش الواحد مع إضافة العمامة البيضاء عليه الخاصة برجال الدين في لبنان يستغرق حوالي ثلاث ساعات".

والعمامة البيضاء يتوسطها الطربوش الأحمر صارت اليوم رمزاً لعلماء المسلمين في كل من لبنان وسوريا والعراق وفلسطين ومصر.

يذكر أن أهل مدينة صيدا جنوب لبنان تهافتوا على شراء الطرابيش العثمانية الحمراء بعد المواقف التي اتخذها رئيس الوزراء التركي رجب طيب أردوغان ضد إسرائيل، وزيارته التاريخية للمدينة في أواخر عام 2010.

ويرجع لغويا أصل كلمة طربوش إلى كلمة  "سربوش" الفارسية، ومعناها غطاء الرأس، وعربت في بادئ الأمر إلى "الشربوش" ومن ثم استبدلت بكلمة "الطربوش".

يختلف شكل الطربوش اليوم بين بلاد الشام (فلسطين وسوريا والعراق ولبنان) وتركيا، حيث يأخذ شكلاً أطول ولونًا أشد احمرارًا عما هو في تركيا.

وتتفاخر لليوم العديد من العائلات اللبنانية بارتداء الطربوش الأحمر كعلامة مميزة لهم، أهمها؛ آل أرسلان، والخازن، وسلام.

وقد وصلت أهمية ارتداء الطربوش في لبنان منتصف القرن الماضي إلى أن من لا يرتديه من النواب والوزراء والمسؤولين لا يعتبر أهلاً للبقاء بمسؤوليته.

ومن الطريف أنه كان في بيروت خلال الفترة ذاتها مقهى لا يدخله الشباب إلا إذا كانوا يعتمرون الطربوش الأحمر.

كما كان تغير وضع الطربوش على الرأس يشير إلى المزاج النفسي وأهمية الطرف المقابل، فعلى سبيل المثال إذا كان الطربوش مستقيمًا يدل على استقامة الحال، وإذا كان مائلاً إلى الخلف فيدل على مزاج هادئ.

الأخبار المنشورة على الصفحة الرسمية لوكالة الأناضول، هي اختصار لجزء من الأخبار التي تُعرض للمشتركين عبر نظام تدفق الأخبار (HAS). من أجل الاشتراك لدى الوكالة يُرجى الاتصال بالرابط التالي.
المواضيع ذات الصلة
Bu haberi paylaşın