الصغيرتان "ويليامز" بالمغرب.. ألف لوحة على طريق "غينيس"
الأختان المغربيتان، غيثة (16 عامًا) وهبة (12 عامًا) استطاعتا منافسة فنانين تشكيليين كبار في المغرب، والحصول على جوائز دولية، وتتبرعان بريع عملهما للأعمال الخيرية

سارة آية خرصة
الرباط – الأناضول
تتأمل الوجوه التي ترسمها بعناية على لوحاتها، تعود خطوتين إلى الخلف، تحاول أن تتقمص الملامح العابسة أو المنشرحة ذاتها للقسمات التي ترسمها.
ولا تهدأ غرفتها من صخب الموسيقى، فعلى إيقاع الأنغام، وفي العزلة تواصل "الفنانة الصغيرة" ممارسة هوايتها، لتبدع لوحات حصدت جوائز دولية، وجعلت من "هبة الخمليشي" (12 سنة) ظاهرة إبداعية استثنائية في مجال الفن التشكيلي في المغرب.
تقول هبة لمراسلة وكالة "الأناضول" للأنباء: "بدأت الرسم برفقة أختي الكبرى منذ أن كان عمري ثلاث سنوات، وشجعنا والدي على صقل موهبتنا، وكنا نمضي كل أوقات فراغنا في الرسم وتعلم الموسيقى والعزف".
وما أن تنتهي حصص الدرس، حتى تقصد هبة المقهى الثقافي الذي أقامه والدها وسط العاصمة المغربية الرباط، وقد زين جدرانه بلوحات ابنتيه التشكيلية للتعريف بموهبتهما؛ حيث صار يطلق عليهما في الأوساط الفنية المغربية "الأخوات ويليامز" في إشارة إلى الثنائي الأمريكي الشهير سيرينا وفينوس ويليامز بطلتي التنس.
وإلى جوار مرسم هبة، تأوي أختها غيثة الخمليشي (16 سنة) إلى عالمها الخاص، وتتهادى ريشة رسمها وتوقيعات ألوانها على الورق على ألحان موسيقاها المفضلة، فلا يستقيم الرسم عند "الأخوات الخمليشي" دون شذى أنغام العزف.
"كلانا يحب الرسم، ولكن نختلف عن بعضنا في الطرق التي نعبر فيها عن ذلك الفيض من الأحاسيس الذي نترجمه على الورق، فلكل منا شخصية متمايزة عن الأخرى"، تضيف هبة لـ"الأناضول".
واستطاعت هبة وغيثة الخمليشي المشاركة في عدد من المعارض الفنية الكبرى؛ حيث جاورت لوحاتهما لوحات أشهر الفنانين المغاربة والعالميين.
ويقول نقاد فنيون في المغرب إن الموهبة المتميزة والنادرة التي تتمتع بها الأختان، تشكل ظاهرة استثنائية في تاريخ الفنون التشكيلية في المغرب، حيث استطاعت هبة عرض أطول لوحة في تاريخ الفنون التشكيلية ببلادها، بلغ طولها 20 مترا، والتي رشحتها لدخول موسوعة "غينيس" للأرقام القياسية العام الماضي.
وعمن يشجعهما في هذا الاتجاه تقول هبة: "كل الدعم الذي نتلاقاه هو أولا من والدي الذي يعمل على التعريف بموهبتنا، كما يحرص على أن نستكمل دراستنا ونتفوق فيها، إلى جانب تشجيع فنانين تشكيليين مغاربة وأجانب".
وتضيف أن والدها قرر أن يعود ريع المعارض التي تقيمها هي وشقيقتها غيثة، وثمن لوحاتهما إلى الجمعيات والمؤسسات التي تعنى بالأطفال الفقراء والمعوزين والمرضى.
وحصدت هبة وغيثة عددا من الجوائز في المغرب ودول أجنبية، بل استطاعتا منافسة أعمال فنية مرموقة لأسماء معروفة في مجال الفن التشكيلي في المغرب.
كما حازت الأختان في نوفمبر/ تشرين الثاني الماضي على جائزة مسابقة "بينالي الشارقة الدولي لفنون الأطفال" التي ترأسها الفنانة الأرجنتينية "ماريسا كايتشيولو"، فيما توجت غيثة بجائزة لجنة التحكيم التقديرية عن لوحتها التي تحمل عنوان "الصرخة الأخيرة"، ويبلغ طولها 3 أمتار.
وفي المغرب، أثارت أعمال الأختين الخميليشي نقاشا بين النقاد، حيث نوهت أسماء فنية عدة بالدقة والاحتراف غير المسبوق اللذان تمتاز بهما الأعمال، على الرغم من صغر سنهما وتمكنهما "الغريب" من استعمال الألوان وتقنيات الظل والتجسيم بشكل "بالغ الدقة".
وبلغ إنتاج الأختين خلال أقل من سنتين ما يناهز ألف لوحة، ومنذ عام 2009 أقامتها نحو 23 معرضا، ومنحت منظمة اليونسكو الفنانة غيثة سنة 2011 الميدالية الذهبية للاستحقاق.
الأخبار المنشورة على الصفحة الرسمية لوكالة الأناضول، هي اختصار لجزء من الأخبار التي تُعرض للمشتركين عبر نظام تدفق الأخبار (HAS). من أجل الاشتراك لدى الوكالة يُرجى الاتصال بالرابط التالي.