الصابون البلدي اللبناني.. صناعة عمرها 183 عاما
أبت عائلة شركس اللبنانية التخلي عن مهنة صناعة الصابون البلدي المتوارثة منذ عام 1830، وأبقت على معملها في المدينة وعلى كل الأدوات القديمة التي تجاوز عمر بعضها الـ150 عاما.

بولا أسطيح - تصوير: رمزي حيدر
بيروت – الأناضول
أبت عائلة شركس اللبنانية التخلي عن مهنة صناعة الصابون البلدي المتوارثة منذ عام 1830، وأبقت على معملها في المدينة وعلى كل الأدوات القديمة التي تجاوز عمر بعضها الـ150 عاما.
ووسط رائحة الصابون البلدي، التي لا تزال الأسواق القديمة في مدينة طرابلس شمال لبنان تنضح بها، يقول صاحب المعمل محمود شركس لمراسلة "الأناضول": "تسلمت هذه الصنعة (الصناعة) من أبي عام 1967، وهي مهنة متوارثة لدينا في العائلة أبا عن جد".
وأضاف شركس: "لعل ما يميزنا عن باقي معامل الصابون في لبنان هو أننا لا نزال نستخدم زيت الزيتون الأصلي والطبيعي؛ ما يجعل الزبائن يتهافتون على شراء بضائعنا (الصابون) والتي تحد من تساقط الشعر وتعالج بعض الأمراض الجلدية".
وتنطلق صناعة الصابون البلدي بمزج زيت الزيتون بمادة الكوستيك (مادة خام يصنع منها الصابون) ليصب بعدها في قوالب حديدية ليبرد، وفي اليوم التالي يتم تقطيعه وفركه، وتركه لمدة شهرين أو أكثر حتى يجف.
ويمتاز الصابون البلدي بشكله المربع ولونه الأبيض، ولكن، ومع مرور السنوات، اتخذ إلى جانب الشكل التقليدي أشكالا أخرى وتلوّن بألوان الفاكهة الشهية، بحسب شركس.
وعن تاريخ صناعة الصابون البلدي يقول: "كما أخبرنا أجدادنا، فإن الوحي ظهر لأحد الأنبياء بعدما بدأ الإنسان يتكاثر على الأرض ويأكل ويشرب وبالتالي يتسخ، فطلب منه أن يعصر ثمر الزيتون، ومن ثم التوجه إلى شاطئ البحر ليصنع حفرة يضع فيها القليل من ماء البحر المالح، وبعد أيام جف الماء وبقي الملح، فطلب منه الوحي أن يضع زيت الزيتون في وعاء على النار ويضيف إليه الملح الذي خلفته مياه البحر، فكان الصابون".
ويقصد اللبنانيون والسياح المعمل الطرابلسي، طلبا للصابون البلدي الذي أحلت المحال التجارية محله الصابون المصنّع من مواد غير طبيعية.
وتقول ناديا مبارك، ربة منزل مسنة: "لم أتوقف يوما عن استخدام الصابون البلدي منذ أكثر من 70 عاما، هكذا اعتدنا في منزل والدي".
وتضيف لمراسلة "الأناضول": "لقد نقلت هذه العادة إلى أولادي الذين أيقنوا أهمية وفوائد هذا النوع من الصابون للبشرة والشعر".
ولم تنكر مبارك أن أحفادها يرفضون حاليا استخدام هذا الصابون رغم كل مساعيها لحثّهم على استعماله، ولكنّها واثقة أنّهم يوما ما سيعودون إلى استخدام الصابون البلدي الذي تعتبر أن "صناعته لن تموت". ولا توجد إحصائيات محددة عن حجم صناعة الصابون البلدي في لبنان وعدد العاملين بتلك الصناعة.