قطاع غزة

خبير يعدد أسبابا لاتفاق محتمل لغزة ويحذر من حرب إسرائيلية مختلفة (مقابلة)

هاني المصري مدير المركز الفلسطيني لأبحاث السياسات والدراسات الاستراتيجية "مسارات": عوامل تدفع إسرائيل لإبرام اتفاق بينها إرهاق جيشها ومحاولة نتنياهو رفع شعبيته قبل أي انتخابات وحسابات ترامب

Qais Omar Darwesh Omar  | 21.07.2025 - محدث : 21.07.2025
خبير يعدد أسبابا لاتفاق محتمل لغزة ويحذر من حرب إسرائيلية مختلفة (مقابلة)

Ramallah

رام الله / قيس أبو سمرة / الأناضول

** هاني المصري مدير المركز الفلسطيني لأبحاث السياسات والدراسات الاستراتيجية "مسارات":
- عوامل تدفع إسرائيل لإبرام اتفاق بينها إرهاق جيشها ومحاولة نتنياهو رفع شعبيته قبل أي انتخابات وحسابات ترامب
- إسرائيل قد تعود لحرب مختلفة عبر إسقاط نموذج الضفة الغربية ولبنان على غزة عبر عمليات عسكرية
- إسرائيل تسعى بالتفاوض لتحقيق ما لم تحققه بالإبادة وخاصة سحب سلاح غزة والسيطرة عليها أمنيا دون احتلالها
- العرب يملكون أوراق ضغط هائلة لو وضعوها على الطاولة عند لقاءاتهم مع الإدارة الأمريكية فلن تستطيع تجاهلها
- المشروع الصهيوني يهدف لتصفية القضية عبر الإبادة والتهجير والضم.. والضفة الغربية معرضة لمخططات أكبر

عدَّد مدير المركز الفلسطيني لأبحاث السياسات والدراسات الاستراتيجية "مسارات" هاني المصري أسبابا تدفع إسرائيل إلى إبرام اتفاق مع حركة حماس لتبادل أسرى ووقف إطلاق النار بقطاع غزة.

لكن المصري حذر، خلال مقابلة مع الأناضول في مكتبه بمدينة البيرة وسط الضفة الغربية المحتلة، من شن إسرائيل حربا مختلفة على غزة، بتكرار نموذج الضفة ولبنان.

ومنذ 7 أكتوبر/ تشرين الأول 2023، تشن إسرائيل حرب إبادة جماعية بغزة تشمل القتل والتجويع والتدمير والتهجير القسري، متجاهلة النداءات الدولية كافة وأوامر لمحكمة العدل الدولية بوقفها.

وخلفت الإبادة، بدعم أمريكي، نحو 200 ألف فلسطيني بين قتيل وجريح، معظمهم أطفال ونساء، وما يزيد على 9 آلاف مفقود، إضافة إلى مئات آلاف النازحين ومجاعة أزهقت أرواح كثيرين بينهم عشرات الأطفال.

** أسباب لاتفاق محتمل

المصري قال إن "هناك فرصة لإبرام صفقة تبادل (أسرى) لعدة أسباب، أولا أن (رئيس وزراء إسرائيل بنيامين) نتنياهو الآن يريد الصفقة من أجل رفع شعبيته".

وتابع: "لأن الانتخابات (الإسرائيلية) اقتربت.. قد تكون خلال أشهر أو بداية العام القادم، لكن لا مفر من إجرائها".

وأردف: "بدأت الحملة الانتخابية، خاصة أنه (نتنياهو) وعد (الرئيس الأمريكي دونالد) ترامب، وطلب فرصة لنهاية الشهر حتى يتجاوز إمكانية إسقاط الحكومة".

والأسبوع الماضي، انسحب تحالف "يهدوت هتوراه" الحريدي (7 مقاعد من أصل 120 بالكنيست) من الائتلاف الحكومي، لعدم تقديمها مشروع قانون لإعفاء الحريديم (يهود متدينين) من التجنيد بالجيش.

وبانسحاب التحالف انخفض عدد مقاعد الائتلاف الحاكم إلى 61، وهو الحد الأدنى للأغلبية البرلمانية.

فيما قرر حزب "شاس" الحريدي استقالة وزرائه من الحكومة، ملوحا بالانسحاب من الائتلاف للسبب نفسه، ما ينذر باحتمال فقدان الحكومة الأغلبية، وقد يفتح الباب أمام انتخابات مبكرة.

لكن الكنيست سيبدأ نهاية يوليو/ تموز الجاري إجازة صيفية لمدة شهرين ونصف، من الصعب خلالها إسقاط حكومة نتنياهو.

وثانيا، حسب المصري، "الجيش الإسرائيلي أُرهق، ويعتبر أن الحرب استنفدت نفسها، وهو بحاجة إلى وقفها ومحاولة استثمار ما قاموا به بشكل سياسي".

وأضاف: "وكذلك ما يتكبده الجيش الإسرائيلي من خسائر جراء عمليات المقاومة الفلسطينية في غزة".

وحتى مساء الأحد، قتل 893 عسكريا إسرائيليا وأصيب 6108 منذ بدء الحرب على غزة، حسب بيانات الجيش الذي يواجه اتهامات محلية بإخفاء خسائر أكبر.

وذكر المصري أنه "لا يمكن إسقاط فعل المقاومة من الحسبان، ويجب ألا نبالغ فيه وألا نقلل من شأنه".

وزاد: هناك أيضا حسابات إقليمية ودولية لدى ترامب، الذي يتطلع إلى تطبيق صفقات ضخمة مع دول عربية، وأيضا انشغاله بالملف الروسي الأوكراني، إلى جانب طلبات عربية ودولية لوقف الحرب على غزة".

** نموذج الضفة ولبنان

الباحث الفلسطيني تساءل: "هل تكون الصفقة ومدة الـ 60 يوما نهاية الحرب؟".

قبل أن يجيب: "هذا يتوقف على ما يجري بعد الصفقة، ولكن من الصعب العودة إلى الحرب، ولكن قد نكون أمام حرب من نوع مختلف".

ورأى أن الحرب المختلفة تعني "تعميم ما يجري في الضفة ولبنان على غزة".

وأوضح أنه "لا يوجد تواجد عسكري دائم في المناطق، ولكن إذا احتاجت القوات الإسرائيلية تنفيذ مهمة تقوم بالقصف والاقتحام والاغتيال وتنسحب".

وبالتوازي مع إبادة غزة، قتل الجيش الإسرائيلي والمستوطنون بالضفة، بما فيها القدس الشرقية، ما لا يقل عن 1001 فلسطيني، وأصابوا نحو 7 آلاف، إضافة إلى اعتقال أكثر من 18 ألفا، وفق معطيات فلسطينية.

أما في لبنان فمنذ بدء سريان اتفاق وقف إطلاق النار في 27 نوفمبر/ تشرين الثاني 2024، ارتكبت إسرائيل آلاف الخروقات له، وخلّفت ما لا يقل عن 238 قتيلا و546 جريحا، وفق إحصاء للأناضول استنادا إلى بيانات لبنانية رسمية.

وجرى التوصل إلى الاتفاق عقب شن إسرائيل في 8 أكتوبر/ تشرين الأول 2023 عدوانا على لبنان تحول إلى حرب واسعة في 23 سبتمبر/ أيلول 2024، ما أسفر عن أكثر من 4 آلاف قتيل ونحو 17 ألف جريح.

** سيطرة دون احتلال

ووفق المصري فإن إسرائيل تسعى، عبر المفاوضات، إلى تحقيق أهداف لم تحققها بالإبادة الجماعية، ومنها سحب سلاح غزة وليس حماس فقط، وإخضاع القطاع للسيطرة الأمنية.

ورأى أن إسرائيل تريد السيطرة الأمنية على القطاع دون الاحتلال المباشر، نظرا للخسائر التي قد تدفعها.

وتابع: "الجيش يقول إنه غير قادرة على السيطرة على مليوني جائع في غزة، وإذا احتل القطاع يمكن أن تكون هناك خسائر بشرية ويعرض الرهائن إلى الخطر".

و"لا يفضلون (الإسرائيليون) الاحتلال (نظرا) للعواقب.. يريدون الفوائد دون احتلال، وهذا يجب إفشاله ووقف الإبادة، والانسحاب"، بحسب المصري.

وتقدر تل أبيب وجود 50 أسيرا إسرائيليا بغزة، منهم 20 أحياء، بينما يقبع بسجونها أكثر من 10 آلاف و800 فلسطيني يعانون تعذيبا وتجويعا وإهمالا طبيا، أودى بحياة العديد منهم، حسب تقارير حقوقية وإعلامية فلسطينية وإسرائيلية.

الخبير الفلسطيني قال إن "ما يجري في غزة الآن (يؤكد أن) الأهداف الإسرائيلية جذرية وليست تكتيكية".

وأضاف أن "الحلم بالتهجير والضم وتصفية القضية موجود ولن ينتهي.. يمكن أن يتراجع في مرحلة ما أو يتقدم، لكنه موجود".

وشدد على أن "المشروع الاستيطاني العنصري له أهداف، وينطلق من أيديولوجية دينية توسعية عنصرية.. هذا الذي يجعل هناك شبه إجماع إسرائيلي حول قتل الفلسطيني وتصفية القضية".

ورأى أن "الخلاف الإسرائيلي يتمثل في إطلاق سراح الأسرى (بغزة) أولا ثم القضاء على حماس".

وأكد أنه لا يوجد أي طرف إسرائيلي جدي يطرح حلا على الفلسطينيين يلبي الحد الأدنى من حقوقهم.

** ضغط عربي مأمول

وعن الدور العربي، اعتبر المصري أنه "عاجز"، ويكتفي بتصدير المواقف دون أي إجراءات أو استخدام لأوراق الضغط.

واعتبر أن "العرب يملكون أوراق ضغط هائلة اقتصادية واستراتيجية ومالية، وإذا ما وضعوها على الطاولة عند لقاءاتهم مع الإدارة الأمريكية، فلن تستطيع أن تتجاهلها".

المصري استدرك: "لكن للأسف لم نصل المستوى (المأمول)، و(العرب) لا يفرضون حتى (إدخال) المساعدات الإنسانية" إلى الفلسطينيين في القطاع المحاصر.

والأحد، استنكرت حماس تكدس آلاف الأطنان من المساعدات بمعبر رفح جنوب قطاع غزة جراء الحصار الإسرائيلي، بينما "يموت الناس في غزة من الجوع والعطش والمرض".

وحذر المكتب الإعلامي الحكومي في غزة من أن القطاع أصبح على أعتاب "الموت الجماعي"، بعد أكثر من 140 يوما من إغلاق المعابر.

ومنذ 2 مارس/ آذار الماضي، تغلق إسرائيل معابر غزة أمام شاحنات مساعدات مكدسة على الحدود، ولا تسمح إلا بدخول عشرات الشاحنات بينما يحتاج الفلسطينيون بالقطاع إلى 500 شاحنة يوميا كحد أدنى.

وقال المصري إن "إسرائيل لا تريد محاربة حماس فقط، بل تريد تصفية القضية والهيمنة على الدول العربية، وهذا يقزم أدوار الدول العربية الحليفة لها حتى، وليست التي تناهضها".

** وفد تفاوضي موحد

شدد المصري على أهمية تشكيل وفد موحد بقيادة منظمة التحرير الفلسطينية، في أي مفاوضات مع إسرائيل.

وقال: "ذات مرة رفعنا توصية بتشكيل وفد فلسطيني موحد بقيادة المنظمة مرجعيته وطنية، هذا مطلوب سابقا وحاليا، وإذا تأخرنا في تشكيله فسنخطئ خطأ كبيرا".

المصري عزا ذلك إلى أن "ما يجب أن يُطرح على طاولة المفاوضات ليس (فقط) خرائط انسحاب إسرائيل (من غزة) و(لا إدخال) مساعدات إنسانية".

بل "يجب أن يُطرح موضوع الحصار والاحتلال والمقدسات والاستيطان وكل ما يتعرض له الشعب من عمليات تصفية لقضيته، وجوهر الأساس قضية اللاجئين"، وفق الباحث الفلسطيني.

واعتبر أن "هذا غير ممكن دون وفد موحد يعبر عن مطامح وتطلعات الشعب الفلسطيني".

** العين على الضفة

المصري أكد أن مشروع إسرائيل هو مشروع "تصفية وإبادة".

وقال إن "المعركة واحدة وإن اختلفت المعدلات، توجد إبادة في غزة، وهي أكبر بكثير مما يجري في الضفة الغربية".

وأكد أن "هذا يدل على طبيعة المشروع الصهيوني، دائما الحركة الصهيونية قامت على شعار: أرض بلا شعب لشعب بلا أرض".

و"هم يسعون للتهجير سابقا ولاحقا ومستقبلا، وأحيانا ينجحون، ويحب أن نمنعهم من النجاح"، وفق المصري.

ومنذ عقود تحتل إسرائيل فلسطين وأراضي في سوريا ولبنان، وترفض الانسحاب منها وقيام دولة فلسطينية مستقلة، وعاصمتها القدس الشرقية، على حدود ما قبل حرب 1967.

ورأى المصري أن تل أبيب تستغل الإبادة في قطاع غزة لتحقيق إنجازات أكبر بالضفة الغربية، في إشارة إلى تكثيف الاستيطان والتهجير تمهيدا لضم الضفة رسميا إلى إسرائيل.

وزاد أن "العين على الضفة (التي) تعتبر (حسب تل أبيب) قلب دولة اليهود، ومعرضة لمخططات أكبر".

و"علينا الاستعداد، وترتيب البيت الفلسطيني، والدفاع والمقاومة والوحدة التي يمكن أن تمنع وتردع المخططات الإسرائيلية"، كما ختم المصري.

الأخبار المنشورة على الصفحة الرسمية لوكالة الأناضول، هي اختصار لجزء من الأخبار التي تُعرض للمشتركين عبر نظام تدفق الأخبار (HAS). من أجل الاشتراك لدى الوكالة يُرجى الاتصال بالرابط التالي.