أزمة اليونان تدفع بنوك أوروبية كبرى للانسحاب من مصر

مصطفى عبد السلام

القاهرة – الاناضول

دفعت تداعيات الأزمة المالية العالمية عددا من البنوك الاوروبية الكبرى الى اتخاذ خطوات نحو سحب وحداتها المصرفية العاملة فى مصر لتغطية خسائرها المالية الفادحة فى الخارج خاصة داخل أسواق اليونان واسبانيا وفرنسا، وجاء فى مقدمة هذه البنوك اثنين من أكبر البنوك الفرنسية هما سوسيتيه جنرال وبى ان بى باريبا وبنك يوناني ثالث هو بيريوس ،بالإضافة الى بنوك اوروبية أخرى لم تفصح عن خططها المتعلقة بالانسحاب حتى الان .

وفى الوقت الذى اتخذ فيه البنكان الفرنسيان" سوسيتيه وباريبا " خطوات جدية نحو بيع وحدتيهما المصرفية فى مصر وعرضهما للبيع على بنوك عربية واقليمية ، تراجع بنك بيريوس اليونانى عن هذه الخطوة بعد ان دعا عدد من البنوك العربية والعالمية لإجراء فحص نافى للجهالة لمركزه المالي تمهيدا لتقديم عروض مالية .

وكان بنك سوسيتيه جنرال الفرنسى قد فاجئ السوق المصرية الخميس الماضي بإعلانه تلقيه عرضا من بنك قطر الوطني للاستحواذ على حصته في البنك الأهلي سوستيه جنرال- مصر والبالغة 77.17% من أسهم رأسماله المدفوع البالغ قيمتها 4.4 مليار جنيه.

وذهب البنك الفرنسى لأبعد من هذه الخطوة حيث تقدم بطلب للبنك المركزى المصرى يطلب فيه موافقة مجلس ادارة البنك المركزى على السماح للبنك القطري بإجراء فحص نافى للجهالة تمهيدا لتقديم عرض مالى وفنى للاستحواذ على حصته.

كما اختار بنك قطر الوطني مؤسسة جيه.بي مورجان المالية العالمية لتقديم المشورة في صفقة شراء البنك الأهلي سوسيتيه جنرال، لكن هذا التحرك يتطلب أولا موافقة السلطات النقدية في مصر.

وقال مصدر بارز بالبنك المركزى المصري في تصريحات خاصة لوكالة الاناضول للأنباء ان طلب سوسيتيه جنرال سيعرض على مجلس ادارة البنك المركزي في اجتماعه الدوري المقرر عقده يوم الثلاثاء بعد القادم .

وكان بنك قطر الوطني قد ابدى استعداده منذ نحو شهرين شراء بنك بي إن بى باريبا- مصر ، كما دخل البنك -الذي يملك مساهمات عديدة في بنوك وشركات خارج قطر- مفاوضات سابقة للاستحواذ على حصص في بنوك مصرية منها بيريوس، لكن المفاوضات فشلت.

وبنك قطر الوطني هو أول بنك تجاري قطري تم تأسيسه في عام 1964.وتملك الحكومة القطرية 50% من أسهمه ويشهد تواجد البنك الخارجي توسعاً ملحوظاً ليشمل مناطق جديدة ومنها سنغافورة وليبيا وعمان والكويت واليمن، إضافة إلى فروعه في لندن وباريس والمكتب التمثيلي في إيران. ولمجموعة آنزباكر المملوكة بالكامل لبنك قطر الوطني، تَوَاجد في سويسرا وجزر القنال وجزر البهاما ومركز دبي العالمي ومركز قَطَر المالي.

ويبلغ رأسمال البنك الأهلي سوسيتيه جنرال- مصر نحو 4.4 مليار جنيه موزعة على 443.5 مليون سهم بقيمة اسمية قدرها 10 جنيهات للسهم الواحد، وتملك صناديق استثمار ومستثمرون أفراد بالبورصة المصرية حصة تعادل نحو 22.8%.

واستحوذ البنك الأهلي سوسيتيه جنرال على بنك مصر الدولي في عام 2005 بقيمة 1.6 مليار جنيه قبل أن يندمج معه لتكوين كيان مصرفي واحد هو البنك الأهلي سوستيه جنرال-مصر وهو من اسرع البنوك الخاصة نموا في مصر ويستحوذ على حصة سوقية تبلغ نحو 7% من سوق الاقراض والمدخرات . وتبلغ القيمة السوقية للبنك حوالي 2.3 مليار دولار حسب اسعار اسهمه المتداولة في البوصة المصرية.

وكان مجلس ادارة البنك المركزي المصري قد وافق في اجتماعه الاخير الذى عقد يوم الثلاثاء الماضي على السماح لبنكين احدهما قطري والاخر مغربي بإجراء فحص نافى للجهالة لبنك بى ان بى باريبا – مصر تمهيدا لتقديم عروض مالية من قبل الراغبين في الاستحواذ عليه.

وقال المصدر البارز بالبنك المركزى المصري الذى طلب عدم الكشف عن هويته "بنوك عربية واقليمية عدة أبدت استعدادها الاستحواذ على بنك بى ان بى باريبا – مصر ، لكن لم يتقدم للبنك المركزى سوى بنكين فقط الاول قطرى والثانى مغربى ،وقد حصل البنكان على موافقة المركزى المصرى بإجراء فحص نافى للجهالة .

وبرر المصدر هذا الاهتمام من قبل البنوك الخارجية بوحدة البنك الفرنسي في مصر بأسباب عدة منها ان البنك صاحب محفظة ائتمانية نظيفة ،كما ان له حصة سوقية من خدمات التجزئة المصرفية للأفراد والشركات، بالاضافة الى عدم منح السلطات المصرية تراخيص بتأسيس بنوك جديدة منذ نحو 25 عاما ".

ولم يعرف بعد ما اذا كان بنك إيش التركي سينافس على صفقات البنوك الاوروبية التى تخطط للانسحاب من مصر على خلفية المشاكل المالية الحادة التى تواجه مراكزها المالية في الخارج ام لا ،لكن محللين بالقطاع المصرفي يتوقعون اقبالا ملحوظا من قبل بنوك خارجية عدة على السوق المصرية خاصة مع تمتعه بفرص استثمارية واعدة في كل القطاعات واتجاهه نحو الاستقرار السياسي والاقتصادي مع النمو الملحوظ في عدد السكان والذى يعد عنصرا جاذبا للاستثمارات الخارجية .

وكان البنك التركى قد نافس وبقوة بنكين اخرين هما التجارة الخارجية المغربي – وفا وستاندرد شارتريد البريطانى على صفقة شراء بنك بيريوس مصر المملوك لبنك بيريوس اليوناني ،الا أن الصفقة تم تجميدها من قبل البنك اليونانى وبشكل مفاجئ حيث أعلن عدوله عن بيع وحدته المصرفية في مصر والتي أشتراها قبل نحو 10 سنوات.

وتعد بنوك إيش التركي، وقطر الوطنى وأبوظبي الوطني، ووفا المغربي وبنوك خليجية وليبية من أبرز البنوك المرشحة بقوة للتنافس علي شراء الوحدات المصرفية التابعة للبنوك الفرنسية في مصر والمعروضة للبيع.

وتستحوذ البنوك العربية والاجنبية على نحو 30 % من الحصة السوقية داخل السوق المصرية ،وهناك توقعات بزيادة هذه النسبة خلال الفترة المقبلة خاصة مع توجه المؤسسات العربية نحو المنطقة لاستثمار فوائضها المالية بها .

وفى الوقت الذى ربط فيه البعض بين انسحاب البنوك الاوروبية من مصر وقدوم الاسلاميين للسلطة قال ناجى هندى المدير العام لاحد البنوك المصرية فى تصريحات لوكالة الاناضول للأنباء "لا علاقة بين الامرين ،فالبنوك الاوروبية تبيع وحداتها المصرفية فى الخارج لتغطية خسائرها التى تعرضت لها منذ قيام الازمة المالية العالمية فى 2008 وحتى الان، بل سبق هذا التاريخ تعرض بنوك فرنسبة كبرى لخسائر اثر مضاربات فى العملة وخسائر فى السوق العقارى كبدت سوسيتيه جنرال على سبيل المثال خسائر تجاوزت 6 مليارات يورو .

وتتنوع البنوك الاجنبية المتواجدة فى السوق المصرية ما بين بنوك امريكية مثل سيتى بنك وبريطانية مثل اتش اس بى سى وباركليز وايطالية مثل الاسكندرية المملوك لمجموعة انتيسا سان باولو وكندية مثل نوفا سكوشيا.

ويوجد فى مصر 38 بنكا من بينهم 6 بنوك مملوكة للدولة تستحوذ على نحو 40 % من الحصة السوقية للقطاع.

مصع