فيدان: حذرنا من تقسيم سوريا بعد رصدنا تحركات في عمومها
في لقاء تلفزيوني مع قناة "إن تي في" التركية

Ankara
أنقرة/الأناضول
في لقاء تلفزيوني مع قناة "إن تي في" التركية:- إسرائيل تعرقل جهود الحكومة السورية للتدخل بشكل محايد في الصراع بين البدو والدروز
- فرع درزي واحد في السويداء فقط استخدم لغة معادية تماما للاتفاق والوفاق
- ننتظر تنفيذ اتفاق 10 مارس بين الرئيس السوري أحمد الشرع ومظلوم عبدي
- سوريا تحتاج إلى دعم ومساعدة فنية جدية في إعادة هيكلة مؤسسات الدولة الأساسية، وخاصة القوات المسلحة
قال وزير الخارجية التركي هاكان فيدان، إنّ تركيا رصدت تحركات في شمال وجنوب وشرق وغرب سوريا بعد الصراع الذي جرى بين البدو والدروز بمحافظة السويداء (جنوب)، ما دفع أنقرة لإطلاق تحذير للأطراف الانفصالية.
جاء ذلك في لقاء تلفزيوني الجمعة، مع قناة "إن تي في" المحلية.
وأشار فيدان، إلى أنّ تركيا حذرت من أنها ستتدخل لمنع تقسيم سوريا بعد رصدها لاستغلال مجموعات لما جرى في السويداء، قائلا: "كتركيا، توجب علينا إطلاق تحذير وقمنا بذلك، لأننا نريد وحدة سوريا وسلامتها".
ولفت فيدان إلى أن تركيا ودول عديدة أكدت مرات عدة على ضرورة احترام الحكومة المركزية السورية هوية كافة أطياف الشعب ومراعاة حقوقهم، مبينا أنه لا يجب لأي جهة أن تحمل السلاح خارج سلطة الدولة.
وأضاف أن تركيا بعثت الرسائل نفسها إلى إسرائيل عبر قنوات استخباراتية ومحادثات مع محاورين آخرين، قائلا: "فيما يتعلق بسوريا، نقول: لا يجوز لأحد المساس بسلامة أراضيها ولا ينبغي أن تُشكل سوريا تهديدا لأي دولة في منطقتها، ولا ينبغي لأي دولة أن تُشكل تهديدا لها".
وفيما يتعلق بالاشتباكات التي اندلعت في محافظة السويداء جنوب سوريا في 13 يوليو/تموز، قال فيدان: "بصراحة، نرى أن إسرائيل تعرقل جهود الحكومة المركزية للتدخل بشكل محايد في الصراع بين البدو والدروز. وكان اعتراضنا الاستراتيجي على ذلك على وجه الخصوص".
وأوضح فيدان أن الأطراف اجتمعت في العاصمة الأردنية عمان الأسبوع الماضي وتوصلت إلى تفاهم، لكن فرعا واحدا فقط من الدروز بدأ باستخدام لغة معادية تماما للاتفاق والوفاق، وأن ذلك الطرف استخدم لغة مفادها أنهم "سيقاتلون بالسلاح لتحقيق درجة معينة من الاستقلال".
وأشار إلى أن عناصر من الحكومة وقوات الشرطة المجهزة بأسلحة خفيفة انتشرت في السويداء ومحيطها وفقا للاتفاق، مضيفاً أن اشتباكات محدودة استمرت في بعض المناطق، لكن المفاوضات جارية لضمان السيطرة المحايدة.
وأوضح أن الرئيس السوري أحمد الشرع طبّق سياسة شاملة تجاوز التوقعات. وأكد على ضرورة عدم انحياز الحكومة المركزية لأي طرف في النزاعات المحتملة بين الجماعات، بل عليها التدخل، ومعاقبة المسؤولين عند ثبوت تورطهم، وأن الرئيس الشرع تدخّل في هذه القضايا بالموارد المتاحة له.
وأكد فيدان على أهمية سوريا بالنسبة للأمن القومي التركي.
وشدد على أهمية الوحدة والنظام والسلام في الدول المجاورة لتركيا.
والهدف الأساسي لتركيا، بحسب فيدان، هو ضمان السلام والاستقرار والأمن في المنطقة.
وأشار إلى أنّ سوريا تشهد انطلاق عملية بدعم من تركيا ودول المنطقة والاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة.
وقال فيدان: "كنا نرى دائمًا أن هناك جهات يمكن أن تستفيد من تقسيم سوريا، ومن عدم استقرارها، ومن عدم تعافيها، وأنهم يرغبون في أن تظل سوريا تتخبط في حفرة اليأس والإحباط والسلبية".
وأردف: "عندما لم تخرج الصورة كما يتوقعون بفضل المفاوضات الدبلوماسية التي أجريناها، وأيضا الجهود التي بذلها المجتمع الدولي، لجأ هؤلاء إلى اتباع سيناريو مختلف تمامًا"، مشيرا إلى أن إسرائيل لديها مثل هذا الهدف.
ولفت فيدان، إلى أن رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، صرح أنه ليس لديه رأي إيجابي للغاية بشأن استقرار سوريا.
وفي 13 يوليو/ تموز الجاري، اندلعت اشتباكات مسلحة بين عشائر بدوية ومجموعات درزية بالسويداء، أعقبتها تحركات للقوات الحكومية نحو المنطقة لفرض الأمن، لكنها تعرضت لهجمات من مجموعات درزية خارجة عن القانون أسفرت عن مقتل عشرات الجنود.
وفي إطار مساعيها لاحتواء الأزمة، أعلنت الحكومة السورية 4 اتفاقات لوقف إطلاق النار بالسويداء، كان آخرها 19 يوليو/ تموز الجاري.
ولم تصمد اتفاقات وقف إطلاق النار الثلاثة الأولى طويلا، إذ تجددت الاشتباكات يوم 18 يوليو، إثر قيام مجموعة تابعة لحكمت الهجري، أحد مشايخ الدروز في السويداء، بتهجير عدد من أبناء عشائر البدو من السنة وممارسة الانتهاكات ضدهم.
والسبت الماضي -19 يوليو-، أعلنت الرئاسة السورية "وقفا شاملا وفوريا" لإطلاق النار بالسويداء، محذرة في بيان من أن أي خرق لهذا القرار يُعد "انتهاكا صريحا للسيادة الوطنية، وسيواجه بما يلزم من إجراءات قانونية وفقا للدستور والقوانين النافذة".
وتحت ذريعة "حماية الدروز"، استغلت إسرائيل الاضطرابات الأخيرة في السويداء، وصعدت عدوانها على سوريا، حيث شنت غارات مكثفة على 4 محافظات، تضمنت مقر هيئة الأركان ومحيط القصر الرئاسي في دمشق.
وأعلن المبعوث الأمريكي الخاص إلى سوريا توماس باراك، السبت الماضي، اتفاق دمشق وتل أبيب على وقف لإطلاق النار، تبنته تركيا والأردن ودول الجوار.
ومنذ سقوط نظام الرئيس بشار الأسد أواخر 2024، كثفت إسرائيل تدخلها في الجنوب السوري متذرعة بـ"حماية الأقلية الدرزية"، وسعت إلى فرض واقع انفصالي في المنطقة، رغم تأكيد دمشق حرصها على حقوق جميع المكونات في البلاد.
- "ننتظر تنفيذ اتفاق 10 مارس"
وفيما يتعلق بتوقيع الرئيس السوري أحمد الشرع ومظلوم عبدي اتفاقا في 10 مارس/ آذار الماضي، لدمج تنظيم "واي بي جي/ بي كي كي" الإرهابي المعروف باسم "قسد" مع الدولة السورية، أكد وزير الخارجية التركي أن بلاده تنتظر تنفيذ الاتفاق.
وقال: "نريد أن يسير الأمر في أجواء إيجابية. نريد أن يخطو الأكراد خطوة نحو سوريا جديدة، يشعر فيها الجميع بالمساواة، دون سفك دماء أو معاناة، وتُصان فيها هويتهم وحقوقهم، وخاصة فيما يتعلق بممتلكاتهم ومواطنتهم وثقافتهم".
وفي 10 مارس الماضي، وقّع الرئيس السوري أحمد الشرع، وقائد ما تسمى قوات "قسد"، فرهاد عبدي شاهين، اتفاقا لدمج المؤسسات المدنية والعسكرية في شمال شرقي سوريا ضمن إدارة الدولة، بما فيها المعابر الحدودية والمطار وحقول النفط والغاز، وتأكيد وحدة أراضي سوريا، ورفض التقسيم.
وتبذل الإدارة السورية الجديدة جهودا مكثفة لضبط الأمن في البلاد، منذ الإطاحة في 8 ديسمبر/ كانون الأول 2024 بنظام الرئيس بشار الأسد بعد 24 عاما في الحكم.
- التعاون الدفاعي مع سوريا
وفيما يخص التعاون المحتمل بين تركيا وسوريا في مجال الدفاع، أوضح فيدان أنه لا يوجد شيء أكثر طبيعية من التعاون بين البلدين في مجال الدفاع، وخاصة في مكافحة الإرهاب، وأكد أن سوريا تحتاج إلى دعم ومساعدة فنية جدية في إعادة هيكلة مؤسسات الدولة الأساسية، وخاصة القوات المسلحة.
وأشار فيدان إلى أنه من غير الممكن توفير الأمن والنظام والخدمات إذا لم يتم إعادة هيكلة مؤسسات الدولة في سوريا، وقال: "هناك مشاكل في الصحة والتعليم والنقل والطاقة. ونسعى جاهدين، بالتعاون مع دول المنطقة، إلى تحقيق هذه الأمور شيئا فشيئا".
"كما تحتاج القوات المسلحة إلى الوصول إلى مستوى معين من القدرة في مرحلة ما لحماية حدودها، ومحاربة داعش، ومكافحة الإرهاب، ومنع التهديدات الأخرى في المنطقة"، أكمل فيدان.
والأربعاء أعلنت وزارة الدفاع التركية، أن الإدارة السورية طلبت دعما رسميا من أنقرة لتعزيز قدراتها الدفاعية ومكافحة التنظيمات الإرهابية وعلى رأسها "داعش".
وأوضحت مصادر في وزارة الدفاع عقب إحاطة صحفية لمتحدث الوزارة زكي أق تورك، أن تركيا تواصل جهودها من أجل تقديم التدريب والاستشارات والدعم الفني لتعزيز القدرات الدفاعية لسوريا استجابة لطلب من حكومة دمشق.
- السياسة الأمريكية تجاه سوريا
فيما يتعلق بالموقف الأمريكي من سوريا، أشار فيدان إلى أن السفير الأمريكي في أنقرة والممثل الخاص لسوريا، توماس باراك، يُدرك توازنات المنطقة ويسعى جاهدا للحياد. وأوضح أن تركيا تُقدّر هذا، وأنها رؤية فريدة طال انتظارها لسنوات.
وبخصوص العلاقات بين الولايات المتحدة وإسرائيل، قال فيدان إن "إسرائيل وجماعات الضغط الإسرائيلية والفكر الصهيوني لها تأثير هيكلي للغاية على تشكيل السياسة الداخلية الأميركية".
وأشار فيدان إلى أن هناك قادة وسياسيين ذوي توجهات أصيلة ظهروا في الولايات المتحدة وهم يتصرفون خارج هذه الآلية، وأن هناك أيضاً أشخاصا يفكرون في (مصالح) الولايات المتحدة أولا، وليس إسرائيل.
وذكر فيدان أن تركيا تجري مباحثات مع الولايات المتحدة ودول المنطقة حول دمج تنظيم "بي كي كي/ واي بي جي" الإرهابي المعروف باسم "قسد" في المنظومة المركزية السورية، ومباحثات أخرى حول مكافحة تنظيم داعش الإرهابي.
وموجها كلامه إلى "بي كي كي/ واي بي جي"، قال فيدان: "من الضروري أن تتوصل قسد فورا وطواعية إلى اتفاق مع الحكومة المركزية، وأن تتخذ خطوات حقيقية ودائمة وثابتة لتنفيذه. إذا كانوا يسعون للحصول على ضمانات هنا، فمن الضروري أن تكون دول مثل تركيا شاهدة على الحقوق والحريات الأساسية، وسلامة الأرواح والممتلكات".
ورحب فيدان بتصريح المبعوث الأمريكي الخاص إلى سوريا توماس باراك المتعلق بأن الولايات المتحدة لم تتعهد لـ"واي بي جي" بإنشاء دولة خاصة بهم، وأن واشنطن وجهت التنظيم نحو الاندماج مع الدولة السورية.
وأشار فيدان إلى أن المتوقع هو أن تكون الحكومة السورية أول من يتدخل إذا نشأت مشكلة محتملة في سوريا، وأن تركيا ستقدم أيضا بعض الدعم عند الضرورة.
وأضاف: "في النهاية، علينا أن نكون مستعدين لأي سيناريو. لأننا لا ننوي تكرار سيناريو تنظيم بي كي كي الإرهابي في العراق وسوريا، ثم نجعل شعبنا في بلدنا يمر بنفس التجربة مرة أخرى على مدى الأربعين عاما القادمة كما مروا بها في الأربعين عاما الماضية".