"الأرشيف العثماني" يُصلح ما أفسده "التاريخ" مع تونس
"تعلما منذ صغرنا بكتب التاريخ أن تونس وقعت تحت الاحتلال العثماني، بما تعنيه كلمة الاحتلال من معانٍ، وتبين لنا أن التاريخ قد أفسد الكثير في العلاقات بين تركيا وتونس.

أحمد المصري- الأناضول
"تعلما منذ صغرنا بكتب التاريخ أن تونس وقعت تحت الاحتلال العثماني في القرن السادس عشر، بما تعنيه كلمة الاحتلال من معانٍ، ولكن اليوم بعد أن تعرفنا على ما تحويه الوثائق العثمانية التي تتشح بها جدران تلك القاعة، والتي حدثنا الباحثون بالندوة عما تحويها، تبين لنا أن التاريخ قد أفسد الكثير في العلاقات بين تركيا وتونس، ويكفي أن الدولة العثمانية أخرت الغزو الأوروبي لنا 4 قرون".
جاء هذا في مداخلة لأحد التونسيين تعليقًا على الكلمة التي ألقاها توران كشلاكجي، رئيس القسم العربي في وكالة "الأناضول" للأنباء، خلال ندوة "العلاقات التونسية التركية.. ماض وحاضر" نظمها مجلس الجالية التونسية بقطر بالتعاون مع السفارتين التركية والتونسية بأحد فنادق العاصمة القطرية الدوحة مساء السبت.
وكان كشلاكجي بين في كلمته "أن العثمانين عندما ذهبوا إلى تونس كانوا يهدفون لمنع الإسبانيين والأوروبيين من أن يستولوا على تونس وليبيا ثم على العالم الإسلامي".
ولفت إلى "أن الأوروبيين انتظروا 4 قرون ثم دخلوا العالم الإسلامي في القرن التاسع عشر".
وإضافة إلى كلمات المشاركين بالندوة التي أخذت نصيبها من اهتمام الحضور، فقد كانت للوثائق العثمانية التي اتشحت بها جدران القاعة نصيب وافر من اهتمام ومتابعة الحضور الذين تحلقوا قبيل الندوة حول تلك الوثائق التي تكشف عن محطات مهمة في علاقة بلادهم بالدولة العثمانية.
مصطفى الستيتي، الباحث التونسي في الوثائق العثمانية، بين في كلمته بالندوة أن الأرشيف التركي به أكثر من 150 مليون وثيقة عثمانية من بينها 5 ملايين وثيقة عن القدس، ونحو 50 ألف وثيقة عن تونس.
وأشار الستيتي إلى أن هذه الوثائق تشكل بحد ذاتها أرشيفًا يساهم في إنارة فترة من تاريخنا، معتبرًا "الحديث عن احتلال تركي لتونس ليس صحيحًا".
واستطرد: تونس انضمت عام 1574م للدولة العثمانية وظلت معها 300 عام، وهذه الفترة تحتاج دراسة ولم نعرف هذا سوى من خلال الوثائق العثمانية الذي يزخر بها الأرشيف التركي.
وتعرض الباحث التونسي لعدد من الوثائق التي احتوتها القاعة، كمحطات مهمة تعكس طبيعة العلاقة بين البلدين.
وكشف عن وثيقة عبارة عن خريطة ترجع لعام 1888م، مشيرًا إلى أن هذه الخريطة تدل على أن الأتراك كانوا مهتمين اهتمامًا كبيرًا بجغرافيا المناطق التابعة للدولة العثمانية، بتفاصيل دقيقة مما يظهر تقدم الجغرافيا في تلك الفترة.
كما كشف الستيتي عن وثيقة أخرى عبارة عن رسالة من والي تونس محمد الصادق باشا يعلن فيها الالتزام بالإخلاص للدولة العثمانية.
وبين أن أهمية هذه الرسالة من الظرفية التاريخية لها، حيث إنها تعود لعام 1876، حيث كانت الدولة العثمانية في صراع مع روسيا في تلك الفترة، وبعض المناطق بدأت تخرج من الدولة العثمانية، وهنا يؤكد والي تونس أن بلاده لن تخرج عن السيادة العثمانية.
وفي هذا السياق، كشف توران كشلاكجي رئيس القسم العربي في وكالة "الأناضول" أن تلك الحرب، حرب القرم، هي أكبر دلالة على ما بين التونسيين والأتراك من روابط تاريخية، على عكس ما يروج له بعض الغربيين في التاريخ الذي كتبوه.
وقال: الأتراك قدموا دماءهم لأجل التونسيين والتونسيون قدموا دماءهم لأجل العثمانيين.
وتابع "في حرب القرم وهي حرب مهمة بين روسيا والعثمانيين، في هذه الحرب أرسلت تونس 14 ألف جندي ليحاربوا في صفوف العثمانيين ضد الروس".
وبين "أن أكثرهم استشهدوا في الحرب وبقي منهم عدد قليل، هذا العدد القليل لم يرسله العثمانيون إلى تونس، بل أصروا أن يبقوا معهم في تركيا عرفانًا بجميلهم، وتسجيلاً لما فعلوه في ذاكرتنا".
وأوضح أنهم أعطوا هؤلاء التونسيين مدينة تسمى "تونسلر" (توسيون) في مدينة قسطامنو، وبين أنه بعد مرور نحو 150 سنة مازال أحفاد التونسية موجودين ويحتفظون بعاداتهم وتقاليدهم في القرية نفسها.
واعتبر "قرية تونسلر" أكبر دلالة على ما يربط الأتراك والتونسيين تاريخيًا.
ودعا كشلاكجي إلى إعادة كتابة التاريخ التركي والعربي ولا سيما خلال الحقبة العثمانية، عبر باحثين أتراك وعرب، معتبرًا أن كتابة الغربيين للتاريخ هي من سببت القطيعة بين تركيا والعالم العربي أكثر من مائة عام.
وردًا على حملات التشويه لتاريخ الدولة العثمانية، نقل كشلاكجي عن مؤرخ روسي كتب عن "دور الدولة العثمانية في العالم الإسلامي" أنه لو لم يرسل العثمانيون عام 1538م خير الدين بربروس أو سنان باشا إلى تونس لدخل الأوروبيون العالم الإسلامي قبل 400 سنة.
الأخبار المنشورة على الصفحة الرسمية لوكالة الأناضول، هي اختصار لجزء من الأخبار التي تُعرض للمشتركين عبر نظام تدفق الأخبار (HAS). من أجل الاشتراك لدى الوكالة يُرجى الاتصال بالرابط التالي.