تركيا, دولي

أتراك إيران.. بين تصاعد شعورهم القومي وفشل النظام في الإصلاحات المجتمعية

يواصلون التظاهر منذ نهاية الأسبوع الماضي "احتجاجاً على إهانة قوميتهم" المكون العرقي الثاني في البلاد

Ahmad Sehk Youssef  | 12.11.2015 - محدث : 13.11.2015
أتراك إيران.. بين تصاعد شعورهم القومي وفشل النظام في الإصلاحات المجتمعية

İstanbul

اسطنبول/ مريم رصتكار، أحمد دورسون/ الأناضول

يواصل الأتراك الأذريون في إيران، التظاهر منذ نهاية الأسبوع الماضي، في مختلف محافظات البلاد، "احتجاجاً على إهانة قوميتهم" في برنامج تلفزيوني ساخر، عرضته القناة الرسمية، الأمر الذي أدى إلى أن تطفو المشاكل التي يعاني منها أتراك إيران على الساحة السياسية مجددا.

وظهر في البرنامج الأسبوعي، "رجل من الأتراك الأذريين يقف مع ابنه في فندق بالعاصمة طهران، يشتكيان من رائحة الغرفة التي يقطنان فيها، فيما يكتشف صاحب الفندق لاحقاً، أن السبب وراء الرائحة هو فم الطفل الذي كان ينظف أسنانه بفرشاة تنظيف المرحاض"، مما أثار حفيظة الأتراك الأذريين، الذين بدؤوا بالتظاهر في الأماكن التي يعيشون فيها، تعبيراً عن رفضهم لإحتقار قوميتهم.

وعقب ردود الأفعال الغاضبة، قدم المدير العام لهيئة الإذاعة والتلفزيون الإيراني، محمد سرفراز، في بيان له، اعتذاره للأذريين، مشيراً إلى إيقاف عرض البرنامج، وإقالة بعض المسؤولين في التلفزيون.

كما قدم الممثلون في البرنامج، محمد مسلمي، وحميد غولي، اعتذاراً إلى المجتمع الأذري، مؤكدين "أنهم ينتمون إلى نفس القومية، ولم يقصدوا الإساءة إلى مجتمعهم".

ويعيش في إيران أكثر من 30 مليون أذري (ثاني أكبر مكون في إيران بعد الفرس)، ورغم تبوئهم مناصب نافذة في البلاد على الصعيدين السياسي والاقتصادي، إلا أنهم ما زالوا يعانون من بعض المشاكل مثل عدم الإعتراف بلغتهم الأم، أو السماح لهم بالتعليم والتعلم بها.

وبهذا الخصوص، أكد مراقبون في تصريحات للأناضول، أن دوافع المظاهرات التي شهدتها إيران، لم تكن بسبب برنامج تلفزيوني، وإنما للمطالبة بحقوقهم السياسية والثقافية.

وفي تقييمه لأوضاع الأتراك الأذريين، أوضح يالتشين صاري قايا، رئيس قسم العلاقات الدولية بجامعة غيراسون التركية، مؤلف كتاب "القومية في إيران"، أنه لا يمكن النظر بأي شكل من الأشكال، إلى الأتراك الأذريين على أنهم أقلية في إيران، لافتاً أنهم لعبوا دوراً محورياً في تشكّل الأحداث على خارطة المنطقة السياسية، منذ ما يزيد على ألف عام.

وأضاف صاري قايا "من الطبيعي أن نرى ردة فعل مجتمع، لم ينظر إلى نفسه يوماً على أنه أقلية أو أنه جاء إلى المنطقة حديثاً، بعد تعرضه للإهانة من قبل تلفزيون من المفترض أن يكون تابعاً لدولته".

فيما تطرق إلى الأحداث المماثلة التي شهدتها إيران عام 2006، موضحاً أنها بدأت عقب نشر صحيفة رسمية لرسم كاريكاتوري يحتقر الأذريين، ما دفعهم إلى التظاهر رفضاً لاهانة قوميتهم، وأسفرت المظاهرات آنذاك عن مقتل وجرح العشرات.

ورأى صاري قايا أنه "من الواضح أن إيران لم تستخلص الدروس من الحادثة الأولى، رغم مرور عشر سنوات عليها"، لافتاً أن العرب في إيران أيضاً، يتعرضون لممارسات مماثلة.

ولفت صاري قايا، إلى أن الأتراك الأذريين، يدافعون عن حقوقهم المشروعة بطرق سلمية، ضمن الحدود السياسية والدستورية، مؤكداً أن التعليم بلغتهم الأم تتصدر مطالبهم في كل مرة، مشيراً بهذا الصدد، أن المادة 15 من الدستور الإيراني تكفل حق التعلم باللغة الأم.

كما حذّر من أن "عدم تطبيق المادة المعنية، يثير مخاوف لدى البعض، حول وجود مساعي لصهر القوميات الأخرى لصالح القومية الرسمية (الفارسية)"، مضيفاً "هناك نماذج أخرى، في وسائل إعلام غير رسمية قامت بمعاداة القومية التركية وتقديس القومية الفارسية، ارتقت في بعض الأحيان إلى مستوى الشوفينية (المغالاة في الوطنية)". 

ودعا صاري قايا المثقفين الإيرانيين، إلى تحمل مسؤوليتهم، ولعب دور أكبر في تخفيف الاحتقان بين فئات المجتمع الإيراني.

من جانبه، قال محمد محبي، أستاذ العلوم السياسية بجامعة محمد بهشتي الإيرانية، "إن استمرار المظاهرات رغم إعتذار المدير العام للإذاعة والتلفزيون وإيقاف عرض البرنامج، تدل على أن المشكلة ليست عبارة عن برنامج تلفزيوني، بل ينبغي البحث عن أمور أخرى تقف خلف الحدث".

ورأى محبي، أن "التمييز بين الجنسين في إيران، وانقسام المجتمع بين متدين وعلماني، شيعي وسني، شعب ودولة، هي بمثابة خطوط صدع في المجتمع"، مؤكداً أن الأحداث الأخيرة "حركت هذه الصدوع، ما ينذر بحدوث زلزال في المجتمع الإيراني".

كما اعتبر "أن فشل النظام الإيراني في إجراء إصلاحات حقيقية في المجتمع، أدى إلى تصاعد الشعور القومي لدى الأقليات، وفي مقدمتهم الأتراك الأذريين، الذين يعدون ثاني أكبر قومية في إيران"، مضيفاً "لذا يحاول الأذريون إيصال صوتهم عبر الرد بقوة على أصغر الأحداث في المجتمع، لا سيما وأنهم قطعوا الأمل في النظام".

من جهته، أعرب الباحث والكاتب الإيراني، محمد رحماني فرد، عن اعتقاده بأن "الأحداث الأخيرة لم تتطور بشكل عفوي"، مشيراً أن الأتراك الأذريون يتعرضون للإهانة من حين لآخر، وأن سبب التمييز العرقي هذا، يعود إلى بداية أعوام الحداثة في إيران، حيث أن الأدباء والمفكرين الإيرانيين، اعتبروا أن اللغة والثقافة الفارسية قبل صدر الإسلام، تتفوق على مثيلاتها بعده".

وأردف قائلاً "رغم أن هذه الأفكار تراجعت عقب الثورة، إلا أن العنصريين الذين ظهروا على وسائل الإعلام، أحيوها من جديد، وهذه المظاهرات ليست رداً على برنامج عنصري مدته دقائق، بل هي للمطالبة بحقوق شعب لم يتمكن إلى الآن من تحقيقها".

ويعيش معظم أتراك إيران، في المناطق الشمالية والشمالية الغربية، حيث يقطن الأذريون والتركمان في محافظة غُلستان، فيما يتركز أتراك "القاشقاي" في المناطق الجنوبية، قرب الخليج العربي، ومدن شيراز وأصفهان، لا سيما الجزء الشمالي من محافظة فارس، ويُقدر إجمالي عدد أبناء المكون التركي في إيران، بنحو35 مليون نسمة، علماً أن عدد سكان البلاد يبلغ نحو 78.5 مليون نسمة.

الأخبار المنشورة على الصفحة الرسمية لوكالة الأناضول، هي اختصار لجزء من الأخبار التي تُعرض للمشتركين عبر نظام تدفق الأخبار (HAS). من أجل الاشتراك لدى الوكالة يُرجى الاتصال بالرابط التالي.
المواضيع ذات الصلة
Bu haberi paylaşın