جنوب لبنان.. قروي يتكفل بإطعام حيوانات الشوارع تحت القصف (قصة إنسانية)
- مبادرة إنسانية برزت في قرية كفر حمام جنوب لبنان من طرف نجيب سمور الذي أوكل إلى نفسه مهمة إطعام الحيوانات الشاردة، يقول للأناضول: - مبادرتي رسالة قوية تؤكد على أهمية الرحمة والتعاطف في زمن الحرب

Lebanon
جنوب لبنان/ وسيم سيف الدين/الأناضول
- مبادرة إنسانية برزت في قرية كفر حمام جنوب لبنان من طرف نجيب سمور الذي أوكل إلى نفسه مهمة إطعام الحيوانات الشاردة، يقول للأناضول:- مبادرتي رسالة قوية تؤكد على أهمية الرحمة والتعاطف في زمن الحرب
- أواجه في أداء مهمتي تحديات مادية وصعوبة في التنقل وأتلقى مساعدة من إحدى نساء القرية
- أشعر أنه من الواجب إطعام هذه الحيوانات بعد أن نزح 90 بالمئة من سكان القرية إلى أماكن أخرى بحثا عن الأمان
في قرية كفرحمام الحدودية جنوب لبنان التي لم تسلم من القصف الإسرائيلي المتواصل بشكل يومي، بسبب استمرار المواجهات بين "حزب الله" والجيش الإسرائيلي منذ 8 أكتوبر/الماضي، برزت مبادرة إنسانية من قبل نجيب سمور (55 عاما) بإطعام الحيوانات الشاردة.
ونزح أغلب سكان القرية إلى مناطق أخرى أكثر أمنا، إلى جانب غالبية سكان القرى المجاورة في جنوب لبنان، جراء اشتداد المواجهات وارتفاع وتيرة القصف بين الجيش الإسرائيلي و"حزب الله".
كفرحمام قرية صغيرة تبعد عن العاصمة بيروت 117 كيلو مترا، وكانت تعج بالحياة يوماً ما، حيث كان يسكنها حوالي 3500 نسمة، لكنها أصبحت مهجورة بسبب الحرب، حيث غادر السكان بحثا عن الأمان في مناطق أخرى.
**شعور بالمسؤولية
وسط هذا الواقع الصعب وخلو شوارع القرية من زخم المارة، بدأت مبادرة سمور، عندما لاحظ تزايد عدد الحيوانات الشاردة التي تجوب البلدة بحثاً عن الطعام والمأوى. مدفوعاً بحب الحيوانات والشعور بالمسؤولية تجاهها.
بدأ سمور بتخصيص جزء من وقته وجهده لجمع الطعام وتوزيعه على هذه الحيوانات، حيث يقوم بجولات يومية في البلدة المهجورة التي رفض الخروج منها، يحمل معه أكياس الطعام والماء، ويضعها في أماكن مختلفة يمكن للحيوانات الوصول إليها بسهولة.
لم تكن مبادرته سهلة، فقد واجه العديد من التحديات، من بينها نقص الموارد المالية والصعوبات الأمنية التي فرضتها الحرب الدائرة منذ أكثر من 7 أشهر.
ومع ذلك، لم يتوانَ سمور عن مواصلة جهوده مع الدعم القليل الذي يأتي من إحدى نساء القرية، وهي من محبي الحيوانات، التي كانت تساعده في أداء مهمته الإنسانية.
وقال سمور للأناضول إن مبادرته ليست مجرد عمل خيري فحسب، بل هي رسالة قوية أيضا، تؤكد على أهمية الرحمة والتعاطف في مواجهة الأزمات الإنسانية.
وأضاف أن القصة بدأت حينما هجر الناس هذه البلدة التي تتعرض يوميا للقصف، ونتيجة لذلك كثرت الحيوانات الشاردة وخاصة الكلاب والقطط، ولم يعد هناك أحد يواصل الاهتمام بهم.
**من الواجب إطعامهم
سمور أوضح أنه يقوم بتأمين الطعام يوميا قدر الإمكان، مشيرا إلى ضعف إمكانياته لأنه يعيش وحيدا داخل دكانه، بالإضافة إلى صعوبة التنقل تحت وطأة الحرب التي تسببت بنزوح الكثيرين من القرى الجنوبية المحاذية لإسرائيل.
وبشأن مهمته اليومية، قال: "كل يوم أفتش عن الكلاب والقطط لأعرف مكانها حتى أطعمها، لأنها قد تصبح فيما بعد شرسة إذا لم أطعمها، أو ربما تأكل بعضها البعض، مما يعرض من تبقى من سكان هذه البلدة للخطر".
ولفت إلى أنه يقوم بهذا العمل بـ"دافع إنساني، فالحيوانات هي أرواح مثل الكائنات الحية كلها، ولا أستطيع أن أتركهم بدون طعام، خاصة أني أشعر بالمسؤولية تجاههم، وأصبح واجبا علي مساعدتهم وإطعامهم، بل إن الأمر تطور أكثر من ذلك ليصبح روتينا يوميا بالنسبة لي".
وعن مصدر تمويله، قال سمور إن مبادرته ممولة من مصروفه الخاص، إضافة إلى مساعدة تأتيه "من طرف شابة من أبناء البلدة، وهي أيضا من محبي القطط والكلاب، إذ ساهمت في جزء من النفقات المترتبة لإطعام هذه المخلوقات التي لا ذنب لها في هذه الحرب".
ومقارنة بالماضي، أكد صاحب المبادرة الإنسانية أن سكان البلدة كانوا يطعمون تلك الحيوانات قبل اندلاع الحرب، أما اليوم فلا يوجد في البلدة سوى 10 بالمئة من السكان بسبب موجات النزوح التي خلفتها الحرب".
إلى ذلك، قال سمور إن من بقي في هذه البلدة كان مجبرا على ذلك، وليس لديهم خيار آخر، إما لعدم قدرته على تحمل أعباء النزوح من إيجار ومصروف، أو ليس لديه بيت في منطقة أخرى".
ولفت إلى اهتمامه "بإطعام القطط والكلاب التي تأتي إلى دكانه أو بيته قبل الحرب أيضا، لأنها كانت بأعداد قليلة جدا، أما اليوم فقد كثرت وتضاعفت أعدادها، حيث تعاينها وهي تمشي في كل زاوية في البلدة شبه المهجورة ".
**أعشق الأرض ولن أغادر
ودعا سمور الجمعيات التي تهتم بالحيوانات لمساعدته في إيواء هذه الكلاب الشاردة في مكان آمن بعيدا عن القصف التي تتعرض له بلدته كفرحمام ".
كما أوضح أنه اعتاد على القصف الإسرائيلي الذي يطال قريته يوميا، تزامنا مع القصف الجنوني الذي يطال قطاع غزة أيضا".
ومعبرا عن إصراره على البقاء رغم المخاوف، قال: "أنا أعمل في دكاني الواقع في مدخل البلدة، افتتحته قبل الحرب بأشهر وبقيت هنا لأنني أعشق هذه الأرض ولن أتركها".
ومنذ 8 أكتوبر/ تشرين الأول الماضي، تتبادل فصائل لبنانية وفلسطينية في لبنان مع الجيش الإسرائيلي قصفا يوميا متقطعا عبر "الخط الأزرق" الفاصل، خلف مئات بين قتيل وجريح معظمهم في لبنان.
وتقول الفصائل إنها تتضامن مع غزة، التي تتعرض منذ 7 أكتوبر الماضي لحرب إسرائيلية أسفرت عن أكثر من 114 ألف قتيل وجريح، معظمهم أطفال ونساء، وحوالي 10 آلاف مفقود وسط مجاعة ودمار هائل.
وتواصل إسرائيل الحرب ضد قطاع غزة رغم صدور قرار من مجلس الأمن الدولي بوقف القتال فورا، ورغم أن محكمة العدل الدولية طالبتها بتدابير فورية لمنع وقوع أعمال "إبادة جماعية"، وتحسين الوضع الإنساني بغزة.