الحياة, الدول العربية

ألقاب مشينة فرضها الإستعمار الفرنسي تؤرق الجزائريين والقضاء

تضمنت الجريدة الرسمية في عددها الصادر في 30 أكتوبر /تشرين الأول 2016 مرسوما رئاسيا حول تغيير عدد من الألقاب

09.12.2016 - محدث : 09.12.2016
ألقاب مشينة فرضها الإستعمار الفرنسي تؤرق الجزائريين والقضاء

Algeria

الجزائر/حسام الدين إسلام/الأناضول

إلى جانب ما تتهم به من جرائم حرب ونهب للثروات خلال فترة استعمار الجزائر‎ (1830/1962)، عمدت فرنسا إلى إطلاق ألقاب مشينة ومسيئة للجنس البشري على عائلات جزائرية مازالت الى اليوم في رحلة قضائية للتخلص منها.

وتثير الأسماء والألقاب العائلية المشينة في الجزائر أزمة إجتماعية وأخلاقية، اضطر مئات الجزائريين إلى تغييرها وأرّقت العدالة بسبب الملفات الكثيرة التي تنتظر المعالجة منها تلك التي توصف بالشائكة .

وأكدّ وزير العدل الجزائري حافظ الأختام الطيب لوح في 21 نوفمبر/تشرين الثاني 2016 ، خلال عرضه القانون الجديد المتعلقة بالحالة المدنية أمام البرلمان أنّ تصحيح الألقاب المشينة أمر لا تسمح به الدولة تلقائيا، لأن اللقب ملك لصاحبه ولن يتم ذلك إلا بموجب إجراءات معينة".

وقال في ردّه على أسئلة نواب البرلمان أن 3550 شخص جزائري غيرّوا ألقابهم خلال السنوات الثلاثة الأخيرة بعد إتباع الإجراءات الخاصة بذلك، لافتا أنّ تعليمات أعطيت لتسريع إجراءات تغيير الألقاب".

وأوضح في سياق ذي صلة أنّ الأخطاء الواردة في عقود الحالة المدنية تعتبر واحدة من أكبر المشاكل التي تؤرق المواطن".

وتضمنت الجريدة الرسمية في عددها الصادر في 30 أكتوبر /تشرين الأول 2016 مرسوما رئاسيا حول تغيير عدد من الألقاب.

وبناء على هذا المرسوم الرئاسي المؤرخ في 20 أكتوبر/تشرين الأولّ فإن رئيس الجمهورية عبد العزيز بوتفليقة يرخص بتغير مجموعة من الألقاب لعائلات مختلفة.

وجاء في المرسوم نماذج لألقاب مشينة ومحرجة لألقاب عائلية منها "جرو عيسى " و الجرو تعني ابن الكلب، وزوبع و"الزوبع" مشتق من الزوبعة، إضافة إلى لقب "بوعلة" ومعناه " المرض" في اللهجة الجزائرية، ولقب "قعر المثرد" ومقصوده في المجتمع الجزائري قاع الصحن ولقب "بولوسخ" (القذر). وغيرها من الألقاب التي فضلّ أصحابها تغييرها بألقاب أخرى لائقة.

وتُصدر الجريدة الرسمية بشكل مستمر مراسيم رئاسية لتغيير الألقاب الأسرية المشينة وتقدم نماذج عن أسماء عائلية مسيئة تم تغييرها إلى أسماء عادية أو محسنّة ويستلزم الامر موافقة من رئيس البلاد.

وتدفع الألقاب والأسماء البذيئة أصحابها إلى إخفائها تفاديا للإحراج والسخرية والاستهزاء من طرف أفراد المجتمع وتضطرهم إلى تغييرها لحلّ الأزمة نهائيا والتخلص من هذا العبء الذي لازمهم لسنوات طويلة. لكن كثرة الملفات في هذه القضايا الشائكة على مستوى المحاكم الجزائرية تفرض عليهم الانتظار لفترات طويلة.

وقالت الباحثة في علم اللغة وردية يرمش أنّ الأسماء والألقاب في الجزائر قضية معقدة جدا، لتأثرها بالاستعمار الفرنسي لقرن و20 سنة (1830/1962).

وأضافت في ندوة حول "الأسماء الجزائرية" نظمت ضمن معرض الجزائر الدولي للكتاب (26 أكتوبر/تشرين الأولّ-5نوفمبر/تشرين الثاني) الماضي، أنّ تأثيرا الاستعمار الفرنسي على اللغة في الجزائر أيضا برز في تشويه الألقاب والتسميات العائلية بغية الإهانة والاحتقار وإذلال الجزائريين بأن فرضت أسماء حيوانات وأسماء أمراض وأخرى للذم والشتم وغيرها.

وذكرت في مداخلتها أنّ قرابة الـ80 بالمائة من الجزائريين يجهلون نسبهم الأولّ (قبيلتهم الأولى) بسبب الاستعمار الفرنسي الذي شوه الألقاب بهدف قطع صلة الجزائريين بشجرة النسب العائلية وطمس هوية المجتمع بصفة عامة.

وتنتشر في الجزائر ألقاب مشينة تعتبر تركة استعمارية مسموسة مثل بوراس (صاحب الرأس الكبيرة)، بوكراع (صاحب الرجل)، بومعزة (نسبة إلى الماعز)، بوبقرة (نسبة إلى البقرة)، كنّاس (عامل نظافة)، زرزور (طائر الزرزور)، طبّال (الضارب على الدف)..وغيرها من الألقاب المحرجة.

ويشير المحامي الجزائري عمار حمديني أنّ إجراءات تغيير الألقاب والأسماء المسيئة والمشينة لأصحابها أضحت خلال الآونة سهلة ولا تتعدى مدة معالجتها شهرا واحدا بفضل التكنولوجيا الحديثة.

ويؤكد حمديني لـ"الأناضول" أنّ ملف تغيير اللقب يتكون من طلب يقدم إلى وكيل الجمهورية (النائب العام) وشهادة الميلاد الأصلية، لكن شريطة أن يحمل الطلب سببا واقعيا لتغيير الاسم أو اللقب المشين وإلا فإنّ القضية تأخذ مجرى قضائي أخر.

وأوضح حمديني في السياق: "هناك أسماء وألقاب مسيئة تطرح أمام وزير العدل الذي يتصل مباشرة بالنائب العام ليفتح حولها تحقيقا". وفسرّ المتحدث القضية بوجود أشخاص يتهربون من العدالة ومن دفع الضرائب أو من لديهم مخالفات قانونية وموجهة إليهم تهم مختلفة".

وقال في الصدد: "في هذه الحالة يفتح تحقيق حول الأسباب الحقيقية أو الدوافع التي جعلتهم يغيرون اللقب وإذا أفضى التحقيق إلى سبب واقعي تتم الموافقة على تغيير ألقابهم أو أسمائهم بصورة عادية".

وأرجع القانون حمديني سبب وجود أسماء مخلّة بالآداب العامة والأخلاق إلى الاستعمار الفرنسي الذي عمل على طمس وتشويه نسب العائلة الجزائرية وكذلك إلى الجهل الذي كان يعمّ المجتمع الجزائري إبّان الاستعمار.

ولفت: "آباءنا خاصة الموجودين في الأرياف كانوا يجهلون معاني الأسماء وبعض الألقاب المشينة جاء بالصدفة وهم غيروا ملومين على ذلك".

وأشارت الأخصائية في علم الاجتماع نسيسة فاطمة الزهراء إن بعض الألقاب العائلية المشينة الخادشة للحياء والمنتشرة في المجتمع الجزائري، تؤثر على أصحابها من خلال صور السخرية والاستهزاء.

وأوضحت في تصريح لجريدة الخبر الجزائرية (خاصة) يوم 22 يوليو/تموز 2016) أن هذا التأثير يكون خطرا كبيرا عند الطفل الذي يمكن أن يتحول في المستقبل إلى شخص عنيف وانطوائي يعاني من عقد نفسية.

ولفتت المتحدثة أنّ المئات بل الآلاف من التلاميذ في الجزائر الذين يحملون ألقابا مشينة يرفضون عادة الذهاب إلى المدارس خشية سخرية زملائهم من ألقابهم التي لم يختاروها بمحض إرادتهم.
وترتبط ظروف الألقاب المسيئة في المجتمع الجزائري بالاستعمار الفرنسي الذي فرض قانون الألقاب العائلية في 23 مارس/آذار من العام 1882.

ويجبر هذا القانون الجزائريين على حمل ألقاب وأسماء قبيحة بخلق أسماء مسيئة جديدة لهم وتشويه ألقابهم الأصلية حسب مؤرخين.

الأخبار المنشورة على الصفحة الرسمية لوكالة الأناضول، هي اختصار لجزء من الأخبار التي تُعرض للمشتركين عبر نظام تدفق الأخبار (HAS). من أجل الاشتراك لدى الوكالة يُرجى الاتصال بالرابط التالي.
المواضيع ذات الصلة
Bu haberi paylaşın