"روحانيات" نفطة التونسية.. نافذة لموروث الفن الصوفي المهدد بالنسيان
المدينة شهدت لأول مرة تنظيم مهرجان لهذا النوع من الفن، تحت مسمى "روحانيات"، التي اشتهرت به منذ القدم

Tunisia
نفطة (تونس) / الهادي الرداوي / الأناضول
في محافظة "توزر" بأقصى الجنوب الغربي لتونس تقع واحدة من أعرق المدن في حوض البحر المتوسط، والتي عرفت وجود الإنسان منذ أكثر من 90 ألف سنة قبل الميلاد، واشتهرت بالفرق الصوفية المتنوعة، والعديد من المذاهب.
هي مدينة "نفطة" التي من أجل إحياء طابعها الصوفي والتعريف بمخزونها في هذا المجال مع الانفتاح على مخزون دول أخرى في حقل الموسيقى الصوفية، نظم المسؤولون بها مهرجانا هو الأول من نوعه في تلك المنطقة.
فعلى مدى ثلاثة أيام خلال الأسبوع الماضي، عاشت المدنية على وقع فعاليات الدورة الأولى للمهرجان الدولي للموسيقى الصوفية، بعنوان "روحانيات"، بمشاركة دولية من تركيا وكندا والمغرب، وامتدت في الفترة من 26 إلى 29 من نوفمبر/تشرين ثان.
المدينة شهدت في افتتاح هذا المهرجان، تنظيم خرجة الفرق الصوفية التي جابت الشارع الرئيسي بـ"نفطة"، أعقبها تنظيم عرض فني لحضرة رجال تونس، بقيادة الفنان توفيق دغمان، بساحة "دار الثقافة" بالمدينة، وآخر بعنوان "نفس" للفنانة التونسي علياء السلامي.
الكثيرون ممن حضروا الافتتاح كانوا في شوق لرؤية عناصر الفرقة التركية "الإخوة دراويش"، الذين تميزوا بمعزوفات موسيقية، باستخدام آلات موسيقية لم يعهدها المشاهد التونسي.
"دجام ايتودو"، شيخ الفرقة التركية يقول للأناضول: "التصوف هو علاقة روحية بين الخالق والمخلوق".
ويضيف شيخ فرقة "الإخوة الدراويش"، ومقرها مدينة إسطنبول أن "الموسيقى الروحانية تجرد المُريد الصوفي من علاقته بالدنيا وملذاتها".
واختتمت الفرقة التركية الدورة الأولى للمهرجان الدولي للموسيقى الصوفية، الأربعاء الماضي، في أجواء مفعمة بالوجد الصوفي، بطقوس خاصة ولباس فريد، وعلى إيقاع الابتهالات وألحان الناي والربابة.
عناصر "الدراويش"، أطربوا رواد السهرة الختامية بابتهالات مديح النبي محمد (خاتم المرسلين)، وصحابته، ولمؤسس فرقة الدراويش العالم الصوفي جلال الدين الرومي، خلال القرن 13 ميلاديا، ومعلمه شمس الدين التبريزي.
المغاربة من جهتهم أبدعوا زوار نفطه، ليل الإثنين-الثلاثاء الماضي، بالفن القناوي المنتشر في الجزائر والمغرب، والذي تعود جذوره إلى إفريقيا جنوب الصحراء.
وبحسب طارق مرعي، المسؤول الإداري عن دار "قناوة - طنجة" الأدبية بالمغرب، والذي كان على رأس الفرقة التي أمّنت إحدى عروض مهرجان الموسيقى الصوفية، فإن "موسيقى القناوة، أصبح لها صيت عالمي، وهي تعد موسيقى صوفية وروحية، ومن يوم إلى آخر أصبحت تأخذ الريادة".
الفنان هشام رستم، المدير الفني للمهرجان، أشار إلى أن خصوصية المهرجان تنبع من الاهتمام بالتراث الصوفي لـ"نفطة" باعتباره "غنيا وعريقا وفرصة لتثمين هذا التراث حتى تصبح المدينة عاصمة للموسيقى الصوفية".
ويقول رستم، للأناضول: "روحانيات هي رسالة للعالم أجمع، رسالة محبة وسلام، ومحاولة لتأسيس ثقافة بديلة قادرة على تقديم الأفضل، لتنويع إنتاجها السياحي لتصبح وجهة سياحية، ومركز إشعاع ثقافي".
ويشدد على "أهمية الثقافة في محاربة الإرهاب والتطرف".
دورة أولى من المهرجان، يؤكد المشرفون عليها، أن القادم سيكون أفضل، حيث يأملون في تجاوز بعض الصعوبات المتعلقة أساسا بالتمويل.
وفي هذا السياق، أعرب مدير المهرجان، لطفي عيساوي، في تصريحات لوكالة الأبناء التونسية الرسمية، عن أمله في أن يفتح المهرجان "نافذة على موروث بات مهددا بالنسيان".
وشهد المهرجان تخصيص حيز هام للعروض الفنية الموسيقية عرضتها مجموعة من الفرق الصوفية والمنشدين من داخل تونس وخارجها، كما تم تخصيص فقرات للمحاضرات العلمية وحلقات النقاش، فضلا عن ورشات عمل مصحوبة بعرض أفلام وثائقية عن الصوفية أو تؤرخ لبعض الأعلام في هذا المجال.
وتعد نفطة الواقعة جنوب غربي البلاد، بالقرب من الحدود الجزائرية، من بين أعرق المدن في حوض البحر المتوسط، وعرفت بالفرق الصوفية المتنوعة، وعديد المذاهب، منها الإباضية، ويمثل أبو علي السني أبرز علمائها.
عبد الجليل حبلاني، ناشط بالمجتمع المدني من سكان محافظة توزر يقول للأناضول: "تشابه نفطة، مع مدينة الكوفة بالعراق من حيث المناخ، والفضاء الطبيعي أي الواحات والهندسة المعمارية وكثرة المساجد ودورها الاجتماعي الأساسي في القرون الماضية، وكثرة الأدباء والعلماء، كله جعل نفطة تلقب بالكوفة الصغرى".
الأخبار المنشورة على الصفحة الرسمية لوكالة الأناضول، هي اختصار لجزء من الأخبار التي تُعرض للمشتركين عبر نظام تدفق الأخبار (HAS). من أجل الاشتراك لدى الوكالة يُرجى الاتصال بالرابط التالي.