الثقافة والفن, الدول العربية, التقارير, الجزائر

"نزلاء الحراش".. رواية عن أشهر سجن جزائري يجمع رموز النظام السابق (مقابلة)

الروائي الجزائري الحبيب السايح للأناضول: الرواية تناولت نزلاء سجن الحراش بالعاصمة الجزائر غداة الاستقلال أو خلال العشرية الحمراء، أو في فترة الحراك الشعبي

09.02.2022 - محدث : 09.02.2022
"نزلاء الحراش".. رواية عن أشهر سجن جزائري يجمع رموز النظام السابق (مقابلة)

Istanbul

الجزائر / حسام الدين إسلام / الأناضول

* الروائي الجزائري الحبيب السايح للأناضول:

ـ الرواية تناولت نزلاء سجن الحراش بالعاصمة الجزائر غداة الاستقلال أو خلال العشرية الحمراء، أو في فترة الحراك الشعبي
ـ "نزلاء الحراش" ليست وثائق تأريخية بل شهادات على التاريخ
ـ من واجبي التذكير في كل مناسبة سياسية أو تاريخية بأفعال فرنسا الاستعمارية بحق الشعب الجزائري

قال الروائي الجزائري الحبيب السايح، إن روايته "نزلاء الحراش" تتوقف عند سجناء لهم صلة بالفساد السياسي والمالي في تاريخ بلاده المعاصر، الذين يجمعهم السجن الأكثر شهرة في الدولة.

جاء ذلك في مقابلة للسايح مع الأناضول، حول روايته الجديدة "نزلاء الحراش"، ومواضيع أخرى مثل الكتابة التاريخية، وملف الذاكرة بين الجزائر وفرنسا.

وصدرت الرواية، نهاية سبتمبر/ أيلول الماضي، عن دار "مسكيلياني" في بيروت، ومنشورات "ضمّة" الجزائرية (خاصة)، وجاءت في 306 صفحات.

وقال السايح، إنّه يفضل أن "يكتب قصة قصيرة، أو فصلا من رواية، على أن يقدم فكرة أو ملخصا عن أحد أعماله"، مضيفا: "إني أرتبك ولا أعرف كيف أجمع تفاصيل رواية".

وأشار إلى أن روايته تتحدث عن السجناء المدانين في مختلف الجنح والجنايات والجرائم المدنية والسياسية، "الذين يجمعهم السجن الأكثر شهرة في الجزائر من حيث سمعته وقسوته وتاريخه، الذي يعود إلى الحقبة الاستعمارية الفرنسية (1830 ـ 1962)".

ورأى السايح أنها "إحدى المفارقات في تاريخ الجزائر المعاصر ذي الصلة بالفساد السياسي والمالي، وبالصراع على السلطة، بمختلف أوجهه حتى المسلح منه".

ولفت إلى أن أحداث الرواية تناولت مراحل؛ غداة الاستقلال (1962) أو خلال العشرية الحمراء (سنوات التسعينيات)، ومثلما وقع في حراك 22 فبراير/ شباط 2019، الذي بإسقاطه الرئيس الراحل عبد العزيز بوتفليقة سلميا، جنّب الدولة حالة الانهيار.

ووفق السايح "يكون سجن الحراش البؤرة المكانية والزمانية لتلك المفارقة".

و"سجن الحراش"، ثاني أقدم سجن بعد "سركاجي"، ويقع على بعد 10 كلم جنوب العاصمة، بطاقة استيعاب تقدر بأكثر من ألفي سجين وفق إحصاءات رسمية.

وعقب حراك شعبي أطاح بالرئيس بوتفليفة، في 2 أبريل/ نيسان 2019، أودع بهذا السجن، رئيسا وزراء من حقبته هما: أحمد أويحيى، وعبد المالك سلال، إضافة إلى وزراء وولاة (محافظين) ورجال أعمال، إثر تحقيقات في قضايا فساد.

** روائي أم مؤرخ؟

وحول ما إذا كان ما يكتبه تأريخا وتوثيقا، أوضح السايح أن الروائي اليوم أصبح يسبق المؤرخ بمسافة زمنية معينة في ما يتصل بمجريات واقعه السياسي والاجتماعي والأخلاقي، ولكنه لا يحل محله.

وأشار إلى أنّ فعله كروائي تقديم شهادة فحسب، بواسطة السرد التخييلي، وليس حقائق كما يقدمها المؤرخ.

وبيّن أن كلا من الروائي والمؤرخ، "إن اتفق كل منهما على الاشتغال سرديا على المادة نفسها، للفترة ذاتها، وعلى الفاعلين أنفسهم، فإنهما بالضرورة سيختلفان في الرؤية، وفي التناول، وفي الأسلوب".

واستطرد: "إذ يغدو هامش الروائي أكبر بالنسبة إلى المؤرخ، فالأول يمنحه الجنس الروائي أن يُعمِل خياله، فيضيف أو يحور أو يستعير. أما الثاني فيسرد الحقائق كما وقعت".

واستدرك السايح: "لكن المؤرخ غالبا لا يستطيع (التحوير أو الاستعارة)، كما هو الشأن مثلا عن تاريخ حربنا التحررية (1954 ـ 1962). وهنا يتدخل الروائي لسرد بعضها تخييليا".

وذكر صاحب رواية "زهوة"، أنه ألمح إلى ما قدمه في رواياته "كولونيل الزّْبَرْبرْ"، "أنا وحاييم"، و"ما رواه الرئيس" وفي "نزلاء الحراش".

واعتبر أن مثل هذه النصوص ليست تأريخا بل هي من التاريخ. وليست وثائق تأريخية بل شهادات على التاريخ.

** الكتّاب وحرب الذاكرة

وبشأن رأيه في قرار فرنسا فتح أرشيف الثورة الجزائرية قبل 15 عاما عن موعده القانوني، قال السايح، إن "فرنسا على قدر ما تفتحه من أرشيف، لأسباب سياسية ابتزازية، لن تستطيع الكشف عن مجمل جرائمها كالإبادة الجماعية".

وفي 23 ديسمبر/ كانون الأول الماضي، أعلنت فرنسا، في مرسوم صادر عن وزارة الثقافة، نشرته الجريدة الرسمية، فتح الأرشيف المتعلق بالقضايا القانونية وتحقيقات الشرطة في حرب التحرير الجزائرية خلال الحقبة الاستعمارية.

وأضاف السايح أن الجرائم وقعت خلال فترات الاحتلال الأولى، وارتكبت فرنسا "جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية أثناء حرب التحرير، بالتقتيل والتعذيب الممنهجين وبالاغتصاب".

واستطرد: "يبقى من واجبي، وواجب الذاكرة عليّ، بصفتي جزائريا، التذكير في كل مناسبة سياسية أو تاريخية بأفعال فرنسا الاستعمارية بحق الشعب، التي لن تطوى في ذاكرتي شعبي البلدين إلا باعتراف فرنسا الرسمية بتلك الجرائم".

وبحسب السايح: "يصبح من الواجب على الكتّاب الجزائريين، تجاه تاريخهم، أن يكونوا الطليعة في خوض حرب الذاكرة التي تشنها اليوم فرنسا الرسمية على وجودنا كأمة، بكتاباتهم ومواقفهم استكمالا لتضحيات آبائهم وأجدادهم".

وذكر الروائي الجزائري، أنّه كان أحد الأطفال الشهود على نهايات (مرحلة) حرب التحرير، بصفته من عائلة عرفت القهر الذي سلطه الاستعمار عليها، لأن بيتهم كان مأوى لجيش التحرير وأخويه (أحدهما شهيد) وكذا أخواله وأعمامه كانوا في جيش التحرير.

وبخصوص روايته "أنا وحاييم"، التي تحكي قصة إنسانية بين مسلم ويهودي (جزائريين) بدأت إبّان الاستعمار الفرنسي، أوضح السايح، أن الوجود اليهودي في الجزائر يعود إلى عمق التاريخ.

واعتبر أن اليهود ظلّوا ضمن نسيج الجزائر الاجتماعي والديني والثقافي حتى كان "قانون كريميو" 1870 (تجنيس يهود الجزائر خلال الاحتلال الفرنسي) وحرب التحرير.

وبحسبه، فإن "قانون كريميو" وثورة التحرير "عاملان أثرا على علاقة الطائفة اليهودية ببقية الجزائريين، بحيث اختارت الأغلبية منها التجنس (بالفرنسية)، ولاحقا الاصطفاف إلى جانب الاستعمار أو الهجرة إلى فلسطين المحتلة".

واعتبر أن "قلة من الطائفة اليهودية ظلت وفية لوطنها الجزائر، معادية للحركة الصهيونية، وقدمت شهداء خلال حرب التحرير"، على حد قوله.

** استشراف

وبالنسبة لنظرته إلى راهن ومستقبل بلاده، لفت السايح، إلى أنّ جزائر اليوم تغيرت بشكل لافت منذ 22 فبراير 2019. (في إشارة إلى الحراك الشعبي).

وأوضح: "لم تعد هي الجزائر التي كانت قبل هذا التاريخ، ولن تعود إليه، فما قدمه أبناؤها وبناتها خلال الحراك على مدى شهور أحدث تحولا حاسما في علاقة السلطة بالمواطن".

واعتبر أن الحراك الشعبي "كرّس معطى الدولة، فأصبحت مطالب الحريات الفردية والجماعية، وحرية الصحافة، واستقلالية القضاء ومحاربة الفساد، من أوليات ما ينبغي لأي سياسة أو حكومة أن تأخذه في الاعتبار".

وألمح السايح إلى أن "هذا لا يُغفل أبدا أنه ترتب على الحراك نتائج سلبية منها الملاحقات والسجن بسبب الرأي".

والحبيب السايح، كاتب وروائي جزائري من مواليد عام 1950، بمحافظة معسكر (غرب)، صدر له، إلى جانب مجموعات قصصية، 10 روايات منها "الموت في وهران"، و"تلك المحبة"، و"ما رواه الرئيس" وغيرها.

وتوج السايح، في 2019 بجائزة كتارا (قطر) للرواية، في فئة الرواية المنشورة، عن روايته "أنا وحاييم"، كما بلغ هذا العمل القائمة الطويلة لجائزة البوكر للرواية العربية.

الأخبار المنشورة على الصفحة الرسمية لوكالة الأناضول، هي اختصار لجزء من الأخبار التي تُعرض للمشتركين عبر نظام تدفق الأخبار (HAS). من أجل الاشتراك لدى الوكالة يُرجى الاتصال بالرابط التالي.
المواضيع ذات الصلة
Bu haberi paylaşın