الدول العربية, التقارير

"ميثم راضي".. رسام كاريكاتير عراقي يتجاوز "نقاط التفتيش" الفكرية (مقابلة)

للوهلة الأولى، قد يعتقد كثيرون أن مقومات التفكير الحر "ضحلة" في مجتمع قبلي ديني محافظ جنوبي العراق، وهو ما ينعكس سلبًا على وضع الفنون في مثل هذا المجتمع.

17.12.2019 - محدث : 17.12.2019
"ميثم راضي".. رسام كاريكاتير عراقي يتجاوز "نقاط التفتيش" الفكرية (مقابلة)

Iraq

بغداد/ نازا محمد/ الأناضول

الكاريكاتير العراقي، "ميثم راضي" في حديث مع الأناضول:
- مواضيع كثيرة غير مسموح بها سياسيًا واجتماعيًا ودينيًا، لكنني أرسم أي فكر بالابتعاد عن الشخصنة
- الكاريكاتير العراقي يتفوق عربيًا من ناحية الفكرة لكنه متأخر من ناحية تقنيات الخطوط والتلوين والتشكيل
- لدينا جمهور رائع بفضل جهود الرواد، النشر والتسويق لم يجعلا الكاريكاتير العربي يتطور أكثر

للوهلة الأولى، قد يعتقد كثيرون أن مقومات التفكير الحر "ضحلة" في مجتمع قبلي ديني محافظ جنوبي العراق، وهو ما ينعكس سلبًا على وضع الفنون في مثل هذا المجتمع.

إلا أن رسام الكاريكاتير العراقي ميثم راضي (45 عامًا)، أثبت عدم صحة هذا الاعتقاد، عبر الالتفاف على "الخطوط الحمراء"، أو "نقاط التفتيش" الفكرية، كما يسميها.

وُلد راضي في مدينة العمارة مركز محافظة ميسان (جنوب) عام 1974، وهو حاصل على إجازة في هندسة الكهرباء.

تحول على مر السنين إلى أيقونة فنية داعمة لأفكار وتفاصيل حياتية جوهرية حرة، باستخدام رسوم كاريكاتيرية لو تُرجمت إلى حديث صريح لربما تم وضعه تحت طائلة المعاقَبين على تجاوز "الخطوط الحمراء"، في مجتمع قبلي ديني محافظ.

** الشخصنة والترميز

عن كيفية تمرير أفكاره في مجتمع يقدس القيم القبلية والشخصيات الدينية، يقول راضي، في مقابلة مع الأناضول: "لم أخش من رسم الفكرة أبدًا".

ويضيف: "هناك مبادئ خاصة بي للرسم، أهمها عدم الشخصنة و(الاعتماد على) الترميز.. هذه المبادئ تمكنني من رسم أي فكرة".

ويعلل ابتعاده عن الشخصنة واللجوء إلى الترميز بقوله: "يؤسفني أن الكثير من المواضيع غير مسموح بها سياسيًا واجتماعيًا ودينيًا".

ويتابع: "ولكن هنا تمامًا تتجلى مرونة وقدرة الكاريكاتير في الأجواء قليلة الحرية، فالكاريكاتير قادر تمامًا على إنتاج لوحات رمزية وهادئة تستطيع عبور نقاط التفتيش، والوصول إلى المتلقي من دون إثارة الحساسيات الاجتماعية".

لكن راضي لا يتمنى أن يظل أسيرًا لهذا الأسلوب إلى الأبد: "أتمنى أن يرتفع سقف الحريات ليكون رسم الكاريكاتير أكثر سهولة وأقل جهدًا من التقنيات والطرق التي نلجأ لها لتمرير أفكارنا".

ويعتبر أن أكثر رسوماته جرأة تناولت أفكارًا خاصة بـ"ثيمة النقد الديني.. اللوحات التي تتحدث عن النقد الديني أشعر بأنها لوحات تتوفر فيها المواصفات العالمية أكثر من غيرها".

ويكمل: "أتذكر أول لوحة بهذا المجال (النقد الديني)، بصراحة في وقتها شعرت بأنني تجاوزت نفسي ونضجت كاريكاتيريًا".

** جمهور متذوق

وبشأن طبيعة الجمهور العراقي وعلاقته بهذا النوع من الفن، يقول راضي إن "العراق يمتلك جمهورًا رائعًا لتلقي الكاريكاتير، وهذا بسبب جهود الرواد العظماء في هذا الفن، مثل مؤيد نعمة رحمه الله، والأساتذة عبد الرحيم ياسر، وخضير الحميري".

ويتابع بنبرة ممتنة: "هؤلاء الرواد قاموا بتنشئة جمهور له ثقافة كاريكاتيرية رائعة.. الجيل الجديد من رسامي الكاريكاتير العراقيين يتمتعون الآن بذلك التلقي".

ويرى أن "الفن الكاريكاتيري العراقي ناضج من ناحية الفكرة، وأحيانًا كثيرة يتفوق عربيًا من هذه الناحية، لكنه متأخر جدًا من ناحية التقنيات الفنية الخاصة بالخطوط والتلوين والتشكيل، مقارنة بدول عربية، مثل الأردن ومصر".

لكن وجود جمهور متلقٍ لم يحقق لراضي ولزملائه، سواء العراقيين أو العرب عامة، انتشارًا واسعًا، وهو ما يعزوه إلى أن "النشر والتسويق لم يجعلا الكاريكاتير العربي يتقدم ويتطور أكثر".

** هدوء بالموسيقى

يعيش راضي في بلد لم تهدأ فيه يومًا أصوات الحروب والخلافات والصراعات والاحتجاجات، ومنها احتجاجات شعبية مستمرة منذ أكتوبر/ تشرين أول الماضي، تطالب برحيل ومحاسبة النخبة السياسية الحاكمة منذ عام 2003، في ظل اتهامات بفساد سياسي ومالي.

لكن الفنان العراقي استطاع إيجاد بيئته الخاصة من دون الانفصال عن قضايا مجتمعه، إذ أعرب عن اعتقاده بأن "كل رسام أو كاتب يحتاج إلى فسحة هادئة ومنعزلة ليستطع القيام بعمله".

ويوضح: "بالنسبة لي أي مكان هو فسحة هادئة، بشرط أن تتواجد فيه الموسيقى التي أحبها".

الأخبار المنشورة على الصفحة الرسمية لوكالة الأناضول، هي اختصار لجزء من الأخبار التي تُعرض للمشتركين عبر نظام تدفق الأخبار (HAS). من أجل الاشتراك لدى الوكالة يُرجى الاتصال بالرابط التالي.
المواضيع ذات الصلة
Bu haberi paylaşın