موسم القمح بجنوب لبنان.. حصاد مبكر تحت القصف (تقرير)
ـ المجلس الوطني للبحوث العلمية: إسرائيل شنت 4441 اعتداء بالقنابل العادية والحارقة والفوسفورية المحظورة دوليا على جنوب لبنان، منذ 8 أكتوبر 2023 وحتى 21 أبريل الماضي

Lebanon
مرجعيون (جنوب لبنان) / وسيم سيف الدين / الأناضول
ـ المزارع سالم جبور: استعجلنا الحصاد خوفا من الحرائق جراء القصف الإسرائيلي الذي تسبب في نزوح معظم عمال الزراعةـ المزارع شاهين رزق: نواجه بمرجعيون صعوبة في استئجار آلات حصد القمح من البقاع لأن أصحابها يخشون القدوم إلى الجنوب
ـ مدير المكتب الزراعي في مرجعيون فؤاد ونسة: مساحات القمح تراجعت كثيرا بسبب الأوضاع الأمنية وسجلنا احتراق عدة أراض مزروعة جراء القصف الإسرائيلي
ـ المجلس الوطني للبحوث العلمية: إسرائيل شنت 4441 اعتداء بالقنابل العادية والحارقة والفوسفورية المحظورة دوليا على جنوب لبنان، منذ 8 أكتوبر 2023 وحتى 21 أبريل الماضي
قبل أيام، بدأت مكائن الحصاد العمل دون انقطاع في حقول القمح جنوب لبنان، وذلك على غير العادة في هذا التوقيت من العام.
إذ يبدأ حصاد القمح في تلك المنطقة عادة مطلع يونيو/ حزيران، ويمتد نحو شهر.
لكن المزارعين هناك اختاروا حصد محصولهم مبكرا خوفا من احتراقه جراء القصف الإسرائيلي، رغم أن ذلك قد يعني إنتاجا أقل من القمح إلا أن "قليلا مضمونا أفضل من كثير قد يكون مصيره الضياع حرقا"، وفق ما يرى هؤلاء.
** فزاعة الحرائق
سالم جبور (55 عاما) من بلدة أبل السقي بقضاء مرجعيون واحد من المزارعين الذين بدأوا حصاد محصولهم من القمح مبكرا.
وقال جبور، لمراسل الأناضول، إنه اختار الحصاد المبكر لمحصوله من القمح "خوفًا من الوضع الأمني المتدهور بالجنوب" على خلفية الاشتباكات بين الجيش الإسرائيلي وفصائل محلية وفلسطينية في لبنان المستمرة منذ 8 أكتوبر/ تشرين الأول 2023.
وأضاف: "استعجلنا الحصاد خوفا من الحرائق جراء القصف الإسرائيلي".
ولفت إلى أن 12 دونما (الدونم يساوي 1000 متر مربع) من أراضي مزروعة بالقمح يملكها في بلدة أبل السقي احترقت جراء القصف الإسرائيلي، في وقت سابق من مايو/ أيار الجاري.
وتابع المزارع جبور: "الحمد الله تم إطفاء الحريق قبل فوات الأوان".
على النحو ذاته، قال شاهين رزق شاهين: "المزارعون في قرية دبين بمرجعيون هرعوا إلى حصاد موسمهم من القمح مبكرا خوفا من احتراقه بسبب استمرار القصف الإسرائيلي على الحقول".
وأضاف شاهين (65 عاما)، وهو من كبار المزارعين في مرجعيون: "أي شرارة تحصل بقصف أو غير قصف يمكن أن تحرق كامل الموسم".
وبحسب وزارة الزراعة، تتجاوز مساحة الأراضي المزروعة بالقمح في لبنان 300 ألف دونم، يصل حجم إنتاجها إلى 125 ألف طن، فيما تراوح حاجة البلاد منه بين 450 ألف طن و550 ألف طن سنويا.
وعلى مدى سنوات، شكّلت الزراعة عصب الاقتصاد للقرى الحدودية في جنوب البلاد، حيث يعمل بها نحو 70 في المئة من السكان هناك، حسب ما تشير إليه تقديرات غير رسمية.
ويُعدّ سهلا مرجعيون والوزاني الأكثر شهرة في زراعة القمح، إذ يرفدان السوق المحلي بنحو 30 في المئة من حاجته.
** موسم صعب
ورغم ما في الحصاد المبكر للقمح من خسائر للمزارعين، فإن من يتمكن منهم من الحصاد فهو محظوظ بالفعل.
فمع تصاعد الاشتباكات بين الفصائل في لبنان والجيش الإسرائيلي، يجد المزارعون صعوبة في الوصول إلى حقولهم لمباشرة حصاد القمح، حيث تعمد إسرائيل إلى قصف الأراضي بالفوسفور والقنابل الحارقة.
في هذا الصدد، نشر المجلس الوطني للبحوث العلمية في لبنان (حكومي)، مؤخرا، خريطة توثق الاعتداءات الإسرائيلية على الجنوب اللبناني، والخسائر الناجمة عنها، لا سيما في القطاع الزراعي.
وتظهر الخريطة، المستندة إلى صور الأقمار الاصطناعية، شن إسرائيل نحو 4 آلاف و441 اعتداء بالقنابل العادية والحارقة والفوسفورية المحظورة دوليًا على جنوب لبنان، منذ 8 أكتوبر 2023 وحتى 21 أبريل/ نيسان الماضي.
وأدى ذلك إحراق 10 آلاف و600 دونم من الأراضي، بينها 520 دونما من أشجار الزيتون، وآلاف الدونمات من أشجار السنديان المعمرة والأشجار المثمرة، بسحب ما تبين الخريطة.
** معدات الحصاد بعيدة المنال
إضافة إلى ذلك، يواجه كثير من المزارعين جنوب لبنان صعوبات في تدبير معدات الحصاد.
وفي هذا الصدد، قال المزارع جبور إن أصحاب الحصادات (المعدات المستخدمة في الحصاد) "متخوفون من أن يأتوا من منطقة البقاع (شرق) إلى سهل مرجعيون خوفا من الوضع الأمني والقصف، ومن استهدافهم، خاصة أن حجم الحصادات ضخم".
وأضاف: "نجد صعوبة، أيضا، في الحصول على عمال زراعة من أجل الحصاد؛ فأكثرهم نزح ويخاف من الذهاب للحقول بسبب القصف أو الاستهداف الإسرائيلي".
هذه الصعوبات التي تواجه المزارعين أكدها شاهين، قائلا: "نواجه في مرجعيون صعوبة في استئجار آلات حصد القمح من البقاع لأن أصحابها يخشون القدوم إلى الجنوب خوفا من قصف (الجيش الإسرائيلي) تلك الآلات نظرا لحجمها الكبير".
وبنظرة تشاؤمية، قال شاهين إن "موسم القمح لديه سيذهب كما ذهبت مواسم غيره منذ 8 أكتوبر الماضي".
وأضاف في هذا الصدد: "قطفنا 10 بالمئة من المحصول خلال موسم الزيتون، فيما ذهب موسم الأفوكاتو والجوز دون أن نقطف منه شيئا بسبب القصف" الإسرائيلي.
** انخفاض المساحة المزروعة
من جانبه، قال مدير المكتب الزراعي في مرجعيون (حكومي) فؤاد ونسة، إن "القمح يُعتبر من المحاصيل الزراعية الأساسية في لبنان"، لافتا إلى أن زراعته تتركز بشكل أساسي في الجنوب، وخاصة في سهل مرجعيون.
وأضاف ونسة، لمراسل الأناضول، أن القمح كان يُزرع قبل الحرب على مساحة 3500 دونم في قضاء مرجعيون، أي ما يُشكل 40 بالمئة من المساحة المزروعة في القضاء.
"وكان ذلك يُنتج سنويًا ألف طن من القمح الصلب والطري، حيث يُسوق جزء منه محليًا، ويُصدر جزء آخر، بينما يُسلم الجزء المتبقي للدولة".
لكن ونسة أشار إلى أنه "في هذا العام (2024) تمت زراعة نحو 2500 دونم تقريبًا من القمح في مرجعيون بسبب الأوضاع الأمنية على الحدود".
وحذر المسؤول اللبناني من أن "هذه الفترة من العام تُعتبر خطرة"، موضحا أن "سنابل القمح قد تحترق جراء الحر المعتاد في مثل هذه الأيام، فكيف هو الحال اليوم في ظل الوضع الأمني المتوتر؟".
وأشار إلى أنه "تم تسجيل احتراق عدة أراضٍ مزروعة بالقمح وبمزروعات أخرى" جراء القصف الإسرائيلي.
ولفت كذلك إلى أن المزارعين عانوا صعوبات في الوصول إلى أراضيهم جراء القصف الإسرائيلي لإجراء عمليات الخدمة من رش وتسميد، ما يُهدد نوعية المحصول.
وتابع: "هناك خشية من عدم تمكن المزارعين من الوصول إلى أراضيهم لحصاد المحصول هذا العام".
** دعم من الجيش
في هذا الصدد، ذكر ونسة أن الجيش اللبناني يحاول مساعدة المزارعين عبر مواكبتهم والنزول معهم إلى حقولهم في بعض الأحيان، مؤكدا أن "فرق الدفاع المدني مستعدة لمكافحة الحرائق بشكل دائم".
وأشار إلى أن وزارة الزراعة "تتابع تسجيل الأضرار التي يتعرض لها المزارعون خلال الوضع الراهن، وتقديم الإرشادات الفنية اللازمة لهم".
ومنذ 8 أكتوبر الماضي، تتبادل فصائل لبنانية وفلسطينية في لبنان مع الجيش الإسرائيلي قصفا يوميا متقطعا عبر "الخط الأزرق" الفاصل، أسفر عن مئات بين قتيل وجريح معظمهم في الجانب اللبناني.
وتقول الفصائل إنها تتضامن مع غزة، التي تتعرض منذ 7 أكتوبر الماضي، لحرب إسرائيلية خلفت أكثر من 117 ألف قتيل وجريح فلسطيني، معظمهم أطفال ونساء، ونحو 10 آلاف مفقود وسط مجاعة ودمار هائل.
الأخبار المنشورة على الصفحة الرسمية لوكالة الأناضول، هي اختصار لجزء من الأخبار التي تُعرض للمشتركين عبر نظام تدفق الأخبار (HAS). من أجل الاشتراك لدى الوكالة يُرجى الاتصال بالرابط التالي.