دولي, التقارير, قطاع غزة

مسؤول بالأونروا: 20 عاما ليست كافية لإعادة إعمار غزة

متحدث وكالة الأمم المتحدة لغوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين، جوناثان فاولر للأناضول: ـ الدمار بغزة يتخطى ما نتج عن الحرب العالمية الثانية في أوروبا.

Abdel Ra'ouf D. A. R. Arnaout  | 10.06.2024 - محدث : 10.06.2024
مسؤول بالأونروا: 20 عاما ليست كافية لإعادة إعمار غزة

Quds

القدس/ عبد الرؤوف أرناؤوط/ الأناضول

متحدث وكالة الأمم المتحدة لغوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين، جوناثان فاولر للأناضول:
ـ الدمار بغزة يتخطى ما نتج عن الحرب العالمية الثانية في أوروبا.
- تم تسوية قطاع غزة بالكامل تقريبا وسيحتاج المجتمع الدولي للوقوف إلى جانب سكانه لسنوات عديدة قادمة.
- مستوى الدمار في قطاع غزة كبيرا جدا، تلال وأكوام من الأنقاض، والحطام، والأماكن مليئة بالقنابل غير المنفجرة.
- فقدنا بشكل مأساوي 192 من موظفينا منذ بداية هذه الحرب وهذا غير مسبوق في تاريخ الأمم المتحدة.
- تعرضت حوالي 170 من منشآتنا للقصف في قطاع غزة منذ بداية الحرب.

اعتبر متحدث باسم وكالة الأمم المتحدة لغوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين "الأونروا"، أن الدمار الذي خلفته الحرب الإسرائيلية على غزة يفوق ما نتج عن الحرب العالمية الثانية في أوروبا، وأنه يحتاج أكثر من 20 عاما لمحوه وإعادة إعمار القطاع الفلسطيني.

جاء ذلك في الجزء الثاني من مقابلة للأناضول مع جوناثان فاولر، أجريت في مقر الوكالة الأممية بالقدس الشرقية.

وقال فاولر: "يجب أن تبقى كل العيون على غزة حتى عندما يحدث وقف لإطلاق النار لأن جهود إعادة الإعمار ستكون ضخمة جدا، وسيكون العبء المالي أيضا كبيرا جدا، لدرجة أن المجتمع الدولي سيحتاج إلى الوقوف إلى جانب سكان غزة لسنوات عديدة قادمة".

وردا على سؤال بشأن تقرير أممي أشار إلى أن إعادة إعمار غزة قد يستمر 20 عاما، أضاف فاولر: "أعتقد أن هذا تقدير واقعي، أنت تعرف أن أحد الأمور هو مستوى الدمار".

وفسر قائلا: "عند إعادة الإعمار تفكر في هل تعيد البناء، هل تعيد البناء من الصفر، وأي نوع من المباني تنشئ. يجب أن تحاول أن تعود إلى الحياة الطبيعية، والسؤال هو كم من الوقت سيستغرق القيام بذلك ".

وتابع: "فترة إعادة الإعمار ستستغرق سنوات عديدة ولا أعتقد أن 20 عاما مدة غير واقعية".

وأردف: "أنا أفكر من خلال تجربتي الخاصة حيث نشأت في المملكة المتحدة في السبعينيات والثمانينيات من القرن العشرين، وكان لا يزال هناك أضرار ناجمة عن القنابل من الحرب العالمية الثانية في أماكن معينة لذا يمكنك أن تتخيل حجم الاحتياجات في مكان مثل غزة الذي تم تسويته بالكامل تقريبا".

"دفعنا ثمنا غير عاديا"

وردا على سؤال إن كان لدى وكالة الأونروا تقديرا بشأن الدمار بمخيمات اللاجئين الفلسطينيين في غزة، قال فولر: "نحن لا ندير المخيمات في حد ذاتها، ما نفعله هو أننا ندير المباني داخلها، وبالتالي ندير المدارس والعيادات وما إلى ذلك".

وفي السياق، رأى المتحدث الأممي أن وكالة الأونروا "المنظمة الإنسانية ذات البصمة الأكبر في قطاع غزة".

وأوضح قائلا: "لدينا 13 ألف موظف، معظمهم من المعلمين، وبين الموظفين هناك حوالى 3500 لا يزالون قادرين على مواصلة العمل خلال هذه الحرب".

وأشار فاولر إلى أن معظم هؤلاء الموظفين "ممن يتولون أمور اللوجستيات (إدارة تدفق البضائع والمعلومات والموارد الأخرى كالمنتجات والخدمات) والرعاية الصحية وأشياء من هذا القبيل، فضلا عن الدعم النفسي والاجتماعي".

وفي معرض الحديث عن تأثير الحرب على الوكالة وموظفيها، شدد المتحدث الأممي على أن موظفي الأونروا "دفعوا ثمنا غير عادي" جراء هذه الحرب.

وقال: "فقدنا بشكل مأساوي 192 من موظفينا حيث قتلوا منذ بداية هذه الحرب، ولم نشهد هذه المستوى من الوفيات بين موظفي الأمم المتحدة منذ إنشاء الأمم المتحدة (عام 1945)".

ووصف فاولر مقتل الموظفين الأممين في الحرب الإسرائيلية على غزة بأنها "مأساة مطلقة".

وتحدث أيضا عن أنه من حيث مستوى الأضرار "فقد تعرضت حوالي 170 من منشآت الأونروا في قطاع غزة للقصف، ولحقت بها أضرار بدرجات متفاوتة معينة".

كما رصد فاولر للأناضول "مقتل حوالي 450 شخصًا في الغارات على منشآت وكالة الأونروا، أو بالقرب منها منذ بداية الحرب علي قطاع غزة، بينما أصيب حوالي 1400 آخرين".

وأردف: "عندما نتحدث عن منشآتنا، فإن معظم الأماكن التي تضررت هي المدارس بسبب توقف التعليم في بداية الحرب، كما أن مدارسنا تحولت إلى ملاجئ طوارئ للسكان، الذي لجأوا إليها بحثا عن مكان آمن تحت حماية علم الأمم المتحدة.

"تجاهل إسرائيلي للمقرات الأممية"

وتعليقا على الممارسات الإسرائيلية تجاه منشآت الأمم المتحدة خلال الحرب الدائرة منذ 8 أشهر، رأى فاولر أن هناك "نمط من التجاهل (الإسرائيلي) لعلم الأمم المتحدة ومواقعها".

وقال للأناضول: "ليس هناك أي غموض حول مكان وجود مواقعنا. تتم مشاركة جميع إحداثياتنا مع السلطات الإسرائيلية، بل مع جميع أطراف النزاع، وقد شهدنا ضربات مباشرة على مبانينا".

وأضاف: "تعلمون مستوى الدمار الذي لحق بالمباني، فماذا يعني هذا بالنسبة لليوم التالي (للحرب) لإعادة إعمار غزة، عندما يأتي وقف إطلاق النار، كما نأمل".

واعتبر المتحدث الأممي أن إعادة الإعمار "ستكون مهمة ضخمة للغاية لاسيما عند إعادة بناء نظام التعليم، واستقبال الأطفال وضمان عودتهم إلى المدارس، وإعادة بناء العيادات المتضررة".

وأرجع فاولر صعوبة عملية الإعمار في غزة إلى كون "مستوى الدمار في القطاع كبيرا جدا؛ تلال وأكوام من الأنقاض، والحطام، فضلا عن الناس الذين يعيشون بين الأنقاض، والأماكن المليئة بالقنابل غير المنفجرة، والذخائر غير المنفجرة".

"سنواصل العمل في غزة"

وبشأن الدعوات الإسرائيلية لاستبدال وكالة الأونروا بوكالات أممية أخرى لاسيما في اليوم التالي للحرب، قال فولر: "نحن مكلفون من قبل الجمعية العامة للأمم المتحدة، وتم تكليفنا لأول مرة في عام 1949. ولدينا مهمة محددة للغاية تتمثل في الاستجابة لأزمة محددة للغاية للاجئين نتيجة للحرب العربية الإسرائيلية في أواخر الأربعينيات".

وتأسست الأونروا بقرار من الجمعية العامة للأمم المتحدة عام 1949، وتم تفويضها بتقديم المساعدة والحماية للاجئين الفلسطينيين في مناطق عملياتها الخمس، الأردن، وسوريا، ولبنان، والضفة الغربية، وقطاع غزة.

وأضاف: "لم يختفي هذا التفويض. لقد تم تكييفه بمرور الوقت، كما تم تجديده أيضا بشكل متكرر. وإلى أن يحين الوقت الذي تختار فيه الجمعية العامة للأمم المتحدة إما القول بأنه لم يعد حاجة لعمل الوكالة، أن هناك حاجة إلى شخص آخر للقيام بهذا العمل، فإننا سنواصل عملنا (في قطاع غزة)".

وفي هذا الشأن، أكد فاولر على أنه رغم أحاديث المسؤولين الإسرائيليين حول عدم وجود حاجة للأونروا، إلا أن الوكالة الأممية "لديها دائما علاقة منتظمة مع السلطات الإسرائيلية، ولا يزال العديد من المسؤولين الذين نتحدث معهم يعترفون الآن بأننا ضروريون للغاية".

وأردف: "أحد الأسباب التي تجعلنا ضروريين هو أنه بموجب القانون الإنساني الدولي، فإن الكثير مما نفعله لضمان رفاهية السكان، هي مسؤولية تقع على عاتق قوة الاحتلال (الإسرائيلي)".

وتساءل: "إذا كان الناس يقولون إنه لا حاجة لبقاء الأونروا، فهل يأتون ببديل للقيام بنفس العمل الذي نقوم به؟ السكان الفلسطينيين ليس لديهم الحق في التعليم، ولا الحق في الرعاية الصحية، ولا الحق في جمع القمامة، كل هذه الأشياء لأن هذا ما نقوم به، وهذا ما يجعلنا مختلفين تماما عن الوكالات الأخرى في منظومة الأمم المتحدة".

"تكلفة استبدالنا باهظة"

وفي السياق، وصف فاولر الأونروا بأنها "مزود خدمة مباشر" لديها بالفعل 30 ألف شخص الغالبية العظمى منهم من الفلسطينيين أنفسهم، إضافة إلى حفنة من الموظفين الدوليين الذين ربما لا يزيد عددهم عن 150 من أصل 30 ألفا.

واعتبر أن أساس عمل الأونروا قائم على أنه "لا توجد وكالة أخرى تابعة للأمم المتحدة مثلنا، لأنه لا توجد وكالة أخرى تابعة للأمم المتحدة تقدم الخدمات بشكل مباشر كما نفعل".

وقال للأناضول: "بدون الأونروا، على سبيل المثال، إذا كانت الفكرة هي استبدالنا بهيئات أخرى من داخل منظومة الأمم المتحدة، فإن التكلفة ستكون باهظة وغير محتملة، وبالتالي فإن هذا يعني أنه لا يمكن إنجاز ما نقوم به".

وبشأن الادعاءات الإسرائيلية بأنه لا توجد مشكلة بشأن توفر الغذاء في غزة، أكد فاولر أن هذا الادعاء "غير صحيح على الإطلاق".

وعليه، اشتكى من القيود الإسرائيلية على دخول الموظفين الأمميين قائلا: "إحدى الصعوبات التي يواجهها الموظفون الدوليون من حيث الأداء هي رفض منح التأشيرات، والإجراءات البطيئة للتأشيرات ومنح تأشيرات قصيرة".

وأضاف: "هذا النوع من الممارسات يجعل من الصعب علينا من الناحية اللوجستية معرفة متى يمكن للموظفين الذهاب للقيام بعملهم، وهذا من بين الأسباب وراء صعوبة نشر الموظفين في غزة في بعض الأحيان".

ومنذ 7 أكتوبر/ تشرين الأول 2023، تشن إسرائيل حربا على غزة خلفت أكثر من 121 ألف فلسطيني بين قتيل وجريح، معظمهم أطفال ونساء، ونحو 10 آلاف مفقود وسط دمار هائل ومجاعة أودت بحياة أطفال ومسنين.

وتواصل إسرائيل حربها رغم قرار من مجلس الأمن الدولي بوقفها فورا، وأوامر محكمة العدل الدولية بإنهاء اجتياح مدينة رفح جنوب القطاع، واتخاذ تدابير لمنع وقوع أعمال "إبادة جماعية"، وتحسين الوضع الإنساني المزري في غزة.

الأخبار المنشورة على الصفحة الرسمية لوكالة الأناضول، هي اختصار لجزء من الأخبار التي تُعرض للمشتركين عبر نظام تدفق الأخبار (HAS). من أجل الاشتراك لدى الوكالة يُرجى الاتصال بالرابط التالي.