الدول العربية, التقارير, لبنان

لبنان.. فراغ رئاسي رابع منذ الاستقلال

بعد إخفاق نواب البرلمان 4 مرات في انتخاب خلف للرئيس المنتهية ولايته ميشال عون

Wassim Samih Seifeddine  | 01.11.2022 - محدث : 01.11.2022
لبنان.. فراغ رئاسي رابع منذ الاستقلال

Lebanon

بيروت / وسيم سيف الدين / الأناضول

انتهت منتصف ليل الاثنين/ الثلاثاء ولاية الرئيس السابق للبنان ميشال عون، ودخلت البلاد في فراغ رئاسي في مشهد يتكرّر للمرة الرابعة منذ استقلال البلاد عن الاستعمار الفرنسي عام 1943.

ومنذ سبتمبر/ أيلول الماضي، أخفق نواب البرلمان 4 مرات في انتخاب خلف لعون الذي انتهت ولايته، وسط توقعات بحدوث شغور رئاسي قد يمتد عدة أشهر.

ويتألف البرلمان من 128 نائبا، وتتوزع مقاعده بواقع: 28 للسنة و28 للشيعة و8 للدروز و34 للموارنة و14 للأرثوذكس و8 للكاثوليك و5 للأرمن ومقعدين للعلويين ومقعد واحد للأقليات داخل الطائفة المسيحية.

وكرّس اتفاق الطائف لعام 1989، الذي أنهى الحرب الأهلية اللبنانية (1975 ـ 1990) معادلة اقتسام السلطة والمناصب الرئيسية وفقا للانتماءات الدينية والطائفية، بحيث يكون رئيس الجمهورية مسيحيا مارونيا، ورئيس البرلمان شيعيا، ورئيس الحكومة سُنيا.

وينص الدستور اللبناني على أن تتولى الحكومة صلاحيات الرئيس في حال تعثّر انتخاب رئيس جديد للبلاد قبل نهاية ولاية الرئيس الحاليّ.

** حالات الشغور الرئاسي:

ومنذ الاستقلال وقبل اتفاق الطائف، عرف لبنان 8 رؤساء جمهورية هم: بشارة الخوري، وكميل شمعون، وفؤاد شهاب، وشارل حلو، وسليمان فرنجية، وإلياس سركيس، وبشير الجميل، وأمين الجميل.

وبعد الطائف تعاقب على سدة الرئاسة 5 رؤساء هم: رينيه معوض، وإلياس الهراوي، وإميل لحود، وميشال سليمان، وميشال عون.

على مدى 79 عاما لم تنتقل السلطة من رئيس إلى آخر بطريقة سلسة، وفي سياق انتخابات رئاسية طبيعية، إلا خلال عهدين فقط من أصل 13؛ إذ طبعت نهايات معظم العهود صراعات وحروب وفراغات، كان معظمها ينتهي بتسويات داخلية أو إقليمية ودولية تؤدي لانتخاب رئيس جديد.

** شغور رئاسي وأزمة ديمقراطية

بعد استقلال لبنان حصل الشغور الرئاسي في البلاد 3 مرات كانت الأولى مع انتهاء ولاية الرئيس أمين الجميل في 22 سبتمبر 1988، وهو شغور انتهى بانتخاب الرئيس رينيه معوض عام 1989 أي أنه دام عاما و44 يوماً.

والمرة الثانية التي حصل فيها شغور رئاسي مع انتهاء الولاية الممددة للرئيس إميل لحود في 23 نوفمبر/ تشرين الثاني 2007، وانتهى الشغور الذي دام نحو 6 أشهر، يوم 25 مايو/ أيار 2008، بانتخاب العماد ميشال سليمان، نتيجة اتفاق بين الزعماء السياسيين اللبنانيين عُقد في العاصمة القطرية الدوحة.

أما المرة الثالثة فقد كانت الأطول مدة في البلاد من حيث الشغور الرئاسي حيث امتدت لعامين وخمسة أشهر، بدأت بانتهاء ولاية سليمان يوم 25 مايو 2014، وانتهت في 31 أكتوبر/ تشرين الأول 2016 بانتخاب عون.

وفي هذا الإطار اعتبر عضو "تحالف وطني" كارلوس نفاع، في حديث مع الأناضول، أنه "عادة ما يشهد لبنان أزمة في الحياة الديمقراطية عند كل استحقاق حيث يعتمد التعيين (بحجة التوافق) بدل الانتخاب كما ينص الدستور".

وأضاف نفاع، أن لبنان "شهد فراغات عدة حيث تم تأجيل انتخاب مجلس نواب لعدة مرات، وحصل شغور رئاسي في عدة مرات منذ عام 1988 وفي 2007 و2012".

من جهته، رأى المحلل السياسي جوروج عاقوري، في حديث للأناضول، أن "القادة السياسيين لا يعول عليهم في انتخاب رئيس جديد للبلاد في وقت قريب لأنهم هم من أسهموا بالوصول إلى هذا الشغور الرئاسي بسبب تعطيل جلسات الانتخاب في مجلس النواب".

أما الكاتب والمحلل السياسي منير الحافي، فيقول للأناضول، إن "الفرقاء السياسيين في لبنان منقسمون فيما بينهم في موضوع التعامل مع الشغور الرئاسي كما هم منقسمون في مواضيع أخرى".

ورأى أن "السبيل الوحيد لانتخاب رئيس هو الذهاب والاقتراع للشخصية التي يراها النواب مناسبة ولتكن عملية ديمقراطية لانتخاب الشخص المناسب لإنقاذ لبنان من المحنة غير المسبوقة التي يمر بها".

وأضاف: "لنكن واقعيين، لن ينتخب رئيس للبنان إلا باتفاق عربي إقليمي دولي يشارك فيه أصدقاء للبنان كي يعطوا ’الاسم السحري’ للشخصية المطلوبة".

** خيار التمديد

شهد لبنان منذ استقلاله عام 1943 وحتى اليوم، 3 عمليات تمديد لولاية الرئيس: الأولى عام 1949 حين جُددت ولاية بشارة الخوري حتى 1955، لكنه ترك منصبه في 1952 بعد ثورة بيضاء.

وخلال مرحلة النفوذ السوري، عرف لبنان التمديد مرتين الأولى لإلياس الهراوي الذي انتُخب عام 1989، وانتهت ولايته في 1995، لكن مجلس النواب مدّد ولايته 3 سنوات انتهت سنة 1998.

أما الثانية فكانت لإميل لحود مع انتهاء ولايته عام 2004، وجرى تمديدها 3 سنوات إضافية حتى 2007.

وعن إمكانية التمديد للرئيس عون قال عاقوري، إن التمديد "غير جائز لأنه يتطلب تعديلا دستوريا وهذا الأمر غير متوفر وليس مطروحا على الإطلاق".

وأضاف أن حالات التمديد التي حصلت "كان منها اثنتان في زمن وصاية النظام السوري"، مشيرا إلى أنه تم خلالهما "الفرض على النواب التمديد للرئيسين الراحل إلياس الهراوي، والسابق إميل لحود".

وشدد عاقوري، على أن "التمديد في الوقت الحالي صعب جدا بسبب توزير القوى السياسية في مجلس النواب، والتي تقطع الطريق على أي تعديل للدستور أو مخالفته".

من جهته، قال الحافي إنه "لا يمكن أبدا التمديد للرئيس عون لأنه خسر كل الفرقاء الذين أيدوه عن قناعة به أو إثر توافق مع تياره، ولم يبق له حليف سوى حزب الله".

وأوضح أن "التيار الوطني وحزب الله (في مجلس النواب) لا يستطيعان التمديد لعون وحدهما".

** طاولة حوار لانتخاب رئيس جديد

نهاية الأسبوع الماضي، بدأ رئيس مجلس النواب نبيه بري، التحضير لطاولة حوار لرؤساء الكتل النيابية ليلتقوا تحت عنوان: "انتخاب رئيس للجمهورية" من دون الخوض في أي مواضيع أخرى، علما أنه لم يجرَ اللقاء حتى اليوم الثلاثاء.

وفي هذا الإطار، اعتبر نفاع أن "الحوار الذي دعا إليه بري هو لإفشال جلسات انتخاب رئيس جديد ويذهبون من خلاله إلى تعيين رئيس بدل انتخابه من قبل النواب".

ورأى أن لبنان "أمام أفق مقفل بسبب عجز الطبقة السياسية دون استثناء عن أن يكونوا أحرارا وأسياد أنفسهم وتطبيق الدستور واحترام القوانين وإجراء انتخابات رئاسية".

من جهته، علق عاقوري على دعوة بري للحوار من أجل الوصول إلى توافق لانتخاب رئيس جديد، بالقول إنها "لكسب المزيد من الوقت وملء الفراغ وبلورة وضعية تسمح بإيصال رئيس يريده فريقه".

ورأى أن هذه الدعوة "بحد ذاتها غير جدية لأن مجلس النواب يجب أن يكون هيئة ناخبة ويجب أن يدعو الرئيس بري إلى جلسات مفتوحة من أجل انتخاب رئيس".

ويعاني لبنان منذ نحو عامين ونصف، أزمة اقتصادية حادة تعد الأسوأ في تاريخه، حيث أدت إلى انهيار مالي ومعيشي، وشح في الوقود والأدوية وسلع أساسية أخرى.

الأخبار المنشورة على الصفحة الرسمية لوكالة الأناضول، هي اختصار لجزء من الأخبار التي تُعرض للمشتركين عبر نظام تدفق الأخبار (HAS). من أجل الاشتراك لدى الوكالة يُرجى الاتصال بالرابط التالي.
المواضيع ذات الصلة
Bu haberi paylaşın