الثقافة والفن, الدول العربية, التقارير, لبنان

لبنان.. حكاية أول مطبعة بالحروف العربية (تقرير)

- تقع مطبعة الشماس عبدالله الزاخر في دير "ما يوحنا الصابغ" في بلدة الخنشارة شرقي لبنان

Stephanie Rady  | 31.08.2023 - محدث : 31.08.2023
لبنان.. حكاية أول مطبعة بالحروف العربية (تقرير)

Lebanon

شرق لبنان/ ستيفاني راضي/ الاناضول

- تقع مطبعة الشماس عبدالله الزاخر في دير "ما يوحنا الصابغ" في بلدة الخنشارة شرقي لبنان
- تأسست عام 1731 وطُبع الكتاب الأول فيها عام 1734 واستمر عملها نحو 165 عاما
- خط الحرف في هذه المطبعة سُمّي "خط اللبّادي" وصنع خصيصا لها
- طبعت نسخا من 33 كتاب أولها (ميزان الزمان) وآخرها كتاب الزبور الإلهي (أي المزمور الإلهي) للنبي داوود.
- لا تزل مقصودة من قبل السياح من الخارج والداخل، إضافة إلى طلاب المدارس والجامعات

في موقع إنشائها منذ نحو 300 عام، لا تزال أول مطبعة بالحروف العربية في لبنان صامدة لتشكل عامل جذب للسياح من داخل البلاد وخارجها.

تقع مطبعة الشماس عبدالله الزاخر في دير "ما يوحنا الصابغ" في بلدة الخنشارة شرقي لبنان، حيث لا تزال محفوظة بكامل أجزائها.

وأوضح الدليل السياحي المحلي عماد سماحة وهو من بلدة الخنشارة، أن المطبعة هي أول مطبعة عربية في لبنان والثانية في الشرق (بعد مطبعة حلب التي اندثرت) وثالث مطبعة عربية في العالم (بعد مطبعة روما).

وتأسست المطبعة عام 1731 وطُبع الكتاب الأول فيها عام 1734 واستمر عملها حتى عام 1899، أي لفترة امتدت على نحو 165 عاما متواصلة أنتجت خلالها "كتبا فلسفية ولاهوتية وروحية وغيرها" وفق سماحة.

كما أشار في حديث لـ "الأناضول" أن "الشماس عبدالله وأشار سماحة، إلى أن "الزاخر أصله من حلب (السورية) هو من أسس المطبعة، وميزتها أنها أنشئت بموقعها الحالي من جهة حفر الأحرف أو إعداد الحبر وصناعة آلاتها، لكن الجلد والورق كانا يُستقدمان من خارج المنطقة".

**الحرف اللبادي

لم تكن الطباعة سهلة منذ قرون، بل كانت تحتاج إلى جهد ووقت، إذ كشف سماحة أن "خط الحرف في هذه المطبعة سُمّي "خط اللبّادي".

وبحسب سماحة "صُنع هذا الخط خصيصا للمطبعة نفسها، إذ بعد حفره على معدن الفولاذ بشكل نافر (بارز) ينقش على معدن النحاس الأحمر ليشكل بدوره القلب الداخلي لقالب الحروف".

وأضاف "يوضع في هذا قالب خلطة من معدَني القصدير والرصاص مصهروين سويّة، بالإضافة إلى حجر الكحل الذي يقوم عمله على فصل المعدن عن القالب وبذلك يتم إنتاج الأحرف".

ولفت إلى أن الشماس عبدالله الزاخر "استحق لقب غتنبورغ الشرق على اختراعه هذا".

وأردف سماحة، أن "الأحرف منحوتة بالعكس من أجل أن تكون سويّة خلال عملية الطباعة، لافتا إلى أن الحرف اللبادي مميز، فهو واضح وسهل القراءة والصفحات ما زالت مقروءة لحد اليوم".

**الكتاب الأول

"ميزان الزمان" هو اسم الكتاب الأول الذي طبع في مطبعة الخنشارة وهو مؤلف من 362 صفحة"، بحسب سماحة.

وأضاف "ما زال الكتاب معروضا في متحف المطبعة ذاتها لغاية اليوم سليما ومقروءا، هو كتاب روحي ووصل عدد نسخات من طبعته الأولى إلى 800".

وأشار سماحة، إلى أن المطبعة "طبعت نسخا من 33 كتاب أولها (ميزان الزمان) وآخرها كتاب الزبور الإلهي (أي المزمور الإلهي) للنبي داوود طبع منه 15 نسخة".

ولفت إلى أن الكتب المطبوعة "كانت تُباع في دير ما يوحنا في كلّ من مصر، وحلب ودمشق في سوريا، وعكّا في فلسطين".

**مراحل الطباعة

كما أن عملية إنتاج الكتاب تمر بمراحل مختلفة، بدءا من اختيار الأحرف إلى صفّها ثم طبعها وحياكة الكتاب.

ولفت سماحة إلى أن "طاولة الأحرف طويلة وممتلئة بآلاف الأحرف، لأن الحرف العربي يختلف بشكله في أول الكلمة ونصفها وآخرها، كما قد يتضمن التنوين والشدة".

وأضاف: "أما الكلمات المتكررة، كرؤوس المقاطع والمقالات وأسماء الأشهر والأعداد تم حفرها كاملةً لمرة واحدة بغرض تسهيل عملية الطبع".

أردف سماحة أن هناك "فرن يتم فيه صهر المعادن وطبخ الحبر المستخرج من أعشاب موجودة ضمن إطار الدير وهو على لونين الأسود والأحمر، ويتميز بأصالة تركيبته غير المتحللة حتى يومنا هذا".

وتابع: "بعد جهوز الأحرف يتم تركيبها ضمن الكلمات والأسطر على صفحة خشبية، تُرص على بعضها بملازم حديدة فيتكون لدينا ما يسمى الكليشه، لتصبح جاهزة للمرحلة التالية وهي الطباعة".

وقال سماحة: "تتم الطباعة ضمن مكبس خاص بعد وضع الحبر ومن ثم الورق على ما يسمى الكليشه فتُكبس بشِدّة لفترة من الزمن لينتقل الحبر على الورق، من ثم يُنشّف بإسفنجات خاصة".

وتابع: "بعدها تأتي مرحلة خياطة الكتب بالمعدات التقليدية والتجليد".

**أهمية المطبعة

صحيح أن المطبعة اليوم، لا تعمل لكن أهميتها التاريخية والثقافية كبيرة جدا، بحسب سماحة.

وذكر أن "أهمية المطبعة مقسومة لقسمين، ففي عهد عملها كانت تنشر الثقافة والإيمان في بلاد الشام وصولا لمصر وحتى كان هناك اتجاه نحو الغرب".

والقسم الثاني، وفق سماحة، "يكمن بأهميتها اليوم، التي تختصر بالسياحية/ الثقافية بامتياز، إذ تُضيء على حقبة من التاريخ المولِّد للنهضة العربية الحديثة".

ولا تزل هذه التحفة الشرقية العربية مقصودة من قبل السواح من الخارج أو الداخل وطلاب المدارس والجامعات كما تكثر عليها الأبحاث والدراسات.

الأخبار المنشورة على الصفحة الرسمية لوكالة الأناضول، هي اختصار لجزء من الأخبار التي تُعرض للمشتركين عبر نظام تدفق الأخبار (HAS). من أجل الاشتراك لدى الوكالة يُرجى الاتصال بالرابط التالي.