كشمير.. 78 عاما من الصراع الباكستاني الهندي ولا أفق للحل (تقرير)
ـ باكستان تحتفي سنويا في 5 فبراير باعتباره "يوم التضامن مع كشمير"، داعية المجتمع الدولي لدعم شعبها ـ لا تزال قضية كشمير تؤثر بشكل مباشر على استقرار المنطقة، في ظل اهتمام القوى العالمية المستمر بتطورات الأوضاع فيها

Ankara
أنقرة / ياسين يورغانجي / الأناضول
يُعد النزاع بشأن تبعية إقليم كشمير أحد أطول الأزمات في جنوب آسيا، حيث لا يزال دون حل منذ 78 عامًا. فالإقليم الذي تحده أفغانستان وطاجيكستان وباكستان والهند والصين، يتمتع بموقع استراتيجي بالغ الأهمية.
منذ عام 1947، تحوّل هذا النزاع إلى قضية دولية، إذ أدّت مطالب الهند وباكستان والصين بالسيادة على المنطقة إلى اندلاع 4 حروب راح ضحيتها آلاف الأشخاص.
وعام 1989، أعلنت باكستان 5 فبراير/ شباط يوما للتضامن مع كشمير، بهدف لفت انتباه الرأي العام العالمي إلى الأزمة المستمرة في الإقليم منذ عقود.
ومنذ ذلك التاريخ، تحتفي باكستان سنويا بهذا اليوم الذي يعد عطلة رسمية، حيث يوجّه القادة السياسيون والأكاديميون والنشطاء رسائل تضامن إلى الشعب الكشميري، داعين المجتمع الدولي لدعمه.
كما يهدف "يوم التضامن مع كشمير" إلى إبراز معاناة سكان الإقليم الخاضع للحكم الهندي في جامو وكشمير (شمال الهند)، ومساندة نضالهم من أجل تقرير المصير، إضافةً إلى إحياء ذكرى المقاتلين والمدنيين الذين فقدوا حياتهم خلال سنوات النزاع.
وإلى اليوم، لا تزال قضية كشمير تؤثر بشكل مباشر على استقرار المنطقة، في ظل اهتمام القوى العالمية المستمر بتطورات الأوضاع فيها. علما أن المواجهات المستمرة أسفرت عن مقتل عشرات الآلاف من المدنيين والمقاتلين وعناصر الأمن.
** إقصاء مسلمي كشمير عن الحكم
لطالما كانت كشمير بسبب موقعها الاستراتيجي وتركيبتها الدينية، ساحة لصراع القوى المختلفة على مدى قرون.
وعام 1846، باع البريطانيون الإقليم لأسرة دوغرا الهندوسية، ما أدى إلى تهميش الأغلبية المسلمة وإقصائها عن دوائر الحكم، كما ساهمت سياسات الأسرة الحاكمة في تعزيز الهوية الهندوسية، ما فاقم الأزمة وأدى إلى تصاعد التوترات.
ومع انسحاب بريطانيا من شبه القارة الهندية عام 1947 وإعلان استقلال نيودلهي وإسلام أباد، بقي مصير كشمير معلقا، حيث شنّت باكستان هجوما على الإقليم في محاولة للسيطرة عليه.
في المقابل، تدخلت الهند بناء على طلب الملك الهندوسي هاري سينغ الذي فرّ إلى منطقة جامو، ما أدى إلى توقيع اتفاقية الانضمام لدلهي في 26 أكتوبر/ تشرين الأول 1947، والتي بموجبها بات جزء من كشمير تحت سيطرة الهند.
** الأمم المتحدة على خط النزاع
تدخلت الأمم المتحدة في النزاع بين الهند وباكستان وتمكنت من التوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار.
وفي 21 أبريل/ نيسان 1948، دعت المنظمة الأممية إلى إجراء استفتاء شعبي يتيح لسكان كشمير تقرير مصيرهم واختيار الدولة التي يريدون الانضمام إليها.
إلا أن الهند رفضت إجراء الاستفتاء، وأبقت على وجودها العسكري في المنطقة، ما عزّز سيطرتها على الأراضي التي تهيمن عليها تحت مسمى "جامو وكشمير".
من جهة أخرى، ردّت باكستان على هذه الخطوة بمنح المناطق التي تسيطر عليها في كشمير وضعا ذاتيا، حيث أطلقت على إحداها اسم "آزاد كشمير" (كشمير الحرة)، بينما منحت الجزء الآخر تسمية "غلغت بلتستان"، ما جعلهما منطقتين تتمتعان بالحكم الذاتي.
ظلّت قضية كشمير وما نجم عنها من توترات سببًا رئيسيا لاندلاع 4 حروب كبرى بين الهند وباكستان أعوام 1947-1948، و1965، و1971، و1999، دون أن يلوح في الأفق أي حل نهائي للنزاع.
** الصين تدخل على خط الأزمة
رغم أن الهند والصين أعلنتا استقلالهما بفارق عامين فقط، وشهدت علاقاتهما بداية ودية في الخمسينيات، خاصة عبر حركة عدم الانحياز والمواقف المناهضة للاستعمار، إلا أن الأوضاع تغيّرت أواخر العقد نفسه.
ففي 1959، تدهورت العلاقات بين البلدين بسبب مشكلة التبت، ما أدى إلى اندلاع حرب بينهما عام 1962، وعلى إثرها، تمكنت الصين من السيطرة على منطقة "أكساي تشين"، التي تعتبرها امتدادا جغرافيا للتبت داخل إقليم كشمير.
وعام 1963، قامت باكستان التي كانت تسيطر على جزء من كشمير، بمنح جزء صغير من الإقليم إلى الصين، ما أدى لتحول بكين إلى أحد الأطراف الرئيسية في القضية.
** اشتباكات عنيفة على "خط السيطرة"
في 1972، توصلت الهند وباكستان إلى "اتفاقية شملا" التي أسفرت عن ترسيم "خط السيطرة" الذي يقسم كشمير إلى منطقتين تخضع إحداهما لنيودلهي والأخرى لإسلام أباد.
إلا أن هذا الخط لم يكن كافيا للحد من التصعيد، إذ شهدت السنوات الأخيرة مواجهات عسكرية متكررة، ما أدى إلى تصاعد التوترات بين البلدين.
** انتفاضات شعبية أواخر الثمانينيات
ومع نهاية الثمانينيات، شهد إقليم جامو وكشمير، الخاضع للسيطرة الهندية، انتفاضات شعبية واسعة، تصاعدت معها أعمال العنف بشكل كبير. وقد برزت آنذاك عمليات اغتيال سياسيين، وحوادث اختطاف، وهجمات مسلحة، ما أدى إلى حالة من التوتر الشديد.
من جانبها، اتهمت الهند باكستان بالوقوف وراء هذه الاضطرابات ودعم الجماعات المتمردة، وردّت على ذلك بإرسال تعزيزات عسكرية إلى المنطقة في محاولة للسيطرة على الأوضاع.
وأواخر التسعينيات، أجرت كل من الهند وباكستان اختبارات نووية متتالية، ما أثار مخاوف دولية من اندلاع مواجهة نووية بين البلدين. ورغم محاولات التهدئة والحوار خلال العقد الأول من القرن الحادي والعشرين، لم تسفر الجهود الدبلوماسية عن حل دائم للأزمة.
** الهند تُغير الوضع القانوني لكشمير
عام 2019، أقدمت الحكومة الهندية على اتخاذ إجراء تاريخي بتعديل الوضع القانوني لجامو وكشمير، عبر إلغاء المادة 370 من الدستور الهندي، والتي كانت تمنح الإقليم حكما ذاتيا خاصا منذ أكثر من نصف قرن.
وبهذا القرار، تم إلحاق المنطقة إداريًا بالحكومة المركزية الهندية، ما يعني إنهاء الامتيازات الدستورية التي كان الإقليم يتمتع بها.
وفي 31 أكتوبر 2019، جرى تقسيم جامو وكشمير إلى منطقتين إداريتين تخضعان لسيطرة مباشرة من الحكومة المركزية الهندية، وهما "جامو وكشمير" و"لداخ"، وكلاهما يخضعان لنظام "الأراضي الاتحادية".
** إدارة جديدة ومساعي استعادة الحكم الذاتي
بعد 10 سنوات من غياب الانتخابات البرلمانية، شهد إقليم جامو وكشمير انتخابات تشريعية على 3 مراحل في سبتمبر/ أيلول وأكتوبر 2024.
وفي 8 أكتوبر 2024، أُعلنت نتائج الانتخابات حيث فاز التحالف المشترك بين حزب المؤتمر الوطني الهندي وحزب المؤتمر الوطني لجامو وكشمير بـ48 مقعدًا من أصل 90، ما منحه الأغلبية في البرلمان المحلي.
وتسعى الإدارة الجديدة في جامو وكشمير إلى استعادة الوضع القانوني الخاص للإقليم، إلا أن الحكومة الهندية بقيادة حزب بهاراتيا جاناتا، ورئيس الوزراء ناريندرا مودي تؤكد رفضها القاطع لإعادة أي امتيازات خاصة للمنطقة.
الأخبار المنشورة على الصفحة الرسمية لوكالة الأناضول، هي اختصار لجزء من الأخبار التي تُعرض للمشتركين عبر نظام تدفق الأخبار (HAS). من أجل الاشتراك لدى الوكالة يُرجى الاتصال بالرابط التالي.