دولي, التقارير, فلسطين

كتيبة "نيتسح يهودا".. الأسوأ سمعة بالجيش الإسرائيلي (تقرير)

لم يكن استشهاد المسن الفلسطيني عمر أسعد، هو الانتهاك الأول الذي تتحمل مسؤوليته كتيبة "نيتسح يهودا" التابعة للجيش الإسرائيلي والمتشكلة من متدينين يهود وتنتشر بالضفة الغربية المحتلة.

16.02.2022 - محدث : 16.02.2022
كتيبة "نيتسح يهودا".. الأسوأ سمعة بالجيش الإسرائيلي (تقرير)

Quds

القدس/ عبد الرؤوف أرناؤوط/ الأناضول

- استشهاد المسن الفلسطيني عمر أسعد بالضفة الغربية، سلط الضوء على هذه الكتيبة لمسؤوليتها عن قتله
- تتشكل الكتيبة من متدينين يهود وتنتشر بالضفة الغربية
- تأسست عام 1999 ولا تضم في صفوفها نساء وطعامها من "الكوشير" الموافق للشريعة اليهودية
- دعوات إسرائيلية لتفكيك الكتيبة بعد تكرار اعتداءاتها وآخرها حادثة استشهاد المسن أسعد

لم يكن استشهاد المسن الفلسطيني عمر أسعد، هو الانتهاك الأول الذي تتحمل مسؤوليته كتيبة "نيتسح يهودا" التابعة للجيش الإسرائيلي والمتشكلة من متدينين يهود وتنتشر بالضفة الغربية المحتلة.

غير أن الاهتمام الواسع بحادثة استشهاد أسعد (78 عاما) ويحمل أيضا الجنسية الأمريكية، سلطت الضوء على هذه الكتيبة التي تشكلت للمرة الأولى في العام 1999.

واستشهد أسعد في 12 يناير/ كانون الثاني الماضي إثر احتجازه والاعتداء عليه من جانب الجيش الإسرائيلي في بلدة جلجليا وسط الضفة الغربية.

و"نيتسح يهودا" بالعبرية هي "يهودا الأبدي"، وسابقاً كانت تعرف باسم "ناحال حريدي" وهي كتيبة تسمح لليهود المتدينين بالانخراط بالجيش في جو يتوافق مع معتقداتهم الدينية.

ولا تضم الكتيبة في صفوفها نساء، وتتخذ من "الكوشير" (حلال وفقا للشريعة اليهودية) طعامًا لها.

ويلزم القانون الإسرائيلي المواطنين والمواطنات بالخدمة العسكرية، لكن القسم الأكبر من المتدينين اليهود يرفض أداء الخدمة بداعي التفرغ لدراسة الدين.

ويقول موقع "ناحال حريدي": "في عام 1999 بدأت أول وحدة مؤلفة من 30 جنديًا حريديًا وأطلق عليها اسم نحال حريدي، بدأ هذا المشروع القومي من قبل جمعية نيتسح يهودا بالتعاون الكامل مع وزارة الدفاع والجيش".

وأضاف: "في غضون عامين، شكّل الجيش الإسرائيلي أول كتيبة حريدية، نيتسح يهودا - كتيبة 97".

واليوم تعد الكتيبة جزءاً من لواء كفير وتعمل في رام الله (وسط الضفة) وجنين (شمال)، وهي حالياً جوهر الخدمة الحريدية في الجيش الإسرائيلي ويخدم فيها حوالي ألف جندي في جميع الأوقات، وفق الموقع.

ويخدم جنود الكتيبة ما مجموعه عامين وثمانية أشهر في الجيش الإسرائيلي، وتستمر الدورة التدريبية حوالي 8 أشهر، تليها الخدمة كجنود لمدة 16 شهرًا إضافية.

وأشار الموقع إلى أن الكتيبة "تأسست من قبل مجموعة من الحاخامات الحريديين الذين يعملون مع قسم الأمن الاجتماعي في وزارة الدفاع والجيش لتوفير حل للشباب الحريديم".

وأوضح أن "المستهدفين هم من الشباب الحريدي الذين تتراوح أعمارهم بين 18 و20 عامًا من خلفيات حريدية (عائلات ومؤسسات تعليمية حريدية) لا يتعلمون في المدارس الدينية".

** انتهاكات متكررة

على مدى سنوات تم تسجيل العديد من الانتهاكات التي اقترفها أفراد الكتيبة وكان آخرها استشهاد أسعد بعد أن قام أفرادها بتوقيفه في بلدة جلجليا، وتعصيب عينيه وتكبيل يديه في ساعات الليل بداعي أنه رفض إبراز هويته الشخصية.

أثارت حادثة استشهاده، حفيظة وزارة الخارجية الأمريكية، التي طلبت المرة تلو الأخرى تحقيق شامل باستشهاده في يناير الماضي.

وكان رئيس أركان جيش إسرائيل أفيف كوخافي أعرب في لقاء مع السفير الأمريكي توم نيدس في 4 فبراير/ شباط الجاري عن "أسفه" لوفاة أسعد، معتبراً أن "الحادث يمثل انحرافاً خطيراً جداً عن قيم الجيش".

وفي بداية الأمر نفى الجيش الإسرائيلي أي علاقة له باستشهاد المسن الفلسطيني، ولكن بعد إلحاح أمريكي أصدر الجيش تصريحاً قال فيه إن الاستشهاد "سببه فشل أخلاقي للقوة العسكرية".

ولكن الحادث لم يكن الأول من نوعه، فقد أشار ينيف كوفوفيتش، في مقال بصحيفة "هآرتس"، الخميس، إلى أنه في إبريل/نيسان 2021 أمر عدد من الجنود كانوا قرب مدخل مستوطنة "عوفرا" قرب رام الله، سائق سيارة تقل عائلة فلسطينية بالتوقف على جانب الشارع.

وأضاف: "قاموا بسحبه من السيارة، وبدأوا يضربونه بشكل جنوني"، مضيفا أن شاهد عيان على الحادثة وهو جندي إسرائيلي أفاد أنه "في مرحلة معينة بدأ السائق بالارتعاش على الشارع وشاهدوا أنه يفقد وعيه".

وأشار كوفوفيتش إلى أن الجنود الذين يدور الحديث عنهم هم من كتيبة "نيتسح يهودا".

وقالت "هآرتس" إن "التسامح مع ما يجري في نيتسح يهودا ليس فقط ما قام به قادة الكتيبة والقيادة العليا للجيش الإسرائيلي، بل أيضاً ما قامت به المحاكم العسكرية".

من جهته كتب إليشا بن كيمون في صحيفة "يديعوت أحرونوت" الإسرائيلية، الخميس: "إن كتيبة نيتسح يهودا رقم 97، التي تتكون من رجال حريديين وسكان مستوطنات الضفة الغربية، معقدة".

وأوضح بن كيمون أن "هؤلاء الجنود الذين حتى سنوات قليلة ماضية، لم يتخيلوا أبدًا أنهم سيرتدون بزات عسكرية ويحملون أسلحة، يواجهون الآن الصراع الإسرائيلي الفلسطيني بشكل يومي".

وأضاف: "اختار الجيش الإسرائيلي إبقاءهم في مهامهم لمدة 10 أشهر في السنة مدعيا أن انتشارهم يوفر لهم أفضل تجربة تدريبية"، موضحا أن "المطلوب منهم ليس فقط الحفاظ على استعداد تشغيلي عالٍ ولكن أيضًا حكم أخلاقي عالٍ".

** كتيبة "دخيلة"

وكتب يوآف زيتون في صحيفة "يديعوت أحرونوت"، الجمعة، أن الكتيبة ينظر إليها على أنها "دخيلة"، ليس فقط بسبب الانتهاكات الأخلاقية الكثيرة التي تراكمت في صفوفها على مر السنين.

وقال إن الحوادث الخطيرة تتكرر في الاحتكاك اليومي بين جنود الكتيبة والفلسطينيين؛ نتيجة إصرار الجيش على حصر عملها في الضفة الغربية فقط، وغالبًا في نفس المواقع.

وأشار الكاتب إلى أن كبار الضباط يفضلون توجيه الأنظار عن الأخطاء التي يقوم بها أفراد هذه الكتيبة.

ونقل عن ضابط خدم بالكتيبة، لم يسمه قوله: "الجنود أنفسهم حريصون على أن يصبحوا كتيبة مشاة كاملة ويخدمون أيضًا على الحدود مع لبنان أو غزة أو سوريا، هذا حل سيفيد الجميع ويقوي الجنود ويقلل بشكل كبير من قيمة الأحداث".

وأضاف الضابط: "في أي كتيبة عالقة في مهمات الشرطة في المناطق (الفلسطينية) لفترة طويلة ستكون هناك المزيد من الأخطاء الأخلاقية، لكن كبار الضباط يفضلون أن يلفوا أعينهم ويلوموا الضباط على مستوى السرية فقط".

وأشار زيتون إلى أنه "في العام الماضي، تم النظر في إمكانية تحويل نيتسح يهودا إلى كتيبة هندسة قتالية، لكن تم إسقاط الموضوع خوفًا من أن تصبح الوحدة أقل جاذبية وألا يهتم الكثير من الجنود بالخدمة فيها".

** مطالب بتفكيكها

ومطلع فبراير/شباط الجاري، قال الكاتب في "يديعوت أحرونوت" يوسي يوشع: "لا مفر، يجب تفكيك نيتسح يهودا".

وكتب يوشع: "الحادثة الخطيرة في كتيبة نيتسح يهودا، التي انتهت بوفاة الفلسطيني عمر أسعد هي دعوة للاستيقاظ تتطلب فحص استمرار الكتيبة في شكلها الحالي".

وأضاف: "هذه الكتيبة لديها عدد من الخصائص غير العادية، فهي تحت إشراف الحاخامات، وتسمح بالخدمة العسكرية إلى جانب دروس التوراة، وعدد من المؤهلات، وبطبيعة الحال فإنه في الكتيبة لا تخدم أي امرأة على الإطلاق".

وأوضح أنه "مع هذه الظروف تعلم الجيش بطريقة أو بأخرى كيفية التوافق من أجل التكيف مع الفكرة الاجتماعية الهامة لدمج اليهود المتشددين في الجيش".

وتابع: "بما أن تجنيد اليهود المتشددين هو مشروع وطني وغير عسكري، فإن الحل الواضح هو تفكيك الكتيبة".

وتزامنت هذه الدعوة مع دعوة مشابهة من قبل صحيفة "هآرتس" العبرية.

غير أن تسفي بارئيل، كتب في صحيفة "هآرتس"، يوم 2 فبراير: "رصاصة القناص الموجهة، الآن، بدقة لنيتسح يهودا ربما ستؤدي إلى القضاء على هذا الورم الخبيث وربما لا، لكنها لن تقمع التوابع التي أوجدتها ثقافة العنف الحر في ساحة المعركة الخالية من القواعد والتي فيها موسم الصيد مفتوح طوال السنة".

وأضاف بارئيل أن "عزل الضباط أو توبيخ قائد الكتيبة لن تدعو إلى إعادة النظر في ثقافة التنمر والقتل في وحدات أخرى، في الشرطة أو الشاباك (جهاز الأمن الداخلي)".

الأخبار المنشورة على الصفحة الرسمية لوكالة الأناضول، هي اختصار لجزء من الأخبار التي تُعرض للمشتركين عبر نظام تدفق الأخبار (HAS). من أجل الاشتراك لدى الوكالة يُرجى الاتصال بالرابط التالي.