في ذكرى إعلان "النصر".. "داعش" يضرب بقوة في العراق (تقرير)
تمر الذكرى الرابعة على إعلان العراق انتصاره على تنظيم "داعش" الإرهابي فيما هجمات التنظيم مازالت متواصلة ضد القوات الأمنية والمدنيين في البلاد

Iraq
بغداد / إبراهيم صالح / الأناضول
- تمر الذكرى الرابعة على إعلان العراق انتصاره على تنظيم "داعش" الإرهابي فيما هجمات التنظيم مازالت متواصلة ضد القوات الأمنية والمدنيين في البلاد
- المتحدث العسكري صباح النعمان: قيادات الجيش أعدت خطة جديدة لمواجهة "داعش"
- الخبير الأمني صفاء الأعسم: "داعش" يستغل نقاط الضعف بالمناطق المتنازع عليها بين بغداد وأربيل
- الخبير الأمني سعدون الساعدي: انشغال البلد بالانتخابات التشريعية الأخيرة أحد أبرز أسباب عودة نشاط التنظيم
في مثل هذا اليوم، عام 2017، أعلن رئيس الوزراء العراقي الأسبق حيدر العبادي، تحقيق "النصر" على تنظيم "داعش" بعد ثلاث سنوات من الحرب الطاحنة.
وآنذاك، استعاد العراق جميع أراضيه من قبضة التنظيم الذي اجتاح شمالي وغربي البلاد وسيطر على ثلث مساحتها عندما انهارت تشكيلات الجيش العراقي وفر عشرات آلاف الجنود أمام بضعة آلاف من مقاتلي التنظيم.
ومع مرور أربع سنوات على إعلان "النصر"، يبدو أن إلحاق الهزيمة الكاملة بتنظيم "داعش" مازالت هدفاً بعيد المنال على المدى المنظور في العراق.
فقد أعاد "داعش" تنظيم صفوف ما تبقى من قواته، واستأنف أسلوبه القديم في التخفي بين التضاريس الوعرة وشن هجمات خاطفة على طريقة حرب العصابات ما يلحق خسائر كبيرة في صفوف القوات العراقية والمدنيين على السواء.
** هجمات متصاعدة
ومنذ أواخر نوفمبر/ تشرين الثاني الماضي، شن التنظيم سلسلة من أقوى الهجمات في مناطق الفراغات الأمنية الفاصلة بين البيشمركة (قوات إقليم كردستان شمالي البلاد) والقوات الاتحادية، ما أوقع عشرات القتلى والجرحى بين صفوف تلك القوات ومدنيين.
وأجبرت الهجمات الأخيرة، الحكومة الاتحادية وإقليم كردستان على الإسراع في طي صفحة التوترات الأمنية السابقة بينهما، وشرعا منذ بداية الأسبوع الجاري، في شن عمليات عسكرية مكثفة ومشتركة في مناطق الفراغات الأمنية.
وقال المتحدث باسم جهاز مكافحة الإرهاب (يضم نخبة الجيش العراقي) صباح النعمان، لمراسل الأناضول، إن "القيادات في الجهاز أعدت خطة جديدة لمواجهة داعش عقب الهجمات الأخيرة، تعتمد على جمع معلومات استخباراتية دقيقة عن أماكن تواجد الخلايا النائمة التابعة للتنظيم الإرهابي".
وأضاف: "تعاون كبير يجمع بين الجهاز والقوات الأمنية الأخرى والبيشمركة بهدف تبادل المعلومات لتأمين جميع المناطق الشمالية من الهجمات الإرهابية ومنع تكرارها".
وأشار النعمان إلى أن "الجهاز مستعد لتنفيذ أي عمليات عسكرية في محافظة كركوك من خلال التنسيق مع العمليات المشتركة (في الجيش)".
وقال إن "الجهاز تمكن خلال الفترة الماضية من اعتقال العديد من الإرهابين بينهم قياديون في تنظيم داعش من خلال عمليات استباقية في كركوك وباقي المحافظات".
** الفراغات الأمنية
وللفترة الممتدة بين 28 نوفمبر الماضي و5 ديسمبر/كانون الأول الجاري، شن تنظيم "داعش" ثلاث هجمات عنيفة على قوات "البيشمركة"، ما أوقع 17 قتيلا من عناصر هذه القوات و3 مدنيين، وفق أرقام رسمية.
ووقعت الهجمات الثلاث في مناطق الفراغات الأمنية الفاصلة بين "البيشمركة" والقوات الاتحادية، والتي تشكلت جراء التوتر بين الجانبين عقب استفتاء باطل دستوريا أجراه الإقليم للانفصال عن العراق عام 2017.
وتمتد هذه الفراغات من الحدود السورية شمالا عند نينوى، مرورا بمحافظتي صلاح الدين وكركوك، وصولا إلى محافظة ديالى (شرق) على الحدود مع إيران.
ورغم أن بغداد وأربيل شكلا مراكز تنسيق مشتركة لتبادل المعلومات بشأن "داعش"، ويعملان على تشكيل لواءين مشتركين من الجيش و"البيشمركة"، إلا أن كل منهما لا يزال يحتفظ بحدوده الفاصلة عن الآخر وتمتد بينهما فراغات شاسعة خالية من القوات.
وقال الخبير العراقي في الشؤون الأمنية صفاء الأعسم، إن "التنسيق الضعيف بين حكومتي إقليم كردستان وبغداد، يعد من أسباب عودة نشاط تنظيم داعش في المدن الشمالية".
وأضاف الأعسم، في حديثه للأناضول، أن "تنظيم داعش استغل نقاط الضعف في هذه المدن، وهي المناطق المتنازع عليها بين بغداد وأربيل، وأقدم على تكرار هجماته ضد القوات الأمنية والمدنيين هناك".
وأوضح أن "زيادة الغرف (المراكز) المشتركة بين القوات الاتحادية وقوات البيشمركة على الحدود الإدارية في المناطق المتنازع عليها هي أبرز الحلول لمنع تكرار الهجمات الارهابية".
ولفت إلى أن "القوات الأمنية سواءً في بغداد أو أربيل هي من تتحمل المسؤولية تجاه عودة النشاط الإرهابي واستمرار استهداف المدنيين العزل في المناطق الشمالية".
ورأى الأعسم، أن "تنظيم داعش بدأ بإعادة تنظيم قواته في العراق؛ والدليل على ذلك هو عودة الهجمات في كركوك وصلاح الدين (شمال) وديالى (شرق)".
** إنهاء المهام القتالية للتحالف
ولا تتوفر أرقام دقيقة عن عدد مسلحي "داعش" في العراق، وتشير التقديرات إلى أن نحو 6 آلاف مقاتل من التنظيم ينتشرون في أنحاء البلاد إضافة إلى سوريا المجاورة.
وبعد أيام قليلة من هجمات "داعش" العنيفة، أعلن التحالف الدولي المناهض للتنظيم بقيادة الولايات المتحدة إنهاء مهامه القتالية رسمياً في العراق أمس الخميس، وذلك في أعقاب ضغوطات متواصلة لقوى سياسية وفصائل شيعية مقربة من إيران تطالب بخروج القوات الأمريكية من البلاد.
وقدم التحالف المكون من نحو 60 دولة دعما مؤثراً للعراق في الحرب ضد التنظيم طيلة السنوات الماضية، إلا أنها تعرضت مؤخرا لهجمات متكررة، يُعتقد بأن الفصائل الشيعية المقربة من إيران تقف وراءها.
وبدأت الهجمات ضد قوات التحالف، وخاصة الأمريكية منها، في أعقاب انسحاب واشنطن من الاتفاق النووي الإيراني وفرض عقوبات على طهران عام 2018.
** الأزمة السياسية
كما تأتي الهجمات المتصاعدة لـ"داعش" في العراق، وسط أزمة سياسية نشبت بعد الانتخابات البرلمانية المبكرة التي جرت في أكتوبر/تشرين الأول الماضي، إذ ترفض قوى سياسية وفصائل شيعية متنفذة النتائج، ما يثير مخاوف من اندلاع اقتتال داخلي بين الفصائل المتصارعة على النفوذ.
ورأى الخبير الأمني سعدون الساعدي، أن "هناك العديد من الأسباب التي تقف وراء عودة نشاط تنظيم داعش، أبرزها انشغال الحكومة الحالية والكتل السياسية بنتائج الانتخابات التشريعية".
وأضاف أن "الأسباب الأخرى تكمن في وجود حواضن وخلايا نائمة عديدة لتنظيم داعش في المناطق الشمالية، وتحتاج إلى معالجتها عسكرياً".
وأشار الخبير العراقي للأناضول، إلى أن "القوات الامنية العراقية غير قادرة على مسك الأرض وتغطية جميع المناطق والتي تتكون من مرتفعات وهضاب وتكون فاصلة بين المحافظات فيستغلها التنظيم لزرع خلاياه النائمة".
وقال الساعدي، إن "التنظيم الارهابي بات يستخدم أسلوبا جديدا وهو تنفيذ عمليات سريعة، ومن ثم الانسحاب من مواقع المواجهات، وهذا الأسلوب بات يؤثر بشكل مباشر على حياة المدنيين".
ومنذ إعلان النتائج الأولية، في نوفمبر/تشرين الثاني الماضي، يتظاهر أنصار القوى الرافضة لها قرب بوابات "المنطقة الخضراء" وسط العاصمة بغداد، في ظل توترات سياسية وأمنية تخللتها محاولة لاغتيال رئيس الوزراء، مصطفى الكاظمي.
الأخبار المنشورة على الصفحة الرسمية لوكالة الأناضول، هي اختصار لجزء من الأخبار التي تُعرض للمشتركين عبر نظام تدفق الأخبار (HAS). من أجل الاشتراك لدى الوكالة يُرجى الاتصال بالرابط التالي.