السياسة, الدول العربية, التقارير, الجزائر

شبح الجفاف بالجزائر.. ما هي إستراتيجية الحكومة لتأمين المياه؟ (تقرير)

تشهد الجزائر، منذ سنوات، حالة جفاف مقلقة بسبب التغيرات المناخية، ألقت بظلالها على حياة السكان والفلاحة والاقتصاد في البلاد، وسط استراتيجية وضعتها الحكومة لمجابهة الظاهرة.

24.02.2022 - محدث : 24.02.2022
شبح الجفاف بالجزائر.. ما هي إستراتيجية الحكومة لتأمين المياه؟ (تقرير)

Algeria

الجزائر/ حسام الدين إسلام/ الأناضول

- حالة جفاف مقلقة تشهدها الجزائر بسبب التغيرات المناخية، ما ألقى بظلاله على حياة السكان والفلاحة والاقتصاد في البلاد
- وزير الموارد المائية: نسعى إلى تسيير الموارد المالية ب لاعتماد على تحلية مياه البحر
-أكاديمي: شح الأمطار خفّض منسوب المياه الجوفية التي تعدّ مخزونا مهما بالنسبة إلى حياة السكان والاقتصاد الزراعي

تشهد الجزائر، منذ سنوات، حالة جفاف مقلقة بسبب التغيرات المناخية، ألقت بظلالها على حياة السكان والفلاحة والاقتصاد في البلاد، وسط استراتيجية وضعتها الحكومة لمجابهة الظاهرة.

وفي 19 فبراير/ شباط الجاري، قال وزير الموارد المائية كريم حسني إن "مناخ الجزائر الذي كان في السابق شبه جاف أصبح اليوم مناخا جافا، ما يجعل استراتيجية تسيير الموارد المالية توّسع نسبة الاعتماد على تحلية مياه البحر بصفة متزايدة على المدى المتوسط والبعيد"، بحسب بيان للوزارة.

** الجزائر فقيرة مائيا.. لماذا؟

وأضاف حسني، خلال زيارته محافظة وهران (غرب البلاد): "تعتزم الجزائر بلوغ 60 بالمئة في تزويد مياه الشفة بالمياه المحلاة في 2030، مرورا بـ 42 بالمئة في 2024، فيما تبلغ النسبة الحالية 17 بالمئة".

واعتبر حسني أنّ "تحلية مياه البحر" تعد الحل الأمثل، لأن المياه السطحية أصبحت شحيحة، وبلاده تزخر بكل الإمكانات اللازمة، منها شريط ساحلي يمتد لأكثر من 1200 كلم، وكذا الخبرة والموارد البشرية اللازمة في هذا المجال".

وصنّف بيان أصدرته وزارة الموارد المائية، على حسابها في "فيسبوك" في 3 يناير/ كانون الثاني الماضي، الجزائر ضمن الدول الفقيرة من حيث المورد المائي، بسبب فترات جفاف طويلة ومتكررة، مع عجز في نِسَب التساقطات المطرية.

وذكر البيان أنّ نِسَب التساقطات المطرية بلغت خلال السنوات الأخيرة بين 40 و50 بالمئة مقارنة بالمعدلات السنوية الماضية، خصوصا في الجهتين الوسطى والغربية للبلاد.

وأوضحت الوزارة أن نقص وشح الأمطار بفعل التغيرات المناخية أثرّ بشكل كبير على تزويد السكان بالمياه الصالحة للشرب، وقد برزت آثارها جليا على 20 محافظة في البلاد (لم تذكرها).

** ما الحل لمجابهة الجفاف؟

واستحدث الرئيس عبد المجيد تبون تسمية جديدة بالنسبة إلى وزارة الموارد المائية، بإضافة عبارة الأمن المائي، لها لمجابهة ظاهرة الجفاف وشح المياه للمرة الأولى.

كما أعدّت الحكومة استراتيجية وطنية تعتمد على تحلية مياه البحر، بإنجاز محطات كبرى لتحلية مياه البحر بقدرة 300 ألف متر مكعب يوميا، على مرحلتين (2022-2024 و2025-2030)، وفق الوزارة.

وكان الوزير حسني قال إنّ هذه الاستراتيجية تتضمن أيضا مسألة تأمين المياه، عبر تحلية مياه البحر وترشيد الاستهلاك وتصفية المياه المستعملة وتوظيفها في الرّي الفلاحي.

ومنذ نوفمبر/ تشرين الثاني الماضي، أقيمت في مساجد الجزائر صلاة الاستسقاء ثلاث مرات، طلبا للغيث في ظل شح الأمطار، بدعوة من وزارة الشؤون الدينية.

** تفاؤل وتحذيرات

اعتبر الأكاديمي ومدير مخبر تحسين الإنتاج الزراعي بجامعة سكيكدة (حكومية) عمار فوفو أنّ "الجزائر تشهد شحا في الأمطار منذ نحو 10 سنوات، ما أثر على المناخ والأنشطة الزراعية والفلاحية. "

وقال فوفو لـ "الأناضول" إنّ هذا الشح أثر أيضا على انخفاض منسوب المياه الجوفية التي تعدّ مخزونا مهما بالنسبة إلى حياة السكان والاقتصاد الزراعي.

وعزا هذا القحط إلى التغيرات المناخية، مثل انخفاض المساحات في المناطق القطبية الشمالية والجنوبية وذوبان الجليد بسبب ارتفاع درجات الحرارة، ما انعكس بشكل مباشر على المناخ في حوض المتوسط وفي جنوب خط الاستواء.

وحول تعامل الدولة مع الجفاف، اعتبر فوفو أنه لا توجد إرادة جادة لبناء السدود والأحواض المائية للحفاظ على مياه الأمطار التي تذهب سدى في الأودية والبحر".

ولم يخف أنّه "كان بإمكان السلطات منذ سنوات وضع استراتيجية محكمة لبناء سدود وأحواض مائية لإنقاذ القطاعين الزراعي والصناعي، وتأمين مياه الشرب".

ودعا السلطات إلى تشييد السدود بمختلف مناطق البلاد، خصوصا في المناطق الشرقية التي يشهد بعضها تساقط أكثر من 1400 ملم من الأمطار سنويا.

ورأى أنّ محطات تحلية مياه البحر التي عمدت إليها الدولة تعد حلا موقتا، بسبب عواقبها على البيئة، كما أنّ جودة مياهها أقل من جودة مياه السدود والمياه الجوفية.

وتوقع الأكاديمي الجزائري تساقط الأمطار نهاية فبراير/ شباط الجاري ومارس/آذار وأبريل/نيسان المقبلين، غير أنّ أمطار الربيع قد تؤثر على الأشجار المثمرة والمحاصيل الزراعية لأنّها طوفانية ولا يمكن تخزينها.

** خبير: المستقبل لتحلية مياه البحر

قال الشيخ فرحات، وهو خبير في شؤون المناخ والبيئة، إنّ حالة الجفاف التي تعرفها الجزائر ودول شمال إفريقيا هي امتداد للجفاف في أغلب مناطق العالم.

وأضاف فرحات: "حتى شبه الجزيرة الإيبيرية، التي تضم إسبانيا والبرتغال، تشهد شحا في الأمطار، كما في بلادنا، وهذا أمر طبيعي."

وأشار إلى أنّ "الجفاف بدأ يتوسع في أغلب مناطق العالم، منذ نحو 50 سنة، وهو مقلق للفلاحين والمزارعين، لأن نمو الزرع يتطلب الوقت والماء".

ولفت إلى أنّ "الأشجار المثمرة حاليا تفتحت أزهارها قبل موعدها، وقد يتأثر نمو ثمارها بعوامل الصقيع والرياح التي قد يحملها شهر أبريل/ نيسان المقبل.

واعتبر أنه على الفلاحين التحلي بالثقافة ضد الكوارث الطبيعية، مثل الجفاف، واللجوء إلى استخدام التكنولوجيا لتأمين الموارد المائية والحفاظ عليها، بعيدا من الطرق التقليدية للري.

وأوضح أن ماء السدود يتراجع مع مرور الوقت خلال الجفاف، والسدود تحتاج إلى الصيانة دائما، مردفا أن المستقبل لتحلية مياه البحر وتطهير وتصفية مياه قنوات الصرف الصحي واستخدامها في الفلاحة والصناعة.

وبحسبه، فإن "مياه قنوات الصرف الصحي المستغلة حاليا في الجزائر تبقى نسبتها ضئيلة، وماؤها يضيع سدى في الطبيعة".

وذكر أنّ قطاع الفلاحة لوحده يستهلك نحو 60 بالمئة من الموارد المائية، ما يتطلب استغلالا جدّيا لمياه مجاري الصرف الصحي.

وتوقع الشيخ فرحات أن يحمل شهرا مارس/ آذار وأبريل/ نيسان المقبلين معهما الأمطار، بعد أن تخف حدة الضغط الجوي للأعاصير في المحيط الأطلسي وجنوب أوروبا.

وعزا شحّ الأمطار خلال هذا الشتاء إلى استقرار الضغط الجوي للأعاصير المتمركز في المحيط الأطلسي، تجاه شمال إفريقيا وجنوب أوروبا، ما شكل حاجزا لكل الاضطرابات الجوية ومنعها من القدوم إلى شمال أفريقيا.

الأخبار المنشورة على الصفحة الرسمية لوكالة الأناضول، هي اختصار لجزء من الأخبار التي تُعرض للمشتركين عبر نظام تدفق الأخبار (HAS). من أجل الاشتراك لدى الوكالة يُرجى الاتصال بالرابط التالي.
المواضيع ذات الصلة
Bu haberi paylaşın