السياسة, الدول العربية, التقارير, السودان

دمج "الدعم السريع" بالجيش السوداني.. بين الإصرار والرفض (تقرير)

- تحذيرات من انقسام البلاد وتشظيها بسبب الوضع الأمني - مساعي حكومية وقوى التغيير والحركات المسلحة لدمج قوات حميدتي في الجيش - حميدتي يحذر من أن دمج قواته في الجيش يهدد بتفكيك البلاد

08.07.2021 - محدث : 08.07.2021
دمج "الدعم السريع" بالجيش السوداني.. بين الإصرار والرفض (تقرير)

Sudan

الخرطوم/ عادل عبد الرحيم/ الأناضول

تصاعدت التحذيرات من أكثر من طرف في السودان من انقسام البلاد مجددا بسبب إصرار عدة أطراف عسكرية ومدنية على دمج قوات الدعم السريع في الجيش، مقابل رفض محمد حمدان دقلو (حميدتي)، زعيم هذه القوات لهذا الطلب.

منذ ظهورها الأول كقوة شبه عسكرية في 2013، لم تبارح "قوات الدعم السريع"، محطة الرفض والقبول في السودان.

فعلى الدوام كانت قوات الدعم السريع، مثار جدل ومحط الأنظار داخليا وخارجيا، حتى عقب سقوط الرئيس المعزول الرئيس عمر البشير، الذي منحها الشرعية القانونية ودعمها.

و"الدعم السريع"؛ قوة مقاتلة جرى تشكيلها لمحاربة المتمردين في دارفور، ثم لحماية الحدود لاحقاً، وحفظ النظام في البلاد.

ويشهد الإقليم، منذ 2003، نزاعاً مسلحاً بين الجيش ومتمردين، ما خلف نحو 300 ألف قتيل وشرد نحو 2.5 مليون شخص، بحسب إحصائيات أممية.

وظلت قوات الدعم السريع على الدوام محل اتهام بارتكاب انتهاكات في دارفور وفي تظاهرات سبتمبر 2013 والتي راح ضحيتها العشرات بالعاصمة الخرطوم، وكذلك في حادثة فض اعتصام القيادة بالخرطوم في يونيو/حزيران 2019، وهو ما تنفيه قياداتها.

وتأسست هذه القوات في 2013 كقوة تابعة لجهاز الأمن والمخابرات، لكن لا توجد تقديرات رسمية لعددها، إلا أن المؤكد أنها تتجاوز عشرات الآلاف.

وفي يناير/ كانون ثاني 2017، أجاز البرلمان، قانونا بشأن هذه القوات المثيرة للجدل يجعلها تابعة للجيش.

وإعادة هيكلة القوات الحكومية وتنظيمها، أحد مهام السلطة في الفترة الانتقالية، التي بدأت في 21 أغسطس/ آب 2019، وتستمر 53 شهرا تنتهي بانتخابات مطلع 2024، ويتقاسم خلالها السلطة كل من الجيش، وقوى مدنية، وحركة مسلحة وقعت مع الحكومة اتفاقا للسلام، في 3 أكتوبر/ تشرين الأول 2020.

وبدأت هذه المرحلة في أعقاب عزل قيادة الجيش، في 11 أبريل/ نيسان 2019، لعمر البشير من الرئاسة (1989 - 2019)؛ تحت وطأة احتجاجات شعبية منددة بتردي الأوضاع الاقتصادية‎.

و"الوثيقة الدستورية" خاصة بالسلطة خلال المرحلة الانتقالية، وتم توقيعها في أعقاب عزل قيادة الجيش، في 11 أبريل/ نيسان 2019، لعمر البشير من الرئاسة (1989-2019)، تحت ضغط احتجاجات شعبية مناهضة لحكمه.

** تطورات متسارعة

وخلال يونيو/حزيران المنصرم، عادت قضية دمج قوات الدعم السريع في الجيش، إلى السطح مرة أخرى، مع مؤشرات على توتر بين قيادتي الطرفين، رغم نفيهما ذلك.

في 24 يونيو، أكد كل من رئيس مجلس السيادة الانتقالي، الفريق عبد الفتاح البرهان، ونائبه (حميدتي)، تماسك الجيش وقوات "الدعم السريع".

وشدد البرهان وحميدتي، على أنهما "قوة واحدة"، لدى مخاطبتهما ضباط برتبة عميد فما فوق لقوت الجيش والدعم السريع، بمقر القيادة العامة، في العاصمة الخرطوم.

وفي 23 يونيو، حذر مستشار رئيس الوزراء فيصل محمد صالح، من أن الخلافات بين العسكريين تهدد وحدة البلاد.

وقال صالح، إن "الخلاف بين المدنيين ينتهي بانسحابات وبيانات، لكنه بين العسكريين يكون خطيرا على أمن وسلامة ووحدة البلاد".

وفي 22 من ذات الشهر، دعا رئيس الوزراء عبدالله حمدوك، إلى إصلاح القطاع الأمني والعسكري ضمن 7 محاور، طرحها في مبادرته.

وقال حمدوك، في مؤتمر صحفي، إن "القوات المسلحة يجب أن تكون الجيش الوطني الوحيد، وذلك يتطلب إصلاحات هيكلية وعقيدة عسكرية جديدة وتمثيل التنوع السوداني في كافة مستوياتها وتنفيذ اتفاق الترتيبات الأمنية الوارد في اتفاق جوبا للسلام".

وتابع أن "قوات الدعم السريع ذات طبيعة خاصة، وساهمت بدور إيجابي في التغيير (الإطاحة بحكم البشير)، ودمجها في القوات المسلحة يتطلب توافق بين قيادة القوات المسلحة والدعم السريع والحكومة، للوصول إلى خارطة طريق متفق عليها، تخاطب القضية بكل أبعاده".

وفي تصريح سابق، حذر حمدوك من تشظي بلاده، وانقسامها بسبب تدهور الأوضاع الأمنية.

من جهتها كشفت، أمينة محمد، المتحدثة باسم قوى إعلان الحرية والتغيير، إنهم بصدد نقاش دمج قوات الدعم السريع في الجيش.

وأشارت أمينة، بحسب ما نقله عنها موقع "سودان تربيون"، إلى أن الوثيقة الدستورية تحدثت عن وجود جيش واحد.

كما دعا رئيس بعثة الأمم المتحدة المتكاملة (يونيتامس) فولكر بيرتس، لإيجاد خارطة طريق لبناء جيش واحد تحت مظلة الدستور، بحسب وكالة الأنباء السودانية.

غير أن ما أثار القلق والجدل، رفض حميدتي، دمج قوات الدعم السريع في الجيش، في كلمة له بحفل تأبين قيادي في حركة تحرير السودان، التي يتزعمها مني أركو مناوي، في 6 يونيو.

حذر حميدتي، من أن الحديث عن دمج قوات الدعم السريع في الجيش "يمكن أن يفكك البلد"، دون مزيد من التفاصيل.

وأضاف: "الدعم السريع مكون بقانون مُجاز من برلمان منتخب، وهو ليس كتيبة أو سرية حتى يضموها للجيش، إنه قوة كبيرة".

ويوضح الخبير الاستراتيجي، اللواء أمين مجذوب، للأناضول، أن قوات الدعم السريع تعتقد أنها تكونت بغرض معين (محاربة التمرد دارفور)، في فترة زمنية سابقة وجدت تأييد وتقنين من النظام السابق، لذلك جاء رفض اندماجها في الجيش.

واستدرك مجذوب، أن "النظام السابق مضى، وما قام به انتهى، والآن العالم كله والإقليم والشعب، جميعهم يرفضون وجود قوات أخرى خلاف الجيش، لذلك الرفض (الاندماج في الجيش) قد يضع الجميع في عداء مع الشعب".

ويوضح "الجيش موجود منذ 1905، حين كانت قوات دفاع السودان، وتحولت لاحقا لقوات الشعب المسلحة، وأخيرا القوات المسلحة، وهو جيش قوى، وله تجارب في الدمج من قبل، وحدث ذلك في اتفاقية 1972، و اتفاقية السلام مع الحركة الشعبية بقيادة جون قرنق في 2005، وكذلك في اتفاقية أبوجا لسلام دارفور في 2006.

وتابع "لذلك هو جيش قوي وذو عقيدة ، وقادر على التعامل مع دمج قوات الدعم السريع وقوات الحركات المسلحة الموقعة على اتفاق السلام وفق الترتيبات الأمنية".

ويشير مجذوب، إلى أن الحركات المسلحة الآن تطالب أيضا بوجود جيش موحد، وفق اتفاقية جوبا، والدعوة لوجود جيش واحد تحتاج لفتح نقاش قانوني وسياسي.

ويضيف اندماج قوات الدعم السريع في الجيش تتطلب شروطا، ولا يستطيع أحد أن يقول أنها مؤهلة أو غير مؤهلة، ولكن هناك شروط تتمثل في السن واللياقة البدنية، والصحيفة الجنائية والتأهيل والتدريب والرغبة في العمل في الجيش.

ويلفت الخبير الاستراتيجي إلى أهمية تكوين جيش قومي موحد، والدمج لكل القوات، وإنفاذ الترتيبات الأمنية، وفق اتفاق جوبا، باستيعاب الحركات المسلحة، وتوفير التمويل حتى يتحقق ذلك.

وفي 29 أغسطس/ آب الماضي، وقعت الحكومة و"الجبهة الثورية" (حركات مسلحة) بروتوكول الترتيبات الأمنية، تضمن تشكيل قوات مشتركة بين القوات الحكومية والحركات المسلحة، لحفظ الأمن وحماية المدنيين.

وفي 3 أكتوبر/تشرين الأول الماضي، وقعت الخرطوم اتفاقا لإحلال السلام مع حركات مسلحة تنتمي لـ"الجبهة الثورية".

الأخبار المنشورة على الصفحة الرسمية لوكالة الأناضول، هي اختصار لجزء من الأخبار التي تُعرض للمشتركين عبر نظام تدفق الأخبار (HAS). من أجل الاشتراك لدى الوكالة يُرجى الاتصال بالرابط التالي.